هنري كافندش - كيميائيو الهواء المضغوط .. بحث عن النظام وعن الفلوجستين
هنري كافندش
لم يكن لهنري كافندش أي لقب على الرغم من أنه ولد لأسرة أرستقراطية، لكنه عاش مستقلا وموسرا طوال حياته . ذهب إلى كامبريدج لكنه لم يحصل على أي درجة علمية، الأمر غير العادي بالنسبة لشخص في وضعه، ثم عاش مع والده في لندن بعد كامبريدج، حيث بنى ورشة ومعملا ، ليبدأ تاريخ حياته الفريد في البحث العلمي غير المقيد .
يبدو أن كافندش واحد من الشخصيات القلائل التي صادفتنا (أو ستصادفنا) والتي كانت في إخلاصها العلمي بعيدة عن دوافع خفية . وبروحالناسك لم يتزوج كافندش أبدا وكان يتجنب المجتمع العابث. كان والده عضوا في الجمعية الملكية، وقد ساعد ابنه ليجد مكانا له في الأوساط العلمية في لندن. وعندما اختير كافندش عضوا في الجمعية الملكية كان يحضر الاجتماعات بكل إخلاص. وابتعد عن الإعلان أو الشهرة، ولم يكتب طوال حياة الإنتاج، التي دامت 50 عاما ، سوى أقل من 20 مؤلفا . لكنه عندما كان ينشر بحثا كان يلتزم منتهى الحرص والدقة. غطت أبحاثه المنشورة مجالا عريضا الكهرباء ودرجات التجمد وكثافة الأرض وما هو موضع اهتمامنا هنا كيمياء الهواء المضغوط.
كانت أول مقالة منشورة لكافندش عن الهواء المصطنع أي الغازات المثبتة في بعض المواد، والتي يمكن إطلاقها مثل ثاني أكسيد الكربون في الكربونات. كان الهواء القابل للاشتعال هو أحد هذه الغازات المصطنعة غاز الهيدروجين، والذي جمعه من تفاعل الفلزات مع الأحماض.
عندما أشعل كافندش الهواء القابل للاشتعال مع الهواء منقوص الفلوجستين (الأكسجين) الذي اكتشفه بريستلي، وجد أن الماء قد تكون مؤكداً ما سبق أن شاهده كل من بريستلي ووات وآخرين. استنتج كافندش أن الهواء القابل للاشتعال الهيدروجين قد امتص بواسطة الهواء منقوص الفلوجستين (الأكسجين)، وأنه - أي الهيدروجين - فلوجستين نقي. وبالقطع فإن الهيدروجين بخفة وزنه وقابليته للانفجار، كان له من الصفات المميزة ما كان متوقعا للفلوجستين.
لكن مع ذلك، كانت هناك عقدة: فقد وجد كافندش أن الماء الذي نتج كان يحتوي على كمية صغيرة من حمض النيتريك. استنتج كافندش (وكان على صواب أن السبب في ذلك هو الهواء المضاف إليه الفلوجستين - الذي اكتشفه رذرفورد - النيتروجين) والذي كان موجودا مع الشوائب في الهواء منقوص الفلوجستين. وقبل أن ينشر بحثه، تأكد من هذا التفسير عن طريق الاشتعال المتكرر وإزالة حمض النتيريك. وعندما لم يتبق أي أكسجين أو نيتروجين يمكن إزالته، وجد كافندش أن هناك جزءا صغيرا ما زال موجودا من الغاز. ظل هذا الحجم الذي لم يتفاعل من الغاز - ومقداره 1 من دون تفسير لأكثر من مائة عام حتى جاء رايلي ورامزي، واكتشفا أنه الأرجون الموجود في الهواء الجوي.
وكما للاحتراق من دهشة، فإن الانفجارات كذلك، وقد كان الغاز الجديد القابل للاشتعال (الهيدروجين) يستطيع أن يحترق وينفجر. وقد كان هناك على الأقل أحد المتهورين الذي رغب في استنشاق الغاز ثم إشعاله عندما يخرج في هواء الزفير. عموما، عندما حاول أن يفعل الشيء نفسه مع خليط من الهيدروجين والهواء العادي: كانت النتيجة انفجارا مفزعا حتى أنني تخيلت أن أسناني كلها قد اقتلعت (8) وقد صمم الدكتور جاك تشارلز الاسم الذي سنعرض له مرة أخرى - أول بالون مملوء بالهيدروجين وصعد به إلى الهواء أمام دهشة 300 ألف متفرج، مفتتحا بذلك تاريخ غزو الهواء.
