قرطاج المسرحي يعرض تجارب ورؤى حول المسرح والجمهور

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قرطاج المسرحي يعرض تجارب ورؤى حول المسرح والجمهور

    قرطاج المسرحي يعرض تجارب ورؤى حول المسرح والجمهور


    من تونس ومصر إلى أوروبا وأفريقيا.. مسرحيون يناقشون اكتمال الفعل المسرحي.


    جلسات تدرك أهمية الفعل المسرحي

    هل مازال الفعل المسرحي قادرا على جذب الجمهور وإقناعه؟ وهل بالإمكان أن يصبح هذا الجمهور ثابتا أم أنه متغير بتغير العمل والظروف الحياتية؟ هذه التساؤلات وأكثر يناقشها مجموعة من الخبراء والأكاديميين والمسرحيين في الندوة الدولية التي تنظمها الدورة الرابعة والعشرون لأيام قرطاج المسرحية المنعقدة حاليا في تونس.

    تونس - تتواصل أشغال الندوة الفكرية الدولية لأيام قرطاج المسرحية في نسختها الرابعة والعشرين المخصصة لمحور “المسرح وجمهوره اليوم” أو “في اكتمال الفعل المسرحي”، التي انطلقت الاثنين، تحت إشراف الدكتور محمد المديوني ويشارك فيها على مدى ثلاثة أيام مسرحيون وباحثون في المسرح وفنون العرض ومديرو مسارح من تونس ومن الوطن العربي وأفريقيا وأوروبا.

    قدم الدكتور محمد المديوني لهذه الندوة في كلمة ضمن كتيب المهرجان، قال فيها إنه “بيّنٌ أنَّ الكلام عن اكتمال الفعل المسرحِيّ هو كلامٌ في جوهرِ المسرح وفي أُسُسِ ممارسته ومُقتضياتِ تلك الممارسة، وبيِّنٌ أن في ذلك بحثًا في صُوَرِ تجلّيات هذا الفنّ وفي امتداداتِ تلك التجلّيات”.


    محمد مسعود إدريس: منظومة الدعم ألغت السوق والقدرة على تحديد الجمهور


    وتابع “بيّنٌ، كذلك، أنّ في التساؤل عن مدى تَحقُّقِ ‘اكتمال الفعل المسرحِيِّ’ ما يسمح بالوقوف على طبيعةِ حضور هذا الفنّ ضمن شواغِل النّاس باعتباره ظاهِرةً عابِرةً لا وزن لها فيها، أو باعتباره حاجة أساسيّة من حاجاتهم لا يستغنون عنها؛ و في التساؤل عن مدى تَحقُّقِه ما قد يسمح، أيْضًا، بالانتباه إلى مؤشّراتٍ تدلُّ على غيابه، رغم وَهْم حضوره، وإلى علامات تُشير إلى انسياقه إلى الاندثار، رغم استمرارِ ذِكْرِهِ”.

    وتدعو هذه الندوة إلى النظر في مُختلف هذه الأبعاد، من خلال شِقّيْن من المحاور يتعلّق الأوّل بواقع المسرح، اليوم، وموقِعه من شواغِل النّاس وعلاقة صنّاع الفرجة فيه بهم، ويتعلّقُ الشِّقُّ الثاني بجمهور المسرح وواقع “اكتمال الفعل المسرحِي”.

    قدمت الجلسة الأولى في اليوم الأول أربعة بحوث تعلق كل بحث بتجربة محددة من مصر إلى السويد إلى تونس إلى ألمانيا.

    الدكتورة نسرين إبراهيم من مصر قدمت مداخلة بعنوان “الجمهور المرتاد للمسرح قراءة في الجهود البحثية المسرح المصري نموذجا”، أبرزت من خلالها خلاصة دراسة ميدانية حول المسرح المصري وجمهوره وشهادات توافقية لبعض القائمين على العمل المسرحي أنجزت سنة 1999.

