مسيرة:أبو الريحان البيروني.. عالم رياضي وفيزيائي وفلكي، وموسوعي وفيلسوف،وأديب.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مسيرة:أبو الريحان البيروني.. عالم رياضي وفيزيائي وفلكي، وموسوعي وفيلسوف،وأديب.


    أبو الريحان البيروني فيلسوف ومؤرخ ورحالة وجغرافي ولغوي وشاعر، وكذلك يعتبر عالماً في الفلك والرياضيات والعلوم الطبيعية والصيدلة (شترستوك)16/2/2024
    أبو الريحان البِيروني.. عالم موسوعي اختصمت فيه عدة دول إسلامية

    أحد ألمع علماء القرن الرابع الهجري، احتل مكانة عالية في العلوم الرياضية والفيزيائية والفلكية، وكان عالما موسوعيا وفيلسوفا، كما احتل مكانة مرموقة في الأدب العربي وفي الجغرافيا والرحلات.

    نبغ في الطب والصيدلة، وأتقن اللغات وبرع في الترجمة، وكان معتزا باللغة العربية ومفتخرا بها، مع أنها ليست لغته الأمّ، وكان لا يكتب أعماله إلا بها، وصفه بعض المستشرقين بأنه "أعظم عقلية عرفها التاريخ"، وقال عنه آخرون إنه "بطليموس المسلمين".
    المولد والنشأة:


    ولد أبو الريحان محمد بن أحمد البِيروني الخوارزمي في إحدى ضواحي مدينة كاث، عاصمة الدولة الخوارزمية، (جمهورية أوزبكستان حاليا)، يوم الثالث من ذي الحجة 362 هجرية، الموافق 5 سبتمبر/أيلول 973م. وقد سميت الضاحية التي وُلِد فيها لاحقا باسم بيرون، تيمنا باسمه.

    كان أبوه موظفا في بلاط خوارزم شاه، وعمل في التجارة فترة من حياته، توفي وابنه لا يزال صغيرا، فتولت أمه رعايته، وكانت تبيع الحطب لتربية ابنها وتدريسه.
    تمثال العالم أبو الريحان البيروني في حديقة لاله بالعاصمة الإيرانية طهران (شترستوك)النسب


  • #2
    مسيرة:أبو الريحان البيروني.. عالم رياضي وفيزيائي وفلكي، وموسوعي وفيلسوف،وأديب.
    النسب والكنية


    دعت المكانة المرموقة التي وصل إليها البيروني عددا من الدول المعاصرة لتتنازعَ شرف نسبته إليها، مثل إيران وأوزبكستان وتركيا والاتحاد السوفياتي سابقا وروسيا الحالية، وكذلك الهند وباكستان، وساقت كل دولةٍ من الأدلة والبراهين ما ترى أنه يؤيد أحقّية انتمائه لها.

    فسّر المؤرخ الرحالة أبو سعد السمعاني في كتابه الشهير "الأنساب" اسم البيروني، قائلا "بكسر الباء الموحدة، وسكون الياء آخر الحروف، وضمّ الراء بعدها الواو، وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى خارج خوارزم، فإن بها من يكون من خارج البلد ولا يكون من نفسها، يُقال له: فلان بيروني.. والمشهور بهذه النسبة أبو الريحان البيروني"، بينما تذكر مصادر أخرى أن لفظ البيروني معناه "الغريب".

    وعن كنيته "أبي الريحان" قيل إن والدته كانت تلاحظ اهتمام ولدها، منذ صغره، بالزهور والنباتات على اختلاف ألوانها، فكان يتفحّص ألوانها وأشكالها وروائحها، فكانت تناديه مداعبةً "يا أبا الريحان

    تعليق


    • #3
      الدراسة والتكوين العلمي:

      تتلمذ أبو الريحان في صغره على يد الأمير أبي نصر منصور بن عَرّاق، الذي ينحدر من أسرة حاكمة في خوارزم، وكان عالما جليلا ينسب إليه اكتشاف علم المثلثات.

      وقد تعهد ابن عراق تلميذه البيروني، ولمس فيه الحصافة وحب العلم والجد في العمل، فكتب له مؤلفاتٍ خاصةً به ليوسع مداركه وليقود مساره العلمي في الاتجاه الصحيح.

