أبو مسلم البهلاني : جرد النفس وانهها عن هواها
----------------------------------------------------------
جرد النفس وانهها عن هواها
لا تذرها في غيها تتلاهى
زكها بالتقوى فما تفلح النفس
بحالٍ إلا على تقواها
واستملها عن المراعى الوبياتِ
إذا استرسَلت إلى مرعاها
واتخذ في مراصد الكيد منها
حَرَساً يكسرون صَعبَ قواها
فلها للعصيان ميل عظيم
لو نفته عن طبعها ما عداها
ولها في المتاب شدة عجزٍ
بِعِدات التسويف نيطت عُراها
ولها في المتاب مكر خفيُّ
جعلته تلبسا من حُلالها
إن كيدَ الشيطان كان ضعيفاً
ودواهي النفوس لا تتضاهى
فتيقض لها وقد أمكن الأمر
فما الحزم تركها ومناها
فاعتقلها في مبرك الزهد بالخوف
إلى أن تبدو هزالاً كلاها
فإذا انحلت القُوى فأثرها
لمراعي اليقين تشفي طواها
وإذا أرزمت وحنت لألف الطبع
فارفض حنينَها وبكاها
فمروج اليقين فيها زُهورٌ
معصرات التوفيق تسقي رباها
ما رعاها حيٌّ فعاشَ ولا ميت
فلم يحيَ ريثما يرعاها
ومتى هب للقبول قبول
بين روضاتها وفاحَ شذاها
فاسر بالدهس لا الحزون بليل
آمناً من كلالهاوَحَفاها
ما سَرَت للأوطان نفسك إلا
حمدت غب صبحه مسراها
أنت في هذه الرسوم العتيقات
غريب فخلها وَبَلاها
والبدار البدار للموطن الدائم
حيث الحياة ألقَت عصاها
قد تراءت لك الخيام فما عجزك
عن أن تحلَّ وسطَ فناها
شَمِرّ الذيل واركب الليل واصحب
ذات صبر فما السلوك سِواها
وعلى الأين فاحتمل كل خَطبٍ
سوف تحلو الخطوب في عقباها
وإذا شقت المسالك طالت
قصّر الشوق للحبيب مداها
ما الكرى والبروق ساهرة إن
كان في الشوق صادقاً دعواها
خلف العالم الطبيعيَّ وارحل
للتي لم تُخلق لدار سِواها
هذه معبر وتلك مقامٌ
فاعبروها لا تعمروا مغناها
عجباً من محجوبةٍ في كثيف
عنصر العالم اللطيف رماها
نسيَتْ أنسها بمقعد صدق
وتجافت لويلها وشقاها
حبست في ضنك ووحشة طبع
فتمنت أن لا يحول عناها
ليتها حلقت إلى الرفرف الأخضر
حيث الأنوار تغذو قُواها
رجّعي يا ورقاءُ نوحَكِ للألف
فإن الولهى تبث جواها
واندبي المعهد القديم عسى الرجعة
قد آذنت إليه عَساها
وانقذي من اشراك سجنك شوقاً
لرياضٍ نشاتِ بينَ رُباها
واسرحي في الرياض من ملكوت
الله ترعينَ فيضه في فضاها
لو شجاك التذكار من لوعة البين
لمزقت القلب آهاً وواها
عالم الكون والفساد بلياتِ
لك الاختيار فيما عداها
رشحتك الألطاف للحضرة
العليا أما ترغبين في لقياها
لهف نفسي على النفوس
النفيسات ضاعت أقدارَها وعُلاَها
برزت من مضارب الحق في
أفضيةالأمر فاستباها هواها
تانف الواديَ المقدس رَعياً
ورعت حيث الأسد تفري فراها
لو تمنت خلاصَها أدركته
وغدت لا تراع وسط حِماها
ما أرادت من جيفة الزخرف
الحائل لو أبصرت سبيلَ هُداها
تتجلى لها الحقائق لا غين
ولا غيم ساترٌ ملاها
باهرات الجمال يدعين للوصل
