ما هي قصة المتصوف الحلاج Al-Hallaj..هو الحُسَين بن منصور أبو المغيث - تمام طعمة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما هي قصة المتصوف الحلاج Al-Hallaj..هو الحُسَين بن منصور أبو المغيث - تمام طعمة


    قصة الحلاج
    بواسطة: تمام طعمة
    ٢٨ مارس ٢٠١٩ م
    من هو الحلاج :
    هو الحُسَين بن منصور أبو المغيث والشهير بالحلاج، أحدُ أعلام التصوُّف في العالم الإسلاميّ، فارسيُّ الأصل وُلِدَ في بلدة البيضاء الفارسيّة في عام 1207م، ثمَّ انتقل إلى العراق ونشأ في مدينة واسط، تنقَّل خلال حياته في كثير من البلدان إلى أن استقرَّ في بغداد أخيرًا، تصوَّف على يد الشيخ سهل بن عبد الله التستري، وتفقَّه في علوم الدين، له الكثيرُ من الأقوال والأشعار التي انتشرت إلى حدٍّ كبير حيثُ يعدُّ من أشهر الشعراء الصوفيين على الإطلاق، وفي هذا المقال سيدورُ الحديث حول قصة الحلاج ومذهب الحلاج وأشهر أقواله.
    مذهب الحلاج:
    قبل قصة الحلاج لا بدَّ من ذكر لمحة عن مذهب الحلاج، حيثُ يعدُّ الحلاج من أشهر المتصوّفين في الإسلام، فقد اتَّخذ التصوف طريقةً جهاديَّةً في سبيل نُصرةِ الحق وأهله، ولم يكُن التصوف في نظره مسلكًا تعبديًا فرديًا، فقد طور الحلاج هذه النظرة للتصوف وجعله ثورةً ضدَّ الطغيان والفساد والظلم في المجتمع وفي النفس في آنٍ واحد، فقد نشأ الحلاج في واسط ثمَّ في بغداد وتكررت زياراته إلى مكة المكرمة، حيثُ كان يعتكفُ هناك مظهرًا التّجلُّدَ والصبرَ على الشدائد والمكاره والمصاعب من جوع وعطش وحرارة الشمس أو البرد كما كان يفعل المتصوّفة عن الزرادشتيين، وقد زارَ بعد ذلك كثيرًا من بلدان العالم الإسلامي يدعو الناس على طريقته الخاصّة، وكان يُرى أحيانًا بهيئة الفقير الزاهد وتارةً بهيئة الغنيّ الثريّ وتارةً بهيئة العامل، وبذلك صار له الكثير من الأتباع. وكان يرى مؤرّخو أهل السنّة أنَّه كان يتلون وينافق كل طائفة لكي يستميلَ قلوب الناس، فيكونُ مع كل طائفةٍ على مذهبها إن كانت من أهل السنة أو الشيعة أو المعتزلة أو الصوفية أو حتّى لو كانت من الفساق، فالتصوف عند الحلاج كان باتجاهين: اتجاه مع الخالق لدرجة الفناء في حبه، واتجاه مع الخلق يجاهد فيه ضدّ الظلم والطغيان والفساد ويدعو الناس إلى مائدة الحب، ويروى أنَّه قال ذات مرة: "النقطة أصل كلّ خط، والخط كلّه نقط مجتمعة، فلا غنى للخطّ عن النقطة، ولا للنقطة عن الخط، وكل خط مستقيم أو منحرف فهو متحرك عن النقطة بعينها، وكل ما يقع عليه بصر أحد فهو نقطة بين نقطتين، وهذا دليل على تجلِّي الحق من كل ما يشاهد وترائيه عن كل ما يعاين، ومن هذا قلت: ما رأيتُ شيئًا إلا ورأيتُ اللهَ فيه"، فهو إلى صوفيَّته كان يؤمنُ بوحدة الوجود ويؤمنُ بالحلول والاتّحاد أي أنَّ الله يَحلُّ في خلقِه.

