ما هو علم الهندسة.من الكتب الأصول وكتاب أقليدس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما هو علم الهندسة.من الكتب الأصول وكتاب أقليدس

    الهندسة:

    أخذ هذا المصطلح من كلمة أندازة الفارسية الأصل وعربت إلى هندسة. اهتم العرب بهذا العلم، وبنوا فيه على ما نقلوه من اليونان. وكان أهم مرجع لديهم هو كتاب أقليدس الذي ترجموه بعنوان الأصول وكتاب أقليدس. وكانت للعلماء العرب إسهامات طيبة في هذا العلم، إلا أنها لا ترقى إلى المستوى الذي بلغوه في الحساب والجبر. قام بترجمة كتاب أقليدس ثلاثة من أشهر العلماء، وكانت لكل منهم ترجمته الخاصة به. وقام بهذه الترجمات كل من حنين بن إسحاق، وثابت بن قرة ويوسف بن الحجاج. ثم جاء من بعدهم من اختصره مثل ابن سينا وابن الصلت، وفي مرحلة أخرى ألّف العرب على نسقه وأضافوا عليه مثل ابن الهيثم والكندي، ومحمد البغدادي.



    ولما كان العرب يميلون إلى الجانب التطبيقي في تناولهم للمعارف أكثر من الجانب النظري فقد خرجوا بالهندسة النظرية اليونانية إلى المجال العملي التطبيقي. من ثم نجد أنهم يقسمون الهندسة إلى قسمين: عقلية وحسية ؛ فالعقلية هي النظرية وألحقوها بالفلسفة، ولا يعمل بها إلا الحكماء الراسخون في الرياضيات البحتة. وهذا هو النوع الذي تفنن فيه علماء اليونان وعلى رأسهم أقليدس. أما العرب فكان إنجازهم فيها ضئيلاً نسبيًا. أما الهندسة الحسية فهي التطبيقية، التي استفاد منها العرب في العمران ؛ في المساجد والقصور والأروقة والقباب وتخطيط المدن.

    متفرقات هندسية. وضع العلماء العرب والمسلمون مصنفات هندسية تطبيقية تنم عن استقلال في التفكير على الرغم من انطلاقهم من نظريات أقليدس وفيثاغورث وأبولونيوس. يظهر ذلك بجلاء عند ابن الهيثم في كتابه الجامع في أصول الحساب وفي مقالاته في استخراج سمت القبلة ؛ فيما تدعو إليه حاجة الأمور الشرعية من الأمور الهندسية ؛ في استخراج ما بين البلدين في البعد بجهة الأمور الهندسية، وكذلك رسالة محمد البغدادي التي كان موضوعها تقسيم أي مستقيم إلى أجزاء متناسبة، مع أعداد مفروضة برسم مستقيم، وهي اثنتان وعشرون قضية: سبع في المثلث، وتسع في المربع، وست في المخمس.

    بيَّن العرب كيفية إيجاد نسبة محيط الدائرة إلى قطرها (ط) ورمزوا لذلك بالحرف ط، وكانت كالتالي بالتقريب لدى الخوارزمي:

    ¬10 ، 1/7 3 ، 62,832/20,000

    ويوضح ذلك في الجبر والمقابلة بالألفاظ ¸.. وكل مدورة (دائرة) فإن ضربك القطر في ثلاثة وسبع، هو الدور (المحيط) الذي يحيط بها، وهو الاصطلاح بين الناس من غير اضطرار، ولأهل الهندسة فيه قولان آخران: أحدهما أن نضرب القطر في مثاله، ثم في عشر، ثم نأخذ جذر ما اجتمع (الناتج)، فما كان فهو الدور. والقول الثاني، لأهل النجوم منهم، وهو أن نضرب القطر في اثنين وستين ألفًا وثمانية واثنتين وثلاثين، ثم نقسم ذلك على عشرين ألفًا، فما خرج فهو الدور. وكل ذلك قريب بعضه من بعض…·. وقد بلغ الاهتمام بهذه النسبة أن وضع فيها الرياضيون العرب مؤلفات من ذلك الكتاب الذي وضعه غياث الدين الكاشي بعنوان في نسبة القطر إلى المحيط.

    أظهر الرياضيون العرب تفوقًا في الهندسة المستوية ولاسيما فيما يتعلق بالمتوازيات. فكان نصير الدين الطوسي مثلاً أول من لفت الانتباه لنقص أقليدس في قضية المتوازيات، وقام بتقديم الأدلة المبنية على فروض في كتابه الرسالة الشافية عن الشك في الخطوط المتوازية. كما استفاد ابن الهيثم من الهندسة المستوية والمجسمة في بحوثه عن الضوء، وتعيين نقطة الانعكاس في أحوال المرايا الكرية والأسطوانية والمخروطية، المحدبة والمقعرة. فنجد أنه وضع أولاً بضع عمليات هندسية على جانب من الصعوبة ذكرها وبيّن كيفية إجرائها ووضع لها البراهين الهندسية المضبوطة. ثم كانت الخطوة الثانية أن اتخذ هذه العمليات الهندسية مقدمات إلى الحلول التي أرادها لتحديد نقاط الانعكاس، ثم أضاف خطوة أخرى بتقديمه البراهين الهندسية لتلك الحلول.

