تويت
المعهد الملكي .. الكيميائي المحترف
المعهد الملكي
كان المعهد الفرنسي الذي قصد تومسون أن يحاكيه هو المعهد العالي لتعليم الفنون والتجارة والذي كان قد أنشىء لتعليم المهارات الصناعية للعامة . أنشأ تومسون الجمعية لتشجيع الصناعة وتحسين أحوال الفقراء ثم أحال إلى هذه الجمعية اقتراحا بتأسيس.
معهد عام لنشر المعرفة وتيسير إدخال المخترعات الميكانيكية المفيدة وتطويرها، ومن أجل تدريس مناهج المحاضرات الفلسفية وتجارب تطبيق العلوم في الأغراض العامة للحياة (7).
أسس المعهد الملكي لبريطانيا العظمى في لندن بعد أن جمعت له الميزانية المطلوبة. ودعا تومسون ديفي ليصبح مديرا للمعمل في المعهد الملكي -الذي أسس حديثا - ليشغل وظيفة أستاذ مساعد الكيمياء. وكان ديفي في بداية العشرينيات من عمره.
تحطم حلم تومسون في تقديم تعليم عملي للجماهير، حيث تطلبت جهوده أموالا بينما لم يكن يلوح في الأفق أي تمويل . كان ديفي يدرك ذلك، وبفطنة علمية واقتصادية صمم محاضرات مسلية لجذب المتبرعين من الأغنياء. وقد غير ذلك من روح رسالة المعهد، فاعترض تومسون، لكن المديرين العمليين الآخرين تغلبوا عليه . كان رد فعل تومسون هو أنه ترك إنجلترا وأمضى بقية حياته في فرنسا .
كان من الصعب إنكار نجاح ديفي. وعندما اختير دالتون ليلقي سلسلة من المحاضرات في المعهد الملكي، قام ديفي بتوصيله، وأخبره أن يركز على المحاضرة الأولى لأنها هي التي سيتذكرها الناس . وقد ذكر دالتون أن القاعة التي ضمت حوالى 200 مستمع كانت مسرورة بالنتيجة. وقد وصف ديفي بأنه مقبول جدا وشاب ذكي ... ويكمن الضعف الأساسي في صفاته كفيلسوف في أنه لا يدخن (8) .
وبالطبع كان أكسيد النيتروز ضمن الموضوعات التي اختارها ديفي لمحاضراته، كذلك اختار أن يحاضر في موضوع آخر ساخن من الأبحاث هو الكهرباء.
كان ديفي في أوائل العشرينيات من عمره يعمل على الوصول إلى تركيب الغاز الضاحك عندما اخترع فولتا بطاريته. انجذب ديفي بشدة وفي التو إلى هذا المجال من الأبحاث، وطور تصميم فولتا وذلك بغمر ألواح الخارصين والفضة مباشرة في الحمض وتوصيلها بأسلاك. وقد استخدم هذه البطارية الأكثر كفاءة ليثبت أن مرور التيار خلال ملح أو حمض يفككه دافعا جزءا من المادة في اتجاه القطب السالب وجزءا في اتجاه القطب الموجب. غطى هذا الموضوع في محاضرة إلى الجمعية الملكية العام 1806 . وعلى الرغم من أن فرنسا وإنجلترا كانتا في حالة حرب، إلا أن نابليون قدم لديفي 3000 فرنك قيمة الجائزة التي وعد بها عن أفضل التجارب... في المائع الجلفاني (9) .
ذهب ديفي إلى أبعد من ذلك ببطاريته، فهاجم البوتاسا الكاوية والصودا الكاوية، وهما مادتان كانتا تتحديان التحليل . كتب إدموند ديفي ابن عمه ومساعده في ذلك الوقت :
عندما شاهد الكريات الدقيقة من البوتاسيوم وهي تندفع من خلال قشرة البوتاسا وتشتعل .... لم يستطع السيطرة على فرحته، وفي الواقع قام بالرقص حول الغرفة في انجذاب صوفي، وقد تطلب الأمر بعض الوقت ليستعيد السيطرة على نفسه ويواصل التجربة (10) .
