المبدع:مرعي البرادعي.الملقب بـ"موسوعة يبرود"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المبدع:مرعي البرادعي.الملقب بـ"موسوعة يبرود"

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Screenshot_٢٠٢٥٠٥٠١-١٦٤٠٤٥_Facebook.jpg 
مشاهدات:	3 
الحجم:	67.7 كيلوبايت 
الهوية:	261668
    شخصيات سوريه ..
    من صفحه الصديق والموثق
    Muree Baradee
    وجوه سورية: مرعي البرادعي.. "ويكيبيديا" يبرود وموسوعتها المتنقلة!

    بخفّة دمّه، وثقافته الواسعة، يستقبلك السيد مرعي البرادعي من مدخل مدينة يبرود في ريف دمشق، ويُرافقك بجولة سياحية ثقافية، يسكبُ خلالها بـِـكرم، كلّ ما يعرفه عن مدينته، ويظهر جلّياً حبّه لها ولتفاصيلها، من خلال الحكايا التي لا تنتهي عند أبو محمّد، حتى غدا مقصداً لأي سائل في التاريخ أو الجغرافيا أو التراث الشعبي.
    قبل أسابيع، سررنا بقبول دعوة الصديقة زكيّة الأجرد لمنزل عائلتها، ولزيارة المدينة التي تنحدرُ منها. وحين وصلنا، أخبرتنا بأننا سنلتقي بـ"موسوعة يبرود" التي لا يعجز عنها أي سؤال. ورغم تعبه ومرضه، استقبلنا العم مرعي، بزيّه المميّز. قميص أزرق، وبنطال أسود يحمله بسحّابات تُمسك بالخصر وتعلو الأكتاف. بيده اليُمنى حقيبة مليئة بالأدوية والأوراق، وفي اليُسرى كاميرا صغيرة وهاتف قديم.
    للوهلة الأولى، يأخذُك الإلهام بأن العم مرعي هو "ساعي بريد يبرود"، فقد حفظ طرقاتها، ومنازلها، وعدد أفراد كل أسرة، ومعنى اسم كل عائلة. وهذا الإلهام لا يبتعدُ كثيراً عن الواقع، فابن البرادعي هو الحكواتي الأشهر، والقاصّ الأمين عن تاريخ واحدة من أقدم مدن العالم.
    وولد البرادعي في مدينة يبرود عام 1953، وقد احتفل قبل أيام بعيده الثامن والستين، وكان موظفاً سابقاً في وزارة النفط، ويبيع حالياً البذور والأسمدة الزراعية ومستلزمات إنتاج العسل، لكنه في السنوات الأخيرة، خصّص جزءاً كبيراً من وقته للتوثيق والتصوير والبحث في تاريخ مدينته، بعد أن أسس جمعية أصدقاء مدينة
    يبرود عام 2004.
    في أطراف يبرود، تشكل المغارات حفراً واضحة في بطن الجبال، تشبه الكهوف القديمة، وحوت في أماكن أخرى على مدافن لأوائل من عاشوا في هذه الأرض، لكننا ما كنا لنفهم تاريخ ومعنى الآثار المبعثرة، لولا أن يستوقفنا أبو محمد كلّ خمس دقائق، ليُخبرنا عن تاريخ المنطقة، وحكاية هذه الأرض.
    ويقول لنا البرادعي بحماسة منقطعة النظير "توالت البعثات الأجنبية لتروي عطشها في اكتشاف هذه الكهوف القديمة، وأبرزها بعثة الجامعة الكولومبية عام 1964، والبعثة اليابانية أواخر الثمانينيات."
    في زاوية أخرى من زويا المدينة التي تشعر بالألفة تجاهها مباشرة، يقف البرادعي ويشرح لنا، بعد أن جعلنا في حلقة مفتوحة باتجاهه، وكأنه جد يحكي حكاية لأحفاده، ويقول "هناك إبداع هندسي غير مألوف عند الإنسان الأول الذي سكن هذه المغاور، وحفرها بإتقان ومهارة، مُراعياً الإضاءة والشمس واتجاه الرياح".
    ولا تغيبُ النكتة عن لسان البرادعي، وكذلك الابتسامة، وعيناه تلاحقان الناظرين، فإذا شعر بأن الملل تسلّل إليهم، يُقاطع نفسه بنكتة صغيرة، تُعيد جذب الانتباه، ليُكمل ما بدأ به.
    مع ذلك، يحضرُ بعض الشجن في كلماته، حُزناً للحال التي وصلت إليها البلدة وسكانها، ويقول "لقد جفّ النهر الأساسي الذي كان يمرّ بالمدينة، وسافر الكثير من أبنائها. لا توجد عائلة يبرودية إلا ولديها أبناء في الاغتراب، وهذه الحالة كانت قبل الحرب، وزادت كثيراً بعدها".

