التشكيلي محمود الجوابرة صيغ بصرية تنتظم بتنوعها وغناها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التشكيلي محمود الجوابرة صيغ بصرية تنتظم بتنوعها وغناها

    محمود الجوابرة يقارب الرموز الأسطورية وإشكالاتها المحتملة


    عالم واسع لأصوات وشخوص هاربة من المكان إلى اللامكان.
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	c3_0.jpg 
مشاهدات:	15 
الحجم:	139.8 كيلوبايت 
الهوية:	27126
    التاريخ وأساطيره بريشة الجوابرة

    يستدعي الفنان التشكيلي محمود الجوابرة الزمن الماضي ليقتبس منه رموزا أسطورية تمكنه من خلق مشاهد تراوح بالذاكرة بين المكان واللامكان، وتكون فيها الألوان كأنها سر من أسرار الكون تجذب المتلقي ليبحث في استراتيجية الفنان.

    بداية نقول بأن محمود الجوابرة المولود في 1950 بمحافظة درعا هو راوي تغريبة مازالت تسبر الجهات، ومازال هو جزءا منها، يتحرك فيها بما له من زمن معلوم وبلغة معلومة، فيؤسس علاقاته معها في مقاربتها جمالياً وتاريخياً، ويذهب فيها بوسائط ترجع وصولها إلى حقائق بحثه ومراجعه بمعطياتها وإحداثياتها والأسباب الموجبة ذاتها.

    وهو يأخذ من صفات السرود البصرية ما تلامس مسارات حكاياته تلك ونبضها، وتتملكه على نحو دائم الرغبة التي لا تقاوم في أن يروي الحكايات الأكثر قدرة على التأثير فيه وفي متلقيه معاً، فهو يخلص لجوهرها كما شكلها، إذ يقدمها كمبادرات متحررة في صور أكثر دقة سُوّقت بنجاح مرموق.
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	c1_84.jpg 
مشاهدات:	14 
الحجم:	174.9 كيلوبايت 
الهوية:	27127
    ومن المفيد أن نأخذ بعين الاعتبار مكانة حكايات محمود الجوابرة وأفكارها بإشكالياتها الكثيرة في السياق العام؛ فالجوابرة مسؤول عما يتوافر من صيغ بصرية تنتظم بتنوعها وغناها في سرود غير متفق عليها، وحده يواجه تعقدها وصعوبتها مهما غضبت منه الفضاءات أو رفضت أفكاره، فهو يجد أمامه سلسلة أسئلة طرح بعضها بحثاً عن خصوصياته النوعية، وبالتالي عن خصوصياته هو في صيغها الحكائية الفنية، وطرح بعضها الآخر للإجابة عنه داخل اتساع الثقافات الآتية من التاريخ وأساطيره وما يقتضي القيام به حتى يفهم مشروعه وتفاصيل نصوصه
    ويمضي الفنان بخياره السردي وبجهد إبداعي متميز نحو استبطان الأعماق، فيغوص في كثافات البنية الجمالية وطبقاتها المتداخلة لسبر حقائقها التي كثيراً ما تختبئ خلف قوالب مقاماتها التي صمدت طويلا بعناصرها المتوحدة والمغتربة في الوقت ذاته، ضمن العمليات الجديدة من إنتاج وإعادة إنتاج الشكل بما يحقق وظائف مغايرة قد تؤدي إلى تقوية الحدود الفاصلة بين أنظمته السردية الكاشفة لرؤيته الدقيقة بوصفها الثمرة الكاشفة لحركة تمازجه المقترنة بالنظرة غير السائدة والمهيمنة على مشهده الإبداعي.

    ومن الضروري أن نشير إلى صحوة الجوابرة وتطلعه إلى أفق جديد بتقنياته الخاصة، ساعياً لتحقيق قيم جمالية لها مغزاها وأهميتها، لها لحظاتها وألوانها، وله أدواته التعبيرية بشعوره الملح بالانعتاق من الخوف الراقد بهدوء في حركة فرشاته، والخروج من مسامات مبهمة للتحديق في البعيد باحتمالاته الكثيرة، فهل يتوفر له حينها ما يملأه ثقة وطمأنينة؟

    ما يبقي في أعماقه مخزوناً يؤكد على استمراريته مهما كان حجم التعب وعذاباته، ويؤكد أن المؤثرات الآنية لن تدس في ملامح تجربته، فالنبضات التي تتسارع على فضاءاته قادمة من روح انتماءاته الذاتية والجمعية، وستكون جواز سفره بها يغزو البياض أكثر.
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	c1_84.jpg 
مشاهدات:	14 
الحجم:	174.9 كيلوبايت 
الهوية:	27128
    تقنيات خاصة في تطويع الألوان

    ويتعامل محمود الجوابرة مع ألوانه وكأنها سر من أسرار الكون، فيجمع ما فيها من مؤثرات ورموز محرضاً بها إبداعاته، ومشكلاً مقاطعه البصرية بتشكيلات كل ما فيها تفاعلات بين لمسات الألوان ودفئها حين ترجع إلى حساسيتها وروحها وبين تراكماتها التاريخية ضمن متغيرات دائمة، وهنا تكمن فلسفته ومبررات وجودها، وتكمن معزوفته التي تمتلئ برائحته وبذاكرة يقظة تزحف إلى المداخل كلها، وإلى حواف جعلته أكثر قرباً من نفسه، وهنا قد تكمن أزمنته أيضاً فيمتص كل دقائقها وكل زحامها.

