الفنانة فاطمة بوجو: الممثل يتحكم في النص وأدائه لكنه لا يتحكم في رد فعل الجمهور

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفنانة فاطمة بوجو: الممثل يتحكم في النص وأدائه لكنه لا يتحكم في رد فعل الجمهور

    الفنانة فاطمة بوجو: الممثل يتحكم في النص وأدائه لكنه لا يتحكم في رد فعل الجمهور


    العروض في مدن المغرب شحنة إيجابية لرواد المسرح.
    السبت 2024/05/04

    فنانة تنوع أدوارها

    تشارك الممثلة المغربية فاطمة بوجو في جولات العروض المسرحية التي تدعمها المملكة لتجوب أغلب مدنها وتلتقي بجماهير متنوعة، وتكسر حاجز المركزية الذي يجعل الأعمال الفنية حبيسة أسوار المدن الكبرى، وهي ترى أن ذلك يقدم شحنة معنوية كبيرة للفنانين والجمهور على حد السواء.

    الرباط - تتأكد الجهود المستمرة لدعم الفعاليات الثقافية في المغرب، التي تُنظم برعاية وزارة الشباب والثقافة والتواصل، عبر جولات العروض المسرحية في المدن المغربية.

    في هذا اللقاء، نُسلط الضوء على أهمية هذه الخطوة مع الفنانة فاطمة بوجو، الشخصية البارزة في مسرحية “موروكولاند” التي تم عرضها في مدينة فاس، ضمن فعاليات مهرجان دار الفن الدولي المسرحي، إلى جانب مسرحيتها “ما منك زوج”، التي قامت فرقة حركات للفنون الحية بتقديمها خلال جولتها المسرحية في مدن الدار البيضاء، الجديدة، آسفي، والقنيطرة.

    في حديثها مع صحيفة “العرب” تطرقت الممثلة المغربية للجانب الذي تجده أكثر تحديًا في تقديم عروض مسرحيتين خلال جولتها السنوية “في هذه الفترة من السنة، تقوم جميع الفرق الحاصلة على دعم ترويج العروض المسرحية من وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة، بجولات في جميع مناطق المملكة، وأنا أعتبر نفسي محظوظة بالعمل في جولة مع مسرحية ‘موروكولاند’ للمخرج محمد فرغاني في الرباط، وأيضًا في جولة أخرى مع مسرحية ‘ما منك زوج’ للمخرج أحمد مازوزي في الدار البيضاء، إذ سبق لي قبل جائحة كورونا أن عملت في أربع مسرحيات في الوقت نفسه، والأمر مرهق جسديًا ولكنني لا أعتبره يحمل التحدي في أيّ جانب منه، بقدر ما أراه متعة على أوجه مختلفة”.

    وتقول “هذه الجولات تشعرني بمتعة الإحساس بالانتماء إلى عائلتين، عائلتي في فرقة فيرݣانيزم وهي من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، ثم عائلتي الثانية في فرقة حركات للفنون الحية التي تعتبر من رواد المسرح المغربي الذين لهم تاريخ مجيد على خشبات المسارح. وفي نفس الوقت، نحن نتشارك الحب والعشق الأبدي للمسرح. ثم هناك متعة التنقل بين شخصيتين مختلفتين تمامًا، إذ أشعر معهما وكأن بيدي سلطة الخلق، أُقول للشخصية أن تكون فتكون، وأحيانًا أشعر وكأنني حرباء تتلون مع كل دور. إذن فالعمل بجولتين جعلني أكتشف ما يمكنني فعله وما لا يمكنني فعله، والتحدي الحقيقي للممثل هو تجاوز حدود القمع الداخلي المتجذر في داخله، والسيطرة على الخوف من الفشل أمام الشخصية أو المخرج أو الجمهور، وأيضًا إزاحة كل ما يعرقل حركة الإبداع والابتكار في أعماقه”.


    أحب أن يصبح المتفرج متفاعلا على نحو مباشر مع الممثل ويخرج من دائرة المستهلك الذي يجلس كمتلق للعرض فقط


    وتضيف فاطمة بوجو حول ما يتحدث عنه كل دور في هاتين المسرحيتين “في مسرحية ‘موروكولاند’ للمخرج محمد فرغاني، أجسد شخصية المرأة الفقيرة التي اغتنت بعد الزواج، وهي امرأة جافة وقاسية مع من حولها، تمثل الرأسمالية الجشعة التي تغتني على حساب الضعفاء، وقد قامت ببيع ابنتها باسم الزواج لرجل قادر على ضمان صفقات اقتصادية رابحة. أما في مسرحية ‘ما منك زوج’ للمخرج أحمد مازوزي، فقد جسدت شخصية امرأة تحب الحياة والحرية وتهرب دائمًا من مستشفى المجانين، لكن خيالها المتقد يجعلها تخلق عوالم جميلة يصدقها كل من يسمعها”.

