هندسه جيولوجيه
Geological engineering - Génie géologique
الهندسة الجيولوجية
الهندسة الجيولوجية geological engineering هي أحد علوم الأرض، مهمتها الأساسية هي تقديم الدراسات الجيولوجية اللازمة لاختيار مواقع المنشآت الهندسية، وبتعبير أبسط فإنها تطبيق مباشر للعلوم الجيولوجية في مجال الأعمال الإنشائية.
تدرس الهندسة الجيولوجية الصخور والظواهر والعمليات الجيولوجية التي تحدد أسلوب بناء المنشأة الهندسية، وظروف استثمارها والاحتياطات الواجب اتخاذها لضمان استقرار الكتل والطبقات الصخرية. كما تهتم بدراسة التغيرات التي تطرأ على الصخور وطبقاتها، والعمليات والظواهر الجيولوجية الناجمة عن إقامة المنشآت المختلفة، ومن مهامها أيضاً دراسة الخصائص الكيمياوية والفيزيائية والميكانيكية للصخور، وتحديد صلاحيتها للاستخدامات المختلفة: مواد بناء وإكساء وأحجار زينة وغيرها.
يصعب تحديد بداية ظهور الدراسات في مجال الهندسة الجيولوجية، ويفترض أن دراسة الصخور بوصفها مواد بناء أولية وقواعد للمنشآت كانت تتم منذ فترات زمنية طويلة قبل ظهور هذا العلم وتميزه.
أما الدراسات المنهجية في هذا المجال فتعود إلى أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر؛ إذ تم التوسع في إشادة المنشآت العمرانية المختلفة. وقد تطلب ذلك الاهتمام الجدي بدراسة الصخور لضمان سلامة المنشآت وإشادتها بأقل كلفة ممكنة. وقد أدى التوسع في بناء السدود والمنشآت الكهرمائية إلى الاهتمام بدراسة الظواهر والعمليات الجيولوجية المرتبطة بهذا النوع من المنشآت (كالانزلاقات والانهيارات وحت شواطئ البحيرات وأعمال الرشح وتسرب المياه وغيرها). مما أدى إلى نشوء الهندسة الجيولوجية الديناميكية dynamic geological engineering. كما أن التوسع في بناء طرق المواصلات والسكك الحديدية التي تمتد مسافات كبيرة، وتمر في أراضٍ مكوّنة من صخور مختلفة ومتباينة بشدة في خصائصها تطلب الدراسات التفصيلية لخصائص هذه الصخور وتحديد صلاحيتها، مما أدى إلى نشوء فرع آخر من علوم الهندسة الجيولوجية وهو هندسة التربة soil engineering.
منذ أوائل القرن العشرين أخذت دراسة الصخور والعمليات الجيولوجية بهدف إشادة المنشآت تعتمد بصورة أساسية الطرائق الفيزيائية والرياضية، مما أدى إلى نشوء علم جديد هو الجيوتكنيك geotechnic الذي يعدّ من فروع الهندسة المدنية، وهو يشترك مع الهندسة الجيولوجية في الهدف وفي مواد الدراسة ويختلف عنها في الأسلوب، ولذلك فإن كلاً من هذين العلمين يتمم أحدهما الآخر ويتكامل معه.
ظهر أول كتاب يبحث في هذا العلم عام 1929 لمؤلفه ل. ترزاغي L.Terzaghi وكان باللغة الألمانية، ويبحث بصورة رئيسية في موضوعات هي أقرب لميكانيك التربة منها لموضوعات الهندسة الجيولوجية. ثم تتابعت المؤلفات في هذا المجال ومن أشهر المؤلفين فيها: أ.كازاغراند A.Cazagrande في أمريكا، وأ. سكمبتون A.Scempton في إنكلترا، وج. تالوبر J.Talobre في فرنسا، وي. بوبوڤ I.Popov في روسيا، وغيرهم.
تتألف الهندسة الجيولوجية من ثلاثة فروع أساسية هي:
الهندسة الجيولوجية الديناميكية:
وتهتم بدراسة العمليات والظواهر الجيولوجية الطبيعية، والعمليات الجيوهندسية التي تنشأ عن نشاط الإنسان في مختلف المجالات. وهي تختلف عن العمليات والظواهر الجيولوجية الطبيعية بأنها أسرع حدوثاً وأشد تأثيراً، لكنها تنتشر على مساحات محدودة.
