للمؤلف :حسن أحمد بركة..كتاب"المغاربة والأندلسيون في بلاد الشام في العصر المملوكي"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • للمؤلف :حسن أحمد بركة..كتاب"المغاربة والأندلسيون في بلاد الشام في العصر المملوكي"


    ​رسم متخيل بالذكاء الاصطناعي لمدينة مملوكية في القرن الـ15 الميلادي (الجزيرة، فاير فلاي)
    علي الكفراوي
    19/2/2024
    حياة علمية وحركة حضارية.. مغاربة وأندلسيون في مدن الشام المملوكية
    لا تبلغ الدراسات التاريخية مهما علا شأنها وارتقت مباحثها درجة الكمال من جولة واحدة، بل تتابع جولاتها حتى يأتي كتاب أو بحث ما فيرتق الفتق ويسد الفجوة ويكمل البناء.

    وكتاب "المغاربة والأندلسيون في بلاد الشام في العصر المملوكي" من تلك الكتب التي أجابت عن الأسئلة المعلقة وأضافت جديدا وأنصفت مظلوما ووضعت حجرا راسخا في جدار دراسات العصر الوسيط الذي شهد هجرة أعداد ضخمة من أهل المغرب والأندلس إلى بلاد الشرق بسبب الاضطرابات السياسية في المغرب، واستمرار الحرب التي شنها المسيحيون في بلاد الأندلس ضد المسلمين والمعروفة بحرب الاسترداد.

    والكتاب أجلى الصورة ورفع الستار عن الدور الحقيقي للجهود العلمية والإدارية والحربية والسياسية التي قام بها المغاربة والأندلسيون في بلاد الشام خلال العصر المملوكي، حيث سلط الضوء على نشاط المغاربة والأندلسيين الذين سلكوا طريق الهجرة إلى المشرق الإسلامي في العصر الوسيط الذي شهد تحولات سياسية وحضارية في المشرق والمغرب على السواء.

    وأبان الكتاب عن دور خطير لعبه المغاربة والأندلسيون في الحرب والسلم، وكانوا حجر أساس ولبنة قوية في إدارة وصيانة الدولة العربية الإسلامية في الشام وقت حكم الدولة المملوكية.
    ​كتاب "المغاربة والأندلسيون في بلاد الشام في العصر المملوكي" لمؤلفه حسن أحمد بركة (الجزيرة)
    والكتاب هو دراسة تاريخية للدكتور حسن أحمد بركة، صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في أكثر من 630 صفحة، ويتكون من 3 أبواب و7 فصول وتمهيد وخاتمة، تحدث في بابه الأول عن دور المغاربة والأندلسيين في الحياة السياسية والعسكرية وعلاقاتهم مع السلطة، ووجودهم في سفارات الدولة المملوكية، ومشاركتهم في الجهاد ضد الصليبيين والتتار.

    وتناول الباب الثاني دور المغاربة والأندلسيين في أنظمة الحكم والإدارة والحياة الاقتصادية والاجتماعية، وركز على الوظائف التي شغلوها وتميزوا فيها، ورصد طبقاتهم ومظاهر حياتهم وتأثيراتها على المجتمع الشامي، أما الباب الثالث فهو بعنوان "دور المغاربة والأندلسيين في العلوم العقلية".

    وترجع فرادة هذا الكتاب إلى كونه يقدم معلومات غاية في الأهمية، حيث تتبع المؤلف هجرات المغاربة والأندلسيين وصاحبهم في حلهم وترحالهم معتمدا على مادة علمية كثيفة ومئات المراجع ومصادر عديدة ومتنوعة ساعدت على ظهور هذا الزخم العلمي الذي صوره وعرضها بأسلوب يتميز بسلاسة العرض يجعل القارئ وكأنه يشاهد فيلما وثائقيا من خلال مادة مشهدية وصور كثيرة متتابعة.