فتأبى النفوس أن تهواها
غرها الجهل فاطمأنت إليه
أن جهل النفوس أصل شقاها
أيها النفس علم معناكِ بَحرٌ
في عميقات غَمره العقلُ تاها
لو شهدت المسطور في نسخة
الغيب ومعناك ما حوت دفتاها
وكشفتِ المستور فيك لأيقن
تِ بأن الوجود فيك تناهى
أنتِ في هيكل خبيئة أمرٍ
من حكيم لحكمةٍ أمضاها
فأميطي قذاة عينك من بين
زواياه تدركي إياها فالخفايا
عَلَيكِ في لوحك المحفوظ
لو ما كشفت عنها غطاها
آهِ يا نفس والبقية من عمرك
قد أشرفت على منتهاها
أهِ يا نفس أدركيها فلا مطمع
بعد الفراق في لقياها
ودعيها بالصالحات عسى
نفحةُ توب وَرَحْمةٍ تغشاها
لستِ في هذه الحياة على
شيء سوى ما تلفين في عقباها
فاصدري عن غمار باطلها
عطشى فأصدى عطاشها أرواها
ومسير العطاش أقطع للبِيدِ
وخير الأظماء ما أحفاها
فاطمئني وأوّبي وأنيبي
وأخلصي من أفاتها وبلاها
أهِ يا نفس والعلائق أعداء
شداد وأنت من أسراها
يندبون اللوى وأندب نجداً
كل عين تبكي على ما شجاها
ليت إني بيسجن أجتلي النور
من العالم الذي لا يباهى
استمد الفيوض في فيضه
الوهبيّ أو تملأ السيول زباها
قطعت بي قواطع الدهر عنهُ
حاجة في نفس الزمان قضاها
كشفت لي عنه الحقائق والحق
شهيدي بأنه منتماها
وارث الأنبياء علماً وحُكماً
وسفير عنها إلى من عداها
أدرك الملة الحنيفية البيضاء
إذ فوضت له شكواها
تتضنى مروعةً تندب
الأبرار حزناً همالةٌ مقلتاها
فأثارته شربة النهر والغيرة
لله في رضا مصطفاها
فحماها وسامها وكذاك
الأسدُ تحمى عرينَها وحِماها
ردها مثل رد يوشع للشمس
وقد غاب نورها وضياها
عجباً أشرقت من الغرب شمسٌ
فاتَتنا للشرق يسعى سناها
إنها آية وإن كان لابدعَ
من العارفين من شرواها
درجات الكمال والفضل لا
تحصى وقد حاز شأنه أعلاها
تلك آثاره له شاهدات
إنه للعلوم قطبُ رحاها
طلعت من جبال مصعب
والزاب جبال من علمه أرساها
ثم دارت بالأرض كالفَلَك الدَوّارِ
لا تحصر النُهى أقصاها
جاء تفسيره بمعجزة قد
بهرت أهل الابتداع سطاها
يبرق الحق من مصادره العليا
وينهل العلم من مجلاها
وحدته العقول في الفن حكماً
فنفينا الأنداد والأشباها
فانهضي نهضة الغضنفر لا تؤلين
جهداً في قتلها وَجَلاها
واستعدي الأجناد من طاعَة
الله فقد عَزّكِ النصير سواها
واعلمي إن طاعة الله لا ينهض
إلا بالعلم قطعاً بِناها
دونك الجد أفرغي فيه أنفا
سك فالهزل ضاق عنه مداها
واستمدي الأنوار من كلمات
الله إن الهدى بحقٍّ هداها
هي مرج البحرين فالتقطي
الجوهَرَ من ذا وذاك من فحواها
شرب العارفون منها فهاموا
بمذاقين من رحيق طلاها
راع خلف الستور ما أظهرَتهُ
من جَمال فكيف ما في خفاها
إن لله في الخفاء نفوساً
في ميادين قدسه أخفاها
حجبَتها ستائر اللطف عنها
وجلاها من أمره ما جَلاها
أخذتها عنايَة الله عن
أطوارها فانتهت بها في حماها
