الشاعر اليوناني:قسطنطين كفافيس.الشخصية المهمة فى الشعر اليونانى فى القرن العشرين.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشاعر اليوناني:قسطنطين كفافيس.الشخصية المهمة فى الشعر اليونانى فى القرن العشرين.



    فى ذكرى ميلاده ووفاته فى ٢٩ أبريل .. «كفافيس».. كما وصفه صاحب زوربا اليونانى «كازانتزاكيس»
    الأربعاء 30-04-2025م-كتب: لوسي عوض
    يُعتبر كفافيس الشخصية الأكثر أهمية فى الشعر اليونانى فى القرن العشرين، وتُعتبر قصائده من بين أقوى القصائد فى الشعر الحديث على نطاق واسع. أكسبته أعماله مع أسلوبه الفردى الواعى مكانة مرموقة ضمن أبرز الشعراء ليس فقط على مستوى الشعر اليونانى، ولكن على مستوى الشعر الغربى ككل. وُلِد قسطنطين كفافيس فى الإسكندرية بمصر فى ١٧ أبريل ١٨٦٣. تم تغيير التاريخ إلى ٢٩ أبريل عندما تبنى الخديو إسماعيل عام ١٨٧٥ التقويم الجريجورى (الإفرنجى كما كانوا يسمونه وقتها) فى التعاملات الحكومية، فأصبح يتزامن مع يوم وفاته ٢٩ أبريل ١٩٣٣، وذلك طبقًا لأرشيف كفافيس فى مؤسسة أوناسيس والمؤسسة الثقافية اليونانية. عاش معظم حياته فى الإسكندرية التى أحبها وكان يعتبرها ملهمته ومعشوقته ومحبوبته، وهو ما يجعله الرمز الأبرز للحضور اليونانى فى مصر خلال الفترة التى شهدت تواجد كثيف للجالية اليونانية فى مصر.


    فى عشرينيات القرن العشرين، التفت العديد من القراء الشباب فى أثينا إلى شعر كفافيس، اتصلوا به يسألونه عن مجموعاته، وكتبوا دراسات عن عمله، وفى عام ١٩٢٦، منحته حكومة بانجالوس الديكتاتورية وسام «الفينيكس»، وهو التكريم الوحيد الذى ناله خلال حياته فى نفس العام.

    الروائى اليونانى نيكوس كازانتزاكيس، واحد من أشهر الكتاب العالميين، وقد اشتهر بروايته «زوربا اليوناني»، وهو من أوائل من كتبوا عن حياة كفافيس فى الإسكندرية، وذلك ضمن زيارته لمصر ١٩٢٦، التى صدرت يوميات رحلته فى كتابه «رحلة إلى مصر... الوادى وسيناء»، وخص كفافيس فصلًا من الكتاب باسمه «كفافيس»، دوَّن به تفاصيل لقائهما، ويصفها بقوله: «تلك الأمسية، كانت وليمة وداع».



    غلاف الكتاب
    ووصف كازانتزاكيس كفافيس «بلا أدنى شك يعتبر الشاعر «كفافيس» أهم الرموز الثقافية الفذة النادرة فى مصر. هناك يجلس أمامى الرجل الكامل الذى يمثل بهدوء إنجازه الفنى بكل كبرياء... وهو الشيخ الزاهد الذى قهر حب الاستطلاع والطموح والحسية، وأخضعها لنظام الزهد الأبيقورى القاسى... وهو الشخص المختلف والشخص الوحيد الشجاع... وفى الوقت نفسه تبدو تعابيره شيطانية ماكرة وتهكمية قوية». وأسهب فى وصفه لأسلوب كفافيس الذى نجح فى العثور على أسلوبه الفنى الخاص، هذا الأسلوب الذى لا نظير له. حافظ على هذا الأسلوب. أن كفافيس هو أحد الزهور الأخيرة الباقية للحضارة، هذه الزهور التى تجمع الثنائية المتناقضة فى أوراق ذابلة على أغصان طويلة، وسيقان مريضة لا بذور فيها. لقد امتلك كفافيس كل الخصائص المميزة النموذجية للرجل الفذ والفريد فى عالم الانحطاط، لقد جمع الحكمة والسخرية، والحسية، والسحر وفائض الذكريات. إنه يعيش كما لو كان الشخص المختلف، والشخص الوحيد الشجاع.