    قصة الحلاج:
    تبدأ قصة الحلاج عندَ بعض أقوالِه التي أثارت شكوكَ الناس حول عقيدتِه، فقد نُسبَ إليه الكثير من الأقوال التي كفَّرهُ كثير من العلماء عليها، حيثُ يُنسَبُ له قوله: "إنَّ الإنسان إذا أراد الحج، أفرد في داره بيتًا، وطاف به أيام الموسم، ثم جمع ثلاثين يتيمًا، وكساهم قميصًا قميصًا، وعمل لهم طعامًا طيبًا، فأطعمَهم وخدمهم وكساهم، وأعطى لكل واحدٍ سبعة دراهم أو ثلاثة، فإذا فعل ذلك، قام له ذلك مقام الحجّ"، وقال أيضًا: "أنا الحق والحق أنا"، وله بعض الأشعار التي كفَّره عليها كثير من الفقهاء وأهل العلم في ذلك العصر كقوله الذي يؤكدُ فيه على إيمانه بالحلول والاتحاد:
    سبحانَ مـَن أظهرَ ناسوتَهُ سـرَّ سنا لاهوتهِ
    الثاقـــب ثمّ بَدا في خلقـِه ظاهرًا في صورة الآكلِ والشارب
    ويقول أيضًا في موضعٍ آخر مبيِّنًا أنَّه يعتقد بجميع المعتقدات الأخرى:
    عَقَدَ الخلائقُ في الإلهِ عقائدًا وأنا اعتقدتُ جميعَ ما اعتقدوه واتُّهم بالزندقة والشعوذة والسّحر وبأنّه ادعى النبوة وأخيرًا اتهم بأنه ادَّعى الربوبيّة، وبسببِ ما صدرَ عنه وما اتُّهم به وبسبب قصة الحلاج التي وصلت إلى القاضي أبي عمر محمّد بن يوسف المالكي أهدرَ دمَه وكفَّره بعد أن أقام عليه البينة الشرعية وبعدها أجمع علماء عصره على أنَّه مرتدٌّ، وصدرَ قرار الخليفة العباسي المقتدر بالله بعد ما وصلت إليه قصة الحلاج يتضمن ما يلي: "إذا كانت فتوى القضاة فيه بما عرضت، فأحضره مجلس الشرطة واضربه ألف سوط، فإن لم يمت فتقدّم بقطع يديه ورجليه ثم اضرب رقبته، وانصب رأسه واحرق جثته"، وعندما أخذَ إلى المكان الذي سيقتل فيه قال لأصحابه أنَّه سيعود بعد ثلاثين يومًا لكنَّه لم يعد، فقطعت يداه ورجلاه ثمَّ قُتل مرتدًا في عام 309هـ الموافق لعام 1273م، وأحرقت جثَّته بعد أن قُتل.
    أشهر أقوال الحلاج:
    بعد الحديث عن قصة الحلاج ونهايته المؤلمة التي تعرَّض لها، سيتمُّ ذكر بعض أشهر أقوال الحلاج والتي كان أكثرها سببًا من أسباب ذلك المصير فقد كشفت عن عقيدته التي قتل مرتدًا بسببِها وأصبح رمزًا من رموز الصوفية، وفيما يأتي بعض أشهر أقوال الحلاج:
    ما رأيتُ شيئًا إلَّا ورأيتُ الله فيه.
    ما انفصلت البشريّة عنه، ولا اتصلت به.
    حجبهم بالاسم فعاشوا، ولو أبْرَزَ لهم علومَ القدرة لَطاشوا، ولو كشَفَ لهم عن الحقيقةِ لَماتوا.
    من ظنَّ أنَّ الالهية تمتزج بالبشريّة أو البشرية بالإلهيّة فقد كَفَر.
    أسماء اللّه تعالى، من حيث الإدراك اسم، ومن حيث الحقّ حقيقة. إلهي! أنتَ تعلمُ عجزي عن مواضعِ شكرك، فاشكرْ نفسَك عنّي، فإنَّه الشكرُ لا غير.

  • #2

    من هو الحلاج - Al-Hallaj؟
    الرئيسية » شخصيات » فارسية » الحلاج Al-hallaj
    هو أبو المغيث الحسين بن منصور الحلاج، شاعر ومتصوف من أصل فارسي، نال الحلاج شهرةً واسعةً وأتباعًا كُثر بوصفه معلمًا قبل أن يتورط بالدخول في معترك السياسة في البلاط العباسي، فأُعدم بعد التضييق عليه بتهمٍ دينيةٍ وسياسية.
    نبذة عن الحلاج
    كان الحسين بن منصور الحلاج فارسي الأصل من بلدة “البيضاء” التي ينسب إليها المفسر “البيضاوي”.
    وُلد الحلاج في منتصف القرن الثالث الهجري ونشأ بالعراق، وقُتل في سنة ثلاثمائة وتسعة هجرية. وفي سنٍ مبكرة جدًا، و هو بعد غلامٌ في السادسة عشرة من عمره، اتصل بالصوفية، ولبس حرفتهم، وتتلمذ على يد أعلامهم كالجنيد، وسهل التستري وغيرهم. ثم أصبح له هو نفسه مع مرور الأيام مريدون كثيرون، كان يعبر عنهم في قصائد بقوله : “أصحابي وخلاني”.
    لم يلبث الخلاف أن بدأ ينشب بين الحلاج وبين أعلام الصوفية في عصره، فقد كانوا هم يبيتون أمرهم على كتم مشاعرهم ووجدهم وأفكارهم وأسرارهم، وكانوا يؤثرون العزلة على الناس، تاركين أمر تدبير الخلق لله. أما هو فقد تملكته نشوة التعبير، فجهر بأفكاره وإحساساته في الأسواق ولعامة الناس.
    كما تملكته نزعةٌ إصلاحية، حملته أخيرًا على أن يطرح خرقة الصوفية، وأن يكثر من التنقل في البلاد، يلقى الناس، ويسمع منهم، ويتحدث إليهم بكلامٍ مفهوم حينًا وغير مفهومٍ في كثيرٍ من الأحيان، ولكنهم على كل حال افتتنوا به افتتانًا كبيرًا، جعل البعض منهم يرفعه عن أن يكون إنسانًا عاديًا، إلى حد أنهم عندما قتل، لبثوا ينتظرون أوبته زاعمين أن أعداءه لم يقتلوه هو بعينه، وإنما شبه لهم.
    كان الحلاج في تجواله في البلاد، وفي تطوافه في الأسواق، وفي لقائه الناس، ينتقد الأوضاع السائدة في عصره، فأوغر ذلك عليه الصدور، ودُبرت له المكيدة، وحُوكم محاكمةً صوريةً سريعة بتهمة الزندقة والإلحاد، وصدر الحكم في شأنه بالإعدام، وقُتل شر قتلة.
    عندما أحس الحلاج بالخطر، خاطب قضاته بقوله: “ظهري حمي، ودمي حرام، وما يحل لكم أن تتهموني بما يخالف عقيدتي ومذهبي السنة، ولي كتب في الوراقين تدل على سنتي، فالله الله في دمي”.
    لعل هذه كانت من المرات القلائل التي تكلم فيها الحلاج بكلام واضح مفهوم، ولكن ذلك لم يغن عنه شيئًا؛ فقد جلد ألف سوط، وقُطعت يداه ورجلاه، وأحرقت جثته، ورمي برمادها في نهر الفرات وعُلق رأسه بباب الكرخ.
    بدايات الحلاج
    كان الحلاج على الأرجح من أصلٍ فارسي على الرغم من أن البعض قالوا بخلاف ذلك. وُلد حوالي عام 858 للميلاد في فارس، وقد كانت المنطقة الجنوبية الغربية من بلاد فارس أيام خضوعها للدولة العباسية لا تزال تدين بالزارادشتية وتعتنق ثقافتها على الرغم من انتشار اعتناق الإسلام آنذاك، فكان جد الحلاج زارادشتيًا واعتنق والده الإسلام.