    واعتبرت الدكتورة نسرين أن مرحلة الستينات عرفت ازدهارا في المسرح المصري بسبب اهتمام السلطة التي كانت ترى في المسرح وسيطا سياسيا لتمرير خطابها وقد انعكس ذلك على الاهتمام بدور العرض وأسعار التذاكر والرقابة أيضا، إذ إن السلطة كانت تريد توجيه الجمهور في نفس الاتجاه الأيديولوجي الذي تتبناه.

    وتوقفت الباحثة المصرية أيضا عند مسرح الطفل الذي اعتبرته هو الضامن باستمرار الممارسة المسرحية من خلال الاهتمام بتنشئة الجمهور على الفرجة المسرحية. ومن مصر أيضا، قدم الدكتور جمال ياقوت مداخلة بعنوان “المسرح وإشكالية الاحتياج دراسة في آليات بناء المسرح في مصر” طرح من خلالها سؤالا أساسيا: هل نحتاج مسرحا في مصر؟


    فاضل الجاف: السويد تهتم منذ نحو قرن بدراسة توجهات الجمهور


    ياقوت قال إن الإحصائيات تؤكد أن نسبة الإقبال على المسرح ضعيفة جدا قياسا بالتجربة الفنية في مصر، وفسر هذه الظاهرة بضعف البنية الأساسية من مسارح ودورعرض وغياب الداعمين الذين يشترطون نجوما لدعم العمل المسرحي، وتراجع دعم الدولة للمسرح مقارنة بالسينما. كما دعا إلى ضرورة العناية بالمسرح المدرسي والجامعي لأنهما يؤمّنان تواصل المسرح وتنشئة الجمهور خاصة.

    أما فاضل الجاف من السويد (من أصول عراقية كردية) فقدم مداخلة بعنوان “إستراتيجيات تعزيز حضور الجمهور المسرحي في المسارح السويدية”، واستعرض في مداخلته التجربة السويدية حيث قال إنه فوجئ في منتصف السبعينات في مدينة ستوكهولم بتدريس مادة دور الجمهور في الدروس النظرية. وتخصص الحكومة السويدية سنويا 3 ملايين أورو لدراسة توجهات الجمهور وهي دراسات مطبوعة وموثقة والاهتمام بالجمهور حسب فاضل الجاف يعود إلى قرن مضى.

    وتنقسم المسارح في السويد إلى مسرح مملوك للدولة وهو المسرح الملكي الذي تموله الدولة بالكامل ومسرح مدينة ستوكهولم الذي تموله بلدية المدينة والمسرح الجوال وهو مسرح يتنقل بين المدن والقرى وله شبكة توزيع واسعة عبر الآلاف من الجمعيات التي تنظم العروض وتبيع التذاكر عبر شبكة مندوبين.

    وقال فاضل الجاف إن نجاح المسارح السويدية في استقطاب الجمهور يعود أساسا إلى التنوع في التجربة وحلقات النقاش التفاعلية بين المسرحيين والجمهور إثر كل عرض والتسويق والحملات الإشهارية، يضاف إلى ذلك تصميم المسارح والإضاءة وظروف العرض ووجود داعمين من مؤسسات ومواطنين.

    ومن السويد إلى ألمانيا قدم بيتر شبولر دراسة مليئة بالأرقام حول الحالة الألمانية التي يعتبر فيها المسرح عنصرا أساسيا في الحياة اليومية منذ القرنين السابع والتاسع عشر وكان المسرح في البداية مدعوما من الارستقراطية الألمانية ثم من الدولة، والمسرح اليوم عنصر أساسي في الحركة الاقتصادية، وتفيد البيانات بأن 35 في المئة من الألمان لهم تقليد الذهاب إلى المسرح الذي يعد أيضا شكلا من أشكال التربية والتعليم.


