أبو منصورالجُواليقي Al-Juwaliqi البغدادي، أديب ولغوي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أبو منصورالجُواليقي Al-Juwaliqi البغدادي، أديب ولغوي

    جواليقي (منصور)

    Al-Juwaliqi (Abu Mansour-) - Al-Juwaliqi (Abou Mansour-)

    الجُواليقي (أبو منصور ـ)
    (465ـ540هـ/1073ـ1145م)

    أبو منصور موهوب بن أحمد بن محمد بن الخَضِر الجُواليقي البغدادي، أديب ولغوي، والجواليقي نسبة إلى الجواليق، جمع جُوالق، ولعل بعض أجداده كان يبيعها أو يعملها. والجُوالق كلمة معرّبة عن الفارسية (كَواله)، وتعني: العِدْل الكبير، وبالعربية الغِرارة وهي وعاء من الخيش توضع فيه الحبوب.
    ولد الجواليقي ونشأ في بغداد، وتلقى العلم صغيراً عن مشاهير شيوخ بغداد وكثير من علماء عصره الأعلام، منهم شيخ بغداد في عصره، أبو القاسم البُسْري (ت474هـ) الذي سمع منه الحديث، وأبو الفوارس طرّاد بن علي الزينبي، نقيب النقباء ومسند العراق (ت491هـ). والخطيب التبريزي[ر] (ت502هـ)، والعلاء بن الحسن بن وهب بن الموصلايا، صاحب ديوان الإنشاء، أحد الكتّاب المعروفين (ت497هـ)، والقارئ البغدادي أبو محمد السّرّاج (ت500هـ)، صاحب كتاب «مصارع العشاق»، علاّمة زمانه، وأبو المعالي ثابت بن بندار (ت498هـ) وغيرهم.
    استمرت صلة الجواليقي بالعلم، أخذاً وعطاء، نحو خمس وستين سنة. وكان له في هذه الحقبة عدد من التلاميذ الذين أخذوا عنه العلم وصاروا فيما بعد من علماء العربية الكبار، منهم: ابنه أبو محمد إسماعيل الذي كان إمام أهل الأدب بعد أبيه بالعراق، واختصّ بتأديب أولاد الخلفاء، وكانت له حلقة بجامع القصر يُقرئ فيها الأدب كل يوم جمعة. قال عنه ابن الجوزي[ر]: «ما رأينا ولداً أشبه أباه مثله، حتى في مشيه وأفعاله». توفي سنة 575هـ، وابنه الثاني أبو طاهر إسحاق، توفي سنة 575هـ أيضاً، وأبو سعيد السمعاني (ت562هـ)، وهو صاحب كتاب «الأنساب» المشهور، وابن الخشّاب (ت567هـ) الذي كان أعلم أهل زمانه بالنحو، وابن الجوزي الحافظ (ت597هـ)، والكندي (ت613هـ) النحوي اللغوي المقرئ المحدِّث، قرأ القراءات العشر وهو ابن عشر سنين، وغير هؤلاء كثير.
    سمع الجواليقي الحديث ببغداد، وقرأ الأدب فأكثر، وانتهى إليه علم اللغة. وكان شيخ الجواليقي الخطيب التبريزي، أستاذ الأدب في النظامية ببغداد، وتلاه هو فباشر مشيخة اللغة بعده، وقرأ عليه علماء بغداد وأدباؤها فنون الأدب والنحو والعربية. وقرأ عليه المقتفي العباسي شيئاً من الكتب وانتفع به، ولما ولي المقتفي هذا الخلافة (530-555هـ) اختصه وجعله إمامه يصلي به الصلوات الخمس، فكان غزير العلم، وبان أثره في توقيعات الخليفة. وقرأ عليه الأدب كثيرون، منهم تلميذه السمعاني الذي يقول: «سمعت منه الكثير، وقرأت عليه غريب الحديث لأبي عبيد، وأمالي الصولي، وغيرها من الأخبار المشهورة». ووصفه بأنه «كان» إماماً في فنون الأدب، ومن أكابر أهل اللغة، ومن مفاخر بغداد، بل العراق».
    وكان مليح الخط كثير الضبط، قال ابن خَلِّكان: «وخطه مرغوب فيه يتنافس الناس في تحصيله والمغالاة فيه».
    وكان الجواليقي متديناً ثقة، غزير الفضل، وافر العقل، متواضعاً في ملبسه، طويل الصمت، كثير الفكر، وكان من أهل السنة المحامين عنها، ومتثبتاً لا يقول الشيء إلا بعد التحقيق، يكثر من قول: لا أدري.
    قال فيه ابن الجوزي: «وقرأت عليه المعرَّب وغيره من تصانيفه». ومما كان يُقْرَأ عليه في بغداد من الكتب «الجمهرة» لابن دريد الأزدي (ت321هـ).
    وكان يختار في بعض مسائل النحو مذاهب غريبة. قال أبو البركات ابن الأنباري: «وكان الشيخ رحمه الله في اللغة أمثل منه في النحو».
    ومن أشهر مؤلفات الجواليقي: «المعرَّب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم»، و«تكملة إصلاح ما تغلط فيه العامة» و«غلط الضعفاء من الفقهاء» و«شرح أدب الكاتب» لابن قتيبة. وصنف للخليفة المقتفي لأمر الله كتاباً لطيفاً في علم العروض. وينسب إليه من الشعر شيء قليل.
    ويعدّ كتاب «المعرَّب» باكورة التصنيف في الدخيل اللغوي، ففي هذا الكتاب جمع أبو منصور معظم ما عُرِّب من الألفاظ الأعجمية التي وقف على عجمتها، لكنه لم يستوعب كل ما دخل العربية من غيرها، بل ندّ عنه من هذا الباب شيء كثير. وكان في عمله المعجمي هذا حريصا على أن يبين اللغات التي أخذت منها الألفاظ، وأصول تلك الألفاظ في لغاتها ما وسعه علمه، كما اجتهد أن يسند الأقوال إلى أصحابها من أئمة اللغة. وكان عمله هذا خطوة مبكرة نحو إيجاد المعجم الثنائي اللغة وذلك بالنظر إلى المعنى، فضلاً عن محاولته حصر الدخيل اللغوي وفق المنهج الإحصائي. ويُذكر هنا فضل الجواليقي في السبق إلى دراسة أثر الأعجمي الدخيل في العربية، وتقييد الأحكام والمناهج التي اصطنعها اللغويون ليوافق في تعريبه القواعد العربية، والعادات الصوتية العربية، من إبدال أو حذف أو إدغام أو إخضاع للأوزان العربية.
    أما كتاب «تكملة إصلاح ما تغلط فيه العامّة» فيُسلك في جملة كتب لحن العامة، وقد صنفه الجواليقي تكملةً لكتاب الحريري ( ت506هـ ) «دُرّة الغَوَّاصّ في أوهام الخَوَاصّ»، ويقوم بناؤه على المعيارية المعروفة في إيراد الأغلاط اللغوية التي تدور على ألسنة العامة ثم إيراد الوجه الصحيح فيها. ولا تخرج كتبه الأخرى عن هذه الدائرة من البحث اللغوي القائم على خدمة العربية في الشرح اللغوي، وتصحيح الغلط، وفق منهج تعليمي ينطلق من الحرص على سلامة اللغة العربية وأصالتها.
    توفي الجواليقي في بغداد، ودفن بباب حرب بعد أن صلى عليه قاضي القضاة الزينبي بجامع القصر.
    مسعود بوبو
يعمل...
X