    كان والده حرفيًا في إحدى المناطق التي كانت قد اعتنقت الإسلام حديثًا خارج منطقة البادية، وهكذا فقد يكون الحلاج نشأ على اللغة العربية، في حين لم يكن بعض معاصريه من المتصوفين الفرس معتادين على اللغة الجديدة.

    على الرغم من أن الكثيرين من عائلته اعتنقوا الإسلام، إلاّ أن البعض بقوا على الزارادشتية، وقد كانت والدته عربية من الحارثية وفق بعض المصادر.

    كان الحلاج مسلمًا سنيًا، وكان له صديقان من المسلمين الشيعة في البيضاء، كان والده يعمل في حلج القطن فسمي بالحلاج، وهي مهنةٌ كان الابن يمتهنها من وقتٍ لآخر. تنقل منصور إلى المدن الشهيرة بصناعة الأقمشة مثل الأحواز وتستر واستقر به المقام في واسط جنوبي العراق.

    أمضى الحلاج فترة شبابه في واسط التي كانت تعتبر معقل الفكر السني وتعلم فيها على المذهب الحنبلي، وتشير بعض الدراسات إلى أنه شحذ هناك عربيته وأصبح عربيًا كاملًا لم يزل يحتفظ ببعض الموروث الفارسي من طفولته الذي نظمه لاحقًا بالعربية.

    إنجازات الحلاج
    في واسط تعلم الحلاج النحو والقرآن الكريم على أيدي المحدثين الحنابلة، إلاّ أنه وعندما بلغ السادسة عشر من عمره ترك البيئة المحافظة التي درس فيها وانطلق إلى تستر، وهي مدينةٌ في خوزستان، وهناك تعرف على سهل التستري وأصبح صديقه المقرب وذلك في الأعوام ما بين 818 و 896 للميلاد، وكان سهل باحثًا في علوم القرآن، كما كان متصوفًا درس على طريقةٍ تختلف عن الطريقة التقليدية المتبعة في واسط، حيث أنه ومنذ سنٍ مبكرة عاش بطريقة المتنسكين فحافظ على الصيام وسافر إلى البصرة والكوفة ومكة بحثًا عن الهداية
    عاش سهل عامين في عبدان التي كان معقل النساك بالقرب من نهر دجلة في العراق، وأصبحت على ما يبدو مصدر إلهامه الأول. أما في مدينته تستر، فقد ألّف تفسيرًا للقرآن الكريم يرتبط بمنهجه في التأمل، ويعتمد فيه فكرة كون الله ليس إلهًا منفردًا عن مخلوقاته، بل أنه يمثل قدر البشر المحتوم الذي سيذوب فيه البشر، وأن على الإنسان أن يبحث في أغوار نفسه ليدرك الله "سر النفس".
    في ذلك الوقت تتلمذ الحلاج على يدي سهل التستري في تستر لمدة عامين ثم افترقا لأسبابٍ غير معروفة، وقد رحل إلى البصرة في فترةٍ متخمةٍ بالقلاقل السياسية، حيث انطلقت ثورة الزنج وأثرت تطوراتٌ مرافقةٌ لها على تستر لذلك تم إخلاؤها، فرحل سهل إلى البصرة وشرع الحلاج باقتفاء آثار سهل وأفكاره، فقلده في التنسك وفي مجاهدة النفس، وهما تقليدان انتقلا إلى البصرة التي أصبحت مركزًا للتصوف وكانت ترتبط بجزيرة العبادين القريبة منها، لتخرج فيها أشكال تنسك على الطريقة الصوفية.
    لم يعتنق الحلاج التصوف حتى انتقل إلى البصرة، حيث لبس الخرقة التي أصبحت تميز المتصوفة، والتي بدأها المحدث العربي عمرو بن عثمان المكي والذي بدأ أيضًا تقليد قص الشارب، وهكذا فإن الشكل الأولي لنظام الطقوس الصوفية الذي تطور لاحقًا قد جرى تبنيه في أوساط الصوفيين من أصحاب الرؤى التقليدية.
