أبوصبحي التيناوي الفنان السوري الشعبي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أبوصبحي التيناوي الفنان السوري الشعبي


    #أبو_صبحي_التيناوي الفنان #السوري_الشعبي الذي لم يدرس الفن ولم يدخل أكاديمية الفنون، ولم تكن له أي علاقة بالفن والثقافة، بل كان يمتلك محلاً لبيع الخردوات في أحد حارات دمشق القديمة.
    في عام من أعوام القرن العشرين،أقامت امرأة فرنسية بالغة الثراء معرضاً لما تملكه من رسوم لمشاهير الفنانين في العالم كبيكاسو ودالي وموديلياني ورينوار وفان كوخ.
    واشتمل ذلك المعرض على لوحة واحدة فقط لفنان عربي وهو أبوصبحي التيناوي.
    فنان من دمشق، رسومه مستلهمة من الحكايات الشعبية العربية،ولكن غالبيتها مكرسة لعنترة وعبلة، يرسمها على الزجاج بألوان حادة وتتجلى براعته في رسمهم بمئات اللوحات من دون أن تكون إحدى اللوحات مشابهة للأخرى مع أن الموضوع واحد لم يتبدل.
    وحين كان يأتي شخص ما راغب في شراء لوحاته، يترك دكانه بعد أن يطلب من جاره الاهتمام بها أثناء غيابه،ويأخذ الزبون إلى بيته القريب حيث تتكدس رسومه في إحدى الغرف الخالية،وهناك يبدأ ابو صبحي التيناوي بعرض لوحاته، لوحة إثر لوحة، مسهباً في تبيان مزاياها، وبلهجة بائع ماكر يريد إغراء زبونه بشراء شيء مما يعرضه من سلع.
    فهو لا ينظر إلى نفسه على أنه فنان, وكل شخص يعامله على أنه فنان ينفر منه ولا يرغب في رؤيته ثانية, أما من يقول له : (أنت فنان كبير وموهوب) فهو ينظر إليه بريبة كأنه محتال له مآرب خفية من العسير كشفها، فالرسم بالنسبة إليه مجرد مهنة كالحدادة والتجارة.
    ولم ينجح اي صحافي في إجراء حديث معه،وكان يقول للصحافي: ( إذا أردت أن تشتري فأهلاً وسهلاً.أما إذا لم تكن تريد إلا الحكي فأرنا عرض كتافك).
    وقد حاولت بعثات تلفزيونية أجنبية إجراء مقابلات معه،ولكنه رفض رفضاً باتاً،وطرد أعضاءها شر طردة وهو يزمجر ساخراًبلا فن….بلا بلاط).
    وكان أحد الفنانين دائم التردد إليه في الستينات, يشتري منه اللوحة بثمن لا يزيد على عشرين ليرة سورية، ثم يأخذها إلى بيروت، ويضعها في إطار فخم، ويبيعها للأجانب بمبالغ طائلة يحلم كبار الفنانين العرب بنيل مثلها.
    في أحد الأيام اشترى الفنان اللبناني لوحتين من لوحات أبو صبحي التيناوي،فقدم إليه أبو صبحي التيناوي لوحة صغيرة الحجم امتدحها مطولاً،فقال له الفنان اللبناني (سأشتريها،كم تريد ثمناً لها؟).
    فقال أبو صبحي التيناوي أنت اشتريت لوحتين كبيرتين، وهذه اللوحة الصغيرة مجاناً على البيعة.
    وجملة “على البيعة” كانت تستخدمها نساء الحارات الشعبية الدمشقية حين يشترين أي شيء، ويطلبن إلى البائع أن يزيد الوزن أو الطول قليلاً ..قائلات: ( زد قليلاً…..على البيعة)
    وفي يوم من الأيام، أراني أبو صبحي التيناوي لوحة مرسومة على الزجاج لعبلة وهي تمتطي صهوة جواد أسود اللون, وكانت لوحة رائعة تبهر حقاً.
    تأملتها لحظات،ثم سألته،وأنا أشير بسبابتي إلى لطخة سوداء في سماء اللوحة: “أبو صبحي ما هذا؟”
    وكان أبو صبحي التيناوي لا يبتسم أبداً،ومتجهم الوجه باستمرار، ولكنه عندما سمع سؤالي ازداد تجهم وجهه، وبدا كمن أهين إهانة بالغة، وقال لي بنزق:” اسمع يا أستاذ يا محترم.إذا كنت لا تعرفني فاسأل عني, أنا لا أغش زبائني, أنا أبيعهم لوحة لعبلة راكبة على حصان،ولكن عرض اللوحة لم يسمح لي برسم الحصان كاملاً، واضطررت إلى رسم ذيله ناقصاً, وهذه القطعة السوداء هي بقية ذيل الحصان.
    عاش أبو صبحي التيناوي حياته بعيداً عن الأضواء والشهرة، ولم يحظ بأي تكريم، ولم ينل أي وسام أو منصب، ولم يدخل يوماً مصرفاً من المصارف، ولم تنشر أي مطبوعة عربية نبأ وفاته عام 1973 ولكن مازالت لوحاته متواجدة في متحف اللوفر إلى الآن...
    إعداد: Make it Art
    منقول بتصرف من مقال للكاتب زكريا تامر
    مجلة التضامن العدد 223 –1987





يعمل...
X