الحكم المستنصر بالله Al-Hakam. ثاني خليفة أموي في الأندلس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحكم المستنصر بالله Al-Hakam. ثاني خليفة أموي في الأندلس

    حكم مستنصر بالله

    Al-Hakam al-Mustanser Bi-llah - Al-Hakam al-Mustanser Bi-llah

    الحكم المستنصر بالله
    (302-366هـ /914-976م)

    أبو المطرف الملقب بالمستنصر بالله الحكم بن عبد الرحمن الناصر بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل، ثاني خليفة أموي في الأندلس، كان أبوه عبد الرحمن الناصر أول أمير أموي اتخذ لنفسه لقب الخلافة، وذلك سنة 314هـ/926م بعد أن قضى على ثورة ابن حفصون[ر] وأعاد للأندلس وحدتها واستقرارها، ويحتل الحكم بين سائر من تعاقبوا على حكم الأندلس مكانة فريدة في المضمار الثقافي من ناحيتي التشجيع والمشاركة.
    عرف الحكم بحسن سيرته وعدله وورعه، وكان أول ما أنفذه بعد توليه الخلافة سنة 350هـ/961م توسيعه المسجد الجامع بقرطبة، ومع أن الحكم كان شغوفاً بالعلم كارهاً للحروب، إلا أن ذلك لم يجعله أقل همة من أبيه في مواصلة الحروب ضد أعدائه من دول الشمال الإسبانية، المتربصين بالخلافة الأموية، فقد طمع الملوك الإسبان بأن يكون حظهم مع الخليفة الجديد المنكب على الشؤون العلمية أفضل منه مع سلفه، وكان أولهم شانجة ملك ليون الذي رفض تسليم الحصون المتفق عليها في المعاهدة التي كان قد عقدها مع أبيه عبد الرحمن، كما سلك ملك بنبلونة مسلكاً فيه تحد كبير، ورد الحكم على هذا الموقف بالغارات المتكررة على بلاد الناكثين بالعهد، واستغلال المنازعات الداخلية في دولة ليون، مما دفع شانجة بن رذمير إلى تغيير موقفه وإرسال سفارة إلى قرطبة معلناً ولاءه للحكم، فتقبل الحكم بيعته على شروط منها هدم الحصون والأبراج القريبة من ثغور المسلمين، واتبع الحكم سياسة جديدة تجاه دول الشمال الإسبانية، ففي سنة 361هـ/971م، عين الحكم سفارة متنقلة بين دول الشمال الإسبانية «للتعرّف على أخبارهم، والتجسس لأنبائهم وحمل الكتب إليهم في كل وقت وصرفها عنهم» كما يورد ذلك ابن حيان في كتابه «المقتبس»، أما سياسة الحكم الإفريقية فكانت قائمة على استمالة القوى المعادية للفاطميين أو المنقلبة على حكمهم، ولاسيما بعد أن اقتصر سلطان الأمويين في الشمال الإفريقي على قاعدتهم سبتة نتيجة للتوسع الفاطمي.
    عُني المستنصر عناية كبيرة باقتناء الكتب القيمة والنادرة، إذ كان له وكلاء في القاهرة وبغداد ودمشق والإسكندرية، يتصيدون له الكتب القديمة والحديثة، ينسخونها أو يشترونها مهما غلت أثمانها، فمن ذلك أن الحكم بذل في كتاب «الأغاني» لأبي الفرج الأصفهاني ألف دينار عيناً، فأرسل له الأصفهاني نسخة من الكتاب قبل أن يظهره إلى أهل العراق. وقد اجتمع لدى الحكم من الكتب ما لم يجتمع لدى غيره، وحكى ابن حيان أن عدد كتب الفهارس التي اجتمعت في خزائنه أربعة وأربعون، في كل «فهرست» منها عشرون ورقة، ليس فيها سوى أسماء الكتب. وقيل عن عدد الكتب إنها كانت أربعمئة ألف مجلد. ولكثرة اطلاع الحكم غدا نسيج وحده في المعرفة بالرجال والأخبار والأنساب، وكان ثقة فيما ينقله،وقد ذكر ابن الأبار أنه قلَّما يوجد كتاب من خزانته إلا وله فيه قراءة أو نظر، في أي فن كان، ويكتب فيه نسب المؤلف ومولده ووفاته، ويأتي بعد ذلك بغرائب لا تكاد توجد إلا عنده لعنايته بهذا الشأن.
    وجمع الحكم إلى جانب عنايته بالكتب رعايته للعلماء، فكان يسعى إلى استحضارهم إليه أينما كانوا، كما هي الحال مع أبي علي القالي (ت356هـ/966م) وفد إليه من المشرق. كما أطلق الحكم للفلكيين والرياضيين الحرية في إذاعة علومهم، فظهرت مدرسة مسلمة المجريطي (ت398هـ/1007م) في مدريد، ولقيت دراسة الطب عناية عظيمة بفضل أبي القاسم الزهراوي (ت 404هـ/1013م)، كما نهضت دراسة النبات على يد سليمان بن جلجل (ت384هـ/994م) وإلى جانب ذلك لقي الفلاسفة في كنف الحكم المستنصر ظلاً يحميهم ويكفل لهم متابعة دراساتهم. وعلى أثر هذه العناية الخاصة بالعلم والعلماء، ازدهرت فنون العلم كافة، فكثرت المدارس، وكاد أهل الأندلس جميعاً، أن يكونوا ملمين بالقراءة والكتابة في وقت كانت فيه أوربا بجميع رجالها ذوي المكانة الرفيعة، عدا القسس، في حالة من الجهالة مزرية.
    ولعل من أهم ما يذكر للحكم أنه جعل التعليم مجانياً للطبقات الفقيرة، فأنشأ سبعاً وعشرين مدرسة للتعلم، تكفل هو بدفع رواتب مدرسيها.
    وإلى جانب اهتمام المستنصر بالعلم ذكر المقري أن له كتاباً من تأليفه أسماه «أنساب الطالبيين والعلويين القادمين إلى المغرب». كما نسبت إلى الحكم أبيات عدة، ولعل أشهرها قوله:
    إلى الله أشكو في شمائل متْرف
    عليَّ ظلوم لا يدين بما دنتُ
    نأت عنه داري، فاستزاد صدودَه
    وإني على وجدي القديم كما كنتُ
    ولو كنت أدري أن شوقي بالغ
    من الوجد ما بلِّغتُه لم أكن بنْتُ
    علي دياب

يعمل...
X