كيف تصنع المسلسلات الممجدة للمجرمين القتلة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف تصنع المسلسلات الممجدة للمجرمين القتلة


    كيف تصنع المسلسلات الممجدة للمجرمين القتلة



    "شم ريحة الدم" وردت في مسلسل يمجّد سيرة أحد الصعاليك

    كان لافتا تحميل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في تونس الإعلام بصفة عامة والمسلسلات بصفة خاصة مسؤولية جريمة بشعة قام بها تلميذ تجاه أستاذه بعدما دوّن التلميذ بعد الجريمة عبارة #شم_ريحة_ الدم التي وردت في مسلسل مجّد سيرة مجرم.

    تونس – أصبح اعتداء وحشي على أستاذ من قبل تلميذ بأحد المعاهد الثانوية بمنطقة الزهراء الواقعة بالضاحية الجنوبية لتونس العاصمة قضية رأي عام في تونس.

    وتعمّد التلميذ الذي يدرس في السنة الأولى من التعليم الثانوي، مساء الاثنين، وفور دخوله إلى الفصل، طعن أستاذ مادة التاريخ والجغرافيا بسكين في أماكن مختلفة من جسده وضربه بساطور على رأسه، ما تسبّب له بجروح بليغة على مستوى الوجه والرأس والكتف.

    ودوّن التلميذ على إحدى الطاولات بدم أستاذه “شم ريحة الدم” وقام بتصويرها ونشرها على حسابه على فيسبوك قبل القيض عليه. وأصبحت العبارة هاشتاغا يحتل الترند على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس.

    والعبارة وردت في مسلسل “علي شورّب” الذي بث في رمضان ويمجّد سيرة أحد الصعاليك الذي اشتهر بإجرامه وعنفه الشديد وتردده الدائم على السجون في خمسينات القرن الماضي وستيناته في تونس.

    وأثارت الحادثة سخط الرأي العام التونسي، وخاصة بعد قراءة تعليقات بعض التلاميذ الذين ساندوا ما فعله التلميذ ودوّنوا عبارات تشجّع وتحرّض على سياسة الاعتداء على الأساتذة والتشفي منهم فيما عبر آخرون عن فرحهم بـ”يوم عطلة” بسبب تنفيذ الأساتذة في المعاهد الحكومية إضرابا حضوريا الثلاثاء.

    واعتبر معلقون أن “الجميع مسؤول عن هذه الحادثة الصادمة التي كشفت عن خطاب وسلوكيات عنيفة داخل الوسط المدرسي تؤشر بحوادث أخطر في المستقبل إن لم تتم الاحاطة النفسية بهؤلاء الأطفال.

    وتحولت تونس بعد ثورة الـ14 من يناير 2011 إلى حقل خصب انتعشت فيه فنون الراب والهيب هوب التي تمجد استهلاك المخدرات والبلطجة والاغتصاب. وبفضل مواقع التواصل الاجتماعي برزت أسماء جديدة سيطرت على أمزجة قطاع عريض من الشباب. وباتت الفضائيات التونسية تبث مسلسلات تحتوي منسوبا مرتفعا من العنف على غرار مسلسلي “أولاد مفيدة” و”الفوندو” على قناة الحوار التونسي و”علي شورّب” على قناة التاسعة. وحازت تلك المسلسلات على شعبية واسعة وحققت نجاحا كبيرا، خاصة أن الشباب دون سن العشرين عادة ما يكونون ضحايا لما يبثه التلفزيون من مشاهد عنف.

    وكثيرا ما يستفز اختيار شخصيات منحرفة اشتهرت بإثارة الرعب بين الناس لتكون أبطال مسلسلات تلفزيونية في شهر رمضان كثيرا من التونسيين ليتخذوا مواقع التواصل الاجتماعي ساحة للتعبير عن غضبهم واستهجانهم لهذه النوعية من المسلسلات. كما باتت بعض البرامج التي تحظى بمتابعة عالية على التلفزيون وعلى مواقع التواصل الاجتماعي منبرا للترويج للعنف.

    وقال معلق:

    واعتبر آخر:

    [email protected]

    #شم_ريحة_الدم. ريحة الدم شميناها منذ سنوات. شميناها يوم فتحت قنوات الصرف الإعلامي كل منافذها وجندت كل إمكانياتها المادية والبشرية لنشر محتويات إعلامية فارغة من كل محتوى وقيم أخلاقية أو إنسانية.

    ويساهم تمجيد المُجرمين في تهيئة المناخ لشيوع ثقافة العنف. ويملك الفنانون قدرة هائلة على التأثير في الجماهير، حتى لو كان الأمر خارج إطار الفن، ويثمّن الجمهور ما يصله عبر المشاهير عموما.

