"كليلة ودمنة" يفتتح قسم "كتاب العالم" في معرض أبوظبي للكتاب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "كليلة ودمنة" يفتتح قسم "كتاب العالم" في معرض أبوظبي للكتاب


    "كليلة ودمنة" يفتتح قسم "كتاب العالم" في معرض أبوظبي للكتاب


    مبادرة "كتاب العالم" تأتي للمرة الأولى في الدورة الحالية للمعرض، ترسيخا للإرث الثقافي العالمي.
    الخميس 2024/05/02

    من أهم الكتب العربية

    أبوظبي - في رحاب معرض أبوظبي الدولي للكتاب يطِلّ “كليلة ودمنة” لعبدالله بن المقفع على جمهور القرّاء مجددا تحت عنوان “كتاب العالم”، بسرديّته التي تتجاوز حاجز الزمن، وتدور في فلك الحكايات الخرافية والعبر الأخلاقية الصالحة لكلّ وقت وأرض، ولم يأتِ اختيار “كليلة ودمنة” عبثيّا، بل لأنّه يجسّد حالة سامية تهدف إلى الإصلاح الاجتماعي، وينتمي إلى جنس أدبيّ يسمى “مرآة الأمراء” ويقوم على تربية ملوك المستقبل، من خلال إسداء النصائح على لسان شخصيات ينتمي بعضها للبشر والبعض الآخر للحيوانات.

    مبادرة “كتاب العالم” تأتي للمرة الأولى في الدورة الحالية للمعرض، ترسيخا للإرث الثقافي العالمي، حيث سيتمّ سنويّا اختيار واحد من بين الكتب الأكثر تأثيرا في الوعي الإنساني، بناءً على معايير نقدية عدّة.

    وفي جلسة حملت عنوان “كليلة ودمنة: من المخطوطات إلى القراءات الأدبية الحديثة” ناقش المعرض تفاصيل متعلّقة بخصوصية الكتاب، وكيفية توظيف الخرافة لتعزيز قيم الفضيلة، أدارها الإعلامي حسن الشاذلي، بحضور الدكتور محمد سليمان رئيس قطاع التواصل الثقافي بمكتبة الإسكندرية، والكاتب والناقد الصحفي إيهاب الملاح الباحث المتخصص بالتراث والتاريخ الثقافي، والمؤلفة والباحثة المتخصصة الدكتورة شهرزاد العربي.

    “كليلَة ودِمْنَة” كتاب يختلف المؤرخون في أصله، حيث أجمع بعض الباحثين على أنه يعود إلى أصول هندية، وتمت كتابته باللغة السنسكريتية في القرن الرابع الميلادي ومن ثم تُرجم إلى اللغة الفهلوية (اللغة الفارسية اليوم) في أوائل القرن السادس الميلادي بأمر من كسرى الأول. بعد ذلك ترجمه عبدالله بن المقفع من الفهلوية إلى اللغة العربية في العصر العباسي وتحديدًا في القرن الثاني الهجري الموافق للقرن الثامن الميلادي وصاغه بأسلوبه الأدبي مُتصرفًا به عن الكتاب الأصلي.

    الباحثون اتفقوا على كون النسخة العربية لعبدالله بن المقفع هي الأصل الذي نقلت عنه كل الترجمات الأخرى

    إلا أن هناك من شكّك في ذلك ورأى أن أصل الكتاب عربي، كون النسخة العربية هي النسخة القديمة الوحيدة الباقية من الكتاب مع ضياع النسخة الهندية والفارسية إن وجدت، ويرون بأن قصة مقدمة الكتاب وانتقاله من الهند إلى فارس والقصص التي رويت على ألسنة الحيوانات ما هي إلا من وحي خيال الكاتب عبدالله بن المقفع نفسه، ليبعد التهمة عنه كونه خاف على نفسه من الهلاك.

    وفي الكتاب، استخدم المؤلف الحيوانات والطيور كشخصيات رئيسية فيه، وهي ترمز في الأساس إلى شخصيات بشرية وتتضمن القصص عدة مواضيع من أبرزها العلاقة بين الحاكم والمحكوم، بالإضافة إلى عدد من الحِكم والمواعظ.