    كان هذا التحول جزءًا من وضعٍ معقد عام 877، حيث تزوج الحلاج من ابنة أبي يعقوب الأقطع البصري الذي كان بدوره من تلامذة المتصوف ذائع الصيت الجنيد البغدادي وأحد أفراد عائلة من الكتاب الإيرانيين من الأحواز، وقد كان هذا هو الزواج الوحيد للحلاج ورزق فيه أربعة أبناء وابنةً واحدة. وقد تحدث أحد أبنائه واسمه حمد، في إحدى الروايات عن شجارٍ حدث بين الحلاج وأحد تلامذة الجنيد وكان يدعى عمرو ابن عثمان المكي، حيث اعترض على زواج الحلاج. ويُروى أن الحلاج سافر إلى شمال بغداد لحل هذه المشكلة مع الجنيد نفسه، فما كان من الجنيد إلا أن نصح بالصبر وعدم الزواج فعاد الحلاج إلى بيت حماه في البصرة.
    أما التطور المعرفي للحلاج فيفسره المؤرخون بأسبابٍ مختلفة، حيث كان تصوف الحلاج أكثر تعقيدًا من أي تصوفٍ تقليدي آخر وأي تنسكٍ آخر، حيث لا تروي سير أخبار المتصوفة ما يكفي لفهم ذلك، على الرغم من أن باحثين حديثين كشفوا بعض التفاصيل.
    لم تكن البصرة بالمدينة المثالية آنذاك، حيث كانت حرب الزنج مشتعلةً في المناطق المجاورة في الأعوام ما بين 869-883، وقد كان الزنج عبيدًا جُلبوا من إفريقيا ومن مناطق أخرى وكان العديد منهم يعملون في مناجم الملح في ظروفٍ سيئة، كما كان معهم عبيدٌ من أعراقٍ أخرى وكذلك عربٌ أحرار وفارسيون. وقد دعم الشيعة ثورتهم، وهكذا لم يكن بمقدور الحلاج أن ينفذ بجلده من هذه الأحداث السياسية في حين كانت زوجته وأهلها من الشيعة الموالي الداعمين للثورة.
    أما نهاية الثورة فكانت بمجازر واسعة ارتكبتها الدولة العباسية، فقتلت الزنج ومات من هرب منهم في الصحراء، كما أعدمت قائد الثورة صاحب الزنج، أما الحلاج فكان رأيه متشددًا منذ شبابه في هذا الشأن، فكان دائم الاعتراض على الأوضاع القاسية التي يعاني منها الزنج في مناجم الملح وكان يوجه سهام نقده للخلافة العباسية، وهو الموقف ذاته الذي اتخذه في الدفاع عن البدو الجائعين الذين أتوا إلى البصرة وبغداد في جماعاتٍ بحثًا عن الطعام.
    في تلك الفترة الصعبة كان متصوفو بغداد عرضةً للتهجم اللفظي من الشيخ غلام خليل، وهو ما دفع البعض لاستلام منصب القضاء، وقد كان أمرًا مستجدًا في الصوفية، الأمر الذي خلق الشقاق بين المتصوفة. وكان الشيخ غلام خليل ينتقد على الصوفية قولهم بالحلول، أي حلول الله في روح المرء، وقد أسهب الحلاج في هذا الجانب إلى حدٍ كبير.
    انتهت حروب الزنج عام 883 بالقضاء على الثوار واستعادة الخلافة العباسية السيطرة على البصرة، فانتقل الحلاج إلى مكة حاجًا وبقي هناك عامًا كاملًا يقود نمطًا جديدًا من الطقوس الصوفية، ولم يعرف الكثير عن آرائه في تلك الفترة.
    بعد ذلك عاد الحلاج إلى زوجته أم الحسين في البصرة، وهناك بدأ بالجهر بآرائه وبالحديث عن تجاربه كما بدأ يتحدث بلسان الله، وهو ما أدى على ما يبدو إلى نزاع بين الأقطع ومكي، فرحل وزوجته إلى تستر بسبب تهجم مكي وإرساله رسائل وعيد من البصرة مستنكرًا ادعاء الحلاج بأنه مرسلٌ من الله.
    في تستر كان الحلاج يحكي مواعظه بالعربية لسكان المدينة الفرس الذي اعتنقوا الإسلام، كما تعرف هناك على علوم الفلسفة والطب الفلك الإغريقية.

