الحكاية الشعبية ترويها الجدّات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحكاية الشعبية ترويها الجدّات

    الحكاية الشعبية ترويها الجدّات
    • غسان علي


    القنيطرة
    «كان ارتباط حكايات الجدّات، التي ترويها للأطفال على أنوار الفانوس، أو نور الكاز، أو على ضوء القنديل، بمسألة النوم ارتباطاً وثيقاً».

    بحسب رأي الأديب والشاعر "فيصل المفلح"، في حديث لموقع equnaytra (يوم الأحد 14/9/2008) مضيفاً: «لم تكن العائلة تملك تلفازاً، وكان على الأسرة أن تجد الوسائل لتمضية الوقت بعد المساء، فيدور الحديث، وغالباً ما تتولى الجدّات إعادة القصص الشعبية مما تحفظه ذاكرتها. وتعود بداية أدب الأطفال الى القصص التي احتفظت بها ذاكرة الزمن، لتسهم بنصيب كبير، في نقل تراث البشرية وخبراتها، من جيل الى جيل آخر، حيث كانت مادة الحياة، سواء رويت للكبار أو للصغار أو حكيت للصغار، وسيلة لتقاسم الخبرة والتعليم، ولون من ألوان الإمتاع والمؤانسة. وهنا لا بد من التوجه للتطور، الذي أحاط بجميع جوانب الحياة عند الإنسان، فقد تطورت الحكايات، لتصبح هي الأخرى جزءاً من مادة الحياة، ووسيلة اتصال أساسية للبشرية، وسبيل إمتاع الأجيال المتعاقبة، لنقل الأفكار والقيم الروحية، والمثل ومستويات السلوك والتقاليد، وذلك ما أخذت تعمل عليه الدراما العربية التلفزيونية، في استلهامها للحكايات التاريخية واعدة إحيائها من جديد، في قالب آخر. وتعتبر الحكاية الشعبية من أقدم أنواع الأدب، وتعرف بأنها قصص حقيقية أو خيالية، ينسجها الخيال الشعبي للمجتمع، ويورثها الآباء للأبناء، تحمل ملامح المجتمع، وعاداته وتقاليده وأعرافه ومعتقداته. تتميز الحكاية الشعبية، ببعض الخصائص الرئيسية التي تميزها، حيث إنها تنتقل من جيل الى جيل، عن طريق الرواية الشفوية، بواسطة الراوي أو الحكواتي، وكثيراً ما اشتهرت جلساتنا الشعبية في الأحياء، والمدينة والقرية، بمثل هؤلاء الرواة الذين كانوا يروون حكايات "عنترة"، وتغريبة "بني هلال"، أو "الزير سالم"، حيث كان الراوي يرددها، حسبما تسعفه ذاكرته، وكثيراً ما كان يضاف إليها أو يحذف منها، وربما يحكيها كما سمعها. وللحكاية الشعبية، صفة العالمية، فتجد الحكاية الواحدة منتشرة في كثير من بقاع العالم، بما فيها حكايات الجدّات.
    إن الكثير من القصص الشعبية الأوروبية، لها أصول شرقية، وذلك نتيجة الحملات الاستكشافية، والاستعمار الأوروبي للبلاد العربية، وتتسم الحكاية الشعبية بالمرونة والحرية ومسايرة العقول والأمزجة، والمواقف، وتتميز كذلك بالعراقة والأصالة، والصدق ، فكثيراً ما ترتكز القصة الشعبية على أساس من الحقيقة تبدأ منه، وعلى الرغم من ذلك نجد أنه ليس لها موقف معروف، وقد يستخدم فيها الرموز في التعلم غير المباشر

    لكن الملاحظ أن هذه الحكايات تكتسب في كل مكان مزايا جديدة وإضافات مختلفة، تطبعها بطابع ذلك المكان، وتضاف إليها بعض المؤثرات التي تلائم كل بلد، فتصبح كأنها حدثت فيه. وقد تتعرض الحكاية الشعبية الى التحريف، والتغيّر في المكان والزمان والشخصيات، ولكن يبقى بناؤها الأصلي ثابتاً وكذلك جوهرها».


