تأملات بشأن الفلوجستين .. القرن الثامن عشر - الثورة
تأملات بشأن الفلوجستين
باشر لافوازييه هجومه الأساسي على نظرية الفلوجستين دون أن يشعر بأي نقاط ضعف خطيرة في نظامه المقترح . وقد قدم مذكرة بعنوان (تأملات بشأن الفلوجستين) إلى الأكاديمية في سنة 1783 ، وفي هذه المذكرة أعطى لافوازييه ستال حقه ونسب إليه اكتشاف أن التكلس صورة من صور الاحتراق مع ملاحظة أن القابلية للاحتراق يمكن أن تنتقل من جسم إلى آخر. لكنه بعد ذلك بدأ يقلب النظام رأسا على عقب : فالتكلس الذي كان يعد انفصالا (الفلوجستين من الفلز) أكد لافوازييه أنه اتحاد الأكسجين مع الفلز والاختزال الذي كان يعد اتحادا (الفلز مع الفلوجستين) جعل منه لافوازييه انفصالا (الأكسجين عن الفلز) ، وقال إن الأكسجين ليس مجرد تنوع لعنصر الهواء، لكنه مادة قائمة بذاتها . وليس الفلوجستين مجرد نوع من عنصر النار «الفلوجستين غير موجود»، هكذا نادى لافوازييه.
توصل لافوازييه إلى تعريف حديث للعنصر، غير أنه احتفظ ببعض الأفكار الأرسطية، مثل أن العنصر لابد أن يوجد في كل مكان. وقد كتب:
لا يكفي أن تكون المادة بسيطة وغير قابلة للانقسام، أو على الأقل غير قابلة للتحلل لنسميها عنصرا . فمن الضروري أن تنتشر المادة في الطبيعة وتدخل مكونا أساسا في تركيب عدد كبير من الأجسام (6) .
كذلك احتفظ لافوازييه بفكرة أن العنصر يحدد الأداء الوظيفي (وهي امتداد لأفكار أرسطو عن الخواص الأساسية للعناصر) . كما كانت تفسيراته للحرارة والضوء في حاجة إلى إيمان ميتافيزيقي لكي نتقبلها . إلا أن إنجازاته كانت كسر الحاجز الأرسطى عن العناصر الأربعة، وإرساء قانون الحفاظ على الكتلة كقانون واضح وسليم، وتأكيد الحاجة إلى أي نظرية كيميائية لنتائج التحقق التجريبية لتصبح نظرية سارية. ويمكن كان ذلك كافيا كإنجاز في حياة شخص واحد.
بدأ عدد من الكيميائيين، من بينهم كلود لويس بيرثوليت ولويس برنارد جيوتون دي مورفيه، وأنطوان فرنسوا فور كروي في رؤية فائدة نظرية لافوازيه بعد أن استمعوا إلى شرحه وتوضيحه. أصبحت أفكار لافوازيه تعرف كنظرية كيميائية فرنسية، إلا أن لافوازيه كان يقول «إنها نظريتي (7)».
كلود لويس بيرثوليت
لم تكن الحالة المالية لبيرثوليت على ما يرام مثل لافوازيه على الرغم من أنه ولد في أسرة فرنسية نبيلة. اختار مهمة الطب، ودرس الكيمياء مرتبطة بدراسته للطب. وقد تعرف على دون أورلينز الأرمل - ربما تم التعرف على بفضل أسرة بيرثوليت - المتقاعد من خدمة الملك، وله شغف بالمسرح والموسيقى. والمرتكز دي مونتيسون. وقد أوصى الدوق ببيرثوليت كطبيب خاص لدي مونتيسون. وقد منح هذا الوضع بيرثوليت الدعم الكافي ليتزوج والوقت الكافي تجميل تجارب كيميائية في معمل الدوخة الخاص. أعاد بيرثوليت إجراء تجارب الافوازيه وبريستلي وشيلي الأمر الذي كفل له أن ينتخب في أكاديمية العلوم. ثم عمل بعد ذلك مع فوركروي ودي مورفيه واللافوازيين أتباع لافوازيه والمؤمنين بنظرته على إعلاء شأن نظام لافوازيه الكيميائي الجديد ونشره .
