المخرج الطيب بوحنانة: نحن ملتزمون بالدفاع عن مغربية الصحراء في أفلامنا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المخرج الطيب بوحنانة: نحن ملتزمون بالدفاع عن مغربية الصحراء في أفلامنا

    المخرج الطيب بوحنانة: نحن ملتزمون بالدفاع عن مغربية الصحراء في أفلامنا


    "صحاري.. سلم وسعى": يصحح مفاهيم مغلوطة عن ساكني الصحراء.


    صورة من تتويج المخرج في مهرجان الإسكندرية

    اهتم المخرج الطيب بوحنانة بتصوير حكايات من واقع العلاقات الإنسانية والعائلية في الأقاليم الجنوبية، انطلاقا من قصص حقيقية يروي من خلالها مواضيع من الصحراء المغربية ويصحح الكثير من المفاهيم المغلوطة عن ساكنيها.

    الطيب بوحنانة، مخرج مغربي متميز، من أقاليم الصحراء المغربية، مكنته أعماله السينمائية التي يعبر فيها عن انتمائه إلى الصحراء وهويته الصحراوية ويدافع فيها عن قضايا ومشاكل الأقاليم الجنوبية، من الفوز بجائزة أحسن فيلم في مهرجان الإسكندرية عن فيلم “صحاري.. سلم وسعى”.

    وهذا هو التتويج الخامس للفيلم، بعد تتويجه بجائزتي أفضل سيناريو وأفضل ديكور بمهرجان جايبور الدولي في الهند في يناير الماضي، وجائزة لجنة التحكيم بمهرجان الداخلة، وجائزة أفضل ممثل في مهرجان الهرهورة السينمائي.

    ويتناول فيلم “صحاري.. سلم وسعى” قصة 3 إخوة من مدينة العيون المغربية، قرروا أن يفترقوا ويعيش كل واحد منهم حياته بمفرده بعد خروج المستعمر الإسباني من صحراء المغرب عام 1975.


    الفيلم يسلط الضوء على مشكلة الحدود الموروثة عن الاستعمار، الذي استطاع أن يفرق شعوب أفريقيا


    ويجمع هذا العمل مجموعة من الممثلين المغاربة، في مقدمتهم محمد خيي، نادية كندة وأنس الباز، وعددا من الممثلين من أقاليم الجنوب، مثل يوسف التاقي وعلية الطوير ومحمد بوالشايت.

    في حوار له مع “العرب”، يقول بوحنانة في حديث عن فيلمه الجديد “فيلم ‘صحاري.. سلم وسعى’ مستوحى من قصص حقيقية عاشتها عائلات من الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية ومنها عائلتي. وهو يحكي قصة ثلاثة إخوة من مدينة العيون أخذ كل منهم اختيارا مختلفا إبان خروج المستعمر الإسباني من جنوب المغرب سنة 1975، حيث اختار أحدهم طريق الوطنية والدفاع عن المغرب، بينما اختارت أخته طريق الانفصال وتوجهت نحو مخيمات تيندوف بالجزائر. أما الثالث فقد اختار الحياد والعيش بعيدا عن الصراع، وسط الصحراء الموريتانية. ولكن ما يهمنا هنا هو تسليط الضوء على أواصر الحب والأخوة التي تجمع الإخوة المتفرقين، وكيف أن الوطن يتسع للجميع”.

    وينوه المخرج بالمصادر الملهمة التي أثرت في إنتاج فيلمه قائلا “هناك مصدر وحيد ألهمني لإنجاز هذا الفيلم وهو والدي – رحمة الله عليه، حيث أنه عاش نفس الفراق مع أخت وأخ له اتجها إلى مخيمات تيندوف سنة 1975 وأخ آخر اتجه للعيش وسط تخوم الصحراء الموريتانية، بينما اختار والدي وأخ وأخت له طريق الوحدة والوطنية والعيش في المغرب. ولقد حكا لنا والدي بمرارة عن لحظات الفراق والتي ظنوا في بادئ الأمر أنه لن يتخطى بضعة أيام أو أسابيع على الأكثر، حتى وجدوا أنفسهم وسط صراع طويل الأمد”.

    يحكي الطيب عن التحديات التي واجهته أثناء تصوير مشاهد “صحاري.. سلم وسعى”، فيقول إن “تصوير أي فيلم كيفما كان نوعه يكون مليئا بالصعاب والتحديات، وهذه الصعاب تزداد لما تكون أماكن التصوير في مناطق نائية ووعرة. فالتصوير في الصحاري تكون فيه العديد من التحديات، وأولها كيفية الوصول إلى بعض الأماكن، حيث كان علينا في الكثير من الأحيان شق طرق جديدة لم تكن موجودة من قبل، وذلك بالقدوم بآليات لتحريك كثبان رملية من أماكنها على سبيل المثال، أضف إلى ذلك عدم توفر التيار الكهربائي والماء، وفي الكثير من الأحيان عدم توفر أي تغطية للهاتف النقال، مما كان يستدعي منا لوجستيكا ضخمة تأخذ في الحسبان توفير كل ما هو ضروري للحياة، كما لو كنا لوحدنا في جزيرة مهجورة ومنعزلة تمامًا عن العالم الخارجي”.