    وعن طريقة اختيار أدوارها في المسرحيات التي تقدمها، تقول الممثلة المغربية “في السابق كنتُ أختار الشخصيات المرحة التي تنبعث منها روح التفاؤل التي تزرع البسمة في شفاه المتفرج، أما في السنتين الأخيرتين وتحديدا بعد عودتي إلى المسرح بعد توقف، أصبحتُ لا أختار أدواري، بل أقبل ما يُعرض عليّ، مما تسبب لي في صراع مرير وعذاب نفسي داخلي خلال التدريب وفي العروض الأولى، إذ أحسستُ وكأني امرأة تتزوج بالقوة رجلا لا تحبه، والأصعب هو أنني كلما فكرت في ترك الدور، كانت نفسي لا تطاوعني، كيف أحرم نفسي حرارة التواصل مع جمهور المسرح وأمنع نفسي من متعة التنفس على أرض خشبة المسرح. كنتُ أتألم في صمت وأعتنق الصبر حتى أجد نفسي بعد العرض الأول والثاني، وقد تصالحت مع الدور وأصبحت أستمتع بأدائه”.

    وتشير بوجو إلى اللحظات التي تجدها أكثر إثارة خلال أداء عروضها المسرحية أمام جماهير متنوعة منوهة “الممثل يمكنه التحكم في النص وفي طريقة أدائه للدور، ولكنه لن يستطيع أبدًا التحكم في رد فعل الجمهور، إذ أن في كل مدينة يتفاعل الجمهور مع جملة أو حركة أو موقف بطريقة مختلفة، لم يكن يتفاعل معها جمهور مدينة أخرى، وكممثلة أقوم بأداء عملي بالطريقة نفسها في كل عرض وفي كل مدينة، وأحيانًا قد نشير إلى اسم حي أو مقهى أو شخصية موجودة في المدينة نفسها، وهذا دائمًا يمتع الجمهور، إذ أن الشيء الوحيد الذي لا يتغير في كل المدن هو حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، والتعبير عن الامتنان للفرقتين على الفرحة المسرحية الممتعة التي يفتقدونها”.

    وتضيف “أفضل اللحظات بالنسبة إليّ تأتي عند تكسير الجدار الرابع، وأعشق دائمًا خلق حوار مع أحد من الجمهور، وأحب أن يصبح المتفرج متفاعلا على نحو مباشر مع الممثل ويخرج من دائرة المستهلك الذي يجلس كمتلق للعرض فقط، ولكن ليس كل المخرجين يحبون ذلك. عادة، ألجأ إلى هذه الحيلة عندما أجد نفسي أمام حوارات جافة وعقيمة لا حياة فيها، حيث أحاول إضفاء الحياة فيها بالتحاور مع الجمهور، وفي إحدى المسرحيات، وهي ‘الهياتة’، جسدت دور محامية تدافع عن حقوق المرأة وفي الوقت نفسه تردد البنود الجديدة في مدونة الأسرة الجديدة، ولذا قام مخرجي بفكرة رائعة، حيث اتهم أحد الجمهور بأنه لم يطّلع بعد على بنود المدونة وحقًا كان الجمهور ينفجر بالضحك”.



    وعن تأثير التفاعل المباشر مع الجمهور على أدائها وتجربتها، تقول بوجو “التفاعل المباشر مع الجمهور هو تجربة مفيدة في التكوين المستمر للممثل، وهو أيضًا سلاح ذو حدين، قد يعطي ثمارًا إيجابية أو قد يتسبب في غضب أحد من الجمهور، وأتذكر في عرض مسرحية ‘الزكروم’ مع المخرج مؤذن عبدالواحد، وهي عن نص ‘البخيل’ لموليير، جاءني شخص اعتبر أن اتهامه بالسرقة إهانة، بما أنه شخصية معروفة بالمدينة، كما أتذكر في مدينة أخرى ومع نفس المسرحية، رفض ممثل صديق لنا وهو من الجمهور أن يتفاعل معي، ومع ممثل آخر كنا نقصد الجمهور ونشركه في المشهد، ومن خلال الجولات تحدث لحظات مرح وفرح، وأحياناً ينطلق الغناء والرقص داخل الحافلة خلال الطرق الطويلة جداً، وهناك لحظات من الاسترخاء والصمت أيضا، ولكنّني أحب استجماع طاقتي من خلال التسبيح والذكر في صمت لأطول مدة ممكنة”.

