الوزير السوري: يوسف الحكيم .الذي عاش مائة عام وكتب تاريخها.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الوزير السوري: يوسف الحكيم .الذي عاش مائة عام وكتب تاريخها.

    18/6/2020

    يوسف الحكيم ١٨٧٩-١٩٧٩ سياسي وطني سوري رزق طول العمر، وهو قبل هذا مُثقف وقاض ووزير ونائب بيد أن ما بقي منه ، وله أهم من هذا كله، وهو أنه مؤرخ مسجل لتعاقب الأحداث وإليه يعود بعض الفضل في كتابة جزيئات كثيرة من التاريخ السوري المعاصر، وتتمثل أهمية مذكراته فيما يمكن الاعتماد عليها فيه من بعض المعلومات والوثائق التاريخية التي وثقها مؤلفها الذي تولى مناصب القضاء والإدارة والسياسة، وكان حريصا على ألا ينتسب لأي حزب ولهذا فإنه كان شأن التكنوقراطيين المتحفظين بعيدا تماما عن الأذى المترتب على تبدل الحكومات .

    كان يوسف الحكيم قد تدرج في الوظائف في ظل الدولة العثمانية وعيّن قاضيا في 1904 ولما مارس السياسة وتركها عاد إلى العمل بالقضاء حيث عمل في محكمة التمييز كرئيس ثانٍ واحتفظ بهذا المنصب حتى 1948 (وهو سن التقاعد)، عرف يوسف الحكيم في الميدان السياسي بأنه كان صديقا للرئيس السوري البارز أحمد نامي ١٨٧٨- ١٩٦٣ زوج ابنة السلطان عبد الحميد ، الذي كان هو الآخر طويل العمر لكنه لم يصل بعمره إلى مائة عام ، وقد عمل وزيرا للعدل في وزارات صديقه الثلاث أي على مدى الفترة من مايو 1926 وحتى فبراير 1928، لكنه كان قد تولى الوزارة قبل هذا اختير وزيرا للنافعة في ثلاث وزارات متتابعة رأسها كل من على رضا الركابي وهاشم الأتاسي وعلاء الدين الدروبي (8مارس 1920 ـ 6 سبتمبر 1920)

    كان لوجود يوسف الحكيم بشخصيته الهادئة المُتعقّلة إلى جوار الرئيس أحمد نامي أثر في تحقيق ما حقّقه ذلك الرئيس من إنجازات لكيان سوريا في ظل سطوة الفرنسيين وقسوتهم وعنفوان غطرستهم بعد انتصارهم في الحرب العالمية الأولى وقبل محنتهم في الحرب العالمية الثانية، وفي تلك الفترة كان الوجود الفرنسي في الشام بمثابة محنة بالغة الأثر والتأثير السلبي حتى في شخصيات العرب الشوام جميعا.
    بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، عُيّن يوسف الحكيم رئيساً للجنة ترجمة القوانين من التركية إلى اللغة العربية بأمر من جمال باشا الحاكم العسكرية لولاية سورية
    نشأته وعائلته:

    ولد يوسف الحكيم في اللاذقية 1879 (أي في العام الذي شهد مولد زعيم الأمة مصطفى النحاس باشا كما شهد مولد الزعيم السوري عبد الرحمن الشهبندر) أبوه هو الطبيب يعقوب الحكيم، أما والدته فهي السيدة حنة بنت جرجس حبيش، من تجار التبغ ومن أصحاب كروم الزيتون في قرية بسنادة. بدأ الحكيم دراسته على يد مدرس خاص، ثم انتقل إلى المدرسة الانجيلية الأميركية في اللاذقية فتابع تعليمه في المكتب الاعدادي الحكومي حيث دَرس المرحلة الإعدادية (ما يناظر الثانوية في زماننا) وتخرج سنة 1899م

  • #2
    العمل الحكومي:

    بعد تخرج يوسف الحكيم في المكتب الاعدادي الحكومي (وهو ما يناظر الثانوية في زماننا) عمل مُدرساً بالمكتب الاعدادي لمادة اللغة التركية، براتب مائتي قرش (ليرتين عثمانتين شهرياً) و.بعدها عُيّن موظفاً في ديوان العدلية حتى يوليو 1904 عندما تم نقله إلى وظيفة ملازم في المحكمة. وفي 22 ديسمبر 1909 تم تعيينه عضواً في محكمة لواء القدس الشريف ثم نقل إلى يافا في 9 يناير 1910، ليصبح عضواً في المحكمة البدائية الحائزة أيضاً على صلاحية محكمة الاستئناف بالنسبة إلى محاكم الأقضية وصلاحية محكمة الجنايات في اللواء. وفي 1912 نقل يوسف الحكيم للعمل في طرابلس الشام ومنها إلى بيروت وبقي فيها ست سنوات.



    وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، عُيّن يوسف الحكيم رئيساً للجنة ترجمة القوانين من التركية إلى اللغة العربية بأمر من جمال باشا الحاكم العسكرية لولاية سورية، حيث ترجم ما يزيد عن عشرين قانوناً ونظاماً، وفي العام 1916 تم تعيينه قائم مقام قضاء الكورة وهو القضاء الشمالي من جبل لبنان القريب من مدينة طرابلس، ثم قائم مقام قضاء البترون وهو القضاء اللبناني الشمالي المنتهي بحدود متصرفية طرابلس. في ١٩١٨ تم تعيين يوسف الحكيم مديراً لرسائل حكومة جبل لبنان، مسؤولاً عن مراسلة جميع الولايات العثمانية ومخاطبتها وإبداء الرأي أحوال متصرفية جبل لبنان ومطالبها.
    الوظائف السياسية:

    عند انتهاء الحرب العالمية الأولى وانتهاء الدولة العثماني، كان يوسف الحكيم ممن بايعوا الأمير فيصل بن الحسين حاكماً عربياً على سورية ورشّح نفسه للانتخابات البرلمانية الأولى في البلاد، ليصبح عضواً في المؤتمر السوري العام الذي توج فيصل ملكاً على سورية يوم 8 مارس 1920. وفي أول جلسة لهذا المؤتمر، تم انتخاب يوسف الحكيم نائباً لرئيسه هاشم الأتاسي، في 9 مارس 1920 عهد الملك فيصل إلى على رضا باشا الركابي بتأليف وزارة جديدة وتم اختيار يوسف الحكيم وزيراً لأمور النافعة ( وهو منصب يشمل وزارة التجارة والزراعة والأشغال العامة) وبقي في هذا المنصب على الرغم من تغيير ثلاث وزارات، رأسها كل من على رضا الركابي وهاشم الأتاسي ثم علاء الدين الدروبي، والأخيرة هي الوزارة التي شُكلت في أعقاب هزيمة الجيش السوري في معركة ميسلون يوم 24 يوليو 1920.

    في أثناء الاحتلال الفرنسي لسورية وبعد خلع الملك فيصل الأول تم تعيين يوسف الحكيم نائباً عاماً لوزارة العدل بمدينة اللاذقية ثم رئيساً أولاً لمحكمة التمييز بدولة الاتحاد السوري سنة 1923. وفي أثناء الثورة السورية الكبرى، سُمّي يوسف الحكيم وزيرا للعدلية في حكومة الداماد أحمد نامي من 2 مايو 1926 وحتى فبراير 1928 كما ذكرنا من قبل، في تلك الفترة بذل جُهدا في مساعدة أحمد نامي في العمل على إعادة لواء إسكندرون إلى سوريا وهو ما كان قد تحقّق على يد أحمد نامي (1928) ثم تغير الأمر بعد ذلك.


    تعليق


    • #3
      مذكراته:
      طبعت دار " النهار" اللبنانية ذكريات "يوسف الحكيم" ‏‏ في أربعة أجزاء،: سورية والعهد العثماني، بيروت ولبنان في عهد آل عثمان، سورية والعهد الفيصلي، سورية والانتداب الفرنسي. أنقل هنا مع كثير من التصرف بعض ما وصفت به هذه المذكرات وفي مقدمته ما كتبه الأستاذ ياسر مرزوق في ٨ يوليو ٢٠١٢ في محاولة لتلخيص محتويات هذه المذكرات:

      · الجزء الأول وتحت عنوان " سوريا والعهد العثماني " يتضمن موجزاً عن آخر أدوار الدولة العثمانية، وتفصيلاً عن التنظيم الإداري الذي تم في أيام السلطان عبد الحميد الثاني، وعن حوادث ما بعد الدستور الذي أعلن سنة 1908، يضاف إليها مذكرات يوسف الحكيم المسجلة في حينها عن سورية عامةً وعن اللاذقية وطرابلس وفلسطين خاصةً.