    ويستدرك “لكن حمدالله، أحطت نفسي بأحسن فريق عمل وخيرة الناس في ميدان السينما بالمغرب، أناس محترفين وذوي تجربة كبيرة، أناس لا يهابون الصعاب ويعشقون التحديات، وبفضلهم استطعنا تحقيق كل ما سعينا إليه”.

    شاركنا المخرج الصحراوي في حديثه لـ”العرب” الرسائل أو القضايا التي يحاول تسليط الضوء عليها من خلال هذا العمل السينمائي، حيث قال إن “من أهم الأشياء التي يحاول الفيلم تسليط الضوء عليها هي مشكلة الحدود الموروثة عن الاستعمار، الذي استطاع أن يفرق شعوب أفريقيا والعالم العربي من خلال خلق حدود وهمية لم تكن موجودة من قبل والتمزق الأسري الذي نتج عن ذلك، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الأفكار المغلوطة لسكان المخيمات، والذين يتخيلون أن الصحراويين يعيشون القمع والعذاب في الأقاليم الجنوبية وليست لديهم أدنى فكرة عن الحرية والكرامة التي نعيشها في الجنوب، على غرار كل المغاربة في كل ربوع المملكة”.


    التتويج الخامس للفيلم، بعد تتويجه بجائزتي أفضل سيناريو وأفضل ديكور بمهرجان جايبور الدولي في الهند، وجائزة لجنة التحكيم بمهرجان الداخلة، وجائزة أفضل ممثل في مهرجان الهرهورة السينمائي


    وفي ما يتعلق بتمثيله المغرب في المهرجانات السينمائية الكبرى، يقول “أولا، أود أن أشير إلى أنه عندما أشارك في أي مسابقة، فإنني لا أنتظر التتويج. فإنني أعتبر المشاركة والتعرف على أناس جدد والتعلم منهم هو التتويج الحقيقي. ولكن لا أنكر أن الفوز في أي مسابقة يعني الكثير ويعتبر تكريما وتشريفا واعترافا بكل المجهودات المبذولة. وفي ما يخص مهرجان الإسكندرية، لم أكن أنتظر التتويج حتى للحظة، نظرا للكم الهائل من الأفلام ذات الجودة العالية”. ويتابع “بعد إعلان فوز فيلمنا ‘صحاري.. سلم وسعى’ بجائزة أحسن فيلم عربي، كنت جد سعيد وفخور بهذا الإنجاز للسينما المغربية خاصة وأنه تم في بلد يتنفس السينما ويعتبر عميد السينما في وطننا العربي”.

    يشير الطيب بوحنانة إلى أنه في هذه المرحلة لا يزال بصدد المشاركة في المهرجانات الوطنية والدولية. أما تسويق الفيلم وإخراجه للقاعات المغربية، فسيكون في وقت لاحق. ويقول “هناك خطط للإفراج عن الفيلم تجاريا، ولكن كما أشرت له من قبل، فلاتزال هناك عروض في العديد من المهرجانات الوطنية والدولية قبل موعد عرضه محليا”.

    ويضيف “هناك الكثير من اللحظات البارزة أثناء عملية تصوير الأفلام، ولكن سأذكر منها البعض فقط. أول هذه اللحظات البارزة وأقواها كانت لحظة تصوير مشهد فراق الإخوة الثلاثة، والذين كان واجبًا عليهم البكاء في آخر المشهد، ولكنهم جهشوا بالبكاء فعلا وبدون تمثيل، حتى أصبح الكل يبكي في كواليس التصوير. وبما أنه توجب علينا إعادة المشهد أكثر من مرة، فلقد بكينا بكل حرقة، متذكرين ما حكوه لنا آباؤنا أو أقاربنا عن لحظات الفراق التي عاشوها في الواقع. وبهذا كانت تلك من أهم وأبرز اللحظات التي عشناها خلال تصوير الفيلم”.

    ويتابع “هناك حكاية أخرى طريفة، مع أننا خسرنا فيها قدرا من المال. وهي أنه حين كنا نصور في العيون، كنا في حاجة إلى جمل كإحدى شخصيات الفيلم. فقررنا شراءه للتصوير ثم إعادة بيعه في آخر التصوير. ثم جائت جائحة كورونا، وكنا مضطرين إلى التكفل بالجمل حتى الرجوع للتصوير وقد دام ذلك عامًا كاملا، بحيث كان يجب الاعتناء بالجمل وتخصيص قدر مادي له من أجل أجر سارحه، ثم أكله، ثم علاجه، ثم نقله بثمن لا يستهان به من العيون إلى محاميد الغزلان حيث أكملنا التصوير بعد سنة من التوقف. وهذه القصة كانت من الطرائف التي عشناها خلال تصوير الفيلم”.

    ويختتم الطيب بوحنانة حديثه لـ”العرب” قائلا “لدي مشاريع كثيرة، وأشتغل على اثنين منها في الوقت الراهن. وهي أعمال سينمائية لا تزال في طور الكتابة. سأوافيكم بالجديد عنها في أقرب الآجال”.



    عبدالرحيم الشافعي
    كاتب مغربي
يعمل...
X