-------_--------------------------------
----------------------------------------------------------
جرد النفس وانهها عن هواها
لا تذرها في غيها تتلاهى
زكها بالتقوى فما تفلح النفس
بحالٍ إلا على تقواها
واستملها عن المراعى الوبياتِ
إذا استرسَلت إلى مرعاها
واتخذ في مراصد الكيد منها
حَرَساً يكسرون صَعبَ قواها
فلها للعصيان ميل عظيم
لو نفته عن طبعها ما عداها
ولها في المتاب شدة عجزٍ
بِعِدات التسويف نيطت عُراها
ولها في المتاب مكر خفيُّ
جعلته تلبسا من حُلالها
إن كيدَ الشيطان كان ضعيفاً
ودواهي النفوس لا تتضاهى
فتيقض لها وقد أمكن الأمر
فما الحزم تركها ومناها
فاعتقلها في مبرك الزهد بالخوف
إلى أن تبدو هزالاً كلاها
فإذا انحلت القُوى فأثرها
لمراعي اليقين تشفي طواها
وإذا أرزمت وحنت لألف الطبع
فارفض حنينَها وبكاها
فمروج اليقين فيها زُهورٌ
معصرات التوفيق تسقي رباها
ما رعاها حيٌّ فعاشَ ولا ميت
فلم يحيَ ريثما يرعاها
ومتى هب للقبول قبول
بين روضاتها وفاحَ شذاها
فاسر بالدهس لا الحزون بليل
آمناً من كلالهاوَحَفاها
ما سَرَت للأوطان نفسك إلا
حمدت غب صبحه مسراها
أنت في هذه الرسوم العتيقات
غريب فخلها وَبَلاها
والبدار البدار للموطن الدائم
حيث الحياة ألقَت عصاها
قد تراءت لك الخيام فما عجزك
عن أن تحلَّ وسطَ فناها
شَمِرّ الذيل واركب الليل واصحب
ذات صبر فما السلوك سِواها
وعلى الأين فاحتمل كل خَطبٍ
سوف تحلو الخطوب في عقباها
وإذا شقت المسالك طالت
قصّر الشوق للحبيب مداها
ما الكرى والبروق ساهرة إن
كان في الشوق صادقاً دعواها
خلف العالم الطبيعيَّ وارحل
للتي لم تُخلق لدار سِواها
هذه معبر وتلك مقامٌ
فاعبروها لا تعمروا مغناها
عجباً من محجوبةٍ في كثيف
عنصر العالم اللطيف رماها
نسيَتْ أنسها بمقعد صدق
وتجافت لويلها وشقاها
حبست في ضنك ووحشة طبع
فتمنت أن لا يحول عناها
ليتها حلقت إلى الرفرف الأخضر
حيث الأنوار تغذو قُواها
رجّعي يا ورقاءُ نوحَكِ للألف
فإن الولهى تبث جواها
واندبي المعهد القديم عسى الرجعة
قد آذنت إليه عَساها
وانقذي من اشراك سجنك شوقاً
لرياضٍ نشاتِ بينَ رُباها
واسرحي في الرياض من ملكوت
الله ترعينَ فيضه في فضاها
لو شجاك التذكار من لوعة البين
لمزقت القلب آهاً وواها
عالم الكون والفساد بلياتِ
لك الاختيار فيما عداها
رشحتك الألطاف للحضرة
العليا أما ترغبين في لقياها
لهف نفسي على النفوس
النفيسات ضاعت أقدارَها وعُلاَها
برزت من مضارب الحق في
أفضيةالأمر فاستباها هواها
تانف الواديَ المقدس رَعياً
ورعت حيث الأسد تفري فراها
لو تمنت خلاصَها أدركته
وغدت لا تراع وسط حِماها
ما أرادت من جيفة الزخرف
الحائل لو أبصرت سبيلَ هُداها
تتجلى لها الحقائق لا غين
ولا غيم ساترٌ ملاها
باهرات الجمال يدعين للوصل
فتأبى النفوس أن تهواها