هندسة التربة:
وتهتم بدراسة الخصائص الجيولوجية (التركيب الفلزي والتركيب الحبي)، والكيمياوية (التركيب الكيمياوي) والفيزيائية (الكثافة والمسامية والنفاذية…) والميكانيكية (المتانة والمرونة واللدونة)، والبنيوية (البنية والنسيج واتجاهات الطيات والشقوق والفوالق وميولها) للصخور والترب، وتحديد صلاحياتها للاستخدامات المختلفة.
الهندسة الجيولوجية الإقليمية regional geological engineering:
وتهتم بدراسة الشروط الجيوهندسية (الصخور والعمليات والظواهر الجيولوجية) وتغيراتها في المكان والزمان بالاستناد إلى التاريخ الجيولوجي للقشرة الأرضية والشروط الفيزياجغرافية المعاصرة.
إضافة إلى ما سبق هناك موضوعات أخرى أخذت تظهر في العقود الأخيرة وتتطور بسرعة لتصبح فروعاً مهمة وأساسية من فروع الهندسة الجيولوجية وأهمها:
الهندسة الجيولوجية للمدن:
إن التوسع العمراني الشديد أفقياً وشاقولياً، وازدياد تنوع الصخور المستخدمة أساسات للمباني، وازدياد الحمولات عليها واتساع شبكات الري، وازدياد تسرب المياه منها، وتأثيره في رطوبة الصخور وفي مستوى المياه الجوفية وبناء الأنفاق وما تسببه من انقطاعات في استمرارية الصخور وما تسببه وسائط النقل من الأحمال الديناميكية على الطبقات الصخرية، وغير ذلك من الأعمال التي ينفذها الإنسان قد أدى إلى تغيير في حالة الإجهاد في الأجسام الصخرية وإلى تنشيط الظواهر الجيوهندسية غير المرغوب فيها، مما استدعى نشوء هذا الفرع وتطوره السريع، وذلك بإيجاد أساليب وطرائق وأجهزة جديدة للاختبارات والدراسات الجيوهندسية المختلفة من أجل الاستمرار الآمن للمنشآت المختلفة.
الهندسة الجيولوجية لمكامن الخامات المفيدة وحقول النفط والأحواض المائية:
لاشك أن استثمار الخامات المفيدة من اختصاص علم المناجم، وكذلك استثمار آبار النفط والمياه من اختصاص جيولوجيا النفط والمياه الجوفية. ولكن التوسع الكبير في عمليات الاستثمار وبناء المقالع والمناجم واستخراج النفط والمياه بكميات كبيرة ومن مساحات شاسعة أدى إلى تغيير واسع في الظواهر الطبيعية وتنشيط العمليات الجيولوجية من انهيارات وانزلاقات وانخفاسات وما يتبع ذلك من آثار سلبي في المنشآت المختلفة، وقد استدعى ذلك نشوء فرع جديد في الجيولوجيا الهندسية وتطوره السريع، مهمته وضع الضوابط لهذه العمليات والحد من أضرارها.
الهندسة الجيولوجية البحرية:
وهي تهتم بدراسة صخور قيعان البحار والمحيطات وخاصة منطقة الرصيف القاري، حيث يقوم الإنسان بنشاط هندسي كبير من بناء للمرافئ، واستخراج النفط، وإرساء أنابيب نقل النفط والغاز وما يخطط له من استثمار للخدمات المفيدة في قيعان البحار.
الهندسة الجيولوجية الفضائية:
وهذا فرع حديث بدأ بالظهور عند التخطيط للهبوط على سطح القمر واختيار المواقع المناسبة لذلك، ودراسة الصخور المجلوبة من القمر. ويرتبط تطور هذا الفرع بالتوسع في غزو الفضاء والتخطيط للهبوط على الكواكب السيارة وتوابعها وجلب العينات منها ودراسة خصائصها الجيوهندسية، بهدف إنشاء محطات على تلك الكواكب وتوابعها، والتخطيط لاستعمارها.
