"محمد الكجك".. صدفيات بنكهة التراث

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "محمد الكجك".. صدفيات بنكهة التراث

    "محمد الكجك".. صدفيات بنكهة التراث
    • نجوى محمود


    دمشق
    بحرفية عالية ودقة متناهية أبدعت أنامل الحرفي "محمد الكجك" مشغولات خشبية مطعمة بالصدف في غاية الروعة والإتقان، فحبه لمهنته ورغبته في الحفاظ على التراث، مكّنه من توثيق حرفته، فكان أول حرفي يحصل على أول صك ملكية لحرفة تراثية دمشقية عريقة.
    صدفيات


    تعتبر حرفة حفر وتنزيل الصدف المعروفة "بالصدفيات"، من الصناعات المشهورة والمعروفة منذ القدم في مناطق بلاد الشام بشكل عام وسورية بشكل خاص، وقد تفنن الحرفيون الدمشقيون بمشغولاتهم التراثية حتى أصبحت جزءاً مهماً من حياة كثير من العائلات الدمشقية، فلا يكاد يخلو بيت دمشقي قديم من قطع تراثية زينت بها، كالأثاث وقطع الديكور والسقوف والخزائن والكراسي وحوامل المصاحف وعلب الهدايا والضيافة.

    شيخ كار تطعيم الخشب بالصدف "محمد الكجك"، الذي بدأ بالعمل بهذه المهنة منذ أكثر 25 سنة، يقول في حديثه لمدونة وطن التي التقته في محله بحاضنة "دمر" التراثية: "لابد للحرفي أن يمتلك خيالاً مبدعاً وملكات فنية بالرسم والتصميم، خصوصاً وأن الحرفة تعتمد على المهارة والخيال الفني لتحويل الخشب إلى أشكال فنية مميزة، ففي الماضي كان الحرفيون الدمشقيون يقصدون مدينة "أريحا" لتصميم وتعلم تنزيل الصدف على الرخام ، حيث كأنوا يقومون بتنزيل الصدف على القبور وشواهدها".


    الحرفي محمد الكجك أثناء العملمراحل العمل



    كرة الخشب التراثية

    يمر حفر وتنزيل الصدف على الخشب بعدة مراحل، وحسب" الكجك" تبدأ اول مرحلة بالنجارة وحصرياً من خشب الجوز البلدي، حيث نقسم الشجرة إلى ما يسمى لاطات، هذا اللاط يحتاج إلى 14 عاماً حتى يتم تصنيعه بالشكل الصحيح، وبعد تشريح هذه الألواح تبدأ المرحلة الثانية التي هي التشطيب، ثم مرحلة الرسم حيث يتم الرسم على أوراق الزبدة ومن ثم طبعها على الخشب لتشكل الرسمة المزخرفة المراد تشكيلها، وهذه المرحلة تعتبر من أصعب المراحل كونها تحتاج إلى الدقة والمهارة في العمل، بالإضافة إلى التركيز الممزوج بالحس الفني والذوق الرفيع، حيث يتم نقش الخشب لإنزال القصدير الفضي اللون، لتأتي مرحلة حفر أماكن الصدف، ويليها "التصديف" أي ملء الحفر بالصدف الذي يتم جمعه من منطقة الفرات، حيث يتم تنزيل الصدفة ولصقها، لتبدأ عملية تمليس الصدف، ثم بعدها القيام بحف القطعة أي جلخها لتتناسب مع شكل النقش المرسوم، ثم يأتي بعدها التعظيم بعظام الجمال، ومن ثم يبدأ التشطيب النهائي، وهو عبارة عن حفّ الخشب المطعم بالصدف ليصبح أملسَاً وناعم، ثم يتم فحص القطعة، وبعدها تبدأ عملية المسح بزيت البرداغ، ليعطي لمعة للقطعة ويتشرب الخشب ليبقى على لونه الطبيعي، بعد هذه المراحل تبدأ عملية التجميع وتكون القطعة جاهزة لتوصيلها لبيت الزبون".
    نقوش وتراث