    فيصل المفلح

    بدوره قال "إبراهيم السعيد" أستاذ اللغة العربية: «إن الكثير من القصص الشعبية الأوروبية، لها أصول شرقية، وذلك نتيجة الحملات الاستكشافية، والاستعمار الأوروبي للبلاد العربية، وتتسم الحكاية الشعبية بالمرونة والحرية ومسايرة العقول والأمزجة، والمواقف، وتتميز كذلك بالعراقة والأصالة، والصدق ، فكثيراً ما ترتكز القصة الشعبية على أساس من الحقيقة تبدأ منه، وعلى الرغم من ذلك نجد أنه ليس لها موقف معروف، وقد يستخدم فيها الرموز في التعلم غير المباشر». ويضيف "السعيد": «الهدف من الحكاية الشعبية، تأصيل القيم والعلاقات الاجتماعية، وكل حكاية يجب أن تنطوي على معنى أو نمط سلوكي، تريد أن يتحقق، أو آخر تريد له أن ينبذ، كمساعدة الضعيف والفقير والطيب، وانتصار الخير وهزيمة الشر، واستعمال الذكاء ونبذ المكر والحيلة، والحث على تعلم الفضائل مثل التواضع، والحنان والصدق والصبر وغيرها. والحكاية الشعبية يجب أن تؤدي دوراً كبيراً في حياة المجتمعات، والأسرة التي تعتبر اصغر خلية في المجتمع، وتلعب دوراً هاماً، في إنماء البنية الثقافية الشعبية، كما تعتبر من أهم الوسائل، التي تساعد الطفل على تفهم وتقبل ثقافة جماعته، وإكسابه الثقة بنفسه، وهذا الدور كان من أهم الأدوار التي لعبتها الجدّات والأمهات، في رواية القصص الشعبية لأحفادهم، هذا هو عالم الحكاية الشعبية، في عموميته».

    الطفلة "نرجس" تتذكر الكثير من الحكايات، التي كانت ترويها لها أمها وجدتها قبل الذهاب الى النوم، مثل قصة "الثعلب الماكر" وحكايات أيام زمان، وتعاون أهالي الحي في مساعدة بعضهم بعضاً في أوقات الحصاد وجني المحصول، وفتح الطرقات التي يغلقها الثلج، ومساعدة كبار السن في أيام الشتاء والثلج.


    ابراهيم السعيد

    السيد "عطا الشعار" يقول: «على أيامنا لم يكن يوجد كهرباء ولا تلفاز، وكان ميسور الحال من يمتلك جهاز راديو، هذا الوضع جعلنا نلتف حول أمهاتنا أو جدّاتنا، اللواتي كن يسردّن لنا القصص الشعبية، والحكايات المروية المنقولة، عن كبار السن، وفي هذا المجال أتذكر الكثير من السهرات التي كانت جدّتي تروي لنا قصص "عنترة" أو تغريبة "بني هلال" والكثير من الحكايات الشعبية، المشوقة، وفي كثير من الأحوال كنا نسبب الضجر لجدّتي أو لامي، من كثرة طلب إعادة رواية القصة، التي تعجبنا، اليوم لا احد من الأولاد يطلب مني أن أقصّ له ولو حكاية صغيرة، نظراً لانتشار التلفاز والستلايت، الذي اخذ دور الأب والأم والجدة والصديق والراوي، ولم تكن القصص التي ترويها لنا أمهاتنا سرداً من دون فائدة، بل كانت تحمل في مضامينها الكثير من القيم، والعادات الجيدة التي ورثناها عن أجدادنا، وبدورنا نورثها لأولادنا».


    عطا الشعار
يعمل...
X