بيرثوليت وبونابرت وبدايات قانون فعل الكتلة .. حوالي ١٨٠٠ – ١٨٤٨ بعد الطوفان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بيرثوليت وبونابرت وبدايات قانون فعل الكتلة .. حوالي ١٨٠٠ – ١٨٤٨ بعد الطوفان

    بيرثوليت وبونابرت وبدايات قانون فعل الكتلة .. حوالي ١٨٠٠ – ١٨٤٨ بعد الطوفان

    بيرثوليت وبونابرت وبدايات قانون فعل الكتلة

    كانت بيرثوليت أحد العلماء الذين وصلوا إلى مصر، وهو من معاصري لافوازييه ومعاونيه، وقد حانت الفرصة لبيرثوليت في مصر لدراسة البحيرات الملحية الداخلية، التي كانت تمتلك قشرة من كربونات الصوديوم في المناطق المالحة بحوافها. كانت كربونات الصوديوم تعرف قديمًا باسم النطرون وتستخدم ضمن أشياء أخرى في التحنيط تكونت كربونات الصوديوم من تفاعل كلوريد الصوديوم الموجود في البحيرات الملحية مع الحجر الجيري (كربونات الكالسيوم الموجودة على الشواطئ وفي القاع)، يتفاعلان لينتج عنهما كلوريد الكالسيوم وكربونات الصوديوم. وكان التفاعل الوحيد التلقائي الذي شاهده بيرثوليت في معمله هو التفاعل العكسي: يتفاعل محلول كلوريد الكالسيوم مع محلول كربونات الصوديوم لينتج كربونات الكالسيوم على شكل راسب لا يذوب. تيقن بيرثوليت - وكان على صواب - أن وجود وفرة كبيرة من كلوريد الصوديوم في مياه بحيرة النطرون هو المسؤول عن التفاعل العكسي.

    لنتأمل المفاعلات الكيميائية النوعية (أ، ب، ج، د). إن التفاعلات الكيميائية ليست بسيطة، كأن يتفاعل أ مع ب ليكونا ج، د، لكن أ ، ب عندما يتلامسان يكونان ج، د وتستمر الحال كذلك إلى أن تصل المتفاعلات والنواتج إلى اتزان - أي النقطة التي عندها لا تتغير كميات المواد، وعند الاتزان تتواجد كميات من ج، د لكن يتواجد معها كذلك كميات من أ، ب، ويحدث ذلك لأن التفاعلات الكيميائية انعكاسية : فإذا كان في مقدور أ ، ب أن يتفاعلا لينتجا ج د فإن ج، د يمكن أن يتفاعلا لينتجا أ ، ب . وكان بيرثوليت قد شاهد في معمله أ ، ب يتفاعلان لينتجا ج د في الكأس. أما على ضفاف بحيرة النطرون فقد كان هناك الكثير من ج، د (بالنسبة لـ أ ، ب) حتى أن أ ، ب كانا يتكونان . كان التفاعل يستمر في الاتجاه المضاد.

    مكث بيرثوليت في مصر عامين يكتب عن الظاهرة التي لاحظها والتي أصبحت بعد 50 سنة معروفة باسم قانون فعل الكتلة. كانت الحكومة الفرنسية في ورطة مرة أخرى، مما اضطر راعي بيرثوليت إلى مغادرة مصر. ومع أن نابليون كان قد نجح في معاركه البرية ضد المصريين والأتراك العثمانيين، إلا أنه لم يهزم البريطانيين في البحر. وكان عليه أن يتسرب من خلال الحصار البحري ليعود إلى بلاده. وقد وجد لدى وصوله إلى باريس أن حكومة المديرين تعاني من الفساد والرشوة والاستغلال، بينما يعاني الشارع في باريس من المجاعة والغلاء. قرر أحد المديرين أن الحل يكمن في الإطاحة بحكومة المديرين، وأن نابليون هذا البطل العسكري المشهور) يمكن أن يساعده في ذلك. نجح الانقلاب، وقامت حكومة جديدة مع منحالسلطات ظاهريا لكيان مكون من ثلاثة قناصل، وأصبح بونابرت قنصلا ثم صار أقوى القناصل، وتلا ذلك أن أصبح قنصلا مدى الحياة. وأخيرا وفي سنة 1804 ، أصبح اسمه نابليون الأول إمبراطور فرنسا وملك إيطاليا وحامي كونفدرالية الراين .