    تعليق


    • #3

      الحسين بن منصور الحلاج

      من ويكيبيديا
      أبو الْمُغِيث الحُسِّين بن مَنْصُور الحَلاَّج (858 - 26 مارس، 922) (244 هـ 309 هـشاعر صوفي من شعراء الدولة العباسية، يُعد من روّاد أعلام التصوف في العالم العربي والإسلامي. [4][5][6] اشتهر بقوله: "أنا الحق" ، والذي اعتبره الكثيرون ادعاءً بالألوهية ، بينما فسره آخرون على أنه حالة من إبادة الأنا ، والسماح لله بأن يتكلم من خلاله. اكتسب الحلاج عددًا كبيرًا من الأتباع كخطيب قبل أن يتورط في صراعات السلطة مع البلاط العباسي والتي أُعدم على أثرها بعد فترة طويلة من الحبس بتهم دينية وسياسية. على الرغم من أن معظم معاصريه الصوفيين لا يوافقون على أفعاله ، إلا أن الحلاج أصبح فيما بعد شخصية رئيسية في التقليد الصوفي.
      محاكمته
      روى إسماعيل بن علي الخطبي في " تاريخه " قال : وظهر أمر رجل يعرف بالحلاج يقال له : الحسين بن منصور، وكان في حبس السلطان بسعاية وقعت بهِ، وذلك في وزارة علي بن عيسى الأولى وذكر عنه ضروب من الزندقة ووضع الحيل على تضليل الناس من جهات تشبه الشعوذة وسحر وادعاء النبوة، فكشفه علي بن عيسى عند قبضه عليه وانتهى خبره إلى السلطان - يعني الخليفة العباسي المقتدر بالله - فلم يقر بما رمي به من ذلك فعاقبه وصلبه حيًا أيامًا متوالية في رحبة الجسر في كل يوم غدوة وينادى عليه بما ذكر عنه ثم ينزل به ثم يحبس. فأقام في الحبس سنين كثيرة ينقل من حبس إلى حبس حتى سجن في النهاية بدار السلطان، فاستغوى جماعة من غلمان السلطان وموه عليهم واستمالهم بضروب من حيلهِ حتى صاروا يحمونه ويدفعون عنه ويرفهونه، ثم راسل جماعة من الكتاب وغيرهم ببغداد وغيرها فاستجابوا لهُ، وتراقى به الأمر حتى ذكر أنه ادعى الربوبية وسعي بجماعة من أصحابه إلى السلطان فقبض عليهم ووجد عند بعضهم كتبا تدل على تصديق ما ذكر عنهُ، وأقر بعضهم بلسانهِ بذلك وانتشر خبره وتكلم الناس في قتلهِ، فأمر أمير المؤمنين بتسليمه إلى حامد بن العباس وأمر أن يكشفه بحضرة القضاة والعلماء ويجمع بينه وبين أصحابه فجرى في ذلك خطوب طوال؛ ثم استيقن السلطان أمره ووقف على ما ذكر له عنه، فأمر بقتله وإحراقه بالنار، فأحضر مجلس الشرطة بالجانب الغربي يوم الثلاثاء لسبع بقين من ذي القعدة سنة تسع وثلاثمائة فضرب بالسياط نحوا من ألف سوط وقطعت يداه ورجلاه وضربت عنقه وأحرقت جثته بالنار ونصب رأسه للناس على سور الجسر الجديد وعلقت يداه ورجلاه إلى جانب رأسه، ويذكر مصطفى جواد أنه بعد حرق جثته تم دفن ما تبقى منها في القبر المعروف في بغداد.[11][12]
      منتقدوه
      اكتفى بعضهم بتكفيره بالاعتماد على ما قيل على لسانهِ من أقوال أو أشعار، بينما سعى بعضهم إلى تبرئته بالزعم بأن ما قيل على لسانه لا أساس له من الصحة وأنه كلام مدسوس عليه. أما أتباعه فإنهم يقدسون أقواله ويؤكدون نسبتها إليه، ولكنهم يقولون إن لها معاني باطنة غير المعاني الظاهرة، وأن هذه المعاني لا يفهمها سواهم. بينما جنح المستشرقون إلى تفسيرات أخرى وجعلوا منه بطلًا ثوريًا شبيهًا بأساطير الغربيّين.
      وعند الشيعة: ذكره الطوسي في كتاب الغيبة في المذمومين الذين ادعوا النيابة البابية.
      وقال ابن تيمية: (مَنِ اعْتَقَدَ مَا يَعْتَقِدُهُ الْحَلاجُ مِنَ الْمَقَالاتِ الَّتِي قُتِلَ الْحَلاجُ عَلَيْهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ; فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا قَتَلُوهُ عَلَى الْحُلُولِ وَالاتِّحَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَقَالاتِ أَهْلِ الزَّنْدَقَةِ وَالإِلْحَادِ كَقَوْلِهِ: أنا الله. وَقَوْلِهِ : إلَهٌ فِي السَّمَاءِ وَإِلَهٌ فِي الأَرْضِ...وَالْحَلاجُ كَانَتْ لَهُ مخاريق وَأَنْوَاعٌ مِنَ السِّحْرِ وَلَهُ كُتُبٌ مَنْسُوبَةٌ إلَيْهِ فِي السِّحْرِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَلا خِلافَ بَيْنِ الأُمَّةِ أَنَّ مَنْ قَالَ بِحُلُولِ اللَّهِ فِي الْبَشَرِ وَاتِّحَادِهِ بِهِ وَأَنَّ الْبَشَرَ يَكُونُ إلَهًا وَهَذَا مِنَ الآلِهَةِ: فَهُوَ كَافِرٌ مُبَاحُ الدَّمِ، وَعَلَى هَذَا قُتِلَ الْحَلاجُ)اهـ.[13]
      وقال أيضًا: (وَمَا نَعْلَمُ أَحَدًًا مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ذَكَرَ الْحَلاجَ بِخَيْرِ لا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَلا مِنْ الْمَشَأيِخِ ; وَلَكِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقِفُ فِيهِ; لأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ أَمْرَهُ).اهـ [14]