    يتألف الكتاب من خمسة عشر بابا رئيسيا تضم العديد من القصص التي أبطالها من الحيوانات، ومن أبرز شخصيات الحيوانات التي يتضمّنها الكتاب، الأسد الذي يلعب دور الملك، وخادمه الثور الذي يُدعى «شَتْرَبه» (أو شَنْزَبَه في بعض النسخ)، بالإضافة إلى اثنين من بنات آوى وهما «كليلة» و«دمنة». كما يتضمن أربعة أبواب أخرى جاءت في أولى صفحات الكتاب، وهي: باب مقدمة الكتاب، وباب بعثة برزويه إلى بلاد الهند، وباب عرض الكتاب (ترجمة عبدالله بن المقفع)، وباب بروزيه (ترجمة بُزُرجِمهر بن البُخْتَكان). وقد لعبت النسخة العربية من الكتاب دورا رئيسياً مهماً في انتشاره ونقله إلى لغات العالم إما عن طريق النص العربي مباشرة أو عن طريق لغات وسيطة أخذت عن النص العربي.

    ويصنف النقاد العرب القدامى كتاب “كليلة ودمنة” في الطبقة الأولى من كتب العرب ويجعلونه أحد الكتب الأربعة الممتازة إلى جانب “الكامل” للمُبَرّد و”البيان والتبيين” للجاحظ و”العمدة” لابن رشيق.

    روايات تاريخية تقول أن ابن المقفع مات مقتولا على يد سفيان بن معاوية، لكن بعض المصادر روت أنه مات منتحرًا

    وفي الجلسة المخصصة لهذا الكتاب في معرض أبوظبي، اتّفق الباحثون الثلاثة على كون النسخة العربية لعبدالله بن المقفع هي الأصل الذي نقلت عنه كل الترجمات الأخرى، وأن الكتاب، الذي بقي محلّ اهتمام العديد من المنظرين، يتقاطعُ مع المعارف والعلوم المختلفة في الاجتماع والسياسة والأسلوب السردي الخالص الذي يعتمد عليه، وهو ما يجعل تأويله بشكلٍ واحدٍ صعباً، ويضع الباحثين في مواجهة إسقاطات عدة، جميعها صحيحة، الأمر الذي يمنح الكتاب صفة الاستمرارية.

    كما تم التطرق للطبعات المبكرة للمستشرقين بداية من طبعات المستشرق الفرنسي سلفستر دي ساسي (1758 – 1838)، والاستعانة بالمخطوطات الباريسية والمصرية، وعلى رأسها طبعة عبدالوهاب عزام التي قدم لها الأديب المصري طه حسين. كما تم عرض أهم المخطوطات والأقدم منها سواء مخطوطات مكتبة أيا صوفيا والمخطوطات الموجودة في المكتبة الوطنية الفرنسية.

    وتناول الدكتور محمد سليمان آلية تحول العمل العالمي الشهير من السنسكريتية إلى الفهلوية، ثم إلى العربية، التي حظيت بشهرة واسعة وأصبحت تعتبر النص الأصلي لهذا المؤلف.

    من جانبه، قال إيهاب الملاح “كليلة ودمنة يدور حولها رأيان أو اتجاهان، الأول أنها نص مترجم عن أصل فارسي عن أصل هندي. وهو الاتجاه الذي ظل متداولا في نظريات الأدب وتاريخه. لكن مع الزمن بدأت تظهر آراء أخرى، مثل رأي الدكتور محمد رجب النجار الذي خصص بحثا يعد واحدا من أهم البحوث المنشورة حول الكتاب بعنوان ‘كليلة ودمنة تأليف لا ترجمة’، أبرز فيه أن الصياغة التي وصلتنا من ‘كليلة ودمنة’، هي صياغة لعبدالله بن المقفع بناء على ما اشتمل عليه الكتاب”.

    وتابع “نستطيع أن نقول إن ‘كليلة ودمنة’ كان سببا مباشرا في ما حدث لعبدالله بن المقفع وفي الطريقة التي قتل بها وأثبتتها كتب التراث العربي”.

    وتقول روايات تاريخية أن ابن المقفع مات مقتولا على يد سفيان بن معاوية، لكن بعض المصادر روت أنه مات منتحرًا وذلك أنه حين ظفر به سفيان وأراد حمله إلى الخليفة المنصور قَتَلَ ابن المقفع نفسَه. وقال بعضهم إنه شرب سمًّا، وقال آخرون إنه خنق نفسه. لكن رواية الحرق هي الأشهر والأكثر تداولا.
يعمل...
X