    يمكن اعتبار نابليون طاغية مستنيرا . قام بتجفيف المستنقعات وتوسيع الموانئ وإقامة الجسور وطور القوانين النابليونية، وقد جعل استخدام النظام المتري إجباريا (ومن يستخدم أي نظام آخر يعرض نفسه للعقاب الجنائي)، و أعاد النظر أخيرا في نظام الضرائب فجعله متناسقا وفعالا . استمر في إصلاح التعليم الذي بدأته الجمعية الوطنية مبكرا أثناء الثورة، وقد أسس مدارس ثانوية محلية، وكذلك مدارس عسكرية وفنية وجامعة وطنية . عضد نابليون الـ «إيكول بولي تكنيك»، التي أصبحت نموذجا للتدريب العلمي والهندسي، وسرعان ما أصبح طلابها وأساتذتها يضمون الصفوة الفرنسية.

    ولدى عودة بيرثوليت إلى فرنسا ضمه نابليون إلى عضوية مجلس الشيوخ الذي تأسس حديثا . وكان الغرض من مجلس الشيوخ هو حماية الدستور لكن في ظل الدكتاتورية فإن هذه المهمة خفيفة، فاستغل بيرثوليت مرتبه من هذا المنصب في شراء بيت ريفي خارج باريس في اركويل وجعل منه مركزا للعمل والمناقشات بين الكيميائيين الجدد في فرنسا .

    أنجز بيرثوليت برنامجا تجريبيا مستفيضا لاختبار فروضه حول تأثير الكتل النسبية للمتفاعلات والنواتج في تحديد اتجاه التفاعل. استخدم لذلك مخاليط بنسب مختلفة، وجعلها تتفاعل تحت ظروف متنوعة، وقام بتحليل النواتج. ووجد أدلة وافرة على انعكاسية التفاعلات. لكنه - وللأسف - خرج باستنتاج آخر خاطئ، فلأن المحاليل يمكن أن تتكون من تركيزات مختلفة، اعتقد بيرثوليت أن النواتج يمكن أن يكون لها تركيب مختلف. فمثلا، قد يتكون كلوريد الصوديوم من جزء واحد من الصوديوم مع جزء واحد من الكلور، أو جزأين من الصوديوم مع ثلاثة أجزاء من الكلور، أو بأي كسور بين ذلك . لم يكن ذلك غير منطقي في غيبة نظرية ذرية . بنى بيرثوليت استنتاجاته جزئيا على التحليل غير الدقيق للنواتج غير النقية التي أعطته نتائج مختلفة، وجزئيا على تحليل الأملاح التي تتبلر محتوية على كميات مختلفة من الماء. كان الكيميائيون في هذا الوقت ينشرون على أوسع نطاق تحاليل متعارضة المركبات من المفروض أنها واحدة. لذلك فإن استنتاج بيرثوليت : «أن المواد يمكن أن تتحد تقريبا بأي نسبة» مسألة منطقية.

    وعندما أثيرت أمامه التحديات لنظريته، كان يجيب بالدبلوماسية البيرثوليتية المعروفة . فقد كان بيرثوليت هو من تمكن من البقاء مع لافوازييه ونابليون ودوق أورليانز . كان من المنطقي أن يرى بيرثوليت أن التفاعلات الكيميائية يمكن أن تحيد تحت تأثير القوى الخارجية - فتاريخه الشخصي قد تطلب منه انحناءات كبيرة مع الريح. لم يكن توافقه نتيجة لمناورة، لكنه كان نابعا من حب حقيقي وعرفان للإنسانية كما يتضح من الرواية الآتية عن مسحوق بيرثوليت للتبييض.

