ابتزاز الزوجات بصورهن الخاصة أداة انتقام تكرس إذلال المطلقات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ابتزاز الزوجات بصورهن الخاصة أداة انتقام تكرس إذلال المطلقات

    ابتزاز الزوجات بصورهن الخاصة أداة انتقام تكرس إذلال المطلقات


    وقائع مساومة المرأة بجسدها رسالة لها بعدم السماح بانتهاك خصوصيتها.


    الذكريات لا ينبغي أن تكون سيفا مسلطا على رقاب النساء

    يرى المتخصصون في العلاقات الأسرية أن الزوجة لا يجب عليها أن تسلم لشريكها السلاح الذي يبارزها به بالسماح بتصويرها وقت العلاقة، مشيرين إلى أن الطلاق تحول إلى صراع أسري شرس يسعى كل طرف إلى تحقيق الانتصار فيه على الطرف الآخر مهما كانت وسائله. ويعتقد هؤلاء أن تكرار وقائع ابتزاز الزوجة بصور ذات خصوصية رسالة لكل امرأة بعدم السماح لأي شخص بانتهاك خصوصيتها.

    القاهرة - ما إن وصلت العلاقة الزوجية بين المصري رضا. ح وشريكته مي. أ، إلى طريق مسدود وطلبت الانفصال والحصول على حقوقها كاملة، فكّر في حيلة يقوم من خلالها بابتزازها إذا أصرت على تحميله أعباء مالية بسبب الطلاق، وقام بتهديدها بصورها الخاصة معه.

    اعتقدت الزوجة أن الصور التي بحوزة شريكها السابق وقت استمرار العلاقة الزوجية مجرد ذكريات، لكنها أدركت لاحقا أنها سيف مسلط على رقبتها للانصياع إلى تهديداته بالتنازل عن كامل حقوقها بعد الطلاق أو فضحها بنشر الصور الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.

    استعانت الزوجة بأسرتها أمام عجزها عن مواجهة تهديدات شريكها ولجأت إلى قسم الشرطة تطلب حمايتها من المساس بشرفها في مجتمع يقسو على المرأة ويستسهل الطعن في شرفها، فأحيلت القضية إلى محاكمة عاجلة، أصدر فيها القاضي حكما على الزوج بالحبس المشدد لمدة خمس سنوات بتهمة الابتزاز.

    هذه إحدى حلقات الصراع الدائر بين الأزواج، وهي واقعة حيّة شهدتها محكمة مصرية وصدر فيها الحكم قبل أيام ضمن سلسلة من الوقائع الغريبة التي صارت تحدث بين الرجل والمرأة بعد انتهاء العلاقة، لكنها تعكس إلى أي درجة تعيش بعض النساء حياة مريرة إذا قررن التحرر من سجن الزوجية.

    ابتزاز الزوجات بصورهن الخاصة يواجه بسلبية مجتمعية وهناك من يحمل المرأة مسؤولية وضع نفسها في هذا الموقف

    لم يعد اتجاه بعض الرجال إلى استخدام أدوات غير تقليدية للابتزاز والتشهير انتقاما من السيدات إذا قررن الانفصال قاصرا على مجتمع عربي بعينه، في ظل غياب ثقافة الطلاق المتحضر، وشعور البعض بأن طلاق الزوجة يمس بالنخوة والرجولة.

    وإذا كانت وقائع ابتزاز الزوجات بصورهن الخاصة في محاولة لفضحهن وتعريتهن أمام الناس ثقافة دخيلة، فقد أصبحت موجودة وترتبط بمحاولات بعض الرجال تركيع المرأة وإجبارها على ترك حقوقها الشرعية إذا أرادت الخلاص من عبء الزوجية دون أن تخرج بفضيحة أسرية مدوية.

    تتعامل بعض النساء مع الصور التي يلتقطها الزوج في المنزل أو أثناء العلاقة على أنها توثيق للحظات خاصة وذكريات يصعب تكرارها من دون أن يشككن في إمكانية أن تكون هذه الصور أداة للانتقام في المستقبل، ومحاولة التشهير بهن، لكن تكرار وقائع الابتزاز من خلالها صار أزمة حقيقية للكثير من الزوجات.

    تبدأ وقائع ابتزاز الزوجة بصورها الخاصة وشرائط الفيديو المصورة لها داخل غرفة النوم مع شريكها بأن يرسل لها رسائل تهديد بامتلاكه كنزا يسبب لها الفضيحة، وإذا لم تستجب يقوم بالتواصل مع أحد أقاربها لإبلاغه بنفس رسالة التهديد، وإذا فشل في تحقيق هدفه يقوم بنشر ما لديه من وثائق على الفضاء العام.

    ما يلفت الانتباه أن بعض وقائع ابتزاز الزوجات بصورهن الخاصة تواجه بسلبية مجتمعية، وهناك من يحمل المرأة مسؤولية وضع نفسها في هذا الموقف، لأنها سمحت لشريكها بانتهاك خصوصية جسدها بالتصوير، حتى لو كان ذلك من خلال شريكها، على اعتبار أن الأمان المطلق في أي علاقة لا يجب أن يصل إلى هذا الحد.