    عرف الرياضيون العرب علم تسطيح الكرة ؛ وهو علم عرّفه حاجي خليفة في كشف الظنون بأنه ¸علم يتعرف فيه كيفية نقل الكرة إلى السطح مع حفظ الخطوط والدوائر المرسومة على الكرة، وكيفية نقل تلك الدوائر على الدائرة إلى الخط… وجعله البعض من فروع علم الهيئة (الفلك)، وهو من فروع علم الهندسة…·. فقد نقل العرب الخرائط من سطح الكرة إلى السطح المستوي، ومن السطح المستوي إلى السطح الكروي، ومن مصنفاتهم في هذا الفرع من الهندسة كتاب تسطيح الكرة لبطليموس ؛ الكامل للفرغاني ؛ الاستيعاب للبيروني ؛ دستور الترجيح في قواعد التسطيح لتقي الدين.

    وألّف العرب مصنفات كثيرة في المسائل الهندسية، وفي التحليل والتركيب الهندسي وفي موضوعات متصلة بذلك مثل تقسيم الزاوية، ورسم المضلعات المنتظمة وربطها بمعادلات جبرية. ويقال إن ثابت بن قرة قسّم الزاوية إلى ثلاثة أقسام متساوية بطريقة تخالف الطرق التي عرفها اليونان. كما بحث العلماء في مراكز الأثقال وتوسّعوا فيها واستعملوا البراهين الهندسية لحل بعض مسائلها. ومن هذا ما ذكره الكوهي في كتاب مراكز الأثقال ¸… أدرنا نصف دائرة أ ب جـ التي مركزها د، مع القطع المكافئ الذي سهمه خط ب د، ومع المثلث أ ب جـ حول الخط ب د القائم على الخط أ جـ حتى يحدث من إدارة نصف الدائرة نصف الكرة، ومن القطع المكافئ مجسم المكافئ، ومن المثلث مخروط، فيكون المخروط مجسمًا للمثلث كالمجسم المكافئ للقطع المكافئ، ونصف الكرة لنصف الدائرة. فمركز ثقل مجسم المثلث، أعني المخروط، يقع على نسبة الواحد إلى أربعة، والمجسم المكافئ على نسبة الاثنين إلى ستة، ونصف الكرة على نسبة الثلاثة إلى ثمانية. أما مركز ثقل المثلث فعلى نسبة الواحد إلى ثلاثة، والقطع المكافئ على نسبة الاثنين إلى خمسة، ونصف الدائرة على نسبة الثلاثة إلى سبعة…·.

    أما في المساحات فقد تناولوها في ثنايا المصنفات الرياضية باعتبارها فرعًا من الهندسة. فنجد أن بهاء الدين العاملي يخصص لها الفصول الثلاثة الأولى من الباب السادس من كتاب خلاصة الحساب، ويتناول في مقدمته بعض تعريفات أولية في المساحة عن السطوح والأجسام. ثم في الفصل الأول مساحة السطوح المستقيمة الأضلاع كالمثلث، والمربع، والمستطيل، والمعين، والأشكال الرباعية، والمسدس، والمثمن وغيرها. ويتناول في الفصلين الثاني والثالث طرق إيجاد مساحة الدوائر والسطوح المنحنية كالأسطوانات، والمخاريط التامة والناقصة، والكرة. كما يذكر في الباب السابع أشياء تتعلق بالمساحة عل سطح الأرض لإجراء المسح لشق القنوات، ومعرفة مقدار الارتفاعات وعرض الأنهار وأعماق الآبار.



    كان من الطبيعي أن ينقل العرب معارفهم الهندسية ويطبقوها على فنهم المعماري من مساجد وقصور ومدن وغيرها، واهتموا بالزخارف الهندسية التي اتسمت بالتناسق والدقة. وهذا يتطلب معرفة دقيقة بأعقد قوانين علم الهندسة لضبط رسم الخطوط والدوائر وتقسيم الأشكال الهندسية. ولا أدل على ذلك من الشواهد القائمة حتى الآن في الأندلس كقصر الحمراء وجنة العريف في غرناطة.

    كما برع العرب في تخطيط المدن، وشق الطرق، والقنوات للري. وكان تصميم المدن يتم أولاً بعمل الخرائط الهندسية على الجلود والأقمشة والورق، بل كانوا يعملون لها نماذج مجسَّمة صغيرة كما يعمل مهندسو المعمار اليوم. ومن أشهر المدن التي خططها المعماريون العرب والمسلمون على أسس هندسية بغداد والبصرة في العراق، والفسطاط والقاهرة في مصر، والزهراء في الأندلس، وأصفهان في إيران، وأجرا في الهند. وقد راعوا في هذه المدن وغيرها الموقع الجغرافي، وتوافر المياه، وشق أكبر شوارعها في وسطها، بحيث يخترقها منصفًا لها، ويقوم على جانبي هذا الشارع الأحياء السكنية التي أطلق عليها الخطط. وكان يقوم في مركز المدينة المسجد الكبير ودار الإمارة ودواوينها. ★ تَصَفح: العمارة الإسلامية.
يعمل...
X