"قناع بلون السماء".. رواية فلسطينية تسقط كل الأقنعة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "قناع بلون السماء".. رواية فلسطينية تسقط كل الأقنعة

    "قناع بلون السماء".. رواية فلسطينية تسقط كل الأقنعة


    تتويج الرواية بالجائزة العالمية للرواية العربية انتصار لمن هم في العتمة.
    الخميس 2024/05/09
    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    تتويج الكاتب أثار الكثير من الثرثرات

    مثّل تتويج الأديب الفلسطيني الأسير باسم خندقجي بالجائزة العالمية للرواية العربية فرصة للإضاءة على أدب هام يكتبه أناس فقدوا حريتهم وأصواتهم في سجون الاحتلال الإسرائيلي، لكنهم أبوا إلا أن ينشروا رؤاهم وأفكارهم من خلال الأدب الذي يهرّب ذواتهم وأرواحهم للقراء ليخلق لهم ومن خلالهم حياة جديدة.

    تعتبر رواية باسم خندقجي "قناع بلون السماء" الحاصلة على الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) هذا العام الخامسة للأسير الفلسطيني، المحكوم بثلاث مؤبدات بتهمة مقاومة الاحتلال، وهي الأولى ضمن رباعية ستصدر لاحقا بعنوان "رباعية المرايا".

    وكان خندقجي قد أصدر قبلها ديوانين شعريين قبل أن تختطفه الرواية، ويثبت اسمه كروائي بحروف من ذهب على صدر جائزة البوكر العربية، الكثير من الأسئلة العادية والصعبة في آن معا: هل نكبتنا بسبب المشروع الصهيوني أم بسبب التخاذل العربي أم بسبب التخلف الاجتماعي؟ هل هي فعل ماض أم فعل مستمر؟

    تتحد هذه الأسئلة جميعا لتفضي إلى أخدود النكبة الممتد من منتصف القرن الماضي إلى يومنا هذا، ومعاناة الفلسطينيين المستمرة بالنزوح المتكرر، والهجرة والبحث عن مقومات الحياة من مسكن وملبس ومطعم ومشرب.

    وبالرغم من أن باسم أكثر المتقدمين للجائزة حزنا وتعبا ووحدة، تمخضت هذه الرواية عن نفس واسعة وروح محلقة في علياء الحرية المفقودة ظهرت من خلال تطويعه الرائع للغة العربية وأسلوبه الأدبي الرشيق الشيق. ولكن وللأسف الشديد لم يشفع لباسم سنوات عمره التي أهرقها في السجن، ولا دموع أمه عليه، ولا حتى المؤبدات الثلاث المحكوم بها، فانطلق ضده التخوين كذئب جائع خارج من كهف الحقد والظلام والنقص الشخصي والإبداعي.


    ◙ رواية "قناع بلون السماء" تحررت بتتويجها هي وكل الأعمال الروائية والشعرية للأسير الباسل باسم خندقجي


    انفلت ضد خندقجي عقال الكثير من الألسنة التي تهاجم لجنة التحكيم، برئاسة الروائي السوري نبيل سليمان، وتطالب بعدم قبول الجائزة، بل وتشكّك في مصداقيتها من أبناء جلدته، وفي معرض هذه الاتهامات المضحكة المبكية، يقول أحد النقاد إنه كان يجب أن تقسم الجائزة بين باسم خندقجي وأسامة العيسة، وكأن الجائزة تعطى حسب الجنسية وليس حسب الإبداع والتفوق والتألق.

    يذكرني ما دار ويدور من اتهامات باطلة لباسم وعائلته الكريمة، بأحد الشخصيات الكرتونية الرائعة التي كانت تظهر في مسلسل الكرتوني للأطفال ألا وهو السنافر، كان هناك سنفور غضبان، وهو يكره كل شيء، ويكره النقيض وضده، يكره شرشبيل والسنافر والمطر والربيع والأزهار، أي أنه يكره الجميل والقبيح والخير والشر في آن معا.

    وبالرغم مما تقدم، مازالت بوكر دورة تلو دورة تظهر تفوقها وعلوّ كعبها على باقي المسابقات الأدبية، فهي كعبة الروائيين المبدعين، التي تتوق أعمالهم الوصول إليها والدخول في سجلها الذهبي.

    بوكر في نسختها العربية الحرة، تعلن مناصرتها للرواية المنبلجة من الأسر الحالك، منفتحة على الأسرى الفلسطينيين وإبداعاتهم المغموسة بالوحدة والألم والشوق اليومي لرائحة الخبز وأنفاس الصباح. إن هذه الجائزة التي خاطت شفاه الثرثارين وأدباء الطابور الخامس بخيط الوطنية والحرية، تزداد أهمية وارتباطا بالشأن العربي، عندما تهب نفسها لمبدع فلسطيني أسير قضى وما زال يقضي عقودا من عمره في الأسر الإسرائيلي.

    ويأتي تتويج الأسير باسم خندقجي بجائزة بوكر العربية، في ظل انتفاضة الجامعات واعتصاماتها نصرة للفلسطيني المظلوم، الفلسطيني الشهيد والجريح والأسير والجائع والصادي في قطاع غزة الكسير. “قناع بلون السماء” تحررت اليوم هي وكل الأعمال الروائية والشعرية للأسير الباسل باسم خندقجي، فقد أردت السجان أرضا وارتقت مرتقى شاهقا.

    إن منح جائزة بوكر العربية لـ”قناع بلون السماء” لم ينتصر لفلسطين فقط بل انتصر للغة والرواية العربية، تلك اللغة التي تحاربها إسرائيل جهارا نهارا، وتغير المنهاج التعليمي وتسمّمه، وتعمل كل ما بوسعها لإبادة اللغة والثقافة الفلسطينية والعربية كما تمارس حرب الإبادة الشاملة في قطاع غزة اليوم.

    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    أوس أبوعطا
    صحافي فلسطيني
يعمل...
X