برنارد جيونتون دي مورفيه
قال برنارد جيوتون - محامي من أسرة بورجوازية - إنه يُلقب بـ دي مورفيه لأنه حدد ملاكًا للعائلة. وأثناء الثورة الفرنسية، وخضع للمناخ السياسي، وأصبح اسمه جيوتون - مورفيه، ثم جيتون، ثم جيوتون - مورفيه مرة أخرى. علم نفسه بالكيمياء وأسس عمله في منزله. وقد اختار كمشروع شخصي - أن يتحقق من أن كل فلز يكتسب وزنًا زائدًا عند تسخينه في الهواء. لم يعد أحد من قبل من هذه المشكلة مثل هذا الحذر والمنهجية، وكانت أبحاث دي مورفيه تستحق أن تكون كذلك. وقد بنى تفسيراته الأصلية لهذه الظاهرة على أساس مقدرة الفلوجستين على رفع الاشياء إلى الهواء. لكن لافوازييه أقنعهم بأن الزيادة في الوزن يسببها امتصاص جزء من الهواء.
أصبح دي مورفيه محاضرا في الكيمياء في أكاديمية ديجون، ومثل ماري لافوازييه كان دي مورفيه يملك موهبة في اللغات وترجم عددا من الكتب والمقالات العملية، وكان يعمل في أثناء ذلك مع زوجة أحد الزملاء في أكاديمية ديجون، وهى كلاودين بيكارديه تزوج بالسيدة بيكارديه بعد وفاة زوجها ) . كان ولعه ومنهجه للغات باديا في الإحباط الذي أصابه من التسميات الكيميائيه السارية في ذلك الوقت كانت أسماء الكيمياويات نادر اما تعبر عن تركيبها أو سلوكها الكيميائي، وفى المقابل كانت هذه الأسماء مبنية على أساس من المظهر زيت الزاج وزبدة الأنتيمون أو أساس شخص ملح جلوبر) أو مكان (ملح إبسوم) . اقترح دى مورفيه بعض الإصلاحات، ثم أخذ يعمل جنبا إلى جنب مع بيرثوليت ولافوازييه وفور كروي في تطوير طريقة منهجية للأسماء الكيميائية.
أنطوان فرانسوا فوركروي
كان فور كروي أصغر عضو في مجموعة لافوازييه وزملائه المقربين. وكانت أسرة فور كروي من النبلاء، لكنها أصبحت جزءا من الطبقة العاملة. كان أبوه صيدلانيا، وتوفيت والدته وهو في السابعة . لم يصفه أحد بالذكاء الخارق، لكنه كان جادا فى عمله. وعندما التقى سكرتير الجمعية الطبية الملكية بهذا الشاب الشغوف، استطاع الأخير أن يحصل على منحة لدراسة الطب من الجمعية الطبية. لم يمارس فور كروي الطب مطلقا، لكنه وجد في نفسه مهارة في الكيمياء وفي التدريس، وبدأ في إلقاء المحاضرات في معمل بيكويه الخاص. وفي النهاية صار فور كروي أستاذا في الكيمياء في جاردان دي روا». وعندما تزوج، استطاع أن يستخدم جزءا من دوطة زوجته في تأسيس معمل خاص حيث كان يقوم بإعطاء الدروس الخصوصية في الكيمياء.
كان فور كروى معلما ممتازا لكن مداخله للبحث كانت تبدو عادية.
فحجم العمل الذي تمكن هذا الكيميائي النشيط من إنجازه عظيم، لكن القليل منه يستحق الإشادة لتفرده وعمقه. وقد اكتسب أهميته لارتباطه ومؤازرته للافوازييه. وجاء ذلك عن طريق عضويته في أكاديمية العلوم.
ومع أنه حاول الالتحاق بالأكاديمية في أوائل العقد الثالث من عمره، إلا أنه لم ينجح في ذلك إلا خلال العقد الرابع وعندما قبل عضوا في الأكاديمية أصبح - كما كان متوقعا له - واحدا من أكثرهم جدية في عمله.
وإلى جوار المهام التي كلفته بها أكاديمية العلوم، قام فور كروي بتمويل أبحاثه الخاصة، والتي عكست خبرته السابقة في الطب ، ولأنه كان مهتما بالتغيرات التي تحدث للمادة في أثناء التعفن، فقد استفاد من فرصة وجود ألف جثة مستخرجة من مدافن البسطاء ليقوم باختبارها . وقد وصف باحتراس تأثير كل من الحرارة والهواء والماء والكحول والأحماض والقلويات والمذيبات الأخرى في المادة المتحللة . وقد اختبر فور كروي كذلك تأثير حقن الدم الفاسد في جسم الحيوانات (كانت هناك نظرية في ذلك الوقت تقول إن مرض الاسقربوط سببه تعفن الدم في الأوردة)، ولكن حيواناته لم تعش بعد ذلك ليتحقق ما إذا كانت ستمرض بالإسقربوط . وقد ساعده أحد معاونيه، وهو فوكولين والموضع المناسب لقصته في الفصل القادم، وهو ما
فعلناه بإجراء اختبارات كيميائية على بول أنواع مختلفة من الطيور والأسود والنمور والثعابين.