    وبعد أن التقط أكثر من ألف صورة لمدينته يبرود، حوّل صفحته الشخصية إلى ما يُشبه المتحف الافتراضي للتراث الشعبي اليبرودي، ينشر فيها بشكل شبه يومي، صورة من مكان ما، ويُرفقها بحكاية عن تاريخ وقصة هذا المكان.
    ويبرّر ذلك ويقول: "بعد سفر الكثيرين، لا بدّ من إبقاء الوصل بينهم وبين جذورهم، وأحاول أن أجعل صفحتي مكان لقاء افتراضي بين الأبناء المسافرين، والآباء المقيمين". ويُضيف: "ما في أكلة يبرودية إلا ووثقتها بشكل كامل، بعد ما دقتها من ايدين أهالي يبرود".
    نُكملُ مسيرنا في السيارة تحت درجات حرارة لاهبة، لا يتوقف لسان العجوز الشاب عن الكلام، وكأنما لديه واجبٌ عليه إنهاؤه، ولن تنتهي هذه الجولة بدون زيارة الكنيسة الأثرية القديمة، التي يعود عمرها إلى نحو 700 عام قبل الميلاد، إذ كانت معبداً قديماً للإله شمس قبل أن تتحول إلى كنيسة، إضافة لزيارة القبور التسعة، والتي تعود للحقبة الكنعانية على الأغلب، أي منذ مطلع الألف الثاني قبل الميلاد حسب ما يروي أبو محمد.
    وبحسب البرادعي، نقلاً عن الباحث الألماني مكتشف المغارات القديمة، ألفريد روست، فإن الحضارة اليبرودية تعود إلى نحو خمسين ألف سنة، وهي من أقدم الحضارات البشرية.

    تنتهي جولتنا، ويعودُ بنا المطاف حيث بدأنا، في منزل العم أحمد محمود الأجرد، والد صديقتنا زكيّة، وهو أيضاً من مواليد يبرود 1947.
    وإلى جانب كل ما ذكر العم البرادعي، يُخبرنا أبو ضياء بأن يبرود عُرفت في العقود الأخيرة بمدينتها الصناعية، ولا سيما بالصناعات البلاستيكية التي غزت أسواق الخليج والأسواق المجاورة، لجودتها ورخص ثمنها، لكن حالها حال كلّ شيء في هذه البلاد المُنهكة من الحرب، وتراجع الخدمات. بعد أن توالت صولات وجولات الحرب على يبرود.
    وقبل أن نهمّ بالرحيل، يُذكرنا أبو محمد بأن نعود مرة أخرى، وأن نفعل كما كانت الملكة زنوبيا، التي اختارتها كمدينة اصطيافها أيام حكمها لمدينة تدمر في البادية السورية.
    ولا ينسى البرادعي أن يذكرنا أن الرئيس الأرجنتيني الأسبق كارلوس منعم، هو من أصول يبرودية، من أبوين سوريين هاجرا إلى الأرجنتين مطلع القرن الماضي وزارها عام 1994.
    في وسط شرفة منزله، يجلس أحمد الأجرد، ويتحلّق حوله ابنه البكر ضياء الدين، وأحفاده حنين وأحمد، وابنته زكيّة. لتُدرك حينها بأن يبرود لا تزال تُمسك بكل عاداتها القديمة، إذ يصرّ الأب على إكرام ضيافتنا، ويخبرنا عن قصة منزلهم الصيفي داخل يبرود، ويقول "كنا نترك المفتاح معلّقاً في قفل الباب، كي يتمكن أي زائر من الدخول في حال لم نكن نحن هناك".
    لا تخفى سعادة أبو ضياء بضيوفه، ويقول "هكذا عاداتنا وهكذا تربينا. أن تكون بيوتنا مفتوحة للجميع. بدون أن نسألهم عن أسمائهم حتى".
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1746106127110.jpg 
مشاهدات:	3 
الحجم:	46.6 كيلوبايت 
الهوية:	261669
يعمل...