      كان البيروني شغوفا بتعلّم اللغات، فأتقن الفارسية، والعربية، والسريانية، واليونانية، ودرس العبرية والسنسكريتية الهندية.

      اضطرّ البيروني إلى الهجرة في شبابه، بسبب الاضطرابات السياسية التي كانت تشهدها البلاد، فتوجّه عام 994 إلى مدينة الري، إحدى ضواحي طهران، وخلال إقامته فيها التقى العالم الفلكي "أبا محمود الخجندي"، وأجرى معه بعض البحوث.

      ثم عاد إلى بلاده وواصل عمله في الأرصاد، ثم لم يلبث أن شدّ الرحال إلى مدينة جرجان، شمال شرق إيران، حيث التحق ببلاط السلطان أبي الحسن قابوس بن وشكمير.

      كان السلطان قابوس بن وشكمير، المُلقب بـ"شمس المعالي"، أحد أمراء الأسرة الزيارية التي كانت تحكم طبرستان وجرجان التابعتين للخلافة العباسية وقتئذ. وقد كان مُحبّا للعلم، يحفل بلاطه بجهابذة المعرفة، وتزخر مكتبته بالكتب القيمة.

      وأثناء إقامته بكنف السلطان ابن وشكمير، أنجز البيروني أول مؤلفاته المهمة في التاريخ، بعنوان "الآثار الباقية عن القرون الخالية"، وقد بقي في جرجان حتى الإطاحة بالسلطان قابوس عام 1009م، حين أُرغم على التنازل عن عرشه لابنه "منوجهر".
      أبو الريحان البيروني العالم الذي حدد بدقة خطوط الطول والعرض (الجزيرة)


      تعليق


      • #4
        حياته العلمية:

        يُعترَف للبيروني بالإسهام في مختلف العلوم، فقد حدَّد بدقة خطوط الطول والعرض، وناقش مسألة ما إذا كانت الأرض تدور حول محورها أم لا، وبحث في الوزن النوعي، وقدَّر بدقةٍ كثافة 18 نوعا من الأحجار الكريمة والمعادن، وتوصل إلى أن سرعة الضوء أكبر من سرعة الصوت، كما شرح كيفية عمل الينابيع الطبيعية والآبار الارتوازية بناء على مبادئ الهيدروليكا.

        كان البيروني ألمع علماء زمانه في الرياضيات، كما قال "سمث" في كتابه "تاريخ الرياضيات". وبجانب ذلك اشتغل بالفلك، وبحث في هيئة العالم وأحكام النجوم، ووضع طريقة لاستخراج مقدار محيط الأرض تعرف عند العلماء الغربيين باسم " قاعدة البيروني".

        ووصف ظواهر الشفق وكسوف الشمس وغير ذلك من الظواهر الطبيعية، كما كان ملمًا بعلم المثلثات، وهو من الذين بحثوا في التقسيم الثلاثي للزاوية.

        وكان البيروني رائد زمانه في علم الإنسان "الأنثروبولوجيا"، وذلك من خلال دقة وصفه للإنسان الهندي المتبع للديانة الهندوسية، في مؤلفه الشهير "كتاب الهند"، فقد وصف فيه عقائد الهندوس وشرائعهم وعاداتهم المختلفة في الزواج والأعياد، ومأكلهم وملبسهم، مستفيدا في ذلك من المعلومات الضخمة التي جمعها خلال مكوثه لسنوات عدة في البلاد ومخالطته أهلها.

        وتتجلّى الدقة في الوصف الأنثروبولوجي بكتابه "الآثار الباقية من القرون الخالية"، الذي سرد فيه تاريخ نظم الجماعات والطوائف المختلفة، وعاداتهم وتقاليدهم السائدة، وأبرز المواضيع التي تخصهم ضمن فصول متعددة.

        وتناول فيه التقويمات التاريخية التي كان يستخدمها العرب قبل الإسلام، وتواريخ الملوك من عهد آدم حتى وقته، وفيه جداول تفصيلية للأشهر الفارسية والعبرية والرومية والهندية، كما يبيّن كيفية استخراج التواريخ بعضها من بعض.

        وكان البيروني من الرواد الذين قالوا إن للأرض خاصية جذب الأجسام نحو مركزها، وتناول ذلك في آراء نشرها في كتب مختلفة، ولكنَّ أشهر آرائه بهذا الخصوص ضمَّنه كتابه "القانون المسعودي"، وسبق بذلك إسحاق نيوتن صاحب قانون الجاذبية.

