تويت
الميكانيكا الإحصائية - لودفيج بولتسمان .. الديناميكا الحرارية - حرارة المادة - من ١٨٤٨ إلى ١٩١٤
الميكانيكا الإحصائية
لودفيج بولتسمان
قد يكون السبب الآخر لانسحاب كلاوزيوس من المعركة هو أن كثيرين من الناس كانوا ما يزالون يشككون في وجود الذرات بشكل حقيقي، أن لابد أن توضع الذرات في الاعتبار عند التفسير الجزيئي للأنتروبيا . غير أن بولتسمان كان مستعدا لتولي هذا الأمر. وقد كتب « إنني واع تماما بأنني فرد أواجه، رغم ضعفي، بصعوبة تيار الزمن (9) . وقد استخدم بولتسمان التحليل الإحصائي، باعتبار الغاز تجمعا للدقائق، ليثبت أن الأنتروبيا هي تعبير عن الاتجاه الطبيعي للنظام في بحثه عن أقصى حالات اللانظامية.
ولا يبدو أن اللانظام ظاهرة عامة، فكلنا يعرف ما يحدث عندما نلقي بكومة من الورق. كما أننا يمكن أن نتخيل ما يحدث حين ندفع عمودا بقوة داخل كومة من الريش، لكن ليس واضحا لماذا يجب أن يكون اللانظام اتجاها طبيعيا». وقد أوضح بولتسمان أن حالة اللانظام هي الحالة الطبيعية لأنها الحالة ذات الاحتمالية الأعلى.
ولنأخذ مثالا من مجموعة أوراق اللعب (الكوتشينة الجديدة المرتبة ترتيبا دقيقا تبعا للون والعدد . فبمجرد فض غلافها وخلطها تصبح على درجة معينة من اللانظام. وكلما خلطت الأوراق أكثر أصبحت درجة اللانظام أكبر. ولا يحدث ذلك لأنه من المستحيل أن ينتهي الأمر بأوراق اللعب مرتبة ترتيبا دقيقا تبعا للون والعدد بعد تكرار خلطها، ولكن لأن احتمال حدوث ذلك حوالي واحد في كل عشرة ملايين تريليون مرة (أي من غير الوارد حدوثه). وعلى العكس، فإن أفضلية أن تكون مجموعة أوراق اللعب على درجة من العشوائية هي فرصة واحدة في كل مرة (أي كل خلط سيأتي بمجموعة غير مرتبة) .
كانت بصيرة بولتسمان في أنه اكتشف الشيء نفسه للذرات. فهناك بعض الترتيب في نظام مبرد، وعند الصفر المطلق، وفي بلورة مثالية، فإن كل شيء متجمد في مكانه، والأنتروبيا = صفر . وقد تعرف والتر ترنست على هذا الصفر وقدمه للكيميائيين كبداية لحساب خواص الديناميكا الحرارية، وكقانون ثالث للديناميكا الحرارية. لكن مع كل إضافة للطاقة تزداد الأنتروبيا . وبالتحديد فقد أوضح بولتسمان أنه إذا كانت W هي عدد الطرق المختلفة التي يمكن أن تتوزع بها المجموعة، فإن الأنتروبيا ؟ لابد أن تتناسب مع لوغاريتم هذا العدد : S = klogW . ومع أن أحد مبادئ هذا الكتاب أن روح تاريخ الكيمياء يمكن إدراكها من دون معالجات رياضية، إلا أننا نقحم هذه القطعة الرياضية هنا لسبب تاريخي قوي، فالمعادلة S klog محفورة على شاهد القبر بولتسمان .
ظن الكثيرون من الحرس القديم أن تحليل بولتسمان ليس إلا مناورة رياضية مسلية وليس أكثر. ويرجع بعض المؤرخين انتحار بولتسمان، وهو في سن 62 إلى الإحباط الذي أصابه برفض إنتاجه . غير أن بولتسمان ظل لمدة طويلة يتعرض لأمزجة تتأرجح بين التيه والعجب من ناحية، والاكتئاب من ناحية أخرى، الأمر الذي كان ينسبه بولتسمان المولده في الساعات الأخيرة لثلاثاء المرفع آخر ثلاثاء قبل الكرنفال - الصيام) . ولو قدر له أن يعيش بضع سنوات أخرى لرأى كيف تقبل الناس أفكاره، وكما هي الحال دائما ، فقد تقبله وقام بدعمه العلماء الشبان في عصره. واليوم يدرس كل طالب يتخصص في الكيمياء المعالجة الإحصائية للديناميكا الحرارية (العلم الذي يسمى الآن الميكانيكا الإحصائية).
ولو قدر لبولتسمان أن يعيش لاستمتع برؤية أحدهم يتخذ طريقا موازيا لطريقه، إلا أنه كان على تخوم أخرى غير العلم. فقد كان الأوروبيون ما زالوا يعتقدون أن الولايات المتحدة يقطنها في الأغلب الدببة ولابسو جلود الدببة (فراء الدببة) . وكان بولتسمان نفسه يحط من قدر الولايات المتحدة في أحاديثه قائلا عنها الدورادو (*)، وبينما كان الأوروبيون عاكفين على حل معضلات الآلة البخارية والغازات وعلاقة كل ذلك بالكيمياء (ربما يكون القارئ يعاني من المعضلات نفسها) ، ظهر جوشيا ويلارد جيبس في الولايات المتحدة.