    كان حب الألوان والزينة الشخصية قويا في عصر بيرثوليت، كما كان قويا دائما . وكانت طلبات صباغة النسيج لا يقدر عليها إلا من يستطيع أن يدفع ثمنها . فقبل صباغة النسيج كان لابد من تبييضه، الأمر الذي يستلزم فرد النسيج على الأرض، ولم يكن هذا العمل مرهقا فقط، ولكنه كان يستبقي الحقول الجيدة دون حرث . وقد طور بيرثوليت عملية تبييض كيميائية يستخدم فيها الكلور الممتص في محلول هيدرو كسيد الصوديوم - وهو في الأساس المحلول المبيض نفسه الذي يباع في السوبر ماركت اليوم - ونشر هذه التقنية، على الفور، من دون أن يسجل براءة اختراعها، وذلك حتى يمكن استخدامها دون إبطاء . وقد اكتشف كذلك أن كلورات البوتاسيوم تنتج مسحوقا متفجرا أشد من نترات البوتاسيوم (البارود)، لكن عندما انتهت إحدى التظاهرات الشعبية بسقوط القتلى، لم يكمل بيرثوليت هذا المشروع.

    لكن نابليون، في ذلك الحين، لم يكن يحتاج إلى معونة في إطلاق النار فقد جعل لافوازييه البارود الفرنسي أفضل بارود في أوروبا، وكان نابليون يملك جيشا ممتازا ، وقد هزم النمساويين . ثم طلق نابليون) زوجته (جوزيفين) وتزوج ماري لوي ابنة إمبراطور النمسا . أجبر إسبانيا على التخلي عن لويزيانا لفرنسا، وهزم البروسيين واستولى على برلين وكون اتحاد الراين الكونفدرالي، موصلا بذلك الإمبراطورية الرومانية المقدسة إلى نهايتها .

    ظلت إنجلترا مع ذلك بعيدة عن مناله. ولم ترتبط أوروبا بقوة الرباط النابليوني. تصاعد الشعور القومي. وفي كل بلد كان هناك من يؤيدون أهداف الثورة الفرنسية، لكن حتى هؤلاء لم يفضلوا أن يكونوا من رعايا الإمبراطورية الفرنسية.

    ثارت كل من بروسيا والنمسا مرارا وكانت بريطانيا جاهزة لمساعدة أعداء نابليون. وعندما ثارت إسبانيا ، شعر نابليون أنه مضطر لسحق الثورة بلا رحمة معاديا أحد الكيميائيين الذين يفترض أنهم معه. لكن هذا الكيميائي لم يكن ممن يقفون في الصف. لقد كان الرجل نفسه الذي تحدى بيرثوليت الشهير، إنه جوزيف لويس بروست.

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	عالم_المعرفة_الكويتية(266)_186 (1).jpg 
مشاهدات:	6 
الحجم:	146.3 كيلوبايت 
الهوية:	261407 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	عالم_المعرفة_الكويتية(266)_187.jpg 
مشاهدات:	5 
الحجم:	88.8 كيلوبايت 
الهوية:	261408 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	عالم_المعرفة_الكويتية(266)_188.jpg 
مشاهدات:	5 
الحجم:	89.9 كيلوبايت 
الهوية:	261409 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	عالم_المعرفة_الكويتية(266)_189.jpg 
مشاهدات:	4 
الحجم:	87.0 كيلوبايت 
الهوية:	261410 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	عالم_المعرفة_الكويتية(266)_190.jpg 
مشاهدات:	4 
الحجم:	11.3 كيلوبايت 
الهوية:	261411

  • #2

    تعليق

    يعمل...