كتب ديفي في دفتر مذكراته بحروف كبيرة: «التجربة الكبرى» (11) .
كانت مركبات البوتاسيوم معروفة منذ القدم، فالبوتاسيوم في الواقع هو العنصر السابع من حيث الانتشار في القشرة الأرضية. لكنها كانت المرة الأولى التي أمكن فيها رؤية الفلز وتوقعه . يتفاعل فلز البوتاسيوم مع الرطوبة ليكون غاز الهيدروجين الذي يشتعل من حرارة التفاعل. قام ديفي بحفظ البوتاسيوم النشط تحت النافتا (النفط) ويستخدم اليوم كوقود للقداحات ثم بدأ بعد يومين في فصل الصوديوم عن الصودا الكاوية. لكن، وكما يحدث غالبا فإن حل ديفي لمعضلة قد أوجد معضلة أخرى. تتفاعل القواعد المواد التي يشار إليها على أنها كاوية أو قلوية مع الأحماض لتعطي أملاحا وماء، الأمر الذي يجعل منها ، إذا أمكن أن نقول مضادات للأحماض. وعندما قام ديفي بتحليل القواعد كهربيا وجد أن الأكسجين أحد النواتج. وقد قال لافوازييه أن الأكسجين هو المكون الحمضي الأساسي، لكن ديفي أثبت الآن أنه، أي الأكسجين، يمكن اعتباره أساسيا في القواعد بالدرجة نفسها . وقد كرس ديفي السنوات الأربع التالية ليثبت أن العناصر لا تسلك ( كأساسيات ) بالشكل الذي قال عنه لافوازييه.
وفي بداية الثلاثينيات من عمره، وهو في قمة نجاحه، وبعد أن قاوم التحاق النساء ببقائهن لسنوات، وقع ديفي فجأة في الحب. كانت أرملة اسكتلندية فقيرة، السيدة أبريس: جسم صغير كث الشعر وراعية المجموعات البحثية النسائية في ذلك الوقت والتي كانت تسمى (بواسطة التيار الثقافي السائد للرجال، وفي سخرية) نوادي الجذوع الزرقاء (أي نوادي المثقفات).
ارتبطت النساء ذوات المقدرة العقلية الجادة بتلك النوادي مثل ماري سوميرفيل، الكاتبة الاسكتلندية التي كانت تدرس الرياضيات والعلوم الفيزيائية، إلا أن كل من تزوج كان يبدو محبًا للفنون. كانت السيدة أبريس نفسها مهتمة بالقيمة الاجتماعية أكثر من كونها غنية بالمعنى الاجتماعي للنوادي، لكن ديفي كان يرى في السيدة أبريس ما اختار هو أن يكون طفلاً. الارتباط بين أصولها الاسكتلندية وأصوله الصحية، وتخيل أن اهتمامها بالعلوم كان يعني أنها ستكون عونًا له في جهوده. أعارها نسخها المفضلة من «الصياد التام وطلب منها أن تتزوجه. أصبح اسمه سير همفري ديفي في 8 أبريل من العام 1812، وتزوج من السيدة إبريس يوم 11 من الشهر نفسه.
كان الزواج غير سعيد تبعًا لجميع الروايات، لكن الليدي ديفي - مع ذلك صاحبها زوجها إلى فرنسا ليتسلم جائزته من نابليون، الأمر الذي تطلب روحًا خاصة، لأن البلدين في حالة حرب حرب - كما ذكرنا .
ليست مرافقة ليدي ديفي هي المثيرة في هذه القصة، ولكن مرافقة خادم خصوصي اسمه ميخائيل فاراداي لديفي. كان القدر يعد فاراداي للاكتشافات الأساسية عن تداخل الكهرباء مع المادة، أساسيات مجال الكيمياء الكهربية .