        وبرع البيروني في الطب وعلم الأدوية، وألَّف كتابه الموسوعي "الصيدنة في الطب"، وهو مخطوط يقع في 427 صفحة، والنسخة الموجودة مؤرخة بتاريخ 678هـ، وهي بخط إبراهيم بن محمد التبريزي، وقد نقلها الناسخ عن نسخة بخط البيروني نفسه، وهو كتاب نفيس في الأدوية والعقاقير والسموم، وفي التعريف بمهنة الصيدلة ومواصفات الصيدلاني.
        "الصيدنة في الطب" كتاب في علم الصيدلة للبيروني شرح فيه أنواع الأدوية والعقاقير (الجزيرة)

        وأسهم البيروني بغزارةٍ في علوم الفلسفة والماورائيات، وانتقد أفكار أرسطو وفلاسفة الإغريق، وكان يبتدع المفاهيم الفلسفية ويتقبّل كل التساؤلات غير المطروحة التي تخطرُ بذهنه، على عكس ابن سينا الذي كان يستخدم التركيب والعرض للمفاهيم، أي أنه كان مثل موسوعة أو دائرة للمعارف.

        ويعتبر البيروني مؤسّس "الجيوديسيا"، أي علم تقسيم الأرض، وهو فرع من الرياضيات التطبيقية يُعنى بالدراسة الجيولوجية لحجم الأرض وشكلها، وقياس أجزاء واسعة من باطنها وسطحها، وقد أجرى عدة بحوث في هذا المجال، وله رسائل علمية وكتب في توضيح قياس ورسم سطح الأرض وكيفية رسم المحيطات، وأبعاد المشاريع الهندسية، مثل: السدود والقنوات.

        وإلى جانب نبوغه في العلوم الطبيعية فقد كان محيطا بالأدب والشعر، وله شرح لديوان أبي تمام، ومختار في الأشعار والآثار، وفي الفلسفة له كتاب "المقالات والآراء والديانات"، و"جوامع الموجود في خواطر الهنود".

        تعليق


        • #5
          الوظائف والمسؤوليات:

          غادر البيروني خوارزم بينما كان في الـ23 من عمره، بعد اغتيال شاه أبي العباس، الذي كان البيروني من أنصاره، وداعما للسياسة في خوارزم، وهاجر بعدها إلى جرجان، وأصبح من حاشية بلاط السلطان أبي الحسن قابوس بن وشكمير، وبدأ بكتابة مؤلفاته التاريخية والفلكية.

          وبعد هدوء الوضع السياسي في خوارزم عاد لها بعد غياب استمر 15 عامًا، والتحق بحاشية الأمير أبي العباس مأمون بن مأمون خوارزم شاه، شقيق الأمير أبي الحسن علي بن مأمون، وكان يهتم بالأمور السياسية في مدينة جرجان، بسبب طلاقة لسانه وطريقته الفذة في الإقناع، وقدم العديد من الأبحاث الفلكية وأصبح من أبرز العلماء في خوارزم.

          لكنه أسر بعد غزو خوارزم في مدينة غرنة "كابل حديثا"، التي تقع داخل حدود أفغانستان، ثم قربه السلطان ابن مسعود منه، للاستفادة من علومه ومعارفه، ورفض البيروني هدية السلطان الثمينة التي كانت حِمل فيل من القطع الفضية، دلالة على زهده ورفعة نفسه وحبه للعلم لا الشهرة والمال، فاصطحبه السلطان معه في غزواته للهند، واستفاد من رحلاته في معرفة الحضارة الهندية والإغريقية وإثراء معارفه وثقافته.
          تمثال أبي الريحان البيروني في فناء كلية الجغرافيا بجامعة طهران (شترستوك)

          تعليق


          • #6
            المؤلفات والإنجازات:
            كتب البيروني في مختلف الفنون، وبلغت كتبه الكبيرة حوالي 150 كتابا، معظمها في الرياضيات، إضافة إلى عشرات الرسائل والمناقشات.

