اتحاد الحياة العاقلة والحياة الانفعالية .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اتحاد الحياة العاقلة والحياة الانفعالية .. كتاب علم النَّفس جميل صَليبا

    اتحاد الحياة العاقلة والحياة الانفعالية .. الحياة العاقلة

    اتحاد الحياة العاقلة والحياة الانفعالية

    مما يدل على اتحاد الظواهر العقلية والظواهر الانفعالية واتصالها تأثيرها بعضها في بعض .

    ١ - تأثير الحساسية في الحياة العاقلة :
    تؤثر الحساسية في جميع وظائفنا العقلية .

    أ - تؤثر في الادراك : فقد تجعل ادراكنا للاشياء جلياً واضحاً ، وقد تجعله غامضاً مبهما ، وإذا وافق الأمر هوى من نفوسنا اهتدينا إلى إدراك جميع خوافيه ، وإذا ملنا عنه لم ندرك ظاهرة من ظواهره . فنحن لا ندرك من الأشياء إلا ما نريد ، ولا نرى الامانحب .

    ب - تؤثر في الذاكرة : كثيراً ما يؤثر الخوف او الخجل في الطالب فينسيه درسه الذي بذل في سبيل حفظه جهداً عظيماً . وكثيراً ما يؤثر الهيجان في الخطيب فينسيه خطابه الذي اعده وحفظه حفظاً جيداً . وكم مرة نسينا للسبيب ذاته أسماء أصدقائنا ، أو تاريخ ولادتنا ، وعكس ذلك صحيح أيضاً ، لأن الهيجان قد يوقظ الذكريات ويحيي الماضي .

    ج - تؤثر في الحكم والاستدلال والخيال : ويكون تأثيرها تارة ايجابياً وأخرى سلبيا . والمرء مفتون بحسن ما يقال فيه فلا يصدق إلا المديح ، وإذا نظر في أمر نفسه كانت أحكامه أقرب الى الخير منها إلى الشر ، وإذا نظر في أمر غيره اختلفت أحكامه باختلاف عاطفته ، فيصدق من يذم اعداءه . ويكذب من يصف له عيوب معشوقه . فالقلب يقلب محاسن الأعداء إلى مساوىء ، ومساوىء الأحباب إلى محاسن . وقد قلنا أن حب الشيء يعمي ويصم .

    والقلب مصدر الالهام لأنه يوحي إلى الخيال بأبدع المعاني ، وأجمل الاختراعات ، وأسمى الآثار الفنية ، كما يوحي اليه بأقبح التصورات وأخسها .

    د - وقد أثبتت مباحث علماء أمراض النفس ان أكثر الاختلالات العقلية ، كالماليخوليا والهذيان المزمن ، ناشئة عن خلل في العاطفة ، وان اشتداد العاطفة ، أو ضعفها يحدث في الفكر تشويشاً ، وان العاطفة رابطة من روابط الفكر ، وانها ضرورية لتعليل ظاهرة تداعي الأفكار وتفسير تغيراتها .

    ۲ - تأثير الفكر في العاطفة :
    - ان تأثير العاطفة في الفكر لا يمنع من تأثير الفكر في العاطفة ، ولعل هذا التأثير الاخير أكثر خطورة من الأول .

    آ - الفكر يولد العواطف : لقد دلت التجارب على أن الحساسية لا تنمو ولا تتنوع ألوانها ، إلا إذا نما العقل ، واتسعت المدارك . ولو كان الطفل والرجل الابتدائي والجاهل قادرين على التفكير والتأمل كالرجل المتحضر لما كانت عواطفهم أقل تنوعاً و أضيق نطاقاً من عواطفه . أصف إلى ذلك أن للفكر سحراً يولد أسمى المواطف . فالتفكير . والتأمل ، والسعي وراء الحقائق الغامضة ، واصطياد الأفكار ؛ والكشف عن الحجب التي تستر الحقيقة ، كل ذلك يولد في النفس لذة عظيمة '.