المعهد الملكي
كان المعهد الفرنسي الذي قصد تومسون أن يحاكيه هو المعهد العالي لتعليم الفنون والتجارة والذي كان قد أنشىء لتعليم المهارات الصناعية للعامة . أنشأ تومسون الجمعية لتشجيع الصناعة وتحسين أحوال الفقراء ثم أحال إلى هذه الجمعية اقتراحا بتأسيس.
معهد عام لنشر المعرفة وتيسير إدخال المخترعات الميكانيكية المفيدة وتطويرها، ومن أجل تدريس مناهج المحاضرات الفلسفية وتجارب تطبيق العلوم في الأغراض العامة للحياة (7).
أسس المعهد الملكي لبريطانيا العظمى في لندن بعد أن جمعت له الميزانية المطلوبة. ودعا تومسون ديفي ليصبح مديرا للمعمل في المعهد الملكي -الذي أسس حديثا - ليشغل وظيفة أستاذ مساعد الكيمياء. وكان ديفي في بداية العشرينيات من عمره.
تحطم حلم تومسون في تقديم تعليم عملي للجماهير، حيث تطلبت جهوده أموالا بينما لم يكن يلوح في الأفق أي تمويل . كان ديفي يدرك ذلك، وبفطنة علمية واقتصادية صمم محاضرات مسلية لجذب المتبرعين من الأغنياء. وقد غير ذلك من روح رسالة المعهد، فاعترض تومسون، لكن المديرين العمليين الآخرين تغلبوا عليه . كان رد فعل تومسون هو أنه ترك إنجلترا وأمضى بقية حياته في فرنسا .
كان من الصعب إنكار نجاح ديفي. وعندما اختير دالتون ليلقي سلسلة من المحاضرات في المعهد الملكي، قام ديفي بتوصيله، وأخبره أن يركز على المحاضرة الأولى لأنها هي التي سيتذكرها الناس . وقد ذكر دالتون أن القاعة التي ضمت حوالى 200 مستمع كانت مسرورة بالنتيجة. وقد وصف ديفي بأنه مقبول جدا وشاب ذكي ... ويكمن الضعف الأساسي في صفاته كفيلسوف في أنه لا يدخن (8) .
وبالطبع كان أكسيد النيتروز ضمن الموضوعات التي اختارها ديفي لمحاضراته، كذلك اختار أن يحاضر في موضوع آخر ساخن من الأبحاث هو الكهرباء.
كان ديفي في أوائل العشرينيات من عمره يعمل على الوصول إلى تركيب الغاز الضاحك عندما اخترع فولتا بطاريته. انجذب ديفي بشدة وفي التو إلى هذا المجال من الأبحاث، وطور تصميم فولتا وذلك بغمر ألواح الخارصين والفضة مباشرة في الحمض وتوصيلها بأسلاك. وقد استخدم هذه البطارية الأكثر كفاءة ليثبت أن مرور التيار خلال ملح أو حمض يفككه دافعا جزءا من المادة في اتجاه القطب السالب وجزءا في اتجاه القطب الموجب. غطى هذا الموضوع في محاضرة إلى الجمعية الملكية العام 1806 . وعلى الرغم من أن فرنسا وإنجلترا كانتا في حالة حرب، إلا أن نابليون قدم لديفي 3000 فرنك قيمة الجائزة التي وعد بها عن أفضل التجارب... في المائع الجلفاني (9) .
ذهب ديفي إلى أبعد من ذلك ببطاريته، فهاجم البوتاسا الكاوية والصودا الكاوية، وهما مادتان كانتا تتحديان التحليل . كتب إدموند ديفي ابن عمه ومساعده في ذلك الوقت :
عندما شاهد الكريات الدقيقة من البوتاسيوم وهي تندفع من خلال قشرة البوتاسا وتشتعل .... لم يستطع السيطرة على فرحته، وفي الواقع قام بالرقص حول الغرفة في انجذاب صوفي، وقد تطلب الأمر بعض الوقت ليستعيد السيطرة على نفسه ويواصل التجربة (10) .
