فيضان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فيضان

    .فيضان.
    ابوشيماء كركوك.

    قبل اطلالة الصباح بأنواره الصادقة، عينا أبي غادرت من أحلام النوم ،
    صدى كلماته تذكرني
    - ياأحمد : عينا الرجل ك الذئب ،ينام عينا ويغمض عينا
    بني أحمد : الذئاب تبول على الكلب الذي تطلع عليه الشمس
    وجع أبي يعلوه القلق ،لم أعهده خائفا أو توقفه الصدمات ، صوت المذياع بث الفزع بين الناس من دخول شر قادم،
    التلفاز ينقل المعركة من منطقة الى أخرى
    والناس لا تجد طريقا للهروب مهما حاولت الصعود الى أعلى السطح او الركض
    ان المصير واحد ،هو حضن سيول الماء الغاضبة الأتية من تحطم السدود
    صفحات العمر توالت ك أنفاس مسرعة هاربة من شبح قادم
    بات طولي قريبا من طول العزيزة أمي
    عيناك أجمل من باحتنا الخضراء التي تحمل على جنباتها أشجارا وأزهارا تفوح عطورا
    تفوح وجناتها ألقا
    قصص البلابل في زوايا بيتنا ،والعصافير تحاكيها من أعلى الأشجار
    وابتسامة أمي ندى على وجوهنا ونحن نسمع حنان الحمام الذي يعافس الأشجار،
    تسمع أمي وتهلهل خدها ،انتي الأجمل
    كلما أسمع أغنية ماأروعك وأضع عليها رائحة الحناء لتكون أجمل على ابتسامتها
    وجه أبي تتقلب فيه الأمواج وأسمع طقطقات أصابعه القاسية، يريد ان يهز جدار البيت وصمته يزيد الجو لهيبا
    عينا أبي تحاكيني رغم الحواجز التي بينها ،أتخيل ألوان ثوب أمي غير متناسقة من البودقة المرسومة في عينيه
    ولكن حبها يحرق الأحلام الآتية من الخيال
    و حبها يكسر كل الظنون ويجعلها أميرة على قلبي
    اعتصر ك طفل مكشوف الرأس تحت نهار صيف شمسه تقاربت وكادت تلامس الأرض
    أتصبب عرقا وحرقة الروح والقلب خوفا علي كأس الماء الذي تحمله أمي ينكسر
    فيه جنة بيتنا وكركراتنا وغنائنا ودعاباتنا ،
    أتتعاشق الأفكار أم ان غيمة سوداء غطت الأبصار ،وداخلها لاتملك شيئا سوى بالونة ثقبت وولت صاعدة الى السقف ثم تهاوت الى الأرض،
    في المدرسة كانت السبورة صديقتي ، والمدرسون يحبون اسمي ،وعيونهم تتأمل صورتي ،يرون نجاح رسوماتهم في فرشاتي وأصباغي
    لكن طرق السندانة بسياط الهموم ،جعل
    ضياء شمعتي بالكسوف شيئا فشيئا وخطوط البسمة أصبحت لاترى وصوتي أحب الخلوة والنظر من بعيد خوفا أن تندلق كلمة أندم على حروفها
    - ابو احمد : ارى الدنيا أثقالها على كتفيك
    هكذا أنادي أبي أحيانا
    - الرياح تخترق الشراع ويكاد يقع
    غطاء كلماته بشراع أسود ولكن الثقوب تبدي شيئا حزينا ، تجعتل شكوكي تنظر خلف حيطان غرفة أمي
    والغصة واضحة بلا طعام ولاشراب ،يد أمي تضرب على كتفي أتألم من شدتها والهاجس على لساني أوجع
    يقطع أوصال الشرايين وأخاف من جريان الدم الذي يحمل الكلمات
    باتت غياباتي واضحة في المدرسة، وتاريخ نجاحاتي يشفع لي عند أساتذتي
    وخطواتي تفتش عن ضالتها وعيوني تراقب بيتنا والطريق
    وادعوا الله أن يكون الأمر أوهاما ،
    بدأت تشق خطواتها الى خارج البيت والموبايل يحاكبها ،
    وألوان خطت على وجهها الأبيض والأخضر يتوسطها يزيدها ألقا
    أقدامها تدوس على قلبي الذي يرتجف من شدة الافكار السوداوية ،
    أسمع توسلات تخرج حروفها من صدري ، تستغيث، لعل الصورة سراب
    أبوح السر لأبي أم أجعل سكينته تمزق أحشائي ،ويطفىء عيوني التي كانت تفتخر
    تكسرت كل قيود أيام الطفولة ،ونسيت اسمي وعنواني وكتبي ،
    حتى عيوني التي كانت بخيلة في الدموع ،انهمرت بمصراعيها
    بت كالمجنون يخترق
    الحواجز ،دخلت البيت وعطرها أرشدني الى غرفة عشيقها ،
    وأدخلت السكينة الطويلةالتي سحبتها من القصاب في جسد الرجل التي وجدت طريقها الى صدر أمي
    وفجأة وجدت أبي يأخذني الى صديقه في الخارج ،
    ماهكذا يابني تورد الأبل ،صبر وتأمل وتجعلها في أسفل النهر كي لاتحدث الخسائر
    كان أبي يحمل الفراش الى الأعلى ويدي الناعمتين أساعده في حمل الأشياء الخفيفة
    أحمل سبورتي ودفاتري ولعبي
    - لماذا نحمل الأغراض الى الأعلى؟
    - ربما يأتينا زائرا يسرق الهواء أو يخطف أمك
    ويضع الأطفال في خزينته ،وعلى ظهره مرتعا للكبار
    أتذكر كلماته وتمنيت أسافر مع الماء الناصع البياض
    هموم تعصف على منكبيك ،تجعل أقدامك تطبع آثار الأسى على التراب،
    أخوفا من اخوتها وأنت وحيد ،أم عشقك لها جعل تيار ماء النهر يجري عكس الاتجاه
    أشواق الحب التي تغلغلت في دمك جعلتك هائما لاترى سواها
    لاتسمع أصداء الأصوات التي تبين خطوط الحديقة الجميلة
    وتترنم بأغنيتها التي طبعتها على روحك
    وجعلت من قلبك مرتعا لها ،خاطت عليه خيوط العنكبوت وربطتك في عالمها ، لاتعرف لغات العالم ،
    جعلت جسدي تمزقه حرارة الشمس وتدفعه الرياح من كل صوب من أجل عينيك ،
    وعطرك لاأبدله بالجنات ،وأنتي ترسلين عيونك الى البعيد،
    - أحمد: أرى وجهك لايلتفت الى حديقتنا
    هكذا كان يخاطبني أبي
    قررت السفر الى الخارج وأبدأ ابجدية حروف جديدة
    - اجعلنا نفتخر بك واصرف صورة الماضي وارسم لوحة جديدة يعلوها الأمل
    جراح ملأتي جسدي وداخلي ،سهام محشوة بالسموم التي تجرعتها من قصص وعيون الجيران
    أضيع في بلاد الاغراب وأرمي تاريخ أمي في البحر لعل الملح يطهر ثوبها
    ولكن فراق أبي القابع في سرير السجن الذي يتنفس خوفا على سفري الى البعيد
    رحلت في سفر بعيد ،لعل جيرانها
    يضعونها ضيفة كريمة حتى أصل اليها وأقبل يديها.
    ابوشيماء كركوك.
يعمل...
X