المتعددة أو المتراكبة ، والأبواب المسقوفة بساكف من الخشب ، محمول على أعمدة أو تماثيل أحيانا كبوابة قصرتل حلف ، الصورة رقم (٤) التي تذكرنا بأعمدة معبد الكرياتيد Cariatide في اكروبول أثينا الذي شيد بعد عدة قرون من بناء قصر تل حلف ( قصر كابارا ) .
واستخدمت الادراج ، والابراج المربعة التي نجدها عند البوابات وفي الاسوار ، مزودة بالشرافات المسننة . ووجدت الاقباء المقامة عمادة اللبن ، والقباب الصغيرة وكانت الجدران الخارجية مزودة Pilastre ، بالدعائم الجدارية لتساعد على تماسك الجدران ثم تحولت الى عنصر زخرفي ، وأصبحت متقاربة من بعضها محدثة ما يشبه المحاريب ( قصر ماري ) . وقد تطورت هذه الدعامات الى أنصاف أعمدة جدارية في الفن الفارسي ، ( القصر البارثي في آشور ، وقصر كسرى في المدائن ) . وعرف القدماء أيضا استخدام أسافين الحديد والرصاص لتماسك حجارة البناء الكبيرة ( أوغاريت وعين دارا ) .
ومن حيث العناصر الزخرفية فانا نجد الفريسك ، أي الكلسة المزينة بالرسوم الجدارية والالوان ، استخدمت في عهد مبكر في المدن السورية القديمة. عثر منها في ماري وتل برسيب على نماذج رائعة ( الصورة رقم (٥).
وعرفت الفسيفساء في عهد مبكر في الشرق العربي ( معبد أوروك ، الالف الثالث ) وكانت تصنع من مسامير أو أقلام من الآجر لها رؤوس ملونة ، تغرس في جدران اللبن مؤلفة أشكالاً زخرفية ، واستخدم الآجر المرصوف على أشكال هندسية ناتجة عن اختلاف في أوضاع الاجر كعنصر زخرفي عثر على نماذج منه في معبد عشتار في بابل ، واقتبس الفرس بعد ذلك هذه التقنية قصر دارا في سوسا ، وقصر اكزير كيس في بير سوبوليس ، وستظهر بعد ذلك في العهد العربي الاسلامي . كذلك عرف الآجر المطلي بالمينا الملونة وهي لألواح الخزف الملون والقيشاني .
أما المباني المشيدة بالحجر فأحسن مثل لها في سورية نجده في مباني أوغاريت الكنعانية وهي من منتصف الالف الثاني قبل الميلاد . فالجدران مبنية بمداميك منتظمة من الحجر المنحوت ، استخدمت فيها أحياناً أسافين الحديد لربط الحجارة، وزودت بالدعامات الجدارية .
ووجد في قصر أوغاريت أدراج من الحجر تدل على وجود طابقين. وكانت باحات القصر مبلطة بالحجر ومزودة ببرك للماء مستطيلة ، وآبار عليها خرزات من الحجر . وعثر في أوغاريت على مدافن أرضية مبنية بالحجر الجيد النحت ، ينزل اليها بأدراج ، ولها أبواب ذات قناطر ، مسقوفة بعقود من الحجر ( الصورتان ۱ و ۲ ) .
وللمدينة باب حصين مزود بأبراج والمدخل فيه يتألف من محور منكسر يعتبر أقدم مثل لهذا النوع من المداخل الحصينة الذي سيكون التصميم الشائع في كل بوابات المدن والقلاع العربية فيما بعد .
وهناك مزاريب حجرية واقنية تنقل المياه الى المجاري العامة تحت الارض ، مما يدل على تنظيم مبكر للخدمات الصحية .
الواقع أن العرب المسلمين لم يتعرفوا على آثار هذه الحضارات التي انقرضت قبل ظهور الاسلام بقرون . لكنهم كانوا على تماس مباشر مع فنون وسيطة أفادت من الاولى قبل انقراضها واقتبست عنها بطريق مباشر أو غير مباشر ، تلك هي الفنون الكلاسيكية نتاج اليونان والرومان والبيزنطيين ، التي تعج بآثارها بلاد الشام. والفنون الساسانية التي كانت تسود المنطقة المتاخمة للشام من الشرق ، في العراق وفارس .
ويفرض علينا هذا الواقع أن نلقي نظرة أخرى على خصائص هذه الفنون التي أفادت منها الحضارة العربية في مرحلة نشأتها، بل حين بدأ يتأسس الفن العربي الاسلامي .
٣ - فنون العمارة الكلاسيكية :
أما الفنون الكلاسيكية فقد عرفتها سورية في أعقاب فتح الاسكندر لها في عام / ٣٣٣ / قبل الميلاد ودامت حتى الفتوحات الاسلامية في عام / ٦٣٥ / للميلاد . فهي قد سادت على مدى عشرة قرون وتمثلها ثلاثة فنون هي : الهلنستية والرومانية والبيزنطية .
ويتجلى التأثير الهلنستي في تنظيم وعمران المدن بشكل محسوس ، وتشاهد آثار هذا التخطيط في المدن التي جددها اليونان كدمشق وحلب او التي تأسست في عهد هم كاللاذقية وأفاميا وانطاكية ودورا اوروبوس ( صالحية الفرات ) . ولقد نقل الاغريق الى سورية أيضا فناً معمارياً يعتمد على استعمال الاعمدة الحجرية بأنواعها الثلاثة الدوري والايوني والكوراني ، ويرتفع فوق الاعمدة نضد من الحجارة المنحوتة والمزينة بالزخارف وتتألف من جائز وافريز وطنف (۱) وكان يعلو الجميع في الواجهات جبهة مثلثة تزينها الصور المنحوتة نحتا بارزا .
تعليق