  • #2
    الهجرة إلى الجهاد:

    ويصف المؤلف الهجرات الأندلسية الداخلية والخارجية بأنها من أهم الهجرات الإنسانية وأعظمها التي شهدها التاريخ البشري في العصر الوسيط وفي العصر الحديث أيضا، وهذا يرجع إلى أن طبيعة المجتمع الإسلامي وما يجمع بينه من وحدة الشريعة جعلت الاندماج بين أهله سهلا ميسورا، ولذلك ظهرت داخل هذا المجتمع أسر كثيرة نتجت عن المصاهرة بين أفراده، في تلاحم يؤكد أصالة المجتمع الإسلامي.

    والكتاب ليس وصفا للهجرات، بل يردف المؤلف ذلك بتتبع أدوار المغاربة في جميع نواحي الحياة، وربط وجودهم بتاريخ كثير من البلدان بالمغرب والمشرق، في محاولة لإضفاء نظرة شمولية على تاريخ العصر الوسيط وهجرات المغاربة إلى الشرق، ودورهم الذي قاموا به وإسهامهم بقسط وافر في الحضارة الإسلامية.

    كان لإحساس المغاربة والأندلسيين بالتبعية الدينية إلى المشرق الإسلامي -خاصة بلاد الحجاز- دوره في كثرة هجراتهم ورحلاتهم إليه، ولهذا لم يكن الدافع الرئيسي للمغاربة والأندلسيين من هجراتهم ورحلاتهم المشرقية الحج والزيارة وطلب العلم فقط ثم الاستقرار في بلاد الشام، وإلا كانت هناك بلاد أخرى أكثر أمنا وإقبالا على طلب العلم مثل مصر مركز السلطنة المملوكية.

    لكن المؤكد أن دافع الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين والتتار -وهو دافع ديني- كان سببا رئيسيا في وجودهم في بلاد الشام دون غيرها على اعتبار ما فيها من أماكن مقدسة يجب الدفاع عنها، مثل مدينة القدس الشريف ومسجدها الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، لذلك كان الحرص الكبير من المغاربة والأندلسيين بعد أدائهم فريضة الحج على الذهاب إلى بيت المقدس للدفاع عنه والمجاورة به.

    لم تكن هجرات المغاربة والأندلسيين إلى بلاد الشام في العصر المملوكي مقصورة على أماكن محددة منها، بل اتخذوا من أكثر بلاد الشام وطنا لهم، ولذلك كان دورهم ممتدا في مختلف الجهات.

    ويؤكد الكتاب على أن الهجرات المغربية والأندلسية كانت موردا بشريا مؤثرا وفعالا على بلاد الشام التي عانت من حروب طاحنة وصراعات كثيرة داخلية وخارجية، بالإضافة إلى تعرضها لكثير من الكوارث الطبيعية من أوبئة وطواعين، وكل ذلك أثر على أعداد السكان الأصليين، وكان في هجرات المغاربة والأندلسيين تعويضا عما فُقد.

    تعليق


    • #3
      ابن خلدون يفاوض تيمورلنك:
      والكتاب مليء بالمواقف التي تشي بمواقف المغاربة ودفاعهم عن أهل الشام، ولعل في قصة تيمورلنك مع العلامة ابن خلدون خير مثال، فقد أكرم وفادته هو والعلماء وسمع شفاعته في أهل دمشق، وكان دور ابن خلدون فاعلا في حماية أهل الشام من بطش تيمورلنك.
      المغاربة كانوا حجر أساس ولبنة قوية في إدارة وصيانة الدولة العربية الإسلامية في الشام (الجزيرة، فاير فلاي)
      ولعل ما تعرضت له مدينة حلب على يد جحافل جيش تيمورلنك شاهد على ذلك، فمن الناحية العلمية خُربت مدارسها وأبيد علماؤها، وقد صاروا ما بين قتيل وأسير ومشرد، وقس على ذلك ما حدث في بقية البلاد.

      ولعل اللقطة المعبرة هنا كيف حل العلماء -ومنهم العلماء المغاربة والأندلسيون- كمفاوضين للمحتلين والغزاة في فترات غابت فيها السلطة الحاكمة أو هربت من المواجهة مثلما حدث أثناء حصار تيمورلنك مدينة دمشق.