لم يكن فور كروي سياسيا بالتحديد ( مع أن العصر كان يفرض السياسة على الجميع، لكنه كان يفضل الإصلاحات التي اقترحتها الثورة، وبعد قيام الثورة درس مناهج ثورية مناهج قصيرة مكثفة في إنتاج النيترو البارود والمدفعية ... إلخ) وقد عاون في كتابة الإرشادات اللازمة للجمهور لإنتاج الأشياء العملية مثل الصابون. كما طور طريقة لفصل النحاس من سبيكة النحاس مع القصدير الخاصة بأجراس الكنائس، وكمثال آخر لتعاونه مع الثورة.
وبالإضافة لقيامه بكم هائل من العمل، كان كذلك كاتبا مسهبا . ومع أنه كان يوصف بالإطناب، إلا أن كتاباته كانت دقيقة ومفهومة. كان يستمع المحاضراته عدد قليل من النساء من بينهن ماري رولاند، التي كان مقدرا لها أن تعدم بالمقصلة، وكتب فور كروي بعض الأعمال الموجهة خصيصا المستمعين في هذه المحاضرات. كتب كذلك كتابًا بعنوان «عناصر التاريخ الطبيعي والكيمياء» والذي أورد في طبعته الثانية كلا من نظرية الفلوجستين والأكسجين. ولما قدم فور كروي هذه الطبعة الثانية إلى أكاديمية العلوم الفرنسية، كان لافوازيه على رأس اللجنة المعينة لإجازته. وقد علق نشر الكتاب إلى أن يصبح فور كروي مقتنعًا بصحة نظرية لافوازيه، أو ربما لإدراك لافوازيه بأهمية وتأثير مصادقة مثل هذه الشخصية المؤثرة في التعليم الكيميائي الفرنسي. وحدث هذا في الوقت نفسه الذي تجاوز فيه نظرة بيرثوليت .
تأملات بشأن الفلوجستين
باشر لافوازييه هجومه الأساسي على نظرية الفلوجستين دون أن يشعر بأي نقاط ضعف خطيرة في نظامه المقترح . وقد قدم مذكرة بعنوان (تأملات بشأن الفلوجستين) إلى الأكاديمية في سنة 1783 ، وفي هذه المذكرة أعطى لافوازييه ستال حقه ونسب إليه اكتشاف أن التكلس صورة من صور الاحتراق مع ملاحظة أن القابلية للاحتراق يمكن أن تنتقل من جسم إلى آخر. لكنه بعد ذلك بدأ يقلب النظام رأسا على عقب : فالتكلس الذي كان يعد انفصالا (الفلوجستين من الفلز) أكد لافوازييه أنه اتحاد الأكسجين مع الفلز والاختزال الذي كان يعد اتحادا (الفلز مع الفلوجستين) جعل منه لافوازييه انفصالا (الأكسجين عن الفلز) ، وقال إن الأكسجين ليس مجرد تنوع لعنصر الهواء، لكنه مادة قائمة بذاتها . وليس الفلوجستين مجرد نوع من عنصر النار «الفلوجستين غير موجود»، هكذا نادى لافوازييه.
توصل لافوازييه إلى تعريف حديث للعنصر، غير أنه احتفظ ببعض الأفكار الأرسطية، مثل أن العنصر لابد أن يوجد في كل مكان. وقد كتب:
لا يكفي أن تكون المادة بسيطة وغير قابلة للانقسام، أو على الأقل غير قابلة للتحلل لنسميها عنصرا . فمن الضروري أن تنتشر المادة في الطبيعة وتدخل مكونا أساسا في تركيب عدد كبير من الأجسام (6) .
كذلك احتفظ لافوازييه بفكرة أن العنصر يحدد الأداء الوظيفي (وهي امتداد لأفكار أرسطو عن الخواص الأساسية للعناصر) . كما كانت تفسيراته للحرارة والضوء في حاجة إلى إيمان ميتافيزيقي لكي نتقبلها . إلا أن إنجازاته كانت كسر الحاجز الأرسطى عن العناصر الأربعة، وإرساء قانون الحفاظ على الكتلة كقانون واضح وسليم، وتأكيد الحاجة إلى أي نظرية كيميائية لنتائج التحقق التجريبية لتصبح نظرية سارية. ويمكن كان ذلك كافيا كإنجاز في حياة شخص واحد.