      وقال عنه عبد القادر الجيلاني حين سُئل عن الحلاج قال: عثر الحلاج ولم يكن في زمانه من يأخذ بيده، ولو أدركته لأخذت بيده.
      وقال عنهُ أبو الحسن الشاذلي: أكره من العلماء تكفير الحلاج، ومن فهم مقاصده فهم مقصدي.
      قال الخطيب البغدادي: والصوفية مختلفون فيه فأكثرهم نفى أن يكون الحلاج منهم وأبى أن يعده فيهم، وقبله من متقدميهم أبو العباس بن عطاء البغدادي ومحمد بن خفيف الشيرازي وابراهيم بن محمد النصراباذي النيسابوري وصححوا له حاله ودونوا كلامه حتى قال ابن خفيف : الحسين بن منصور عالم رباني .[15]
      قال ابن كثير: لم يزل الناس منذ قتل الحلاج مختلفين في أمره. فأما الفقهاء فحكي عن غير واحد من الأئمة إجماعهم على قتله وأنه كان كافرا ممخرقا مموها مشعبذا، وكذلك قول أكثر الصوفية منهم. ومنهم طائفة كما تقدم أجملوا القول فيه وغرهم ظاهره ولم يطلعوا على باطنه، وقد كان في ابتداء أمره فيه تعبد وتأله وسلوك، ولكن لم يكن له علم يسلك به في عبادته، فدخل عليه الداخل بسبب ذلك، كما قال بعض السلف : من عبد الله بغير علم كان ما يفسده أكثر مما يصلحه. وعن سفيان بن عيينة أنه قال : من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى. ولهذا دخل على الحلاج باب الحلول والاتحاد فصار من أهل الانحلال والإلحاد.[16]
      قال الخطيب : وحدثني مسعود بن ناصر أنبأنا ابن باكويه الشيرازي، سمعت أبا زرعة الطبري يقول : الناس فيه - يعني حسين بن منصور - بين قبول ورد، ولكن سمعت محمد بن يحيى الرازي، يقول : سمعت عمرو بن عثمان يلعنه ويقول : لو قدرت عليه لقتلته بيدي، فقلت : أيش الذي وجد الشيخ عليه ؟ قال : قرأت آية من كتاب الله، فقال : يمكنني أن أؤلف مثله وأتكلم به.[17]
      قال أبو زرعة الطبري : وسمعت أبا يعقوب الأقطع يقول : زوجت ابنتي من الحسين بن منصور لما رأيت من حسن طريقته واجتهاده، فبان لي بعد مدة يسيرة أنه ساحر محتال خبيث كافر. [17]
      بعض ما رُوِيَ عن حِيَل الحلاج
      روى الخطيب البغدادي أن الحلاج أنفذ رجلا بين يديه إلى بعض بلاد الجبل، فأقام بتلك البلدة يظهر لهم الصلاح والنسك ويقرأ القرآن، فأقام فيهم مدة على ذلك، ثم أظهر لهم أنه قد عمي، فمكث حينا على ذلك، ثم أظهر أنه قد زمن، وكان أولا يقاد إلى المسجد ثم صار يحمل، فمكث سنة كذلك، ثم قال لهم : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : سيرد على هذه البلدة رجل صالح يكون شفاؤك على يديه، فما كان من قريب حتى كان الوقت الذي واعده فيه الحلاج، ودخل الحلاج البلدة مختفيا وعليه ثياب صوف بيض فلزم سارية من المسجد يتعبد فيه لا يلتفت إلى أحد، فابتدر الناس إلى ذلك المتعامي المتزامن، فقيل له : قدم رجل صالح فهلم إليه، فحملوه حتى وضعوه بين يديه فكلمه فعرفه فقال له : يا أبا عبد الله إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو يقول لي كذا وكذا، فعسى أن يكون أنت إياه. فرفع يديه ودعا الله عز وجل، والناس حضور متكاثرون ينظرون ماذا يكون من أمره، ففتح الرجل عينيه وقام قائما على قدميه، فضج الناس وعظموا الحلاج تعظيما زائدا، وليس ذلك بحق، فأقام عندهم مدة ثم خرج من بين أظهرهم، وبقي ذلك الرجل عندهم عدة شهور، ثم قال : إن من نعمة الله علي أن رد علي بصري وشفاني وينبغي أن أجاهد في سبيله بثغر طرسوس؛ فعزم على ذلك فجمعوا له من بينهم مالا جزيلا ألوفا من الذهب والفضة، ثم ودعهم وودعوه، فذهب إلى الحلاج فاقتسما ذلك المال.[18]
      وروي عن بعضهم قال : كنت أسمع أن الحلاج له أحوال وكرامات فأحببت أن أختبره فجئته فسلمت عليه فقال لي : تشه علي الساعة شيئا، فقلت : أشتهي سمكا طريا، فدخل منزله فغاب ساعة ثم خرج ومعه سمكة تضطرب ورجلاه عليهما الطين، فقال : دعوت الله فأمرني أن آتي بالبطائح لآتيك بهذه، فخضت الأهواز وهذا الطين منها. فقلت : إن شئت أدخلتني منزلك لأكشف أمرك فإن ظهرت على شيء وإلا آمنت بك، فقال : أدخل، فدخلت فلم أجد في البيت منفذا إلى غيره فتحيرت في أمره ثم نظرت فإذا تأزير فكشفته فإذا من ورائه باب فدخلت فخرجت منه إلى بستان هائل فيه من سائر الثمار الجديدة والمعتقة قد أحسن إبقاؤها وإذا أشياء كثيرة معدة للأكل وإذا هناك بركة كبيرة فيها سمك كثيرة كبار فدخلتها فأخرجت منها واحدة، فنال رجلي من الطين كما نال رجليه وجئت إلى الباب فقلت له : افتح قد آمنت بك، فلما خرجت ورآني على مثل حاله جرى ورائي ليقتلني فضربته بالسمكة في وجهه، وقلت : يا عدو الله أتعبتني في هذا اليوم. ولما خلصت منه لقيني بعد ذلك فضاحكني، وقال : لا تفش هذا لأحد أبعث إليك من يقتلك على فراشك. قال : فلم أحدث به أحدا حتى صلب.[19]