      فبعد أن رحل عنها السلطان المملوكي فرج إلى القاهرة كان اجتماع العلماء على طلب الصلح من تيمورلنك ومعهم قاضي قضاة المالكية بمصر ابن خلدون، وكان قد جاء إلى بلاد الشام برفقة السلطان، وهنا نرى أن العلماء أصبحوا هم المسؤولين عن مصير مدينتهم في حالة فراغ السلطة والتفاوض مع المحتل لإنقاذها.

      ولعبت الدعاية دورا كبيرا في هجرة المغاربة والأندلسيين إلى بلاد المشرق الإسلامي، حيث كان لما ذكره الرحالة ابن جبير عن الاهتمام والرعاية التي يلقاها الغرباء بتلك البلاد أثره الكبير في هجرة العديد منهم، ولم يكن ابن جبير وحيدا في ذلك، فقد سبقه ولحقه عدد من المغاربة الذين وصفوا المشرق وما فيه من ميزات ورعاية ينالها الغرباء من أهل بلاد المغرب، وكان لمثل هذه الدعاية دورها في كثرة هجرتهم.

      ظل المغاربة والأندلسيون على مسرح الأحداث في الدولة المملوكية إلى نهاية عصرها، وكانوا يلعبون أدوارا مهمة اختلفت أهميتها حسب رغبة المماليك وما تقتضيه الظروف، لم يكن المغاربة والأندلسيون -خاصة علماءهم الذين استقروا ببلاد الشام في العصر المملوكي- عند قدومهم قليلي الخبرة أو في حاجة إلى اكتسابها، بل انفردوا بوظائف دون غيرهم، خاصة في ما يتعلق بالمذهب المالكي.

      كانت الدولة المملوكية في مصر والشام حربية، بل كانت مؤسسة عسكرية نشأت وتطورت في ظل ظروف تعرضت فيها الأراضي الإسلامية لعدوان الصليبيين من الغرب والتتار من الشرق، وكانت مشاركة المغاربة في الجيش المملوكي من خلال المتطوعين للجهاد ونصرة الإسلام.
      وكان للعلماء دور مشهود، ليس فقط في حث الأمراء على الجهاد ضد الأعداء، بل تعدى ذلك إلى المشاركة الفعلية في المواجهات وساحات القتال والوقوف بجوار السلاطين والقواد وسط المعارك والحروب، وبث الحماسة فيهم والتوعية بفضيلة الجهاد وقيمة الاستشهاد، وكان للمغاربة دور كبير في صناعة الأسلحة مثل المنجنيقات المغربية التي تعلم المماليك صناعتها، والتي كان لها دور كبير في دك حصون وقلاع الصليبيين.

      تعليق


      • #4
        العمل الإداري والثقافي:
        استعان سلاطين المماليك بالكثير من المغاربة والأندلسيين في كبرى وظائف دولتهم مثل القاضي ابن خلدون والقاضي الأزرق وغيرهما كثير، حيث كانوا يتقنون العمل الإداري وأداء المهام الوظيفية الكبرى، واستفادت الدولة المملوكية من خبراتهم، وكثر تولي علماء المغاربة والأندلسيين في بلاد الشام وظائف أخرى بخلاف التدريس، والإشراف على المؤسسات التعليمية، ومنها وظائف القضاء والخطابة والإمامة والإفتاء.

        كانت الروابط الثقافية بين بلاد المغرب ومصر والشام في العصر الوسيط أكثر رسوخا من الروابط السياسية التي كان طابعها التفكك، فقد أتيح للعلماء حرية التنقل في بلدان العالم الإسلامي لطلب العلم ولقاء الأقران، وكان للمدارس الفقهية دور كبير في ازدهار الحركة العلمية والتعليمية ببلاد الشام.

        وأقام المغاربة والأندلسيون الذين جاؤوا إلى بلاد الشام في البداية بأماكن عرفت بهم، مثل حارة المغاربة في القدس الشريف التي كانت حكرا عليهم، وبعضهم سكن المناطق الريفية حيث تميزوا في الزراعة والفلاحة.