لم يكن كافندش نفسه ليشترك في مثل هذه المسرحيات، وفي الحقيقة لم يكن حتى ليقوم بالتدريس أو يؤجر مواهبه الكيميائية لقاء نقود . ويمكن أن نصفه بأنه كان غير ودود اجتماعيا : كان يرتدي موضة خمسين سنة مضت، وملابسه متسخة ورثة وكان عليه معطف طويل الياقة، وكان لاذعا
وله عادات صارمة حتى مع نفسه، ولا دينيا . وكانت هناك أقوال عن أنه كاره للبشر، لكنها قد تكون أقوالا غير عادلة : إذ ربما كان غير عابئ بالبشر أكثر من كونه عدوا لهم : فعندما تعرض خازن مكتبته الذي كان يعمل عنده الأزمة حادة بعد أن ترك العمل معه، وأخبر أحد الأصدقاء المشتركين كافندش بذلك ، قال كافندش أنه آسف لسماع ذلك. وفقط عندما اقترح الصديق تخصيص مبلغ سنوي لهذا الرفيق، فإن كافندش استجاب بمبلغ يعد ثروة طائلة في تلك الأيام، عشرة آلاف جنيه.
ومهما كانت الأسباب فإن كافندش كان غير اجتماعي في النهاية. فعلى فراش الموت لم يكن معه سوى خادمه الخصوصي. وحتى هذا الخادم طلب منه كافندش أن يذهب بعيد لئلا يزعجه حتى ساعة معينة. وعندما رجع الخادم في الساعة المعينة وجد مخدومه قد مات. وقد بدأنا نشك في أن هناك شيئًا ما في الهواء الذي يتفاعل معه هؤلاء الكيميائيون المعنيون بالهواء المضغوط لأن موضوعنا القادم يبدو أن له عاداته الاجتماعية الخاصة المميزة له .
هنري كافندش
لم يكن لهنري كافندش أي لقب على الرغم من أنه ولد لأسرة أرستقراطية، لكنه عاش مستقلا وموسرا طوال حياته . ذهب إلى كامبريدج لكنه لم يحصل على أي درجة علمية، الأمر غير العادي بالنسبة لشخص في وضعه، ثم عاش مع والده في لندن بعد كامبريدج، حيث بنى ورشة ومعملا ، ليبدأ تاريخ حياته الفريد في البحث العلمي غير المقيد .
يبدو أن كافندش واحد من الشخصيات القلائل التي صادفتنا (أو ستصادفنا) والتي كانت في إخلاصها العلمي بعيدة عن دوافع خفية . وبروحالناسك لم يتزوج كافندش أبدا وكان يتجنب المجتمع العابث. كان والده عضوا في الجمعية الملكية، وقد ساعد ابنه ليجد مكانا له في الأوساط العلمية في لندن. وعندما اختير كافندش عضوا في الجمعية الملكية كان يحضر الاجتماعات بكل إخلاص. وابتعد عن الإعلان أو الشهرة، ولم يكتب طوال حياة الإنتاج، التي دامت 50 عاما ، سوى أقل من 20 مؤلفا . لكنه عندما كان ينشر بحثا كان يلتزم منتهى الحرص والدقة. غطت أبحاثه المنشورة مجالا عريضا الكهرباء ودرجات التجمد وكثافة الأرض وما هو موضع اهتمامنا هنا كيمياء الهواء المضغوط.
كانت أول مقالة منشورة لكافندش عن الهواء المصطنع أي الغازات المثبتة في بعض المواد، والتي يمكن إطلاقها مثل ثاني أكسيد الكربون في الكربونات. كان الهواء القابل للاشتعال هو أحد هذه الغازات المصطنعة غاز الهيدروجين، والذي جمعه من تفاعل الفلزات مع الأحماض.