لا تقتصر الدراسات الجيولوجية الهندسية على إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات التي تعترض الأعمال الإنشائية التي يقوم الإنسان بها، بل أصبحت أكثر اتساعاً وشمولية، إذ أصبحت تهتم بدراسة القشرة الأرضية بوصفها وسطاً لحياة الإنسان وبيئته وأنشطته الحياتية المختلفة. وبذلك فإن الهندسة الجيولوجية إضافة إلى مهمتها الأساسية وهي دراسة الصخور والعمليات والظواهر الجيولوجية، فإنها تهتم أيضاً بوضع الأسس النظرية للاستفادة من مختلف عناصر القشرة الأرضية لمصلحة الإنسان من دون إضرار بالبيئة. ومن أهم الأمور التي تتضمنها الدراسة الجيوهندسية ما يأتي:
النمذجة الجيوهندسية لسطح الأرض:
وتتم بدراسة تكتونية الأقاليم وتضاريسها والظواهر الطبيعية فيها وتاريخها الجيولوجي وطبقات الصخور والشروط الهدروجيولوجية فيها، ويتكون النموذج الجيوهندسي من الأراضي التي تتشابه فيها هذه الخصائص. وتقسم الأراضي إلى نماذج مختلفة باختلاف تلك الخصائص. ويوضع لكل نموذج كتيب تعليمات يوضح خصائص الأراضي والتعليمات والتوصيات الواجب اتباعها لأنشطة الإنسان المختلفة، وخاصة الأعمال الإنشائية. من الواضح أن حدود النماذج الجيوهندسية لاتتوافق مع الحدود السياسية؛ لأن مجموع النماذج يكوّن سطح الأرض كله، وليس مساحة دولة ما، كما هي الحال في الدراسات الهندسية للجيولوجية الإقليمية. ومن البديهي أن حل هذا الموضوع يتطلب تضامن جهود المختصين من كل الدول، والفائدة مشتركة للجميع، إذ يتم تقليص حجم الدراسات الجيوهندسية المناسبة لعمل ما إلى الحدود الدنيا، وبالتالي توفير الوقت والمال.
التنبؤ بالظواهر الجيوهندسية وتقدير شدتها:
تخضع الكرة الأرضية باستمرار لعمليات وظواهر جيولوجية متنوعة: انزلاقات - انهيارات - تصدعات - انخفاسات في المناطق الكارستية …إلخ. وبعض هذه الظواهر ذو آثار كارثية بشرية ومادية. ومثل هذه الحوادث في تزايد مستمر بسبب تزايد إخلال الإنسان بالتوازن الطبيعي وإفساده للبيئة. ويتم التنبؤ بالظواهر الجيوهندسية وتقدير شدتها بالمراقبة المستمرة الأرضية والفضائية، وتنفيذ الاختبارات الدورية في المواقع، ووضع النماذج الرياضية لهذه الظواهر، ومعالجتها على أساس المعطيات التجريبية، ومن ثم استنباط الحلول المناسبة لدرء أخطارها أو الحد من وقوعها.أما بصدد الزلازل فإن دراستها تتم بالتعاون مع المختصين بها بهدف وضع الخرائط الزلزالية المختلفة وتقويم المعطيات الزلزالية اللازمة للحسابات الإنشائية وغير ذلك.
الخصائص الجيوهندسية للأجسام الصخرية:
تعد هذه المسألة من أهم مسائل الهندسة الجيولوجية، فمعظم الدراسات في الوقت الحالي هي دراسات مخبرية على عينات صغيرة تجلب من الحقل. والأجسام الصخرية عادة تحوي شقوقاً وفوالق وظواهر كارستية وغير ذلك، كما أن هذه الأجسام تكون غير متجانسة سواء من حيث التركيب الفلزي أم الحبي، في حين أن العينات الصغيرة تكون خالية من كل ذلك، وبالتالي فإن مجمل خصائص الأجسام الصخرية كالمتانة والقساوة والسيولة وحالة الإجهاد العامة فيها تختلف بشدة عن خصائص العينات الصغيرة التي تعد عينات نقطية لاتمثل إلا نفسها، ويتم حل هذه المسألة بزيادة حجم الدراسات الحقلية على الرغم من كلفتها العالية، ووضع طرائق وأساليب جديدة للدراسة.
