ميخائيل فارادای - المعهد الملكي .. الكيميائي المحترف
ميخائيل فارادای
ولد ميخائيل فاراداي في ريف كثير التلال في منطقة سورى بعد أكثر من عشر سنوات بقليل من مولد معلمه ديفي. وكان والد فاراداي حدادا معتل الصحة بصورة دائمة. لكن الأسرة كانت تتلقى دعما من مجتمع طائفتهم المسيحية المعارضة (الساندمانيين). تخلى والده أخيرا عن ورشة الحدادة مع زوجته وأبنائه الأربعة والارتحال إلى لندن للبحث عن عمل.
توفي الأب عندما كان فاراداي في سن 18، وأجرت زوجته غرفتها من البيت . أصبح أخوه الأكبر حدادا مثل والده، أما فاراداي فقد صار صبيًا في محل تجليد الكتب .
من العسير أن يجد ظروفًا أخرى غير الظروف القهرية، تتدخل لتغيير حياة إنسان، وبالقطع كانت حياة ميخائيل فاراداي ستكون مختلفة لو لم يلتحق كصبي في محل كتب الجليد. منح هذه الفرصة التي لا تشملها غيرها من الأعمال، لأن ميخائيل فاراداي لم يلتحق بالكتب فقط بل يقرأها أيضًا.
قرأ «تحسين الذهن»، والذي كان ينصح بالاحتفاظ بمذكرات للأفكار والملاحظات. وقد بدأ في ذلك. وقرأ مقالًا عن الكهرباء في الموسوعة البريطانية وتأكد بقدر استطاعته مما قرأه باستخدام مولد صغير للكهرباء الاستاتيكية. وقرأ كتاب جين ماركت محاور عن الكيمياء» والتي كانت موجهة بصورة أكثر تخصيصًا للنساء (12)، وقرر أن يصبح كيميائيًا .
لم تكن هناك كتابة علمية علمية للنساء أمراً غير متوقع. فقد كتب فوركروي مرجعًا في الكيمياء للنساء، وتسع خطابات إلى أميرة ألمانية» في الفيزياء التي كتبها يولر، مشهورة جدًا. أما كتاب التسويق فقد كان غير عادي لأن التي كتبته امرأة وكانت موجهة للنساء:
عند تقديم الكتاب في الكيمياء للجمهور، وعلى وجه الخصوص لجنس النساء، فإن المؤلف يعتقد أن الأمر يحتاج إلى بعض الإيضاح، وتشعر أنه عليها بالضرورة أن تعتذر لشروعها في ذلك، لأن معلوماتها عن الموضوع حديثة وليس لديها نية ادعاء لقب كيميائي (13)
وقد أصبحت سوقًا ذكية حسنة الاطلاع في هذا الموضوع المشاهدات نفسها التي استخدمتها في التعليم: حوار، حوار مع زوجها الطبيب والكيميائي من لندن، ومع أصدقائه، بروزيليوس وديفي وآخرين من أبرز الشخصيات في المجتمع العلمي. وفي كتاب سوق كانت الحوارات تدور بين الشخصيات الخيالية السيدة «ب» وتلميذتيها إيميلي وكارولين. كانت هذه الطريقة فعالة الدرجة أن الكتاب قد طبع منه 16 طبعة، وبيع منه 160 ألف نسخة في الولايات المتحدة قبل عام 1853 (14). ويمكن قراءة تأثيره على ميخائيل فاراداي في كلماته :
لقد أعطتني محاورات السيدة ماركت حول الكيمياء ... أساسياتي في هذا العلم (15) .