عندما أشعل كافندش الهواء القابل للاشتعال مع الهواء منقوص الفلوجستين (الأكسجين) الذي اكتشفه بريستلي، وجد أن الماء قد تكون مؤكداً ما سبق أن شاهده كل من بريستلي ووات وآخرين. استنتج كافندش أن الهواء القابل للاشتعال الهيدروجين قد امتص بواسطة الهواء منقوص الفلوجستين (الأكسجين)، وأنه - أي الهيدروجين - فلوجستين نقي. وبالقطع فإن الهيدروجين بخفة وزنه وقابليته للانفجار، كان له من الصفات المميزة ما كان متوقعا للفلوجستين.
لكن مع ذلك، كانت هناك عقدة: فقد وجد كافندش أن الماء الذي نتج كان يحتوي على كمية صغيرة من حمض النيتريك. استنتج كافندش (وكان على صواب أن السبب في ذلك هو الهواء المضاف إليه الفلوجستين - الذي اكتشفه رذرفورد - النيتروجين) والذي كان موجودا مع الشوائب في الهواء منقوص الفلوجستين. وقبل أن ينشر بحثه، تأكد من هذا التفسير عن طريق الاشتعال المتكرر وإزالة حمض النتيريك. وعندما لم يتبق أي أكسجين أو نيتروجين يمكن إزالته، وجد كافندش أن هناك جزءا صغيرا ما زال موجودا من الغاز. ظل هذا الحجم الذي لم يتفاعل من الغاز - ومقداره 1 من دون تفسير لأكثر من مائة عام حتى جاء رايلي ورامزي، واكتشفا أنه الأرجون الموجود في الهواء الجوي.
وكما للاحتراق من دهشة، فإن الانفجارات كذلك، وقد كان الغاز الجديد القابل للاشتعال (الهيدروجين) يستطيع أن يحترق وينفجر. وقد كان هناك على الأقل أحد المتهورين الذي رغب في استنشاق الغاز ثم إشعاله عندما يخرج في هواء الزفير. عموما، عندما حاول أن يفعل الشيء نفسه مع خليط من الهيدروجين والهواء العادي: كانت النتيجة انفجارا مفزعا حتى أنني تخيلت أن أسناني كلها قد اقتلعت (8) وقد صمم الدكتور جاك تشارلز الاسم الذي سنعرض له مرة أخرى - أول بالون مملوء بالهيدروجين وصعد به إلى الهواء أمام دهشة 300 ألف متفرج، مفتتحا بذلك تاريخ غزو الهواء.
لم يكن كافندش نفسه ليشترك في مثل هذه المسرحيات، وفي الحقيقة لم يكن حتى ليقوم بالتدريس أو يؤجر مواهبه الكيميائية لقاء نقود . ويمكن أن نصفه بأنه كان غير ودود اجتماعيا : كان يرتدي موضة خمسين سنة مضت، وملابسه متسخة ورثة وكان عليه معطف طويل الياقة، وكان لاذعا
وله عادات صارمة حتى مع نفسه، ولا دينيا . وكانت هناك أقوال عن أنه كاره للبشر، لكنها قد تكون أقوالا غير عادلة : إذ ربما كان غير عابئ بالبشر أكثر من كونه عدوا لهم : فعندما تعرض خازن مكتبته الذي كان يعمل عنده الأزمة حادة بعد أن ترك العمل معه، وأخبر أحد الأصدقاء المشتركين كافندش بذلك ، قال كافندش أنه آسف لسماع ذلك. وفقط عندما اقترح الصديق تخصيص مبلغ سنوي لهذا الرفيق، فإن كافندش استجاب بمبلغ يعد ثروة طائلة في تلك الأيام، عشرة آلاف جنيه.
ومهما كانت الأسباب فإن كافندش كان غير اجتماعي في النهاية. فعلى فراش الموت لم يكن معه سوى خادمه الخصوصي. وحتى هذا الخادم طلب منه كافندش أن يذهب بعيد لئلا يزعجه حتى ساعة معينة. وعندما رجع الخادم في الساعة المعينة وجد مخدومه قد مات. وقد بدأنا نشك في أن هناك شيئًا ما في الهواء الذي يتفاعل معه هؤلاء الكيميائيون المعنيون بالهواء المضغوط لأن موضوعنا القادم يبدو أن له عاداته الاجتماعية الخاصة المميزة له .
تعليق