الميكانيكا الإحصائية
لودفيج بولتسمان
قد يكون السبب الآخر لانسحاب كلاوزيوس من المعركة هو أن كثيرين من الناس كانوا ما يزالون يشككون في وجود الذرات بشكل حقيقي، أن لابد أن توضع الذرات في الاعتبار عند التفسير الجزيئي للأنتروبيا . غير أن بولتسمان كان مستعدا لتولي هذا الأمر. وقد كتب « إنني واع تماما بأنني فرد أواجه، رغم ضعفي، بصعوبة تيار الزمن (9) . وقد استخدم بولتسمان التحليل الإحصائي، باعتبار الغاز تجمعا للدقائق، ليثبت أن الأنتروبيا هي تعبير عن الاتجاه الطبيعي للنظام في بحثه عن أقصى حالات اللانظامية.
ولا يبدو أن اللانظام ظاهرة عامة، فكلنا يعرف ما يحدث عندما نلقي بكومة من الورق. كما أننا يمكن أن نتخيل ما يحدث حين ندفع عمودا بقوة داخل كومة من الريش، لكن ليس واضحا لماذا يجب أن يكون اللانظام اتجاها طبيعيا». وقد أوضح بولتسمان أن حالة اللانظام هي الحالة الطبيعية لأنها الحالة ذات الاحتمالية الأعلى.
ولنأخذ مثالا من مجموعة أوراق اللعب (الكوتشينة الجديدة المرتبة ترتيبا دقيقا تبعا للون والعدد . فبمجرد فض غلافها وخلطها تصبح على درجة معينة من اللانظام. وكلما خلطت الأوراق أكثر أصبحت درجة اللانظام أكبر. ولا يحدث ذلك لأنه من المستحيل أن ينتهي الأمر بأوراق اللعب مرتبة ترتيبا دقيقا تبعا للون والعدد بعد تكرار خلطها، ولكن لأن احتمال حدوث ذلك حوالي واحد في كل عشرة ملايين تريليون مرة (أي من غير الوارد حدوثه). وعلى العكس، فإن أفضلية أن تكون مجموعة أوراق اللعب على درجة من العشوائية هي فرصة واحدة في كل مرة (أي كل خلط سيأتي بمجموعة غير مرتبة) .
كانت بصيرة بولتسمان في أنه اكتشف الشيء نفسه للذرات. فهناك بعض الترتيب في نظام مبرد، وعند الصفر المطلق، وفي بلورة مثالية، فإن كل شيء متجمد في مكانه، والأنتروبيا = صفر . وقد تعرف والتر ترنست على هذا الصفر وقدمه للكيميائيين كبداية لحساب خواص الديناميكا الحرارية، وكقانون ثالث للديناميكا الحرارية. لكن مع كل إضافة للطاقة تزداد الأنتروبيا . وبالتحديد فقد أوضح بولتسمان أنه إذا كانت W هي عدد الطرق المختلفة التي يمكن أن تتوزع بها المجموعة، فإن الأنتروبيا ؟ لابد أن تتناسب مع لوغاريتم هذا العدد : S = klogW . ومع أن أحد مبادئ هذا الكتاب أن روح تاريخ الكيمياء يمكن إدراكها من دون معالجات رياضية، إلا أننا نقحم هذه القطعة الرياضية هنا لسبب تاريخي قوي، فالمعادلة S klog محفورة على شاهد القبر بولتسمان .
ظن الكثيرون من الحرس القديم أن تحليل بولتسمان ليس إلا مناورة رياضية مسلية وليس أكثر. ويرجع بعض المؤرخين انتحار بولتسمان، وهو في سن 62 إلى الإحباط الذي أصابه برفض إنتاجه . غير أن بولتسمان ظل لمدة طويلة يتعرض لأمزجة تتأرجح بين التيه والعجب من ناحية، والاكتئاب من ناحية أخرى، الأمر الذي كان ينسبه بولتسمان المولده في الساعات الأخيرة لثلاثاء المرفع آخر ثلاثاء قبل الكرنفال - الصيام) . ولو قدر له أن يعيش بضع سنوات أخرى لرأى كيف تقبل الناس أفكاره، وكما هي الحال دائما ، فقد تقبله وقام بدعمه العلماء الشبان في عصره. واليوم يدرس كل طالب يتخصص في الكيمياء المعالجة الإحصائية للديناميكا الحرارية (العلم الذي يسمى الآن الميكانيكا الإحصائية).
ولو قدر لبولتسمان أن يعيش لاستمتع برؤية أحدهم يتخذ طريقا موازيا لطريقه، إلا أنه كان على تخوم أخرى غير العلم. فقد كان الأوروبيون ما زالوا يعتقدون أن الولايات المتحدة يقطنها في الأغلب الدببة ولابسو جلود الدببة (فراء الدببة) . وكان بولتسمان نفسه يحط من قدر الولايات المتحدة في أحاديثه قائلا عنها الدورادو (*)، وبينما كان الأوروبيون عاكفين على حل معضلات الآلة البخارية والغازات وعلاقة كل ذلك بالكيمياء (ربما يكون القارئ يعاني من المعضلات نفسها) ، ظهر جوشيا ويلارد جيبس في الولايات المتحدة.
تعليق