Credit: Steve McCurry
يركضون على الحائط..مصور يوثق حركات بهلوانية مثيرة لرهبان الشاولين في الصين
نشر الأربعاء، 15 مايو / أيار 2024م
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في مشهد مثير للإعجاب، يركض راهب شاولين شاب أفقيًا على الحائط، بتركيز شديد، وترتسم لمحة من الدهشة بوضوح على وجهه.
يظهر أربعة متدربين آخرين تحته في أكاديمية فنون الدفاع عن النفس بالقرب من معبد شاولين في مقاطعة هينان الصينية، وهم يجلسون لأخذ استراحة بلا مبالاة، غير مدركين للحركة التي تحدث فوق رؤوسهم.
وتبرز أرديتهم البرتقالية الزاهية وأحذيتهم الرياضية على النقيض من الجدار الترابي خلفهم.
وقال المصور ستيف ماكاري لـCNN عن تركيبة الصورة في مكالمة عبر الفيديو من منزله في مدينة فيلادلفيا: "هناك هذه الحركة رفيعة المستوى. وكذلك هؤلاء الأولاد وهم يجلسون فقط".
وتُعرض هذه الصورة في معرض "Magnum's Square Print Sale" إلى جانب أعمال لمصورين آخرين.
وقد التقط ماكاري هذه الصورة في عام 2004، كجزء من مشروع شخصي، بينما كان يسافر حول العالم لتوثيق أشكال مختلفة من البوذية.
رغم أنه لا يعتبر نفسه من أتباع البوذية، إلا أن ماكوري كان مهتمًا بهذه الديانة منذ فترة طويلة، كما أنّه يطبّق بعض مبادئها في حياته الخاصة.
ويُقال إن معبد شاولين، الذي تأسس في عام 495 بعد الميلاد على سفوح جبل سونغ المقدس، هو موطن بوذية تشان.
رغم أن مبدأ هذه الديانة يؤكد على اللاعنف، إلا أن رهبان المعبد المحاربين مارسوا في البداية فنون الدفاع عن النفس للدفاع عن أنفسهم من قطاع الطرق.
وبمرور الوقت، أصبح تدريبهم البدني الصارم يرتبط في شكل وثيق بسعيهم لتحقيق التنوير.
واليوم، أصبح فن كونغ فو شاولين معروفًا على نطاق واسع، وتمت محاكاة حركات الرهبان الرياضية في الأفلام الشعبية.
وكان فيلم "معبد شاولين" في عام 1982، الذي أطلق مسيرة الممثل الصيني ولاعب الفنون القتالية جت لي المهنية، أحد الأفلام التي جلبت الاهتمام المتجدد للدير.
وبحلول الوقت الذي زار فيه ماكاري المعبد في عام 2004، كانت عشرات من مدارس الفنون القتالية قد ظهرت على الطريق المؤدي إلى المعبد، إذ قال إنه "أمر لا يصدق أن نشاهدهم وهم يؤدون الحركات ويتدربون عليها، لا يمكنك أن تتخيل أن الناس يمكنهم فعل ذلك بأجسادهم".
قد يهمك أيضاً
كم يجب على السياح أن يدفعوا مقابل الدخول إلى أحد أكبر المعابد البوذية في العالم بإندونيسيا؟
مهنة على الطريق
وبدأ ماكوري حياته المهنية بالعمل في إحدى الصحف المحلية بعد تخرّجه من جامعة ولاية بنسلفانيا، ثم بدأ بالسفر إلى الخارج كمصور فوتوغرافي مستقلّ، حيث قام بالتقاط صور لأشخاص في بعض أخطر الأماكن النائية في العالم.
وانطلقت مسيرته المهنية بشكل جدي بعد أن تسلّل عبر الحدود من باكستان إلى أفغانستان في عام 1979، مباشرة قبل الغزو السوفييتي.
وقام بتهريب الفيلم عن طريق إخفائه في ملابسه، ليزود العالم ببعض الصور الأولى للصراع الذي خلّف ما لا يقل عن 500 ألف قتيل أفغاني وتسبب بتشريد الملايين.
وتُعد صورته بعنوان "الفتاة الأفغانية" التي التقطها في عام 1984 - وتوثقّ عينين ثاقبتين باللون الأخضر للاجئة تبلغ من العمر 12 عاماً في مدينة بيشاور بباكستان، وظهرت على غلاف مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" في يونيو/حزيران عام 1985 - واحدة من أشهر الصور في العالم.
وعلى مدار الـ50 عامًا من حياته المهنية، قام ماكوري، البالغ من العمر الآن 74 عامًا، بملء أكثر من 20 جواز سفر، وتوثيق الحيوانات والمهرجانات، والمصلين والمقاتلين، والصراعات والكوارث في العديد من الوجهات بدءًا من النيجر وصولًا إلى الهند.
"العودة مرارا وتكرارا"
معبد شاولين، وهو معبد بوذية تشان يقع على جبل مونت سونغ في مدينة دنغفنغ.Credit: Jeremy Horner/LightRocket/Getty Images
وقبل التقاط صورة الراهب الذي يركض على الحائط، كان ماكاري قد قام بزيارة معبد شاولين قبل عقدين من الزمن، إذ أوضح أن المكان كان "فارغًا حقًا" خلال تلك الرحلة الأولى، ولم ير سوى "دراجات وأشخاص يرتدون بدلات ماو هذه".
وبحلول الوقت الذي عاد فيه، كان جنون الكونغ فو قد سيطر على الأمة. ويتذكّر أن المنطقة أصبحت أكثر تجارية.
وقد استلهم عشرات الآلاف من الأولاد والرجال الصينيين الوحي من موجة أفلام الكونغ فو، وكانوا يتدربون في عشرات المدارس بالمنطقة.
وحصل المصور على إذن في إحدى الأكاديميات، وقضى بضعة أيام مع الرهبان أثناء قيامهم بروتينهم اليومي، الذي تضمن ممارسة الألعاب البهلوانية بشكل متكرر.
وشارك بعض الأولاد الطعام مع ماكوري في مطعم لمعكرونة "النودلز" عبر الشارع، وتقاسموا آمالهم في الحصول في نهاية المطاف على وظائف في فرق الأداء، وصناعة الترفيه.
وأضاف: "لقد كانوا أطفالاً عاديين. لكنهم كانوا يشعرون بالتفاني والجدية للغاية بشأن هذه الممارسة".
والتقط صورًا أخرى لأنظمة التدريب المكثّفة للرهبان أثناء إقامته، بما في ذلك العديد من الصور لأشخاص معلقين رأسًا على عقب من أقدامهم، وأياديهم مضغوطة بهدوء في وضع الصلاة.
وسعى ماكاري للعثور على المجموعة الصحيحة من المتغيرات مثل الموضوع، والزاوية، والضوء، والخلفية، حيث أتقن الرهبان حركاتهم.
وقد أثمرت مثابرته في اللقطة الأخيرة للراهب الذي يركض على الحائط، إذ قال:"إنها صورة تثير الكثير من المشاعر. فإما أن ترسم البسمة على وجوه الناس، أو تشعرهم بالرهبة من اللياقة البدنية"