    أما عن حضورها في الأعمال السينمائية والتلفزيونية، فتقول “شاركت مؤخرًا في تصوير فيلم قصير بعنوان ‘الحقيقة’ للمخرج الحمداوي لخضر تحت إشراف المخرجة مجيدة بنكيران، كما شاركت في فيلم آخر بعنوان ‘الزائر’ للمخرج رضوان لكنين، وأيضًا شاركت في الحلقات الجديدة لسلسلة ‘لحبيبة أمي’، كما أنهيت مؤخرًا المشاركة في تصوير مسلسل لقناة ‘أم بي سي’ مع المخرج مراد الخودي ومسلسل آخر بعنوان ‘رحمة’ للمخرج علي مجبود لنفس القناة. وعلى الرغم من المساحة المتواضعة للدورين إلا أنني فخورة بهذه المشاركة، لأنني من معجبات المخرجين وأعمالهم”.

    وتوضح “في الواقع، دائمًا هناك شعور بالمتعة خلال الوقوف أمام الكاميرا مع مخرج جديد، حيث تتعلم من كل لحظة خلال التصوير وتستمتع بفعل ما تحب، بغض النظر عن مساحة الدور أو البيئة التي تعمل فيها، وخلال التصوير تكون لديك علاقة مميزة مع الفريق التقني والفني، كما لو كنت تعمل مع عائلتك، تستمتع أحيانا وتتعلم أحيانا أخرى، ورغم اللحظات التي قد تشعر فيها بالغضب، إلا أنك سرعان ما تنسى ذلك حين ينتهي العمل. كما أن أكبر تحدّ يواجه الممثل ليس في التكيف مع البيئات المختلفة التي يعمل فيها، بل مع نفسه وما يدور بداخلها، فالممثل في كل عمل مهما كان سعيدًا ومرتاحًا فيه، يكون عاريًا أمام زملائه الممثلين، وحتى أمام المخرج والتقنيين، إنهم يشاهدونه في كل حالات ضعفه، سواء كانت نظرات التوتر قبل العرض أو قبل التصوير، أو التردد أو حتى الخجل من نسيان حوار ما”.

    وتتابع “أحيانا، يقدم الممثل أداء ضعيفا أو أقل مما يتوقعونه منه لأنه عجز عن التركيز على شخصيته، أو أخفق في التعبير عن عواطف الشخصية التي يؤديها أمام عيون فريق العمل في مجال التمثيل، تكون كل نقائصك مكشوفة لهم على اعتبار أن الممثل إنسان قد يخطئ وينجح، أو يفشل”.

    أما عن جديد أعمالها الفنية، فتقول “أصعب سؤال يُطرح على الممثل في بلادنا هو: ما هو الجديد في أعمالك؟ نعم، ارتفع عدد الأعمال المغربية للقناة الأولى والثانية، إلى جانب عدد من الأعمال التي يتم تصويرها حاليًا لصالح قناة ‘أم بي سي’ في المغرب، ومع ذلك فإن فرص العمل بالنسبة إلى الممثل ليست دائما متاحة بالحجم الذي يحلم به أيّ فنان، خاصة وأن مجال التمثيل يشهد إقبالًا كبيرًا من قبل الشباب المغربي. سواء كانوا حاصلين على تكوين أكاديمي من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، أو من المعهد البلدي للمسرح بالدار البيضاء، أو من ممارسي المسرح بدور الشباب، أو حتى ممن لم يحصلوا على تكوين، ولم يمارسوا المسرح”.

    وتشير إلى أنه “بالإضافة إلى ذلك يتجه عدد كبير من مشاهير الغناء ومواقع التواصل الاجتماعي نحو اختيار أدوار البطولة في الأعمال التلفزيونية المغربية، لذا، أصبح هذا السؤال محرجًا لعدد كبير من الممثلين الرواد، ومع ذلك أعتبر نفسي محظوظة لأنني شاركت هذه السنة في ثلاثة أفلام قصيرة ومسلسلين، وحلقة واحدة من سلسلة ‘لحبيبة أمي’، إلى جانب الجولات المسرحية”.


    عبدالرحيم الشافعي
    كاتب مغربي
يعمل...
X