محمد أنور محفوظ
Geological engineering - Génie géologique
الهندسة الجيولوجية
الهندسة الجيولوجية geological engineering هي أحد علوم الأرض، مهمتها الأساسية هي تقديم الدراسات الجيولوجية اللازمة لاختيار مواقع المنشآت الهندسية، وبتعبير أبسط فإنها تطبيق مباشر للعلوم الجيولوجية في مجال الأعمال الإنشائية.
تدرس الهندسة الجيولوجية الصخور والظواهر والعمليات الجيولوجية التي تحدد أسلوب بناء المنشأة الهندسية، وظروف استثمارها والاحتياطات الواجب اتخاذها لضمان استقرار الكتل والطبقات الصخرية. كما تهتم بدراسة التغيرات التي تطرأ على الصخور وطبقاتها، والعمليات والظواهر الجيولوجية الناجمة عن إقامة المنشآت المختلفة، ومن مهامها أيضاً دراسة الخصائص الكيمياوية والفيزيائية والميكانيكية للصخور، وتحديد صلاحيتها للاستخدامات المختلفة: مواد بناء وإكساء وأحجار زينة وغيرها.
يصعب تحديد بداية ظهور الدراسات في مجال الهندسة الجيولوجية، ويفترض أن دراسة الصخور بوصفها مواد بناء أولية وقواعد للمنشآت كانت تتم منذ فترات زمنية طويلة قبل ظهور هذا العلم وتميزه.
أما الدراسات المنهجية في هذا المجال فتعود إلى أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر؛ إذ تم التوسع في إشادة المنشآت العمرانية المختلفة. وقد تطلب ذلك الاهتمام الجدي بدراسة الصخور لضمان سلامة المنشآت وإشادتها بأقل كلفة ممكنة. وقد أدى التوسع في بناء السدود والمنشآت الكهرمائية إلى الاهتمام بدراسة الظواهر والعمليات الجيولوجية المرتبطة بهذا النوع من المنشآت (كالانزلاقات والانهيارات وحت شواطئ البحيرات وأعمال الرشح وتسرب المياه وغيرها). مما أدى إلى نشوء الهندسة الجيولوجية الديناميكية dynamic geological engineering. كما أن التوسع في بناء طرق المواصلات والسكك الحديدية التي تمتد مسافات كبيرة، وتمر في أراضٍ مكوّنة من صخور مختلفة ومتباينة بشدة في خصائصها تطلب الدراسات التفصيلية لخصائص هذه الصخور وتحديد صلاحيتها، مما أدى إلى نشوء فرع آخر من علوم الهندسة الجيولوجية وهو هندسة التربة soil engineering.
منذ أوائل القرن العشرين أخذت دراسة الصخور والعمليات الجيولوجية بهدف إشادة المنشآت تعتمد بصورة أساسية الطرائق الفيزيائية والرياضية، مما أدى إلى نشوء علم جديد هو الجيوتكنيك geotechnic الذي يعدّ من فروع الهندسة المدنية، وهو يشترك مع الهندسة الجيولوجية في الهدف وفي مواد الدراسة ويختلف عنها في الأسلوب، ولذلك فإن كلاً من هذين العلمين يتمم أحدهما الآخر ويتكامل معه.
ظهر أول كتاب يبحث في هذا العلم عام 1929 لمؤلفه ل. ترزاغي L.Terzaghi وكان باللغة الألمانية، ويبحث بصورة رئيسية في موضوعات هي أقرب لميكانيك التربة منها لموضوعات الهندسة الجيولوجية. ثم تتابعت المؤلفات في هذا المجال ومن أشهر المؤلفين فيها: أ.كازاغراند A.Cazagrande في أمريكا، وأ. سكمبتون A.Scempton في إنكلترا، وج. تالوبر J.Talobre في فرنسا، وي. بوبوڤ I.Popov في روسيا، وغيرهم.
تتألف الهندسة الجيولوجية من ثلاثة فروع أساسية هي:
الهندسة الجيولوجية الديناميكية:
وتهتم بدراسة العمليات والظواهر الجيولوجية الطبيعية، والعمليات الجيوهندسية التي تنشأ عن نشاط الإنسان في مختلف المجالات. وهي تختلف عن العمليات والظواهر الجيولوجية الطبيعية بأنها أسرع حدوثاً وأشد تأثيراً، لكنها تنتشر على مساحات محدودة.