    كان كفافيس شاعرًا مغمورًا خلال حياته، يعيش فى عزلة نسبية، ولا ينشر إلا القليل من أعماله. طُبع ديوان قصير من شعره سرًا لأول مرة ككتاب فى أوائل القرن العشرين، قبل الحرب العالمية الثانية، وأُعيد طبعها عام ١٩٤٩، لكن هذا كان أقصى ما نُشر من شعر. لذا، اختار كفافيس أن ينشر شعره بين أصدقائه. وظهر ديوان «بيماتا» (قصائد قسطنطين ب. كفافيس) بعد وفاته عام ١٩٣٥ فى الإسكندرية. وكان الدليل الوحيد على التقدير الشعبى له فى اليونان خلال سنواته الأخيرة حصوله، عام ١٩٢٦، على وسام الفينيق من الدكتاتور اليونانى بانجالوس.

    كتب كفافيس روائعه التى جعلته واحدًا من أكثر الشعراء الذين تمت ترجمة أعمالهم فى العالم، رغم أنه لم تُنشر أعمال الكاتب قسطنطين كفافيس فى حياته، إلا أنه كان يحظى باحترام شخصيات فكرية وغير فكرية بارزة. يُعدّ اليوم كفافيس من أكثر الشعراء اليونانيين ترجمةً فى عصره، تشمل أعماله الشعرية والنثرية، وتمتد إلى أكثر من ثلاثين لغة. وكان صديقه إى. إم. فورستر، الروائى والناقد الأدبى، أول من عرّف العالم الناطق باللغة الإنجليزية بقصائده عام ١٩٢٣؛ حيث نشر مقالًا فى مجلة «أثينيوم» بعنوان «شعر ك. ب. كفافيس»، والذى كان مصحوبًا بترجمات لقصائد ألكسندرين بقلم ج. فالاسوبولوس إلى اللغة الإنجليزية. ومن خلال هذه المقالة، أصبح العالم الناطق باللغة الإنجليزية على اتصال بشعر كفافيس للمرة الأولى. وأطلق عليه لقب «الشاعر»، ووصفه وصفًا شهيرًا بأنه «رجل يونانى يرتدى قبعة من القش، يقف ساكنًا تمامًا بزاوية طفيفة مع الكون». وكما وصفه أحد المترجمين، فإن أعماله «تجمع بين التاريخى والإيروتيكى فى حضن واحد». ثم تبدأ رحلة كفافيس فى عالم الترجمة بأول طبعة كاملة لقصائده، نُشرت بعد وفاته عام ١٩٣٥، بتحرير ريكا سينجوبولو ورسوم تاكيس كالموشوس.

    وُلِد الشاعر اليونانى قسطنطين كفافيس، واسمه الحقيقى قسطنطين بيترو كفافيس، فى مدينة الإسكندرية عام ١٨٦٣، حيث استقر والداه اليونانيان فى منتصف خمسينيات القرن التاسع عشر. كان والده مستوردًا ومصدّرًا، وكثيرًا ما قادته مسؤولياته التجارية إلى مدينة ليفربول الساحلية فى إنجلترا. توفى والد كفافيس عام ١٨٧٠، ولم تكن أعماله التجارية فى الإسكندرية مربحة بما يكفى لوالدته وإخوته الثمانية. لذا، انتقلت العائلة إلى ليفربول، حيث تولى الأبناء الأكبر إدارة أعمال العائلة التجارية. ثم عاد إلى الإسكندرية مرة أخرى وهو فى السادسة عشرة من عمره. ويبدو أن السنوات السبع التى قضاها فى لندن كانت سببا مباشرا فى تكوين حاسته الشعرية. ثم شعرت والدة كفافيس بالخطر، فعادت إلى القسطنطينية مع كفافيس وبقية أطفالها. عندما قصف البريطانيون الإسكندرية، دُمّر منزل عائلة كفافيس فى المعركة، وفُقدت جميع أوراق كفافيس وكتبه. وبقى كفافيس فى القسطنطينية مع والدته حتى عام ١٨٨٥؛ وكان العديد من إخوته قد عادوا إلى الإسكندرية. فى ذلك الوقت، كان كفافيس، وهو مراهق، يكتب القصائد، ويستعد لمسيرته المهنية، ويكتشف غرابته، التى أثرت على الكثير من أشعاره اللاحقة. انضم كفافيس فى النهاية إلى إخوته الأكبر سنًا فى الإسكندرية ووجد عملاً كمراسل صحفى. فى أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر، حصل على وظيفة مساعد لأخيه فى البورصة المصرية، وعمل هناك لبضع سنوات قبل أن يصبح كاتبًا فى وزارة الأشغال العامة. بقى كفافيس فى الوزارة لمدة ٣٠ عامًا، ليصبح فى النهاية مساعدًا لمديرها. فى عام ١٩٣٣، بعد ١١ عامًا من مغادرته الوزارة، توفى بسبب السرطان.
يعمل...