    انظر إلى ما يجري في نفسك عندما تشرق الحقيقة الواضحة عليك من خلال الأفكار والصور الغامضة . إن طائفة من المواطف والمشاعر تنضم إلى هذه الحقيقة الجديدة ، فتؤلف معها موكباً واحداً . وهذه العواطف هي الأساس الذي ترجع إليه . ه حماسة المصلحين ، وصبر العلماء ، وهيام الشعراء ، وسعيهم جميعاً وراء الخير والحقيقة ، و الجمال ، فانهم إذا أدركوا غايتهم اندفعوا إلى نشر أفكارهم في الناس ، حق أنهم كثيراً ما ينقلبون إلى رسل يخاطبون الناس بلغة الوحي والايمان .

    ومما يؤيد ذلك أيضاً أن للمطالعة والنصائح والأمثلة الواقعية تأثيراً في تصور المثل الأعلى . ولهذا المثل الأعلى تأثير قوي في حساسيتنا أي في ميولنا ومنازعنا . ما أكثر الشبان الذين لم يميلوا إلى الأسفار إلا بعد قراءة قصة ) روبينصون كروزي ) . بل ما أكثر الذين لم يعشقوا الجندية إلا بعد قراءة معارك هوش ومارصو ونابليون ! ان نجاح بعض رجال الأعمال الامريكيين في مشروعاتهم رغب كثيراً من الشبان في تعاطي الصناعة والتجارة .

    ب - الفكر يبدل العاطفة : وكما يؤثر الفكر في توليد العاطفة فهو كذلك يبدلها إذا كانت موجودة بالفعل . والاعتقاد أن عاطفة من العواطف مطابقة للنظام والحق والواجب يقوي تلك العاطفة ويديمها . وعكس ذلك أيضاً . لأن الرجل إذا اعتقد ان في الصدقة قربة إلى الله ازداد ميله إلى اعطائها ، ولكنه إذا اعتقد أن الصدقة تضر الفقير
    وصاحب المال و المجتمع البشري ضعف ميله الى التصدق على الفقراء . فالاعتقاد يؤثر في العاطفة فيقوبها أو يضعفها . ولا تعدو الميول والأهواء أن تكون ذات صيغة عقلية تبدلها كما تشاء .

    هناك حاجة طبيعية تدفع الانسان الى وزن عواطفه بميزان المقل ، ألا ترى إننا نريد أن تكون عواطفنا معقولة ، ونريد أن نبين أسباب حبنا وبغضائنا . ونريد أن ينقلب حبنا الواقعي الى حب واجب ، وبغضنا الواقعي الى حق ، فنبدل ما هو كائن ، ونقلبه الى ما يجب أن يكون . وقد أوضحنا ذلك عند البحث في منطق العواطف .

    ثم أن تأثير الفكر في العاطفة تارة يكون حسناً وأخرى يكون سيئاً . فكما أن الفكر الصحيح يولد المواطف المعينة على تحقيقه ، ويزيد قوة تفهمنا لما في قلبنا من العواطف الخفية ، كذلك الفكر الفاسد يجعلنا في بعض الأحيان ننخدع ببعض العواطف ، أو نحتقرها . فيولد فينا قسوة القلب . وهي أكثر خطراً على المجتمع من فساد الميول وانحطاط الأخلاق .

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ١١.٣٩_1.jpg 
مشاهدات:	23 
الحجم:	112.2 كيلوبايت 
الهوية:	185567 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ١١.٤٠_1.jpg 
مشاهدات:	17 
الحجم:	113.5 كيلوبايت 
الهوية:	185568 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	مستند جديد ٠٢-٠١-٢٠٢٤ ١١.٤٠ (1)_1.jpg 
مشاهدات:	17 
الحجم:	121.3 كيلوبايت 
الهوية:	185569

  • #2

    تعليق

    يعمل...