هندسة التربة:
وتهتم بدراسة الخصائص الجيولوجية (التركيب الفلزي والتركيب الحبي)، والكيمياوية (التركيب الكيمياوي) والفيزيائية (الكثافة والمسامية والنفاذية…) والميكانيكية (المتانة والمرونة واللدونة)، والبنيوية (البنية والنسيج واتجاهات الطيات والشقوق والفوالق وميولها) للصخور والترب، وتحديد صلاحياتها للاستخدامات المختلفة.
الهندسة الجيولوجية الإقليمية regional geological engineering:
وتهتم بدراسة الشروط الجيوهندسية (الصخور والعمليات والظواهر الجيولوجية) وتغيراتها في المكان والزمان بالاستناد إلى التاريخ الجيولوجي للقشرة الأرضية والشروط الفيزياجغرافية المعاصرة.
إضافة إلى ما سبق هناك موضوعات أخرى أخذت تظهر في العقود الأخيرة وتتطور بسرعة لتصبح فروعاً مهمة وأساسية من فروع الهندسة الجيولوجية وأهمها:
الهندسة الجيولوجية للمدن:
إن التوسع العمراني الشديد أفقياً وشاقولياً، وازدياد تنوع الصخور المستخدمة أساسات للمباني، وازدياد الحمولات عليها واتساع شبكات الري، وازدياد تسرب المياه منها، وتأثيره في رطوبة الصخور وفي مستوى المياه الجوفية وبناء الأنفاق وما تسببه من انقطاعات في استمرارية الصخور وما تسببه وسائط النقل من الأحمال الديناميكية على الطبقات الصخرية، وغير ذلك من الأعمال التي ينفذها الإنسان قد أدى إلى تغيير في حالة الإجهاد في الأجسام الصخرية وإلى تنشيط الظواهر الجيوهندسية غير المرغوب فيها، مما استدعى نشوء هذا الفرع وتطوره السريع، وذلك بإيجاد أساليب وطرائق وأجهزة جديدة للاختبارات والدراسات الجيوهندسية المختلفة من أجل الاستمرار الآمن للمنشآت المختلفة.
الهندسة الجيولوجية لمكامن الخامات المفيدة وحقول النفط والأحواض المائية:
لاشك أن استثمار الخامات المفيدة من اختصاص علم المناجم، وكذلك استثمار آبار النفط والمياه من اختصاص جيولوجيا النفط والمياه الجوفية. ولكن التوسع الكبير في عمليات الاستثمار وبناء المقالع والمناجم واستخراج النفط والمياه بكميات كبيرة ومن مساحات شاسعة أدى إلى تغيير واسع في الظواهر الطبيعية وتنشيط العمليات الجيولوجية من انهيارات وانزلاقات وانخفاسات وما يتبع ذلك من آثار سلبي في المنشآت المختلفة، وقد استدعى ذلك نشوء فرع جديد في الجيولوجيا الهندسية وتطوره السريع، مهمته وضع الضوابط لهذه العمليات والحد من أضرارها.
الهندسة الجيولوجية البحرية:
وهي تهتم بدراسة صخور قيعان البحار والمحيطات وخاصة منطقة الرصيف القاري، حيث يقوم الإنسان بنشاط هندسي كبير من بناء للمرافئ، واستخراج النفط، وإرساء أنابيب نقل النفط والغاز وما يخطط له من استثمار للخدمات المفيدة في قيعان البحار.
الهندسة الجيولوجية الفضائية:
وهذا فرع حديث بدأ بالظهور عند التخطيط للهبوط على سطح القمر واختيار المواقع المناسبة لذلك، ودراسة الصخور المجلوبة من القمر. ويرتبط تطور هذا الفرع بالتوسع في غزو الفضاء والتخطيط للهبوط على الكواكب السيارة وتوابعها وجلب العينات منها ودراسة خصائصها الجيوهندسية، بهدف إنشاء محطات على تلك الكواكب وتوابعها، والتخطيط لاستعمارها.