        إن هجرة المغاربة والأندلسيين إلى بلاد الشام أدت إلى انتعاش الحياة العلمية والثقافية، فهؤلاء نقلوا معهم خبراتهم وثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم التي استفاد منها الوطن الجديد، وكان الرحالة المغاربة نموذجا معبرا عن مدى التقدم الحضاري الذي وصلت إليه الحضارة الإسلامية في العصر الوسيط، ففي رحلاتهم وردت خلاصة أكثر العلوم التي عرفها هذا العصر.

        لم يكن علماء المغرب والأندلس أقل من نظرائهم المشارقة في تكوينهم العلمي، بل بدت شخصية العالم المغربي متكافئة مع نظيره المشرقي إن لم تكن متفوقة عليها، وكانت لكثير منهم آراء نالت الإعجاب والتقدير من كثير من العلماء المشارقة، وفي رحلات رحالة مثل ابن رشيد السبتي والعبدري والتجيبي دليل قوي على ذلك.
        المغاربة كانوا حجر أساس ولبنة قوية في إدارة وصيانة الدولة العربية الإسلامية في الشام (الجزيرة، فاير فلاي)

        تعليق


        • #5
          التصوف الجهادي:
          ولم يكن التصوف حكرا على فئة معينة من المغاربة أو الأندلسيين، بل انتشر بين جميع عناصر المجتمع، فكان بينهم المشتغل بالزراعة والصناعة والتجارة، بل إن بعضهم كان من العلماء والفقهاء والمحدثين، في حين شهدت الرحلة نشاطا كبيرا لدى المغاربة دون الأندلسيين، في حين تعدى تأثير العلماء الاهتمام بالناحيتين العلمية والمذهبية، بل كان لهم دور مؤثر في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

          وكان للتصوف دور في الجهاد ضد التتار والصليبيين، وكان رواد التصوف المغربي يقفون جنبا إلى جنب مع القادة العسكريين في معركة المنصورة ومعارك صفد، ولعل الشيخ عبد الواحد المكناسي صاحب المسجد المعروف بـ"طرابلس الشام" أكبر دليل على ذلك، بل من هذا المسجد كانت تتم الدعوة إلى الجهاد والحشد لمواجهة الصليبيين، ومنه ينطلق المجاهدون إلى المعارك.

          ولم تقتصر الكتابة التاريخية في العصر المملوكي على العلماء والمؤرخين فقط، فهذا الكم الهائل من موسوعات ذلك العصر يؤكد أن الكتابة التاريخية قد شارك فيها غير المؤرخين، حيث كان طبيعيا أن نجد الطبيب المؤرخ والفيلسوف المؤرخ والفقيه المؤرخ.

          لقد شكّل المغاربة والأندلسيون جالية كبيرة العدد متنوعة الاختصاصات شاركوا من خلالها في جميع مفاصل الحياة العامة ووجوهها، وعبروا في كثير من الأحيان عن عمق صدقهم وتفانيهم في الأعمال التي أوكلت إليهم، وصاروا في أحيان كثيرة روادا ومعلمين في ميادين اختصاصاتهم، وترك بعضهم آثارا علمية خالدة في عدد من العلوم، كما عبر عدد منهم عن حس عربي إسلامي ترجموه إلى حقيقة وفعل حينما وقفوا مدافعين عن مصالح بلاد الشام مضحين بأنفسهم وحياتهم أحيانا بأموالهم وثرواتهم أحيانا أخرى.

          تعليق


          • #6
            الحياة الفكرية:
            كانت فئة العلماء والفقهاء الأكثر تأثيرا، والتي نالت اهتماما كبيرا من سلاطين المماليك، ومنهم أصحاب الوظائف والاختصاصات التي كان المجتمع الشامي في حاجة إليها، وبدأ هذا الاهتمام يزيد منذ سلطنة السلطان الظاهر بيبرس، حيث استخدم منصب قاضي المالكية في دمشق أسوة بالقاهرة، وهو ما يؤكد وجود جاليتين مغربية وأندلسية كبيرتين تعتنقانه، فضلا عن الأوقاف التي أوقفها الظاهر بيبرس للقادمين من المغرب والأندلس.