بدأ عدد من الكيميائيين، من بينهم كلود لويس بيرثوليت ولويس برنارد جيوتون دي مورفيه، وأنطوان فرنسوا فور كروي في رؤية فائدة نظرية لافوازيه بعد أن استمعوا إلى شرحه وتوضيحه. أصبحت أفكار لافوازيه تعرف كنظرية كيميائية فرنسية، إلا أن لافوازيه كان يقول «إنها نظريتي (7)».
كلود لويس بيرثوليت
لم تكن الحالة المالية لبيرثوليت على ما يرام مثل لافوازيه على الرغم من أنه ولد في أسرة فرنسية نبيلة. اختار مهمة الطب، ودرس الكيمياء مرتبطة بدراسته للطب. وقد تعرف على دون أورلينز الأرمل - ربما تم التعرف على بفضل أسرة بيرثوليت - المتقاعد من خدمة الملك، وله شغف بالمسرح والموسيقى. والمرتكز دي مونتيسون. وقد أوصى الدوق ببيرثوليت كطبيب خاص لدي مونتيسون. وقد منح هذا الوضع بيرثوليت الدعم الكافي ليتزوج والوقت الكافي تجميل تجارب كيميائية في معمل الدوخة الخاص. أعاد بيرثوليت إجراء تجارب الافوازيه وبريستلي وشيلي الأمر الذي كفل له أن ينتخب في أكاديمية العلوم. ثم عمل بعد ذلك مع فوركروي ودي مورفيه واللافوازيين أتباع لافوازيه والمؤمنين بنظرته على إعلاء شأن نظام لافوازيه الكيميائي الجديد ونشره .
برنارد جيونتون دي مورفيه
قال برنارد جيوتون - محامي من أسرة بورجوازية - إنه يُلقب بـ دي مورفيه لأنه حدد ملاكًا للعائلة. وأثناء الثورة الفرنسية، وخضع للمناخ السياسي، وأصبح اسمه جيوتون - مورفيه، ثم جيتون، ثم جيوتون - مورفيه مرة أخرى. علم نفسه بالكيمياء وأسس عمله في منزله. وقد اختار كمشروع شخصي - أن يتحقق من أن كل فلز يكتسب وزنًا زائدًا عند تسخينه في الهواء. لم يعد أحد من قبل من هذه المشكلة مثل هذا الحذر والمنهجية، وكانت أبحاث دي مورفيه تستحق أن تكون كذلك. وقد بنى تفسيراته الأصلية لهذه الظاهرة على أساس مقدرة الفلوجستين على رفع الاشياء إلى الهواء. لكن لافوازييه أقنعهم بأن الزيادة في الوزن يسببها امتصاص جزء من الهواء.
أصبح دي مورفيه محاضرا في الكيمياء في أكاديمية ديجون، ومثل ماري لافوازييه كان دي مورفيه يملك موهبة في اللغات وترجم عددا من الكتب والمقالات العملية، وكان يعمل في أثناء ذلك مع زوجة أحد الزملاء في أكاديمية ديجون، وهى كلاودين بيكارديه تزوج بالسيدة بيكارديه بعد وفاة زوجها ) . كان ولعه ومنهجه للغات باديا في الإحباط الذي أصابه من التسميات الكيميائيه السارية في ذلك الوقت كانت أسماء الكيمياويات نادر اما تعبر عن تركيبها أو سلوكها الكيميائي، وفى المقابل كانت هذه الأسماء مبنية على أساس من المظهر زيت الزاج وزبدة الأنتيمون أو أساس شخص ملح جلوبر) أو مكان (ملح إبسوم) . اقترح دى مورفيه بعض الإصلاحات، ثم أخذ يعمل جنبا إلى جنب مع بيرثوليت ولافوازييه وفور كروي في تطوير طريقة منهجية للأسماء الكيميائية.
