العزف...قراءة في ديوان«كأني...من جديد « للشاعر الحسن الكامح(1)-مولاي الرشيد زكيرا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العزف...قراءة في ديوان«كأني...من جديد « للشاعر الحسن الكامح(1)-مولاي الرشيد زكيرا

    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	Screenshot_٢٠٢٤٠٥١٧-٠٩٠٣٥٤_Facebook.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	108.5 كيلوبايت  الهوية:	211393
    *العزف على أوتار القصيدة قراءة في ديوان « كأني... من جديد « للشاعر الحسن الكامح (1)
    **مولاي الرشيد زكيرا .كاتب من المغرب

    *يبدو الكامح في قصائده الشعرية (ناظما

    وقارنا) متصوفا في محراب الشعر... يسكن القصيدة وتسكنه... يرتدي بعض حروفها وينزع عنه أخرى.. إذ لا يمكن أن نقرا شعره دون أن نستحضر تلك العلاقة الحميمية بينه وبين القصيدة... فلابد أن تستمع للقصيدة لتتعرف على الشاعر، ولابد أن تتعرف على الشاعر لتدرك معنى قصيدته.... فالعازف والمعزوفة هنا واحد لا ينفصلان إن أول ما يثير انتباه القارئ الدواوين الكامح، وحتى قبل القراءة، حرصه الشديد على اختيار شكل حروفي فني وكأننا أمام لوحة تشكيلية تم اختيار حروفها بدقة وشكل طباعي هو الأقرب إلى خط اليد الأمر الذي يمنح القارئ حميمية، ويشعره وكأنه يقرأ رسالة خطت بيد عاشقة تمارس غوايتها معه وتدفعه لاستحضار جمالية الخط العربي القديم... إنه اختيار فني جمالي قبل أن يكون مطبعيا... والذي يعرف الكامح، ويعرف حرصه حتى في توقيعاته على اختيار حبر قلم محدد يرافقه دوما يدرك أن ذلك الاختيار ما كان عشوائيا بل هو وعي وإحساس بأهمية الخط... إننا أمام نوته حروفية خطت بيد عاشقة. فإن نحن تجاوزنا الخط باعتباره اختيارا فنيا جماليا دالا وموحيا. « وهل يمكن تجاوزه؟ «، وانتقلنا إلى قراءة « كأني... من جديد .. وأردنا ان نتوقف عند العنوان باعتباره، وكما أشار إلى ذلك منظرو النقد الأدبي، عتبة دالة موحية، بل وموجهة غالبا - ولو بخداع - للقارئ نجد أن الشاعر وكعادته يمارس فعل الغواية معنا... يمارس نوعا من الاستفزاز الجميل الموحي «كأني.... تشبيه يتلهف القارئ لمعرفة من أو ما المشبه به هذا... « ثلاث نقط حذف «
    تترك أمام القارئ بياضا ليملأه كما يشاء.... فالكامح غير راغب في تحديد صورة أولية يمكن أن ينطلق منها القارئ لمعرفة من
    هذا المشبه... فهل استعصى على الشاعر
    **تحديد صورة شبيها يمكن القارئ من معرفة حقيقة هذا المشبه ؟ ... لا أظن.... ليستمر العنوان في ممارسة غواياته . من جديد « إحالة إلى فعل التكرار الذي لا يتوقف... من جديد أبدأ الحكي... من جديد أعود إليكم... من جديد أكرر نفسي... من جديد أكتشف أكشف نفسي... هل استطعنا أن نعرف من هذا المتحدث؟ ... لعل في العنوان الفرعي ما يفيدنا لمعرفته.

    -1 كأني... من جديد، الحسن الكامح. مؤسسة آفاق للدراسات والنشر والاتصال المغرب الطبعة الاولى مراكش 2023م. سيرة القصيدة « لعبة أخرى يمارسها معنا الشاعر... الذات الأولى المشبهة المبحوث عن مشبه لها، تتحول إلى قصيدة ليطرح السؤال من المتحدث المتحدث عنه هنا ؟... من سيروي سيرته الشاعر أو القصيدة ؟... فإذا نحن سايرنا الشاعر في إحالاته « جزء ثان من أنت القصيدة الذي هو بدوره اهتزاز من اهتزازات شعريه سابقة وصلت حسب علمنا إلى الاهتزاز الحادي عشر، أدركنا أن الفصل بين الشاعر والقصيدة هو عملية تعسفية لا يمكن والحال هاته القيام بها. إن الكامح يتجاوز فكرة الديوان المتعدد القصائد، ويقدم في المقابل قصيدة وحيدة مطولة وكأننا به يصر على أنه قصيدة وحيدة ممتدة عبر الزمن لا يمكن فصلها عبر شذرات متفردة، والأمر نفسه ينطبق على ديوانه في علاقته مع دواوينه السابقة. إننا أمام سمفونية متعددة الحركات المقاطع الموسيقية... تتجدد لازمتها بتجدد مسارات حياة الشاعر... . فهي شبيهة بالحياة المتصفة بالسيرورة الدائمة... نعم هناك محطات توقف... ولازمات ترافقنا في الحياة، نحتاج إليها حينا بعد حين لاستعادة
    شغف الحياة... لكنها مستمرة ترفض
    الاعتراف بانفصال أجزائها.