      وقد قال يوما لرجل: آمن بي حتى أبعث لك بعصفورة تأخذ من ذرقها وزن حبة فتضعه على كذا وكذا رطلا من نحاس، فيصير ذهبا، فقال له الرجل : آمن بي أنت حتى أبعث إليك بفيل إذا استلقى على قفاه بلغت قوائمه السماء وإذا أردت أن تخفيه وضعته في إحدى عينيك. قال : فبهت وسكت. [19]
      ولما ورد بغداد جعل يدعو إلى نفسه ويظهر أشياء من المخاريق وغيرها من الأحوال الشيطانية. وأكثر ما كان يروج على الرافضة؛ فاستدعى يوما رئيسًا من الرافضة فدعاه إلى الإيمان به، فقال له الرجل : إني رجل أحب النساء وإني أصلع الرأس وقد شبت فإن أنت أذهبت عني هذا وهذا آمنت أنك الإمام المعصوم، وإن شئت قلت أنك نبي وإن شئت قلت أنك أنت الله. قال : فبهت الحلاج ولم يحر إليه جوابا.[20]
      ولما أقام بالأهواز جعل ينفق من دراهم يخرجها يسميها دراهم القدرة، فسئل الشيخ أبو علي الجبائي عن ذلك، فقال : إن هذا كله مما ينال بالحيلة ولكن أدخلوه بيتا لا منفذ له ثم سلوه أن يخرج لكم جوزتين من شوك. فلما بلغ الحلاج كلام أبي علي الجبائي تحول من الأهواز.[20]
      بعض ما رُوِيَ عن فساد عقيدته
      قال أبو بكر بن ممشاذ: حضر عندنا بالدينور رجل ومعه مخلاة، فما كان يفارقها بالليل ولا بالنهار، ففتشوا المخلاة فوجدوا فيها كتابا للحلاج عنوانه : من الرحمن الرحيم إلى فلان بن فلان. فبعث به إلى بغداد فسئل الحلاج عن ذلك فأقر أنه كتبه فقالوا له كنت تدعي النبوة فصرت تدعي الألوهية والربوبية ؟! فقال : لا ولكن هذا عين الجمع عندنا، هل الكاتب إلا الله وأنا واليد آلة؟ فقيل له : معك على ذلك أحد ؟ قال : نعم، ابن عطاء وأبو محمد الجريري وأبو بكر الشبلي، فسئل الجريري عن ذلك، فقال : من يقول بهذا كافر. وسئل الشبلي عن ذلك فقال من يقول بهذا يمنع. وسئل ابن عطاء عن ذلك فقال بقول الحلاج في ذلك، فعوقب حتى كان سبب هلاكه.[21]
      وحكى ابن كثير أنه قد اتفق علماء بغداد على كفر الحلاج وزندقته وأجمعوا على قتله وصلبه.[22]
      قال أبو بكر الصولي قد رأيت الحلاج وخاطبته فرأيته جاهلا يتعاقل وغبيا يتبالغ وفاجرا يتعبد.[23]
      فتوى ابن تيمية في الحلاج
      سُئِلَ ابن تيمية سؤال نصه "ما تقول السادة العلماء رضي الله عنهم في " الحلاج الحسين بن منصور " هل كان صديقا ؟ أو زنديقا ؟ وهل كان وليا لله متقيا له ؟ أم كان له حال رحماني ؟ أو من أهل السحر والخزعبلات ؟ وهل قتل على الزندقة بمحضر من علماء المسلمين ؟ أو قتل مظلوما ؟ أفتونا مأجورين ؟"
      فأجاب ابن تيمية بالتالي :
      الحمد لله رب العالمين. الحلاج قتل على الزندقة التي ثبتت عليه بإقراره وبغير إقراره ; والأمر الذي ثبت عليه بما يوجب القتل باتفاق المسلمين ومن قال إنه قتل بغير حق فهو إما منافق ملحد وإما جاهل ضال. والذي قتل به ما استفاض عنه من أنواع الكفر وبعضه يوجب قتله ; فضلا عن جميعه. ولم يكن من أولياء الله المتقين ; بل كان له عبادات ورياضات ومجاهدات : بعضها شيطاني وبعضها نفساني وبعضها موافق للشريعة من وجه دون وجه. فلبس الحق بالباطل. وكان قد ذهب إلى بلاد الهند وتعلم أنواعا من السحر وصنف كتابا في السحر معروفا وهو موجود إلى اليوم وكان له أقوال شيطانية ومخاريق بهتانية.
      وقد جمع العلماء أخباره في كتب كثيرة أرخوها ; الذين كانوا في زمنه والذين نقلوا عنهم مثل أبي علي الحطي ذكره في " تاريخ بغداد " والحافظ أبو بكر الخطيب ذكر له ترجمة كبيرة في " تاريخ بغداد " وأبو يوسف القزويني صنف مجلدا في أخباره وأبو الفرج بن الجوزي له فيه مصنف سماه " رفع اللجاج في أخبار الحلاج ". وبسط ذكره في تاريخه أبو عبد الرحمن السلمي في " طبقات الصوفية " أن كثيرا من المشايخ ذموه وأنكروا عليه ولم يعدوه من مشايخ الطريق ; وأكثرهم حط عليه. وممن ذمه وحط عليه أبو القاسم الجنيد ; ولم يقتل في حياة الجنيد ; بل قتل بعد موت الجنيد ; فإن الجنيد توفي سنة ثمان وتسعين ومائتين. والحلاج قتل سنة بضع وثلاثمائة وقدموا به إلى بغداد راكبا على جمل ينادى عليه : هذا داعي القرامطة وأقام في الحبس مدة حتى وجد من كلامه الكفر والزندقة واعترف به : مثل أنه ذكر في كتاب له : من فاته الحج فإنه يبني في داره بيتا ويطوف به كما يطوف بالبيت ويتصدق على ثلاثين يتيما بصدقة ذكرها وقد أجزأه ذلك عن الحج. فقالوا له : أنت قلت هذا ؟ قال نعم. فقالوا له : من أين لك هذا ؟ قال ذكره الحسن البصري في " كتاب الصلاة " فقال له القاضي أبو عمر : تكذب يا زنديق أنا قرأت هذا الكتاب وليس هذا فيه فطلب منهم الوزير أن يشهدوا بما سمعوه ويفتوا بما يجب عليه فاتفقوا على وجوب قتله.