            ويبين الكتاب أن دمشق ومدن الشام صارت مركزا لاستقطاب الكثيرين من الطلبة والعلماء من أنحاء الدولة في المشرق والمغرب، ولهذا نجد المغاربة وغيرهم يتجهون إلى تلك المدن للاستزادة في طلب العلم وللمشاركة في التعليم والبحث والإبداع في تلك العلوم، حيث برز علماء لهم وزنهم في تلك العلوم، وقد حفظت لنا الكتب التراثية المشرقية منها والمغربية على حد سواء أسماء الكثير من العلماء، ومنهم المغاربة الذين عملوا في بلاد الشام.

            كانت للرحلات المغربية والأندلسية إلى بلاد الشام أغراض علمية للدرس أو التدريس ورحلة الأدباء والشعراء، ومنها ما كانت لأغراض إدارية وسياسية أو تجارية فضلا عن الرحلة بقصد الاستقرار، وضمت تلك الرحلات شرائح مختلفة من تجار وإداريين وعلماء وطلاب علم وغيرهم، وقد تباينت المصادر في نقل أخبار رحلتهم حيث نلاحظ معلومات وافية عن بعضهم، في حين نجدها شحيحة عند بعضهم الآخر.
            بعض المغاربة المهاجرين اشتغلوا بالزراعة والصناعة والتجارة وساهموا في ازدهار الحياة الاقتصادية ببلاد الشام (الجزيرة، فاير فلاي)
            يضاف إلى ذلك وضع عدد كبير من المؤلفات المغربية مثل الجزولية والشاطبية، وكتاب "الشفا" للقاضي عياض، و"سراج الملوك" للطرطرش، ونقل وترجمة بعض الكتب اليونانية التي نقلها ابن البيطار، والذي جاء إلى دمشق ليكتب غالينوس وديسقوريدس، ونقل غيره كتب ابن زهر، وجاء غيره بكتبه مثل ابن الرومية البناني، بالإضافة إلى كتب في المذهب المالكي كالموطأ وغيرها، فتلاقت بذلك الخبرة المغربية مع الخبرة الشامية، واتحدت لتؤلف ذخرا علميا ما زال بعضه يشغل أهمية خاصة لفترات طويلة.

            كما أن عددا من الطلبة تخرجوا على يد العلماء المغاربة في مختلف الاختصاصات من الذين شغلوا مراكز قيادة عالية في مجال العلم والإدارة، ووصل الأمر ببعض هؤلاء إلى أنهم تفوقوا على أساتذتهم في كثير من الأحيان.

            تعليق


            • #7
              الرحالة وحفظ التراث المعرفي:
              ويؤكد الكتاب على أن الجالية العلمية المغربية ساهمت إلى حد كبير في استمرار الزخم العلمي الحضاري على مختلف فروعه، وذلك من خلال التدريس والتأليف ونقل الكتب المغربية ذات الشهرة الكبيرة.

              وقد بلغ عدد الكتب التي ألفها رجال هذه الفئة من المغاربة وغيرهم من العاملين في المساجد والزوايا المالكية الخاصة أكثر من 150 كتابا كان بعضها جديدا ومبتكرا في القراءات والنحو والصرف والصيدلة والتصوف.

              ويؤكد المؤلف على أن المشرق الإسلامي مدين للمغاربة والأندلسيين بالمحافظة على الكثير من تراثه المعرفي بفضل رحلاتهم إليه، وحينما عاد بعضهم إلى بلاده قام على التأليف في هذا التراث وشرحه، كما رصدت رحلاتهم صورة صادقة عن طبيعة الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية في بلدان المشرق الإسلامي، وبالإضافة إلى ذلك كانت لهم مجهوداتهم في إعادة البناء الحضاري الإسلامي في المشرق بعد الغزو التتري والصليبي.

              ولا تزال دراسة المغاربة والأندلسيين في بلاد الشام في العصر المملوكي تحتاج إلى نفض الغبار عنها والتعرف إليها والتعريف بالمغاربة والأندلسيين من حيث فئاتهم وعلمائهم الذين نبغوا في المشرق، لأن هؤلاء لم تنصفهم الدراسات التاريخية بحجم تأثيرهم في العصر الوسيط.
              ****&&&&****&&
              المصدر : الجزيرة

              تعليق

              يعمل...
              X