هندسة الخط العربي وتكنولوجيته

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هندسة الخط العربي وتكنولوجيته

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	صورة للخط العربي.jpg 
مشاهدات:	22 
الحجم:	124.1 كيلوبايت 
الهوية:	24948


    "الخط العربي".. التكنولوجيا لم تسلبه المتعة والجمال
    • نجوى عبد العزيز محمود
    ​​

    دمشق
    "الخط هندسة روحانية ظهرت بآلة جسمانية، إن جوّدت قلمك جوّدت خطك، وإن أهملت قلمك أهملت خطك".. عبارة لطالما ترددت بين هواة ومحبي الخط العربي وأصبحت قاعدة انطلقوا منها في مسيرتهم الفنية، معتبرين أنّ الخط العربي يعدُّ نظاماً متكاملاً يقوم على أسس وقواعد جمعت بين كونه علماً وكونه فناً في آنٍ واحد.

    بفضل هذه المعايير حافظ الخط العربي على استمراريته وحفظه من الضياع والاندثار والتشويه، خصوصاً أنه مرَّ بمراحل وحقب تاريخية عدة، وكل مرحلة أضافت له بصمتها الخاصة وطابعها الفني الأصيل الذي عكس من خلال حروفه ونقوشه تاريخ تلك الحقبة.


    مسارٌ تاريخيّ


    عبّر الخط خلال مساره الطويل عن ملامح وكينونة الحضارة العربية وعكس روحها وطبيعتها، هذا ما أكده الخطاط "فرج آل رشي" لمدوّنة وطن عندما التقته في "التكية السليمانية" بقوله: وُجد الخط العربي على مر العصور بدءاً من العصر النبطي ثم في عهد النبوة مروراً بالعصور الراشدي فالأموي والعباسي.. ففي البداية كانت الحروف تكتب غير منقطة وجسدت الحضارات التي سميت بأسمائها كالخط النبطي والخط الفينيقي، ثم بدأ الاهتمام بالخط العربي بعد نزول القرآن الكريم حيث تم استخدامه كأداة لتدوين وتسجيل الآيات القرآنية على ورق البردة وسعف النخيل، وحفر أيضاً على ألواح حجرية، مضيفاً: كانت الخطوط العربية غير منتظمة ومتباينة وغير منقطة، لكن الخطاط العربي سعى أن يخضع هذه الحروف لحساسيته الفنية وأضاف إليها من روحه وموهبته بالتبسيط والانتقاء تارة والتسلسل والحشو والتطويل تارة أخرى، لتنتج أنامله أعمالاً فنية في غاية الروعة والجمال.
    ​​اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image (4).jpg 
مشاهدات:	13 
الحجم:	90.4 كيلوبايت 
الهوية:	24949
    ​​الخطاط فرج آل رشي


    أصلُ الخطوط

    ​​
    ويوضح الخطاط "آل رشي" أن رسم الخط العربي تطور ليكتب بالخط الكوفي الذي يعدُّ أصل الخطوط العربية كلها، حيث ظهر هذا الخط في منطقة "الكوفة "في العراق على يد الخطاط "ابن مقلة" وأخيه اللذين قاما بقولبة الخط العربي ضمن قواعد وموازين أصبحت فيما بعد الأساس الذي يمشي عليه الخطاطون منذ القديم حتى يومنا هذا، فالخط العربي وسيلة للتعبير عن اللغة من خلال رموز الحروف العربية التي اشتهر الخط العربي بإبراز جمالياتها، مشيراً إلى أنّ الخط العربي لم يقف عند نقش جملة وزخرفتها من خلال استخدام الحروف ذاتها، بل إنه ضم فناً تشكيلياً مستقلاً يتمتع بمرونة أحرفه وإمكانية تطويع وإلانة الحرف لخدمة عمل فني مبتكر، ما يضفي على العمل الفني ثراءً وحيوية، بالإضافة إلى أنّ الخط العربي منسوب أي إنّه مقاس بطريقة هندسية فكل حرف يتراوح بين عددين من النقاط، فلا يقل عن الحد الأدنى، ولا يزيد على الحد الأقصى، فمثلاً ميزان حرف الألف هو بين ثلاث نقاط إلى ست نقاط، كما أن لكل حرف مخرجاً معيناً يعطيه صوته المألوف.
    ميزاتٌ وضوابط


    ويتابع "آل رشي": "احتل الخط العربي مكانة سامية في سلم الفنون التشكيلية على الصعيد العربي والعالمي نظراً لروعة بنائه وهندسة حروفه وزخرفة أشكاله وعمارة ألوانه حتى أن الفنان العالمي "بيكاسو" قال عن الخط العربي "كلما أبحرت في فني ووصلت إلى أقصى نقطة أردت الوصول إليها وجدت الخط العربي قد سبقني بأشواط".
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	من أعمال الخطاط.jpg 
مشاهدات:	19 
الحجم:	77.0 كيلوبايت 
الهوية:	24950
    ​​من أعمال الخطاط "فرج آل رشي"
    ​​


    وعن أنواع الخطوط العربية ومراحل تعلمها قال "آل رشي": لكل نوع من الخطوط العربية ميزات وضوابط قد تشبه بعضها البعض كما في خطي النسخ والثلث، وقد تختلف اختلافاً شاسعاً كالفرق بين الديواني والرقعة، ولكل خط استخداماته فخط النسخ تم استخدامه قديماً في نسخ القرآن الكريم، وخط الثلث تم استخدامه في تزيين المساجد والقباب، وخط الرقعة نظراً لسهولته وجماله الشكلي تم استخدامه بالكتابات اليومية، والخط الديواني تم استخدامه لكتابة مراسلات الملوك والسلاطين، والخط الكوفي الذي يعدُّ أصل الخطوط العربية كلها، والخط الفارسي الذي ظهر في بلاد فارس، وفي العصر الحديث ظهر العديد من أنواع الخطوط كخط النياسابوري وخط السنبلي والوسام وهذه الخطوط تستخدم في العمل التجاري كونها أسرع وتمتلك جمالية معينة، بالإضافة إلى أن لوحات الخط العربي نقشت على كل الخامات كالجلد والفخار والنحاس والفسيفساء والقماش والسجاد وعلى أسقف الجوامع والمباني الأثرية وغيرها.