    هناك الكثير من الزوجات يرفضن المجازفة بتوثيق العلاقات الخاصة لخطورة منح الأمان الكامل للأزواج

    ويرى متخصصون في العلاقات الأسرية أن أمام الحوادث الشاذة التي ضربت القوام الأسري في بعض المجتمعات، وتحول الطلاق إلى صراع أسري شرس يسعى كل طرف إلى تحقيق الانتصار فيه على الطرف الآخر، لا يجب على الزوجة أن تسلم لشريكها السلاح الذي يبارزها به بالسماح بتصويرها وقت العلاقة.

    ويعتقد هؤلاء أن تكرار وقائع ابتزاز الزوجة بوثائق تمس جسدها رسالة لكل امرأة بعدم السماح لأي شخص، ولو كان زوجها، بأن ينتهك خصوصيتها ويحتفظ لنفسه بذكريات مرتبطة بالفراش والعلاقة الجنسية بينهما، لأن الحياة الزوجية قد تنهار في أي لحظة أمام خلافات طارئة ويصبح ابتزاز المرأة سهلا.

    وإذا رفضت الزوجة الانصياع لرغبة الشريك في تصويرها أثناء جلسات خاصة، فقد تصطدم بإصرار الزوج مدفوعا بفتاوى دينية شاذة تبيح له الحق الكامل في تصويرها كيفما يشاء، بذريعة الاستمتاع وإبعاد نفسه عن المحرمات وتصفح المواقع الجنسية.

    هناك الكثير من الزوجات يرفضن المجازفة بتوثيق العلاقات الخاصة لخطورة منح الأمان الكامل للأزواج، لكن بينهن من ترضخ لذلك لإرضاء الشريك بحجة أن ذلك من الأمور المشروعة لهما، دون أن تدرك تبعات هذه الخطوة وإمكانية الجهر لاحقا.

    وتسبب تكرار وقائع ابتزاز زوجات بصورهن الخاصة وقت قيام العلاقة الزوجية في مطالبة الكثير من الحقوقيات بتغليظ العقوبة لتكون رادعة للرجال، مع التشهير القانوني بمثل هؤلاء الأزواج كنوع من رد الاعتبار للمرأة التي تعرضت لفضيحة وأصبحت تواجه عنفا لفظيا ونفسيا بعد التشهير بجسدها.


    قالت عبير سليمان، الباحثة المتخصصة في قضايا المرأة بالقاهرة، إن وقوف الزوجة ضد كل محاولات ابتزازها للتنازل عن حقوقها لمنع التشهير بها مرتبط بجرأتها وصلابتها في مواجهة شريكها السابق، فلا يجب أن تستجيب وترضخ للضغوط بدعوى الحفاظ على سمعتها، بل عليها أن تواجه بشراسة لنيل حقها بالقانون.

    وأضافت لـ”العرب” أن المتاجرة باللحظات الخاصة وقت العلاقة الزوجية جريمة يجب مواجهتها بفرض عقوبات شديدة الصرامة لأنها تهدد الأمن الأسري، ولا يجب أن ينتظر صانع القرار في أي مجتمع تحولها إلى ظاهرة أو نمط للانتقام، ومن الضروري التدخل بكل وسائل الردع للقضاء عليها في مهدها.

    وترى أصوات رافضة لمبدأ تصوير الوقائع الخاصة بين الزوجين، ولو لغرض الذكرى، أن هناك مواقف حياتية يفترض أن تكون محاطة بالخصوصية الشديدة، وتوثيقها بأي طريقة ولأي سبب يرفع عنها السرية ويجعلها أداة للابتزاز والتشهير، وتتحمل المرأة جزءا كبيرا من المسؤولية لكونها شاركت بالقبول.

    وأمام تكرار حالات الابتزاز أصبح من الضروري على أيّ امرأة أن تضع حدودا للعلاقة الزوجية مهما بلغ منسوب الثقة في الشريك، طالما أن هناك وقائع عكست إلى أي درجة يقود الوثوق الكامل وغير المحدود في الزوج إلى أزمات معقدة تدفع ثمنها الزوجة وحدها، إذا تمردت على الرجل وكانت منحته بنفسها أوراق الضغط عليها.

    ومهما كانت الزوجة جريئة وقوية في مواجهة التشهير بها، فقد تظل متهمة في أخلاقها إذا لم تستطع إثبات التهمة على شريكها، وإذا لجأت إلى القضاء للثأر لشرفها بقوة القانون، فالرجل يمكن أن يلجأ إلى إنكار التهمة ويدّعي اختراق الهاتف المحمول وسرقة الصور ومقاطع الفيديو ليحدث التشهير دون عقوبة.

    صحيح أن التشهير بالزوجات لم يتحول بعد إلى ظاهرة، لكن يمكن لدائرة الابتزاز أن تتسع إذا شعر بعض الأزواج أن الذكريات سيف مسلط على رقاب المطلقات للتنازل عن الحقوق أو الإذلال والحرمان من الارتباط بآخر، والعبرة أن تكون المرأة جريئة في رفض التصوير وعليها المواجهة وعدم الصمت، في حال حدث التشهير.

    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    أحمد حافظ
    كاتب مصري
يعمل...
X