      لكن للعلماء قولان في الزنديق إذا أظهر التوبة : هل تقبل توبته فلا يقتل ؟ أم يقتل لأنه لا يعلم صدقه ؟ فإنه ما زال يظهر ذلك ؟ فأفتى طائفة بأنه يستتاب فلا يقتل، وأفتى الأكثرون بأنه يقتل وإن أظهر التوبة، فإن كان صادقا في توبته نفعه ذلك عند الله وقتل في الدنيا وكان الحد له كما لو تاب الزاني والسارق ونحوهما بعد أن يرفعوا إلى الإمام، فإنه لا بد من إقامة الحد عليهم ; فإنهم إن كانوا صادقين كان قتلهم كفارة لهم ومن كان كاذبا في التوبة كان قتله عقوبة له. فإن كان الحلاج وقت قتله تاب في الباطن فإن الله ينفعه بتلك التوبة وإن كان كاذبا فإنه قتل كافرا. ولما قتل لم يظهر له وقت القتل شيء من الكرامات؛ وكل من ذكر أن دمه كتب على الأرض اسم الله وأن رجله انقطع ماؤها أو غير ذلك فإنه كاذب. وهذه الأمور لا يحكيها إلا جاهل أو منافق وإنما وضعها الزنادقة وأعداء الإسلام حتى يقول قائلهم : إن شرع محمد بن عبد الله يقتل أولياء الله. حتى يسمعوا أمثال هذه الهذيانات وإلا فقد قتل أنبياء كثيرون وقتل من أصحابهم وأصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم والتابعين وغيرهم من الصالحين من لا يحصي عددهم إلا الله، قتلوا بسيوف الفجار والكفار والظلمة وغيرهم ولم يكتب دم أحدهم اسم الله. والدم أيضا نجس فلا يجوز أن يكتب به اسم الله تعالى. فهل الحلاج خير من هؤلاء ودمه أطهر من دمائهم وقد جزع وقت القتل وأظهر التوبة والسنة فلم يقبل ذلك منه. ولو عاش افتتن به كثير من الجهال لأنه كان صاحب خزعبلات بهتانية وأحوال شيطانية. ولهذا إنما يعظمه من يعظم الأحوال الشيطانية والنفسانية والبهتانية. وأما أولياء الله العالمون بحال الحلاج فليس منهم واحد يعظمه ؛ ولهذا لم يذكره القشيري في مشايخ رسالته ؛ وإن كان قد ذكر من كلامه كلمات استحسنها. وكان الشيخ أبو يعقوب النهرجوري قد زوجه بابنته فلما اطلع على زندقته نزعها منه. وكان عمرو بن عثمان يذكر أنه كافر ويقول : كنت معه فسمع قارئا يقرأ القرآن فقال : أقدر أن أصنف مثل هذا القرآن. أو نحو هذا من الكلام. وكان يظهر عند كل قوم ما يستجلبهم به إلى تعظيمه ؛ فيظهر عند أهل السنة أنه سني وعند أهل الشيعة أنه شيعي، ويلبس لباس الزهاد تارة ولباس الأجناد تارة.
      وكان من " مخاريقه " أنه بعث بعض أصحابه إلى مكان في البرية يخبئ فيه شيئا من الفاكهة والحلوى ثم يجيء بجماعة من أهل الدنيا إلى قريب من ذلك المكان فيقول لهم : ما تشتهون أن آتيكم به من هذه البرية ؟ فيشتهي أحدهم فاكهة أو حلاوة فيقول : امكثوا ؛ ثم يذهب إلى ذلك المكان ويأتي بما خبأ أو ببعضه فيظن الحاضرون أن هذه كرامة له. وكان صاحب سيما وشياطين تخدمه أحيانا كانوا معه على جبل أبي قبيس فطلبوا منه حلاوة فذهب إلى مكان قريب منهم وجاء بصحن حلوى فكشفوا الأمر فوجدوا ذلك قد سرق من دكان حلاوي باليمن حمله شيطان من تلك البقعة. ومثل هذا يحصل كثيرا لغير الحلاج ممن له حال شيطاني فكل من خرج عن الكتاب والسنة وكان له حال من مكاشفة أو تأثير فإنه صاحب حال نفساني أو شيطاني. وإن لم يكن له حال بل هو يتشبه بأصحاب الأحوال فهو صاحب حال بهتاني. وعامة أصحاب الأحوال الشيطانية يجمعون بين الحال الشيطاني والحال البهتاني كما قال تعالى : { هل أنبئكم على من تنزل الشياطين} { تنزل على كل أفاك أثيم }. و " الحلاج " كان من أئمة هؤلاء : أهل الحال الشيطاني والحال البهتاني. وهؤلاء طوائف كثيرة؛ فأئمة هؤلاء هم شيوخ المشركين الذين يعبدون الأصنام مثل الكهان والسحرة الذين كانوا للعرب المشركين، ومثل الكهان الذين هم بأرض الهند والترك وغيرهم. فالحلاج كان من الدجاجلة بلا ريب ; ولكن إذا قيل : هل تاب قبل الموت أم لا ؟ قال الله أعلم ; فلا يقول ما ليس له به علم ; ولكن ظهر عنه من الأقوال والأعمال ما أوجب كفره وقتله باتفاق المسلمين . والله أعلم به.[24]
      الحلاج في الأدب العربي المعاصر

      قناع الحلاج يوظّف بشكل واسع في الشعر العربي المعاصر منذ ستينيات القرن العشرين، مثلا، في أعمال عبد الوهاب البياتي[25] وصلاح عبد الصبور[26] وأدونيس.[27] ومحمد لطفي جمعة ونجيب سرور.[28] غنى من أشعاره الفنان مارسيل خليفة وكاظم الساهر وبشار زرقان وظافر يوسف. كما كتب عنه الكاتب والمسرحي الكندي كريم الراوي مسرحية مدينة السلام حيث عرض فيها هي قصة حياته وإعدامه بتهمة الزندقة.
      مرقده في بغداد

      بني مرقد لهُ في بغداد، وتبلغ مساحته 150 متر مربع، ولقد تم إعادة بناء مرقد الشيخ منصور الحلاج الواقع في جانب الكرخ من بغداد وتم تجديده عام 2005م، من قبل ديوان الوقف السني في العراق.

      تعليق

      يعمل...
      X