كتب ديفي في دفتر مذكراته بحروف كبيرة: «التجربة الكبرى» (11) .
كانت مركبات البوتاسيوم معروفة منذ القدم، فالبوتاسيوم في الواقع هو العنصر السابع من حيث الانتشار في القشرة الأرضية. لكنها كانت المرة الأولى التي أمكن فيها رؤية الفلز وتوقعه . يتفاعل فلز البوتاسيوم مع الرطوبة ليكون غاز الهيدروجين الذي يشتعل من حرارة التفاعل. قام ديفي بحفظ البوتاسيوم النشط تحت النافتا (النفط) ويستخدم اليوم كوقود للقداحات ثم بدأ بعد يومين في فصل الصوديوم عن الصودا الكاوية. لكن، وكما يحدث غالبا فإن حل ديفي لمعضلة قد أوجد معضلة أخرى. تتفاعل القواعد المواد التي يشار إليها على أنها كاوية أو قلوية مع الأحماض لتعطي أملاحا وماء، الأمر الذي يجعل منها ، إذا أمكن أن نقول مضادات للأحماض. وعندما قام ديفي بتحليل القواعد كهربيا وجد أن الأكسجين أحد النواتج. وقد قال لافوازييه أن الأكسجين هو المكون الحمضي الأساسي، لكن ديفي أثبت الآن أنه، أي الأكسجين، يمكن اعتباره أساسيا في القواعد بالدرجة نفسها . وقد كرس ديفي السنوات الأربع التالية ليثبت أن العناصر لا تسلك ( كأساسيات ) بالشكل الذي قال عنه لافوازييه.
وفي بداية الثلاثينيات من عمره، وهو في قمة نجاحه، وبعد أن قاوم التحاق النساء ببقائهن لسنوات، وقع ديفي فجأة في الحب. كانت أرملة اسكتلندية فقيرة، السيدة أبريس: جسم صغير كث الشعر وراعية المجموعات البحثية النسائية في ذلك الوقت والتي كانت تسمى (بواسطة التيار الثقافي السائد للرجال، وفي سخرية) نوادي الجذوع الزرقاء (أي نوادي المثقفات).
ارتبطت النساء ذوات المقدرة العقلية الجادة بتلك النوادي مثل ماري سوميرفيل، الكاتبة الاسكتلندية التي كانت تدرس الرياضيات والعلوم الفيزيائية، إلا أن كل من تزوج كان يبدو محبًا للفنون. كانت السيدة أبريس نفسها مهتمة بالقيمة الاجتماعية أكثر من كونها غنية بالمعنى الاجتماعي للنوادي، لكن ديفي كان يرى في السيدة أبريس ما اختار هو أن يكون طفلاً. الارتباط بين أصولها الاسكتلندية وأصوله الصحية، وتخيل أن اهتمامها بالعلوم كان يعني أنها ستكون عونًا له في جهوده. أعارها نسخها المفضلة من «الصياد التام وطلب منها أن تتزوجه. أصبح اسمه سير همفري ديفي في 8 أبريل من العام 1812، وتزوج من السيدة إبريس يوم 11 من الشهر نفسه.
كان الزواج غير سعيد تبعًا لجميع الروايات، لكن الليدي ديفي - مع ذلك صاحبها زوجها إلى فرنسا ليتسلم جائزته من نابليون، الأمر الذي تطلب روحًا خاصة، لأن البلدين في حالة حرب حرب - كما ذكرنا .
ليست مرافقة ليدي ديفي هي المثيرة في هذه القصة، ولكن مرافقة خادم خصوصي اسمه ميخائيل فاراداي لديفي. كان القدر يعد فاراداي للاكتشافات الأساسية عن تداخل الكهرباء مع المادة، أساسيات مجال الكيمياء الكهربية .
تعليق