الجفاف يفاقم العنف الأسري وزواج الأطفال في إثيوبيا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الجفاف يفاقم العنف الأسري وزواج الأطفال في إثيوبيا

    الجفاف يفاقم العنف الأسري وزواج الأطفال في إثيوبيا


    الكثير من الناجيات من العنف الجندري يخترن السكوت خوفا من وصمهن بالعار.
    الاثنين 2023/02/13
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    العنف والاغتصاب يزدادان تجاه النساء والفتيات

    غودي (إثيوبيا) - قد تنتج عن الجفاف موجات هجرة جماعية غير مسبوقة، أو حالات سوء تغذية وأمراض وأوبئة، لكن أن يكون سببا في تفاقم العنف الأسري وزواج الأطفال فإن ذلك لن يخطر ببال أحد لولا التقارير الدولية المحذرة من انتشاره السريع ومدى خطورته.

    وبالنسبة إلى العديد من العائلات اليائسة يأتي تزويج فتاة بفائدتين، الأولى هي خفض عدد الأفواه التي يجب إطعامها، والثانية هي مهرها الذي تقدمه أسرة الزوج ويساعد في تغطية تكاليف العيش.

    وبقيت بيشارو (14 عاما) التي أجبرها والداها على الزواج خمسة أيام فقط مع شريكها العنيف قبل أن تهرب من المنزل، وتلجأ إلى جنوب إثيوبيا التي يضربها الجفاف للحصول على المساعدة في وحدة مخصصة للناجيات من العنف الجنسي افتتحت أخيرا في مستشفى مدينة غودي في المنطقة الصومالية.

    وهذه المنطقة من أكثر المواقع تضررا بالجفاف التاريخي الذي يضرب القرن الأفريقي وأغرق الملايين في الجوع والفقر.

    ويقول الأطباء والمتخصصون الاجتماعيون إن تداعيات أخرى نتجت عن الجفاف منها ارتفاع في حالات الزواج القسري والعنف الجنسي.

    وتفيد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بأن زواج الأطفال، وهو أمر غير قانوني في إثيوبيا، ازداد أكثر من الضعف في المناطق الأربع الأكثر تضررا في البلاد في الأشهر الستة الأولى من العام 2022 مقارنة بالعام السابق.

    المخيمات المؤقتة التي يعيش فيها أشخاص أجبروا على الفرار من الجفاف تمثل خطرا على النساء والفتيات

    وتقول بيشارو وهو اسم مستعار حفاظا على سلامتها، إن مهرها كان ثلاثة آلاف بر إثيوبي (56 دولارا). وتضيف “اتفق والداي ووالدا زوجي على صفقة الزواج. لم أكن على علم بها. جاء إليّ قبل الزواج وطلب مني الزواج منه لكنني رفضت”.

    لكنّ زواجها بشاب متزوّج أصلا ويبلغ من العمر 20 عاما ويتحدر من عشيرة والدها، تمّ رغم ذلك.

    وتروي بيشارو “عشنا معا خمسة أيام وكان يضربني دائما”، مضيفة “كان يضربني لأنه أراد ممارسة الجنس معي وأنا كنت أرفض”.

    وما زالت هذه الشابة تشعر بألم في ظهرها وكتفيها ورأسها جراء العنف الذي تعرضت له بعد زواجها مطلع يناير. وتقول “لا أستطيع النوم أثناء الليل بسبب الألم”.

    وهربت بيشارو من منزلها الزوجي ولجأت إلى منزل أحد الجيران. وأوقفت الشرطة الزوج وطلبت منه منح الطلاق لبيشارو، خلافا لرغبة والدها.

    وتوضح الفتاة “قال لي والدي إذا حصلتي على الطلاق، لن أكون والدك بعد الآن”.

    تداعيات أخرى نتجت عن الجفاف منها ارتفاع في حالات الزواج القسري والعنف الجنسي

    وظلت الفتاة وهي الرابعة من أبناء عائلة تضم خمسة أطفال، ثلاثة صبيان وفتاتان، وحيدة إذ لا يمكن لأخوتها مساعدتها.

    وتقول بيشارو “والدتي وحدها هي من تفهم مشكلتي، لكنها لا تستطيع أن تدعمني لأنها تخاف من والدي”.

    وعن سبب لجوئها إلى هذه العيادة المتخصصة في غودي التي تساعد النساء والفتيات اللواتي يواجهن ظروفا مماثلة تشرح “لم أحصل على أي دعم منهم (إخوتها)، لذلك أتيت إلى هنا”.

    ومنذ افتتاحه في نوفمبر الماضي استقبل المبنى الصغير الواقع خلف مستشفى المدينة ثماني ناجيات من الاغتصاب وأربع نساء وفتيات هربن من العنف الأسري.

    ويقول الطبيب في العيادة فهد حسن إن الجفاف كان عاملا في كثير من هذه الحالات.

    ويوضح أنه في المنطقة الأوسع تمثل المخيمات المؤقتة التي يعيش فيها أشخاص أجبروا على الفرار من الجفاف خطرا على النساء والفتيات.

    ويتابع “العنف منتشر” في المخيمات، مشيرا إلى أن فتاة تبلغ سبع سنوات نُقلت إلى العيادة بعد تعرضها للاغتصاب في مخيم في أباكورو، وهي منطقة قريبة.

    زواج الأطفال ازداد أكثر من الضعف في المناطق الأربع الأكثر تضررا في البلاد في الأشهر الستة الأولى من العام 2022 مقارنة بالعام السابق

    من جهتها، تقول العاملة الاجتماعية سهرا حاجي محمد إن الفقر عامل مساهم في العنف الزوجي، موضحة “رأينا خلافات بين زوجين عندما أراد الزوج بيع أدوات منزلية لشراء السجائر أو القات (ورقة مخدرة بدرجة خفيفة) بسبب نقص المال”.

    ويقول العاملون في المركز إن النساء اللواتي لجأن إلى العيادة حتى الآن يمثلن جزءا بسيطا من المعنّفات. ويشيرون إلى أن الكثير من الناجيات من العنف الجندري في هذه المنطقة يخترن السكوت خوفا من وصمهن بالعار.

    ويقول فهد “نحن من المجتمع. نحن نعرف نساء لا يأتين إلى هنا لكنهن في منازلهن ويحاولن إخفاء أنفسهن. نحن نعلم. نحاول إخبارهن بأن هناك مركزا يهدف إلى مساعدتهن”.

    ويضيف أنه بغض النظر عن الاعتداء الجنسي، فإن كثرا في المجتمع لا يعتبرون أن الجرائم ضد المرأة هي جرائم خطيرة تتطلب التدخل.

    وتريد بيشارو، الناجية الوحيدة في العيادة التي وافقت على التحدث مع وكالة فرانس برس، تشجيع أخريات على التحدث علانية. وتقول “هذه ليست مشكلتي وحدي (…) اليوم سمعت أن فتاة أجبرت على الزواج وعذبها (زوجها) لكنّ والديها يلتزمان الصمت”.

    وتوضح “لا تستطيع الأمهات معارضة قرار الآباء لأنهن يخفن منهم (…) المشكلة الرئيسية هي الآباء”.

    وتنتظر بيشارو استلام أوراق طلاقها لتتمكن من مغادرة المركز والبقاء مع جدتها في مكان آخر، ولا ترغب في العودة ومواجهة الانتقادات في مسقط رأسها.

    وهناك تخطط للبدء من جديد حيث تكون حرة في تحديد مصيرها بقولها “أريد أن أتزوج شخصا قريبا من سنّي”.
يعمل...
X