    وأشار معلقون إلى دقّ علماء الاجتماع منذ سنوات ناقوس الخطر، وألمحوا إلى تزايد مرعب في مؤشرات العنف في المجتمع التونسي سواء كان في الملاعب وفي المقاهي وفي الخطاب اليومي وفي الوسط المدرسيّ وفي الأحياء الهامشيّة.

    وباتت الجريمة متفشيّة في المجتمع التونسي بكثرة، وهي دليل على فشل السياسات في العقد الأخير. وفي أواخر شهر نوفمبر 2018، قال مدير المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية ناجي جلّول إن ”الجريمة في تونس إرهاب يومي”.

    ويقول مراقبون في تونس إن “السلم الاجتماعي مهدد والصمت على العنف يجعله ككرة الثلج التي تكبر باستمرار”.

    وذكر معلقون بما تتعرض له أستاذة من محاكمة يصفونها بـ“أالكيدية” على خلفية وضعها لملاحظة “سيء جدا لأحد تلاميذها”.

    وكتب الأستاذ خالد كرونة:


    وأضاف في تدوينة على موقع فيسبوك لقيت تداولا واسعا في شرح لأسباب الجريمة:

    Khaled Krouna

    حين رأينا بأمّ العين، أولياء ومربين، باحات المعاهد والإعداديات وما يحفّ بها وقد انقلبت سوقا تروّج فيها سجائر القنّب والأقراص المخدرة التي تملأ عائداتها جيوب أوباش مافيوزيين من المارقين، سكتنا.. أو اكتفينا بإظهار الجزع وسكبنا شيئا من عبارات الأسف الكالحة.

    وتابع:

    Khaled Krouna

    حين رأينا حكام العهد ما بعد الجديد، خلال العشرية الماضية، يلتفتون إلى كلّ ما يمكن أن يغنموا منه وجاهة أو مالا، ولم يحرّكوا حجرا في معمار المدرسة، لا من حيث القوانين المنظمة ولا من حيث الأهداف ولا من حيث المناهج المقررة، ولا من حيث ما نشأ من حاجيات جديدة للتأطير، اكتفينا بالبكاء على المدرسة وذرفنا شيئا من دموع بلا لون على مدرسة المصعد الاجتماعي واكتفى البعض بطلب الرحمة لمؤسس الجمهورية..

    ويؤكد معلقون أن منظومة التعليم في تونس تحتاج إلى دخول “غرفة العمليات لاستئصال ما ينبغي استئصاله و زرع ما ينبغي أن يزرع”!

    من جانبه، علّق وزير التربية فتحي السلاوتي إنه لا يمكن تجريم التلميذ لأنه هو بدوره ضحية مرجّحا أن يكون قد تناول مخدرات قبل إقدامه على الفعل المؤلم والصادم ضد الأستاذ. وأقر السلاوتي بانتشار ظاهرة تعاطي المخدرات في الوسط المدرسي، داعيا إلى ضرورة إصلاح المنظومة التربوية. وتابع أن المدرسة التونسية لم تعد جذابة للتلاميذ.


    جيل محاط بالعنف


    وتفيد إحدى الدراسات أن نسبة الإدمان بلغت 70 في المئة بين التونسيين ما بعد الثورة وأن 60 في المئة من المدمنين هم من الفئة العمرية 13 – 18 سنة.

    وقال السلاوتي إنه لم يتفاجأ بالاعتداء لأن هذه الاعتداءات أصبحت يومية ومتكررة، مؤكدا أن ما لحق الأستاذ هو صادم ووحشي.

    واعتبر الوزير أن هذا الاعتداء يمثل ناقوس خطر يستوجب إيقاف كل هذه المظاهر والعمل على إصلاح المنظومة.

    وتابع أن المدرسة في تونس مريضة وأصبحت تخلق جيلا غير متسامح وغير متعاون ولا يحترم الاختلاف.

    وقالت أستاذة جامعية:


    فيما اعتبرت إعلامية:

    عفاف الغربي

    جيل كامل مهمش، ماعادش ينجم (لم يعد باستطاعته) يحلم، محاط بالعنف من كل مكان المادي والمعنوي، جيل يشوف كل يوم في الحرابش والزطالي تحوس قدام عينيه، جيل ماعادش عندو طموح جيل كبر مع أعمال درامية جعلت من المجرمين أبطالا. جيل حل عينيه على السكاتشات البلهاء، هذا إلى جانب الألعاب الإلكترونية العنيفة وتأثيرها الكبير، جيل حل عينيه يلقى الدم والارهاب واستباحة الأرواح والأعراض.
يعمل...
X