    وعن أشكال الرسومات يقول"الكجك": "لكل رسمة معنى وتعبر عن الحضارات القديمة، فمنها مأخوذ عن نقوش الفاطميين أو الأيوبيين أو العباسيين وغيرها، فالرسومات والنقوش مستقاة من روح الحضارات القديمة ولكنني أضفت عليها طابعي الخاص، فدمجت بين نقوش الحضارات المتعددة مع الخط العربي ضمن قطعة فنية واحدة جسدت هوية تراثية عريقة".


    من أعماله

    ويضيف "الكجك": "حصلت على أول صك للملكية من الاتحاد العام للحرفيين لتصميمي وتصنيعي تحفة دمشقية تراثية إبداعية، وهي عبارة عن كرة من الصدف مطعمة بالفضة والذهب مصنوعة من خشب الجوز البلدي المعالج، عمر خشبها 15 عاماً، استغرق العمل فيها عاماً وثلاثة أشهر، وتمت صناعتها بأيادي حرفية يدوية لم يدخل في صناعتها أي آلة، وتحتوي هذه الكرة على رسمات من عدة مشاغل كالفاطمي والأيوبي والمعشق والخيط العربي الهندسي والنباتي، وقد حفرت ووضعت لها خيوط من الفضة وقطع من الذهب الخالص، وطعمت بالصدف البحري الطبيعي الأبيض والأسود والأخضر و الأصفر، ولونت بخشب طبيعي من الورد والليمون والزيتون، كُتبت عليها أبيات شعر عن "دمشق"، ويعتبر هذا الصك أول صك ملكية لتحفة تراثية في "سورية".
    صك ملكية


    أمين سر هيئة مدربي حاضنة دمر المركزية الحرفي "عدنان تنبكجي" يؤكد أن صك الملكية يحمي حقوق الحرفي القانونية من خلال توثيق ملكيته لها في سجلات الاتحاد العام للحرفيين، وسجلات حاضنة "دمر المركزية" للفنون الحرفية، ويحمي الصك الحقوق المالية لصانع وصاحب التحفة وتناميها من خلال القيم المضافة التي تحققها هذه التحفة عند عرضها في المحافل والمعارض الدولية، وهي إحدى أهم الوثائق التي تساهم في قبول شركات التسويق الدولي لترويج وتسويق هذه التحفة، كما يوثق صك الملكية المنشأ السوري للتحفة التراثية ويعظم الحس الوطني لصانعها الحرفي السوري ويخلد أعماله، حيث ستتنقل التحفة من شخص لآخر ومن دولة إلى أخرى، ويبقى اسم الصانع الأول وهو الحرفي السوري الصانع لهذه التحفة، كما يساعد الصك صاحب التحفة في دخول المزادات العالمية، وهذا الصك مدون عليه اسم الصانع ودولته، كما يشجع منح صكوك ملكية التحف التراثية على جذب المستثمرين ورؤوس الأموال للقطاع الحرفي لشراء هذه الصكوك بما ينعكس إيجاباً على تحسين الوضع الاجتماعي والمهني للحرفي السوري ويشجعه على المزيد من التميز والابداع".

    ويختم "تنبكجي" حديثه بالقول: "تبادل المعلومات والخبرات بين شيوخ الكار في الحاضنة الحرفية يساهم في تطوير صناعاتنا التراثية، وقد كان لي تعاون مشترك مع شيخ الكار "محمد الكجك" لتطعيم وتنزيل الصدف على النحاس بدلاً من الخشب"..

    تبقى الإشارة إلى أن الحرفي "محمد الكجك" شارك بالعديد مع المعارض داخل سورية وخارجها وحصد جوائز وتكريمات عدة وشهادات مشاركة وإبداع.

    أجريت اللقاءات بتاريخ 25 تشرين الأول 2023.
يعمل...
X