    ولأهميتها الغنية يحشد الرسام المساحات الواسعة بها وبما تناثر منها من الحيوية والانفعالات والبقع الضوئية ويمنحها امتدادات داكنة فيها من التوتر على قدر ما فيها من السكينة، فهو الفنان المتخمر تجربة وبحثاً عن أجوبة لأسئلة كانت تنعش خصوصية إمكانية وصوله في هذا الطريق الطويل الذي تمتد رائحته في الروح فتلونه بالمشاعر كافة وبأحاسيس تنتشر فيها كالنار في الهشيم، وهو كمغترب يلتقي بتراب يحضن والديه منذ عقود كثيرة، وهو الطريق الذي يقبل أوراق التأمل لتعشعش في قدرته البصرية وما يشغلها من تفاصيل اللوحة واحتمالات صياغتها وهي تحمل جذورها في الأزمنة كلها، بقدر ما يقبل أوراق الحياة وزخمها وما لها من علاقات بالقيمة المعرفية ذاتها.
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	c4_3.jpg 
مشاهدات:	16 
الحجم:	172.7 كيلوبايت 
الهوية:	27129


    عالم محمود الجوابرة الذي يمارس فيه مواجهاته عالم واسع وكبير جداً، فيه يرسل روحه في جسد لوحته لتحمل عنه البعض من خباياه أو مما تركه معلقاً في المداخل، في أصوات هاربة من المكان إلى اللامكان دون جوازات سفر، ودون أذونات وقتية، فكل تفاصيله إسقاطات غير واعية من الضروري مزجها بخيوط حسية أو تفاعلات إنسانية تساعده في الرجوع إلى حركته الأساسية بمقاطعها المرتبطة بصرياً بما وراء الواقع، وهذه حاله على امتداد تجربته، ويتعامل مع ذلك بطريقة جديدة هي وليدة رحلته الطويلة.

    ويرتقي الجوابرة بعملياته الجمالية وتنويعاتها المختلفة وعبر تحديدات لبعض مفاهيمه الأساسية نحو تشكيلات غير هجينة، لكن ممزوجة بأساطير الأقدمين، ويتخذ من بعض مفرداتها -كالثور مثلاً- مرتكزاً لوجهته وداعماً لتعبيره الخاص ولإدراكه للحالات الداخلية وما تثيره من انفعالات في مجاله الإدراكي، وداعماً أيضاً لاستخداماته في تقصي الأساليب المعرفية التي يهتم بها.
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	c5_2.jpg 
مشاهدات:	9 
الحجم:	138.0 كيلوبايت 
الهوية:	27130
    وهي أساليب تهدف إلى جذب المتلقي وجره نحو استراتيجيات الرسام والاستمتاع بها، وهذا نوع جديد من التفكير والتحريض عليه، والاتفاق بينهما يشجع على الإبداع خلقاً وقراءة، فالجوابرة يقارب الرموز الأسطورية وإشكالاتها المحتملة بجملة حساسيات جمالية لافتة محققاً ولادات لأنماط تعبيرية لها كل قيمها المعرفية والإبداعية.

    والجوابرة يقارب رموزه أيضا بوصفها اقتباسا لزمن مضى أشبه بحلم، كاشفاً خصوبتها في خلق مشاهد لها مساراتها الخاصة، ولها ما يستثمره في خلق جديد يتجاوز آفاق الفعاليات الذهنية وانزياحها؛ وعليه فإن الرسام يتلقى الإشارات البصرية من جهة ما، أو لنقل من موروث ما وينقلها إلى فضاءاته، تساوره في ذلك الرغبة في معرفة الأصل وفي تحقيق إمكانية الاقتباس المباح والمتاح للوصول إلى علاقات دقيقة تجمع المكان بالزمان، وباحتمال لمدلولات كثيرة تمضي جميعها نحو جهات مغايرة.

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	c2_15.jpg 
مشاهدات:	16 
الحجم:	108.5 كيلوبايت 
الهوية:	27131
    الجوابرة يتعامل مع ألوانه وكأنها سر من أسرار الكون، فيجمع ما فيها من رموز محرّضًا بها إبداعاته


    وثيمة الثور هي إحدى أهم ثيماته، وأحد أهم كائناته التي تسكن مشهده البصري، وهي ذات الأثر الأهم في تأسيس علاماته المطمورة في مساره الفني، فهي بالمحصلة ثمرة من العلائق الممكنة وغير المعزولة بين الذاكرة القريبة بمخزونها الريفي، والذاكرة البعيدة بمخزونها الميثولوجي، والتي ستشكل بتزاوجهما رؤيته في سبر الواقع، ورؤياه في سبر قصص الأولين فينتج لديه نص مختلف ومتباين بكل دلالاته، وإن بدرجات متفاوتة من الوضوح، سعياً لإبراز مكامن الارتكاز في تراكيبه بعيداً عن أي التباس قد يحبطها دلالياً؛ فما الإشارات والإحالات إلا عناوين لتحريك مسارات تجربته بآليات غير قابلة للحسم من داخل النص وبلورة ذلك ميتافيزيقا ومنحها نقاط التلاقي من منطلق الإخضاع الكامل للاختزال واستدعاء كل علامات الاستفهام حولها بلغة غير اعتيادية، ومنغمسة في بحار ألوان غير اعتيادية، وتحمل معرفة غير اعتيادية من أعماق غير اعتيادية، فقدوم عمليات الخلق حافل بالأسئلة وبلحظات العطش حين ينتزع من جذور تربة غير اعتيادية.
يعمل...
X