أنطوان فرانسوا فوركروي
كان فور كروي أصغر عضو في مجموعة لافوازييه وزملائه المقربين. وكانت أسرة فور كروي من النبلاء، لكنها أصبحت جزءا من الطبقة العاملة. كان أبوه صيدلانيا، وتوفيت والدته وهو في السابعة . لم يصفه أحد بالذكاء الخارق، لكنه كان جادا فى عمله. وعندما التقى سكرتير الجمعية الطبية الملكية بهذا الشاب الشغوف، استطاع الأخير أن يحصل على منحة لدراسة الطب من الجمعية الطبية. لم يمارس فور كروي الطب مطلقا، لكنه وجد في نفسه مهارة في الكيمياء وفي التدريس، وبدأ في إلقاء المحاضرات في معمل بيكويه الخاص. وفي النهاية صار فور كروي أستاذا في الكيمياء في جاردان دي روا». وعندما تزوج، استطاع أن يستخدم جزءا من دوطة زوجته في تأسيس معمل خاص حيث كان يقوم بإعطاء الدروس الخصوصية في الكيمياء.
كان فور كروى معلما ممتازا لكن مداخله للبحث كانت تبدو عادية.
فحجم العمل الذي تمكن هذا الكيميائي النشيط من إنجازه عظيم، لكن القليل منه يستحق الإشادة لتفرده وعمقه. وقد اكتسب أهميته لارتباطه ومؤازرته للافوازييه. وجاء ذلك عن طريق عضويته في أكاديمية العلوم.
ومع أنه حاول الالتحاق بالأكاديمية في أوائل العقد الثالث من عمره، إلا أنه لم ينجح في ذلك إلا خلال العقد الرابع وعندما قبل عضوا في الأكاديمية أصبح - كما كان متوقعا له - واحدا من أكثرهم جدية في عمله.
وإلى جوار المهام التي كلفته بها أكاديمية العلوم، قام فور كروي بتمويل أبحاثه الخاصة، والتي عكست خبرته السابقة في الطب ، ولأنه كان مهتما بالتغيرات التي تحدث للمادة في أثناء التعفن، فقد استفاد من فرصة وجود ألف جثة مستخرجة من مدافن البسطاء ليقوم باختبارها . وقد وصف باحتراس تأثير كل من الحرارة والهواء والماء والكحول والأحماض والقلويات والمذيبات الأخرى في المادة المتحللة . وقد اختبر فور كروي كذلك تأثير حقن الدم الفاسد في جسم الحيوانات (كانت هناك نظرية في ذلك الوقت تقول إن مرض الاسقربوط سببه تعفن الدم في الأوردة)، ولكن حيواناته لم تعش بعد ذلك ليتحقق ما إذا كانت ستمرض بالإسقربوط . وقد ساعده أحد معاونيه، وهو فوكولين والموضع المناسب لقصته في الفصل القادم، وهو ما
فعلناه بإجراء اختبارات كيميائية على بول أنواع مختلفة من الطيور والأسود والنمور والثعابين.
لم يكن فور كروي سياسيا بالتحديد ( مع أن العصر كان يفرض السياسة على الجميع، لكنه كان يفضل الإصلاحات التي اقترحتها الثورة، وبعد قيام الثورة درس مناهج ثورية مناهج قصيرة مكثفة في إنتاج النيترو البارود والمدفعية ... إلخ) وقد عاون في كتابة الإرشادات اللازمة للجمهور لإنتاج الأشياء العملية مثل الصابون. كما طور طريقة لفصل النحاس من سبيكة النحاس مع القصدير الخاصة بأجراس الكنائس، وكمثال آخر لتعاونه مع الثورة.
وبالإضافة لقيامه بكم هائل من العمل، كان كذلك كاتبا مسهبا . ومع أنه كان يوصف بالإطناب، إلا أن كتاباته كانت دقيقة ومفهومة. كان يستمع المحاضراته عدد قليل من النساء من بينهن ماري رولاند، التي كان مقدرا لها أن تعدم بالمقصلة، وكتب فور كروي بعض الأعمال الموجهة خصيصا المستمعين في هذه المحاضرات. كتب كذلك كتابًا بعنوان «عناصر التاريخ الطبيعي والكيمياء» والذي أورد في طبعته الثانية كلا من نظرية الفلوجستين والأكسجين. ولما قدم فور كروي هذه الطبعة الثانية إلى أكاديمية العلوم الفرنسية، كان لافوازيه على رأس اللجنة المعينة لإجازته. وقد علق نشر الكتاب إلى أن يصبح فور كروي مقتنعًا بصحة نظرية لافوازيه، أو ربما لإدراك لافوازيه بأهمية وتأثير مصادقة مثل هذه الشخصية المؤثرة في التعليم الكيميائي الفرنسي. وحدث هذا في الوقت نفسه الذي تجاوز فيه نظرة بيرثوليت .
تعليق