    ويرى "آل رشي" أنّ ثمة مراحل لا بدّ أن يمر بها الخطاط كون الخط العربي يعدُّ سلماً فنياً متسلسلاً ودرجات أيضاً، تبدأ أول درجة فيه بخط الرقعة ثم يأتي بعده الخط الديواني يليه الخط الديواني الجلي وخط التعليق وبعده خط النسخ وآخر درجة في قمة الخط العربي هو خط الثلث وهو من الخطوط العملاقة وصعب ويحتاج إلى مهارة ودقة في العمل.
    بين الماضي والحاضر


    وفي حديث مع الخطاط "محمد جلال شيخو" الذي حدثنا عن أثر التكنولوجيا في تقنيات الخط العربي بقوله: إن الخط العربي كغيره من الفنون تأثر بالتكنولوجيا الحديثة، لكن هذا التأثير كان في عمل الخطاط وليس في تقنيات الخط، فرغم التقنيات الحديثة التي أدخلت عليه باستخدام الحاسوب وغيره من الوسائل الحديثة ظل محافظاً على رونقه وأصالته وما زالت الكتابة بالقصبة والحبر لها متعتها وجمالها، وفي "سورية" دخلت مجموعة من التطورات من حيث شكل الحرف من الناحية الجمالية بشكل بسيط وجذّاب ومن مطوّريه الخطاط الراحل في القرن الماضي "بدوي الديراني" الدمشقي و"ممدوح الشريف" ولهما أسلوب خاص بهما ولكن مع حفاظهما على قواعد الخط بشكل العام، مضيفاً: إنّ التقنيات التي استخدمت بفن الخط العربي في الماضي وعبر مئات السنين هي نفسها في الوقت الحاضر مع بعض الفوارق مثل الأقلام التي اتخذت من أنواع القصب كالبامبو والجاوا والإيراني والبلدي والخشب لكتابة السماكات الكبيرة أكثر من 2 سم إلى 10 سم ومنذ أكثر من مئة سنة اُدخل على الكتابة أقلام ذات رأس معدني، كما أن من تقنيات أدوات الكتابة الأحبار المصنوعة يدوياً من مواد طبيعية وما زالت مستعملة إلى الآن مثل هُباب الفحم والجوز والزرنيخ وأحبار الذهب والفضة والورود بألوانها وأيضاً دَوَاة الحبر، حيث كان الخطاطون يضعون فيها خيوط الحرير الطبيعي وأيضاً الورق المصنوع والمعالج يدوياً بعد صناعته "كالتقهير" وهي مواد توضع فوق الورق مثل الأصبغة والنشاء وبياض البيض والشبّة ثم يُدعك الورق بحجر العقيق حتى يصقل الورق ويصبح جاهزاً للكتابة وما زال حتى الآن الخطاطون في العالم يستعملون هذه التقنيات في اللوحات ذات القيمة الفنية العالية.

    كما أن الخطاطين يستعملون للكتابة السريعة أو للتدريب الأحبار المصنّعة آلياً، ويستعملون القوالب الورقية المثقّبة في تنفيذ اللوحات خصوصاً في الخطوط ذات السمكة.
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	المصور والخطاط جلال شيخو.jpg 
مشاهدات:	18 
الحجم:	34.3 كيلوبايت 
الهوية:	24951

    هوية مميزة



    ويبين "شيخو" أنّ فنّ الخط العربي يعدُّ شكلاً من أشكال الرسم، حيث يخلّد ذلك الرسم وجود الحروف عبر الزمن بطريقة فنية تتسم بالجمالية من خلال الأعمال الفنية كاللوحات والتحف اليدوية، ويسعى ذلك الفن إلى بلورة الانفعالات بواسطة رؤية جمالية تختلف عن الرؤية العلمية في بقية العلوم، إذ شكّل بامتزاجه بين العلم والفن هوية متميزة لم يمتلكها غيره من الفنون.

    وتابع "شيخو": إن الأعمال السريعة ومتطلبات العصر تستخدم الخطوط المبرمجة عبر الحاسوب، ولكن الجمال فيها ناقص كثيراً والفرق بينهما واضح لأي إنسان يمتلك حساً فنياً مرهفاً، وحتى يومنا هذا يُستخدم النوعان، الكتابة اليدوية للعناوين ذات الأهمية أو الشعارات ويستخدم الخط المبرمج للأمور السريعة.

    ويختم "شيخو" حديثه بالقول: أتألم عندما أشاهد أعمالاً فنية قد أُنفق عليها مئات الملايين كمسلسل مثلاً وأرى عنوانه قد كُتب بخطوط جاهزة من الحاسوب مثال المسلسل الحالي "على صفيح ساخن"، وكم أستمتع عندما أرى اسم مسلسل مكتوباً بالخط اليدوي كمسلسل "حرملك"، بالإضافة إلى عناوين كثير من الدوائر الرسمية والشركات وعناوين الكتب والمجلات.
يعمل...
X