    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	Screenshot_٢٠٢٤٠٥١٧-٠٩٠٣٢٧_Facebook.jpg  مشاهدات:	0  الحجم:	113.6 كيلوبايت  الهوية:	211394
    *الحسن الكامح كَأَنِّي مِنْ جَدِيدٍ
    سيرة القصيدة الجزء الثاني «أنت القصيدة»
    *إننا أمام سمفونية غنائية تتكون من خمسة وعشرين مقطعا يبدو الكامح فيها حريصا على عزف حروفها ببراعة عازف محترف مدرك لخطورة العزف على أوتار قابلة للاشتعال في أية لحظة. وهي وإن كانت تبدو ظاهريا، وكما قلنا سابقا، قصيدة واحدة وحيدة فإنها في الباطن مجموعة قصائد / مقطوعات عمد من خلالها الشاعر إلى سرد بعض تفاصيل حياته هو الباحث باستمرار عن ذاته فكانت القصيدة القصائد رحلة صوفية للبحث فيها ومن خلالها عن الذات... تلك الذات التي لا تكتمل الا بتعرية بعضها وستر الآخر.... كأني أنا من جديد... أكتب هذا الجسد العاري... على بياض الوقت... وأسافر بين جمرات الحرف سعيدا (ص.9) هكذا يقدم الكامح نفسه في أول أسطر الديوان... ذات عارية تبحث لنفسها عن معنى... سمفونية صامته تحتاج الى من يعزف حروفها الحارقة ... فهو منذ بداية الديوان يسافر بنا عبر الحروف هو المدرك لحرقتها المادية والمعنوية. لكنه يأبى إلا أن يتدثر بها وإن كانت كالقماش القصير ما إن يغطي جزءا من جسده حتى ينكشف.
    **الجزء الآخر.. « حرف يعريني من كل عيوبي... وحرف يغطيني من برد الزمان.... وقد احترقت في هذا المدى عمرا مديدا «

    (9)

    إنه كينونة لا تكتمل إلا بانصهاره في القصيدة... ألم يكن سفره بين جمرات الحرف ؟... فكان لابد من انصهاره... إنه - شاعر يعيش قلقا نفسيا هو صراع صوفي يسعى لمعرفة فهم معاني الكلمات الحياة... وعليه في كل الحالات أن يختار هو الباحث دوما عن التحرر.. « تقيدني - الكلمات.. وانا حر لا أبغي من الحياة إلا -
    نفسا طيبا جديدا (ص.9) إن الكامح، وهو يعزف على أوتار حروف القصيدة ليقدم سمفونيته الخاصة.... يفعل ذلك بحساسية صوفي يسعى لمعرفه حقيقة ذاته بعيدا عن الجسد الحاجز الحاجب المانع... لكشفها... انه يعيش حيرة صوفية يرفض معها الانزواء بل يأبي إلا أن يشركنا معه تلك الحيرة، وذلك البحث المستمر.... فعبر مقاطع سمفونيته الخمسة والعشرين يقدم صورة لرحلته الذاتية... يعود بنا حينا . الى الماضي، ويرحل بنا حينا آخر إلى ما بعد الفناء...
    في البداية يرافقنا في رحلته الصوفية ليقدم
    ***نفسه ذاتا قلقة تعيش صراعا صوفيا.... ذاتا تحاول فهم معنى الكون والحياة والكلمات.. « وانا في الصحاري بين رمال الاختيار... شوك الغياب يحاصرني... وذكرى تحط على قلبي تمنحني أفقا بعيدا... هل يستوي على ميزان البياض ما لا يستوي.... أم أني منعدم الرؤية من جديد... لا أرى إلا ما لا يرى من هنا فردا فريدا (ص. 10) إن مساءلة الذات هنا تأتي بعد محاكمتها لا تقل يا أنا... ألم يكفيك أنك ضيعت أصابعك ... على من لم يعترف بالذات مسكنا خليلا... واتخذ غيرك إن استطاع نبضا وريدا» (ص . 10).... إنها مساءلة الصوفي العارف المجرب الذي وجد ضالته بعد حيرة وقلق « سأحتاج إن تعبت من هذه الدنى... إلى أوراق كي أكتب ما تبقى من... هذا السيل الجارف مني... وأركن في زاوية قائمة لا يمينية ولا يسارية... أختار.ص١١
    لقد عرف مساره واختار الرقي... ذلك الرقي الصوفي الذي يتخلى فيه الإنسان عن جسده سجنه مكتفيا بالروح... إنه في حاجة الى روحه فقط... ومن منا استطاع الاستغناء عنها بل وامتلاكها قبل ؟!
    لقد اختار الرقي ووسيلته في ذلك السفر.
    """""""""""""""
    **مدارات الثقافية - شهرية ثقافية محكمة تصدر عن مدارات للثقافة والفنون - السنة الخامسة - *العدد الثامن والأربعون - أبريل 2024
يعمل...
X