لا تقتصر الدراسات الجيولوجية الهندسية على إيجاد الحلول المناسبة للمشكلات التي تعترض الأعمال الإنشائية التي يقوم الإنسان بها، بل أصبحت أكثر اتساعاً وشمولية، إذ أصبحت تهتم بدراسة القشرة الأرضية بوصفها وسطاً لحياة الإنسان وبيئته وأنشطته الحياتية المختلفة. وبذلك فإن الهندسة الجيولوجية إضافة إلى مهمتها الأساسية وهي دراسة الصخور والعمليات والظواهر الجيولوجية، فإنها تهتم أيضاً بوضع الأسس النظرية للاستفادة من مختلف عناصر القشرة الأرضية لمصلحة الإنسان من دون إضرار بالبيئة. ومن أهم الأمور التي تتضمنها الدراسة الجيوهندسية ما يأتي:
النمذجة الجيوهندسية لسطح الأرض:
وتتم بدراسة تكتونية الأقاليم وتضاريسها والظواهر الطبيعية فيها وتاريخها الجيولوجي وطبقات الصخور والشروط الهدروجيولوجية فيها، ويتكون النموذج الجيوهندسي من الأراضي التي تتشابه فيها هذه الخصائص. وتقسم الأراضي إلى نماذج مختلفة باختلاف تلك الخصائص. ويوضع لكل نموذج كتيب تعليمات يوضح خصائص الأراضي والتعليمات والتوصيات الواجب اتباعها لأنشطة الإنسان المختلفة، وخاصة الأعمال الإنشائية. من الواضح أن حدود النماذج الجيوهندسية لاتتوافق مع الحدود السياسية؛ لأن مجموع النماذج يكوّن سطح الأرض كله، وليس مساحة دولة ما، كما هي الحال في الدراسات الهندسية للجيولوجية الإقليمية. ومن البديهي أن حل هذا الموضوع يتطلب تضامن جهود المختصين من كل الدول، والفائدة مشتركة للجميع، إذ يتم تقليص حجم الدراسات الجيوهندسية المناسبة لعمل ما إلى الحدود الدنيا، وبالتالي توفير الوقت والمال.
التنبؤ بالظواهر الجيوهندسية وتقدير شدتها:
تخضع الكرة الأرضية باستمرار لعمليات وظواهر جيولوجية متنوعة: انزلاقات - انهيارات - تصدعات - انخفاسات في المناطق الكارستية …إلخ. وبعض هذه الظواهر ذو آثار كارثية بشرية ومادية. ومثل هذه الحوادث في تزايد مستمر بسبب تزايد إخلال الإنسان بالتوازن الطبيعي وإفساده للبيئة. ويتم التنبؤ بالظواهر الجيوهندسية وتقدير شدتها بالمراقبة المستمرة الأرضية والفضائية، وتنفيذ الاختبارات الدورية في المواقع، ووضع النماذج الرياضية لهذه الظواهر، ومعالجتها على أساس المعطيات التجريبية، ومن ثم استنباط الحلول المناسبة لدرء أخطارها أو الحد من وقوعها.أما بصدد الزلازل فإن دراستها تتم بالتعاون مع المختصين بها بهدف وضع الخرائط الزلزالية المختلفة وتقويم المعطيات الزلزالية اللازمة للحسابات الإنشائية وغير ذلك.
الخصائص الجيوهندسية للأجسام الصخرية:
تعد هذه المسألة من أهم مسائل الهندسة الجيولوجية، فمعظم الدراسات في الوقت الحالي هي دراسات مخبرية على عينات صغيرة تجلب من الحقل. والأجسام الصخرية عادة تحوي شقوقاً وفوالق وظواهر كارستية وغير ذلك، كما أن هذه الأجسام تكون غير متجانسة سواء من حيث التركيب الفلزي أم الحبي، في حين أن العينات الصغيرة تكون خالية من كل ذلك، وبالتالي فإن مجمل خصائص الأجسام الصخرية كالمتانة والقساوة والسيولة وحالة الإجهاد العامة فيها تختلف بشدة عن خصائص العينات الصغيرة التي تعد عينات نقطية لاتمثل إلا نفسها، ويتم حل هذه المسألة بزيادة حجم الدراسات الحقلية على الرغم من كلفتها العالية، ووضع طرائق وأساليب جديدة للدراسة.
محمد أنور محفوظ