    أمينة الدشراوي: جمهور المسرح متحول ويتجدد بفئات عمرية غير ثابتة


    وأشار إلى أن هناك 37 مليونا يتابعون العروض الكلاسيكية وأن النساء هن أكثر اهتماما بالمسرح وفي ألمانيا اليوم تنتج عروض باللغة الإنجليزية موجهة إلى المهاجرين في إطار دور المسرح في الإدماج الاجتماعي.

    ولم تغب التجربة التونسية عن اليوم الأول في الندوة إذ قدم الدكتور محمد مسعود إدريس مداخلة بعنوان “الحلقات المفقودة لتوزيع مسرحي ناجع في تونس – الاتجاهات المسرحية في العشرية الأخيرة”.

    واستند إدريس إلى تجارب في الإحصائيات وتحليل المضمون منها التقارير الصحفية والأمنية الموجودة في الأرشيف الوطني حول فرقة الآداب التي تأسست سنة 1912 وكان الشيخ عبدالعزيز الثعالبي كاتبها العام، وأرشيف المسرح البلدي في الثلاثينات من خلال نسب بيع التذاكر ونوعية المقاعد والتقارير الصحفية التي تتعرض أحيانا إلى بعض المشاكل التي تحدث في العروض.

    وتوقف عند تجربة مركز الدراسات والبحوث والإحصاء حول الثقافة الذي تأسس سنة 1978 وتم آنذاك إنجاز دراسة مع رضا التليلي والهادي جلاب صدرت في كتاب صغير حول الجمهور.

    وأشار الدكتور إدريس إلى أن منظومة الرعاية المسرحية المعروفة بالدعم ألغت السوق المسرحية ولم يعد بالإمكان تحديد الجمهور لغياب مقياس القيمة الفنية والجمالية.

    وفي الجزء الثاني قدمت الفنانة الروسية سفتلانا لفريتسوفا مديرة مسرح بريانتسيف بسانت بطرسبورغ مداخلة بعنوان “المشاهد في مسرح ذي أغراض خاصة نموذج مسرح بريانتسيف لجمهور الناشئة”. وقدمت تجربة هذا المسرح في الرهان على الجمهور الذي يبقى هو أساس المسرح فلا وجود لمسرح في غياب الجمهور وأشارت إلى العلاقة بين المسرح والجمهور من خلال تجربتها ومن خلال المهرجانات وورشات التكوين المسرحي.


    وكانت أفريقيا حاضرة من خلال تجربة المسرحي والفنان التشكيلي ألشينا ألاكايي من النيجر الذي قدم تجربة فرقته “منصات النيجر” التي تأسست قبل أربعين عاما وقتها لم يكن هناك اهتمام بالمسرح من الجمهور لكن الفرقة اختارت الكوميديا كخيار فني لخلق حاضنة جماهيرية، وهو ما نجحت فيه وأصبحت لها جولات ليس في النيجر فقط بل في أوروبا وأفريقيا.

    ومن النيجر أيضا قدم المسرحي أمادوا إدوارد لومبو مداخلة حول التجربة المسرحية في النيجر ومميزاتها والتي تنقسم أساسا إلى نمطين رئيسيين: مسرح معاصر ومسرح شعبي، فالمسرح الشعبي يعاني من الرؤية المسبقة للجمهور التي تؤثر على توجهات المسرحيين واختياراتهم والمسرح المعاصر المتهم بالاغتراب.

    ولم تغب تجربة مهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل (ينعقد في مدينة نابل التونسية) عن هذه الندوة من خلال شهادة للمسرحية والباحثة أمينة الدشراوي المديرة السابقة للمهرجان التي حددت أربع فئات لجمهور المهرجان، وهي الأولياء والأطفال والمسرحيون وجمهور آخر مختلف، مشيرة إلى أن جمهور المهرجان متحول باستمرار ويتجدد من خلال الفئات العمرية غير الثابتة.

    اقرأ أيضاً:
يعمل...
X