      · الجزء الثاني " بيروت ولبنان زمن آل عثمان " تبعاً لما جادت به وظيفة الكاتب في حينه "رئاسة القلم التركي لحكومة جبل لبنان المستقل إدارياً " من تجارب ومعلومات شملت أحداث الحرب العالمية الأولى التي انتهت عام 1918 بجلاء الترك ودولتهم العثمانية نهائياً عن سوريا ولبنان، كما شمل موجزاً عن تاريخ لبنان منذ 1516 مع تفصيل عن نظامه الخاص وحكامه وحياة شعبه في ميداني السياسة والاجتماع، كما تضمن هذا الجزء سرداً لحوادث الإرهاب في عهد جمال باشا قائد الجيش المطلق الصلاحية في كامل المنطقة السورية الممتدة من حدود الأناضول شمالاً حتى حدود مصر جنوباً مع شبه الجزيرة العربية، وتضمنت استعراض نظام المتصرفين الذين عينتهم الدولة العثمانية. وفي هذا الجزء تتبع يوسف الحكيم تاريخ أسرٍ بكاملها وانقراض بعضها واستمرار الآخر لاعباً قوياً على الساحة اللبنانية وحتى الإقليمية.

      · الجزء الثالث " سوريا وفجر الاستقلال " عن فترة الاستقلال السوري المعروف بالعهد الفيصلي، وفيه نودي بالأمير الشريف فيصل ملكاً على سوريا وجهود السوريين المتواصلة لنيل استقلالهم استقلالاً تاماً مروراً بدخول الجيش الفرنسي دمشق حرباً بعد معركة ميسلون والتي بدأ في إثرها الانتداب على سوريا، ويبدأ يوسف الحكيم هذا الجزء بسردٍ لإرهاصات الثورة العربية الكبرى موضحاً أسبابها ليصل إلى إعلان الشريف حسين الجهاد المقدس على الترك " أعداء العرب ومغتصبي الخلافة " حسب تعبيره والاستيلاء على مكة والطائف ثم المدينة المنورة، ليصار إلى إعلان الحسين ملكاً على البلاد العربية، ويتوجه ابنه فيصل، بمرافقة الجيش البريطاني لدخول دمشق… ويروي يوسف الحكيم صوراً مؤثرة لانسحاب الجيش التركي والتعرض الذي واجهته شراذمه أثناء تراجعها من هجمات الوطنيين في كلٍ من تدمر والبقاع ونواحي حماة وتنكيلهم أشد تنكيل، ثأراً لدماء الشهداء المسفوكة بأمر جمال باشا.

      · الجزء الرابع وفيه تفصيلّ عن عهد الانتداب الفرنسي في سوريا ولبنان وانتهائه، بعد خمسة وعشرين عاماً باستقلال كلٍ منهما استقلالاً تاماً على أساس حكمٍ جمهوري. بدءاً من دخول الأمير فيصل دمشق مروراً بانعقاد المؤتمر السوري عام 1920 الذي نادى بفيصل ملكاً على سوريا، في حفلٍ حضره جميع قناصل الدول ثم الاحتلال الفرنسي لغرب سوريا وتقسيمه ثلاث حكومات: حكومة لبنان الكبير، وحكومة العلويين وحكومة لواء إسكندرون، ليصل الحكيم إلى إنذار غورو الشهير وملحمة احتلال الداخل السوري، وتجزئته أيضاً إلى دويلات، من ثم إعادة توحيد البلاد واندلاع الثورة السورية الكبرى، مستعرضاً لحكومات صبحي بركات، أحمد نامي، حكومة الشيخ تاج الدين الحسني، ثم إعلان النظام الجمهوري وانتخاب محمد على العابد رئيساً للجمهورية، ليبدأ عهد التفاهم بين فرنسا والكتلة الوطنية، وقضية لواء إسكندرون، حكومة المديرين، اغتيال الدكتور الشهبندر، سوريا أثناء الحرب العالمية الثانية…

      تعليق


      • #4
        مصير الجزء الخامس من المذكرات:

        وقد نبهنا الأستاذ يوسف مرزوق في مقاله إلى مصير جزء لم ينشر من المذكرات هو الجزء الخامس تحت عنوان سوريا المستقلة" يتحدث عن الانقلابات والتطورات في الحياة السياسية السورية حتى انقلاب 8 آذار عام 1963 وتسلم حزب البعث للسلطة في سوريا ناقلا رأي الأستاذ يوسف الحكيم نفسه: " يبدو أن الظرف السياسي في العام التالي لاستلام البعث السلطة في سوريا عام صدور الكتاب لم يسمح بصدور الجزء الخامس، فيختم الحكيم الجزء الرابع بالعبارة التالية " أما الجزء الخامس وهو الأخير من ذكرياتي، فسوف يقدم للنشر في أول فرصة مناسبة، بعون الله تعالى "

        الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

        تعليق

        يعمل...
        X