غرها الجهل فاطمأنت إليه
أن جهل النفوس أصل شقاها
أيها النفس علم معناكِ بَحرٌ
في عميقات غَمره العقلُ تاها
لو شهدت المسطور في نسخة
الغيب ومعناك ما حوت دفتاها
وكشفتِ المستور فيك لأيقن
تِ بأن الوجود فيك تناهى
أنتِ في هيكل خبيئة أمرٍ
من حكيم لحكمةٍ أمضاها
فأميطي قذاة عينك من بين
زواياه تدركي إياها فالخفايا
عَلَيكِ في لوحك المحفوظ
لو ما كشفت عنها غطاها
آهِ يا نفس والبقية من عمرك
قد أشرفت على منتهاها
أهِ يا نفس أدركيها فلا مطمع
بعد الفراق في لقياها
ودعيها بالصالحات عسى
نفحةُ توب وَرَحْمةٍ تغشاها
لستِ في هذه الحياة على
شيء سوى ما تلفين في عقباها
فاصدري عن غمار باطلها
عطشى فأصدى عطاشها أرواها
ومسير العطاش أقطع للبِيدِ
وخير الأظماء ما أحفاها
فاطمئني وأوّبي وأنيبي
وأخلصي من أفاتها وبلاها
أهِ يا نفس والعلائق أعداء
شداد وأنت من أسراها
يندبون اللوى وأندب نجداً
كل عين تبكي على ما شجاها
ليت إني بيسجن أجتلي النور
من العالم الذي لا يباهى
استمد الفيوض في فيضه
الوهبيّ أو تملأ السيول زباها
قطعت بي قواطع الدهر عنهُ
حاجة في نفس الزمان قضاها
كشفت لي عنه الحقائق والحق
شهيدي بأنه منتماها
وارث الأنبياء علماً وحُكماً
وسفير عنها إلى من عداها
أدرك الملة الحنيفية البيضاء
إذ فوضت له شكواها
تتضنى مروعةً تندب
الأبرار حزناً همالةٌ مقلتاها
فأثارته شربة النهر والغيرة
لله في رضا مصطفاها
فحماها وسامها وكذاك
الأسدُ تحمى عرينَها وحِماها
ردها مثل رد يوشع للشمس
وقد غاب نورها وضياها
عجباً أشرقت من الغرب شمسٌ
فاتَتنا للشرق يسعى سناها
إنها آية وإن كان لابدعَ
من العارفين من شرواها
درجات الكمال والفضل لا
تحصى وقد حاز شأنه أعلاها
تلك آثاره له شاهدات
إنه للعلوم قطبُ رحاها
طلعت من جبال مصعب
والزاب جبال من علمه أرساها
ثم دارت بالأرض كالفَلَك الدَوّارِ
لا تحصر النُهى أقصاها
جاء تفسيره بمعجزة قد
بهرت أهل الابتداع سطاها
يبرق الحق من مصادره العليا
وينهل العلم من مجلاها
وحدته العقول في الفن حكماً
فنفينا الأنداد والأشباها
فانهضي نهضة الغضنفر لا تؤلين
جهداً في قتلها وَجَلاها
واستعدي الأجناد من طاعَة
الله فقد عَزّكِ النصير سواها
واعلمي إن طاعة الله لا ينهض
إلا بالعلم قطعاً بِناها
دونك الجد أفرغي فيه أنفا
سك فالهزل ضاق عنه مداها
واستمدي الأنوار من كلمات
الله إن الهدى بحقٍّ هداها
هي مرج البحرين فالتقطي
الجوهَرَ من ذا وذاك من فحواها
شرب العارفون منها فهاموا
بمذاقين من رحيق طلاها
راع خلف الستور ما أظهرَتهُ
من جَمال فكيف ما في خفاها
إن لله في الخفاء نفوساً
في ميادين قدسه أخفاها
حجبَتها ستائر اللطف عنها
وجلاها من أمره ما جَلاها
أخذتها عنايَة الله عن
أطوارها فانتهت بها في حماها
-------_--------------------------------