قرر فاراداي أن حياته في العلم، لذلك كتب إلى جوزيف بانكس، رئيس الجمعية الملكية، يطلب وظيفة وأخبره في طلبه أنه سيقبل أي وظيفة. ولما لم يتلق ردا ذهب إلى مقر الجمعية مطالبا بالرد مرارا وتكرارا . وأخيرا قيل له إن بانكس صرح بأن: «الخطاب لم يتطلب رداً (16) ، لكن القدر وفاراداي تحديا جوزيف بانكس أعطى أحد عملاء محل تجليد الكتب الفاراداي تذاكر لإحدى محاضرات ديفي، فذهب وأعد مذكرات في هذا الشأن. جلد المذكرات مع الأشكال التوضيحية في مخطوطة من 386 صفحة. وأرسل المخطوطة بأخطائها الإملائية وكل شيء إلى ديفي مطالباً بوظيفة . لم يكن هناك عمل موات عند ديفي، لكن فاراداي لم يضطر للانتظار طويلا . فقد سمع ديفي - الذي يهتم دائما بزملاء المجال - بأن كيميائيا آخر قد صنع مركبا من النيتروجين والكلور ينفجر بملامسة حرارة يد الإنسان. ومع أن ديفي كان يعلم أن الكيميائي الآخر قد أصيب في أثناء التحضير، إلا أنه قرر أن يختبر المركب هو الآخر . انفجرت أيضا العينة التي حضرها وأصيبت عينه. ولرغبته في أن يستمر العمل فقد تذكر فاراداي قفز فاراداي طربا للفرصة التي أتيحت له بالعمل مع ديفي لبعض الوقت، مع أن ديفي نصحه بألا يتخلى عن وظيفته في تجليد الكتب، وعندما طرد ديفي مساعد المعمل لقذارته وإهماله ومشاحناته، فإنه فكر ثانية في فاراداي.
كان ديفي وفاراداي غير متوافقين شكلا . فقد كان ديفي يوصف بأنه بخيل، مستدير الكتفين شديد التأنق، بينما كان فارادي يصف نفسه بأنه ذو لحية بنية وفم ضخم وأنف عظيم، وتظهر صور ديفي رجلا في غاية الاتزان مصقولا، بينما تظهر صور فاراداي خصلة كثيفة غير مرتبة من الشعر. لكن هذين الرجلين عملا معا بصورة رائعة . وعندما كان ديفي يستعد للسفر إلى فرنسا لتسلم جائزة عن أبحاثه في الكهرباء، طلب من فاراداي أن يصاحبه كمساعد وسكرتير. ولما خاف الخادم الخاص لديفي ورفض السفر، فقد طلب ديفي من فاراداي - إذا لم يكن لديه مانع - القيام بهذا العمل أيضا . وحيث إن الواجبات التقليدية للخادم الخصوصي كانت تشمل حفظ وتنظيف الملابس والرعاية المباشرة لمظهر السيد، والتي كانت تعني إعطاء المناشف في وقت الحمام وغسل الجوارب، فإن فاراداي، وإن كان يمانع إلا أنه احتفظ بمشاعره لنفسه.
وعند العودة إلى لندن، رقي فاراداي من وظيفة خادم خصوصي، وتلقى غرفة خاصة في المعهد الملكي، وراتبا عبارة عن 30 شلنا في الأسبوع. وفي غضون ستة أشهر بدأ في إعطاء محاضرات في جمعية المدينة الفلسفية وخلال عام واحد نشر أول أبحاثه (تحليل الجير الكاوي من توسكانيا) (17) .
وكما كتب مقدرا : أعطاني سير همفري ديفي هذا التحليل لإجرائه كأول محاولة في الكيمياء، في الوقت الذي كانت مخاوفي أكبر من ثقتي، وجميعها أكبر كثيرا من معلوماتي (18) .
نمت خبرة فاراداي، فدرس الكلور وتفاعلاته وعزل أول مركبين للكربون والكلور. وبينما كان يقوم بعمله كخبير في إحدى القضايا أمام المحاكم اختبر نقطة اشتعال بخار البترول. وقد أدت هذه الدراسة إلى اكتشاف البنزين. ولما بلغ الثلاثين من عمره تزوج سارة برنارد شقيقة أحد أصدقائه في جمعية المدينة الفلسفية. وعندما أصبح في الأربعين من عمره بدأ دراساته عن العلاقة بين الكهرباء والكيمياء (وهي الأبحاث التي حققت له الشهرة الكيميائية المرجوة).