            لكن لم يصل منها إلا حوالي 22 كتابا. وفي ما يلي بعض من إنجازاته ومؤلفاته:
            • "تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة"، وهو أثر فريد في الأدب العلمي.
            • "تصحيح الطول والعرض لمساكن المعمور من الأرض"، في الجغرافيا.
            • "تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن"، وهو مؤلف في الجغرافيا أيضا.
            • "تصحيح التواريخ"، و"الآثار الباقية عن القرون الخالية" في التاريخ.
            • "مختار الأشعار والآثار" في الأدب.
            • "شرح ديوان أبي تمام" في الشعر.
            • "الصيدنة في الطب"، تناول فيه الصيدلة والأدوية.
            • "الاستيعاب في تسطيح الكرة"، والذي وضع فيه قاعدة حسابية لتسطيح الكرة، أي نقل الخطوط والخرائط من الكرة إلى سطح مسطح وبالعكس، وبهذا سهل رسم الخرائط الجغرافية.

            كما أبدع البيروني في علم الفلك، ومما ألف فيه:
            • "الاستشهاد باختلاف الأرصاد".
            • "اختصار كتاب البطليموس القلوذي".
            • "الاستيعاب للوجوه الممكنة في صنعة الإسطرلاب".
            • "تعبير الميزان لتقدير الأزمان"
            • "قانون المسعودي في الهيئة"
            • "التفهيم لأوائل صناعة التنجيم"، وهو بحث فيه الحساب والهندسة والجبر والعدد والفلك. وقد كتبه البيروني على شكل سؤال وجواب، ووضحه بالأشكال والرسوم.

            كما أُثِرَ عنه مؤلَّفات عِدَّة في الرياضيات منها:
            • "استخراج الكعاب والأضلاع وما وراءه من مراتب الحساب.
            • استخراج الأوتار في الدائرة بخواص الخط المنحني فيها.

            وتضاف إلى تاريخه عدة رسائل في الهندسة والحساب والفلك والآلات العلمية والطب والصيدلة. كما كانت له مراسلات مع ابن سينا.

            وترجم عددا من الكتب من اللغة السنسكريتية إلى العربية. وترجمت معظم كتبه إلى اللغات الفرنسية، والألمانية، والإنجليزية، ونشرت في القرنين الـ19 والـ20.
            مراحل أطوار القمر خلال الشهر وفق أبي الريحان البيروني (كتاب العلوم الإسلامية -حسين نصر)

            تعليق


            • #7
              تكريمه والإشادة بعلمه:

              يَدين العالَم العربي والغربي في التقدم في سائر العلوم والمعارف للبيروني، ولطالما أشاد العلماء والمجامع العلمية والمؤسسات التقنية بهذا العالِم الفذّ.

              فقد أطلقت وكالة "ناسا" اسم العالم المسلم البيروني على فوهة من فوهات سطح القمر عام 1390 للهجرة (1970 للميلاد)، تكريما لإسهاماته القيمة في علم الفلك.

              وسُميت فوهة بركانية على سطح القمر باسمه إلى جانب 300 اسم لامع تم اختيارها لتسمية الفوهات البركانية على القمر ومنها الخوارزمي وأرسطو وابن سينا.

              ووصفه الأميركي ذو الأصول البلجيكية، جورج سارتون، في كتابه "مقدمة لدراسة تاريخ العلم" قائلا "لقد كان رحالة وفيلسوفا، ورياضيا وفلكيا، وجغرافيا وعالما موسوعيا، ومن أكبر عظماء الإسلام، ومن أكابر علماء العالم".

              وقال عنه المستشرق الألماني كارل إدوارد سخاو إنه "أعظم عقلية عرفها التاريخ". وعن "كتاب الهند" الشهير، قال المستشرق الروسي فيكتور رومانوڤيتش روزن إنه "أثر فريد في بابه، لا مثيل له في الأدب العلمي القديم أو الوسيط، سواء في الغرب أو في الشرق".
              الوفاة:

              بعد أن رجع إلى غزنة من الهند، لم يغادر البيروني تلك المدينة، وانقطع للقراءة والبحث والتجربة والتأليف، إلى أن توفاه الله تعالى في الثالث من شهر رجب عام 440 هـ، الموافق 13 ديسمبر/كانون الأول 1048م، عن عمر ناهز 78 عاما.
              ********&&&********
              المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

              تعليق

              يعمل...
              X