ميخائيل فارادای
ولد ميخائيل فاراداي في ريف كثير التلال في منطقة سورى بعد أكثر من عشر سنوات بقليل من مولد معلمه ديفي. وكان والد فاراداي حدادا معتل الصحة بصورة دائمة. لكن الأسرة كانت تتلقى دعما من مجتمع طائفتهم المسيحية المعارضة (الساندمانيين). تخلى والده أخيرا عن ورشة الحدادة مع زوجته وأبنائه الأربعة والارتحال إلى لندن للبحث عن عمل.
توفي الأب عندما كان فاراداي في سن 18، وأجرت زوجته غرفتها من البيت . أصبح أخوه الأكبر حدادا مثل والده، أما فاراداي فقد صار صبيًا في محل تجليد الكتب .
من العسير أن يجد ظروفًا أخرى غير الظروف القهرية، تتدخل لتغيير حياة إنسان، وبالقطع كانت حياة ميخائيل فاراداي ستكون مختلفة لو لم يلتحق كصبي في محل كتب الجليد. منح هذه الفرصة التي لا تشملها غيرها من الأعمال، لأن ميخائيل فاراداي لم يلتحق بالكتب فقط بل يقرأها أيضًا.
قرأ «تحسين الذهن»، والذي كان ينصح بالاحتفاظ بمذكرات للأفكار والملاحظات. وقد بدأ في ذلك. وقرأ مقالًا عن الكهرباء في الموسوعة البريطانية وتأكد بقدر استطاعته مما قرأه باستخدام مولد صغير للكهرباء الاستاتيكية. وقرأ كتاب جين ماركت محاور عن الكيمياء» والتي كانت موجهة بصورة أكثر تخصيصًا للنساء (12)، وقرر أن يصبح كيميائيًا .
لم تكن هناك كتابة علمية علمية للنساء أمراً غير متوقع. فقد كتب فوركروي مرجعًا في الكيمياء للنساء، وتسع خطابات إلى أميرة ألمانية» في الفيزياء التي كتبها يولر، مشهورة جدًا. أما كتاب التسويق فقد كان غير عادي لأن التي كتبته امرأة وكانت موجهة للنساء:
عند تقديم الكتاب في الكيمياء للجمهور، وعلى وجه الخصوص لجنس النساء، فإن المؤلف يعتقد أن الأمر يحتاج إلى بعض الإيضاح، وتشعر أنه عليها بالضرورة أن تعتذر لشروعها في ذلك، لأن معلوماتها عن الموضوع حديثة وليس لديها نية ادعاء لقب كيميائي (13)
وقد أصبحت سوقًا ذكية حسنة الاطلاع في هذا الموضوع المشاهدات نفسها التي استخدمتها في التعليم: حوار، حوار مع زوجها الطبيب والكيميائي من لندن، ومع أصدقائه، بروزيليوس وديفي وآخرين من أبرز الشخصيات في المجتمع العلمي. وفي كتاب سوق كانت الحوارات تدور بين الشخصيات الخيالية السيدة «ب» وتلميذتيها إيميلي وكارولين. كانت هذه الطريقة فعالة الدرجة أن الكتاب قد طبع منه 16 طبعة، وبيع منه 160 ألف نسخة في الولايات المتحدة قبل عام 1853 (14). ويمكن قراءة تأثيره على ميخائيل فاراداي في كلماته :
لقد أعطتني محاورات السيدة ماركت حول الكيمياء ... أساسياتي في هذا العلم (15) .
قرر فاراداي أن حياته في العلم، لذلك كتب إلى جوزيف بانكس، رئيس الجمعية الملكية، يطلب وظيفة وأخبره في طلبه أنه سيقبل أي وظيفة. ولما لم يتلق ردا ذهب إلى مقر الجمعية مطالبا بالرد مرارا وتكرارا . وأخيرا قيل له إن بانكس صرح بأن: «الخطاب لم يتطلب رداً (16) ، لكن القدر وفاراداي تحديا جوزيف بانكس أعطى أحد عملاء محل تجليد الكتب الفاراداي تذاكر لإحدى محاضرات ديفي، فذهب وأعد مذكرات في هذا الشأن. جلد المذكرات مع الأشكال التوضيحية في مخطوطة من 386 صفحة. وأرسل المخطوطة بأخطائها الإملائية وكل شيء إلى ديفي مطالباً بوظيفة . لم يكن هناك عمل موات عند ديفي، لكن فاراداي لم يضطر للانتظار طويلا . فقد سمع ديفي - الذي يهتم دائما بزملاء المجال - بأن كيميائيا آخر قد صنع مركبا من النيتروجين والكلور ينفجر بملامسة حرارة يد الإنسان. ومع أن ديفي كان يعلم أن الكيميائي الآخر قد أصيب في أثناء التحضير، إلا أنه قرر أن يختبر المركب هو الآخر . انفجرت أيضا العينة التي حضرها وأصيبت عينه. ولرغبته في أن يستمر العمل فقد تذكر فاراداي قفز فاراداي طربا للفرصة التي أتيحت له بالعمل مع ديفي لبعض الوقت، مع أن ديفي نصحه بألا يتخلى عن وظيفته في تجليد الكتب، وعندما طرد ديفي مساعد المعمل لقذارته وإهماله ومشاحناته، فإنه فكر ثانية في فاراداي.
كان ديفي وفاراداي غير متوافقين شكلا . فقد كان ديفي يوصف بأنه بخيل، مستدير الكتفين شديد التأنق، بينما كان فارادي يصف نفسه بأنه ذو لحية بنية وفم ضخم وأنف عظيم، وتظهر صور ديفي رجلا في غاية الاتزان مصقولا، بينما تظهر صور فاراداي خصلة كثيفة غير مرتبة من الشعر. لكن هذين الرجلين عملا معا بصورة رائعة . وعندما كان ديفي يستعد للسفر إلى فرنسا لتسلم جائزة عن أبحاثه في الكهرباء، طلب من فاراداي أن يصاحبه كمساعد وسكرتير. ولما خاف الخادم الخاص لديفي ورفض السفر، فقد طلب ديفي من فاراداي - إذا لم يكن لديه مانع - القيام بهذا العمل أيضا . وحيث إن الواجبات التقليدية للخادم الخصوصي كانت تشمل حفظ وتنظيف الملابس والرعاية المباشرة لمظهر السيد، والتي كانت تعني إعطاء المناشف في وقت الحمام وغسل الجوارب، فإن فاراداي، وإن كان يمانع إلا أنه احتفظ بمشاعره لنفسه.
وعند العودة إلى لندن، رقي فاراداي من وظيفة خادم خصوصي، وتلقى غرفة خاصة في المعهد الملكي، وراتبا عبارة عن 30 شلنا في الأسبوع. وفي غضون ستة أشهر بدأ في إعطاء محاضرات في جمعية المدينة الفلسفية وخلال عام واحد نشر أول أبحاثه (تحليل الجير الكاوي من توسكانيا) (17) .
وكما كتب مقدرا : أعطاني سير همفري ديفي هذا التحليل لإجرائه كأول محاولة في الكيمياء، في الوقت الذي كانت مخاوفي أكبر من ثقتي، وجميعها أكبر كثيرا من معلوماتي (18) .
نمت خبرة فاراداي، فدرس الكلور وتفاعلاته وعزل أول مركبين للكربون والكلور. وبينما كان يقوم بعمله كخبير في إحدى القضايا أمام المحاكم اختبر نقطة اشتعال بخار البترول. وقد أدت هذه الدراسة إلى اكتشاف البنزين. ولما بلغ الثلاثين من عمره تزوج سارة برنارد شقيقة أحد أصدقائه في جمعية المدينة الفلسفية. وعندما أصبح في الأربعين من عمره بدأ دراساته عن العلاقة بين الكهرباء والكيمياء (وهي الأبحاث التي حققت له الشهرة الكيميائية المرجوة).
تعليق