تعرفوا ما هو فن عمارة الحَدَاثة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعرفوا ما هو فن عمارة الحَدَاثة

    عمارة الحَدَاثة


    توصف الفترة من أواخر القرن التاسع عشر وحتى نهاية القرن العشرين الميلاديين بأنها واحدة من أهم فترات الإبداع والإنتاج في تاريخ العمارة ؛ فقد استخدم المعماريون مواد وطرق بناء جديدة لتطوير طرز جديدة تظهر لأول مرة وليس لها مثيل في التاريخ.

    وقد أصبح للمعماريين الأمريكيين تأثير كبير على عمارة الحَداثة. وعلى سبيل المثال، فإن ناطحات السحاب التي ربما كانت أشهر نموذج لعمارة الحَداثة، تطورت أولاً في الولايات المتحدة الأمريكية. نبعت التغيرات المؤثرة على العمارة منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي من النظريات ومن أعمال عدد قليل من الأفراد والمجموعات الصغيرة. وأكثرالروائع الفنية لعمارة الحداثة صممت أو تأثرت بأعمال أربعة رجال هم: فرانك لويد رايت من الولايات المتحدة الأمريكية، ووالتر جروبيوس ولودفيج ميز فان در روه من ألمانيا، وشارل جينيربيه ـ جريس المعروف باسم لوكوربوزييه، من فرنسا.




    عمارة الحداثة المبكرة في أوروبا:

    انبثقت عمارة الحداثة في أوروبا كرد فعل معاكس لإحياء الطرز التاريخية و الطرز المدمجة في القرن التاسع عشر الميلادي. وحاول بعض المعماريين الشباب إيجاد طرق جديدة تعكس عصرهم.



    في طليعة التأثيرات المهمة في عمارة الحداثة حركة الفنون والحرف التي أسسها وليم موريس في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي في إنجلترا. وقد كان موريس يدرس ليكون مهندسًا معماريًا ولكنه ترك المهنة للتركيز على التصميم الداخلي ؛ فقد انتقد موريس تدني المستوى الفني الذي لاحظه في إنتاح الآلة خلال الثورة الصناعية. ابتكر موريس تصميمات ذات مستوى رفيع للأثاث والزجاج الملون والنسيج وورق الجدران مع فنانين آخرين من حركة الفنون والحرف. وبالرغم من أن موريس لم يصمم مباني، إلا أن تأثيره شجع روح الانعتاق التي أدت دورًا مهمًا في العمارة.

    وعمل معظم المعماريين الحداثيين الأوائل في هولندا والنمسا وألمانيا. ففي هولندا، استخدم هندريك بتروس بيرلاج تصميمًا غير عادي من الطوب الأحمر لرائعته بورصة أمستردام (1898-1903م). فالمبنى بتصميمه البسيط الخالي من الزخارف كان تحولاً ملحوظًا من منشآت الأحياء المفعمة بالزخارف إلى التوجه نحو طراز أكثر حداثة.

    كما أسس أوتو فاجنر عمارة الحداثة في النمسا خلال التسعينيات من القرن التاسع عشر الميلادي. وقد كان فاجنر مدرسًا ومنظِّرًا بالإضافة إلى كونه معماريًا. وأهم تصميماته كانت تلك المساكن ذات الخطوط الأفقية قليلة الزخارف. وكانت الإنشاءات سطحًا مستويًا شبيها بالبلاطة المستوية الممتدة فوق الجدران. وكانت هذه الصفة تميز معظم العمارة في أوائل القرن العشرين الميلادي.

    أسس جوزيف أولبريش وجوزيف هوفمان، وهما من تلاميذ فاجنر، مجموعة عُرفت بمجموعة فيينا الانفصالية، وانضم إليهما فنانون ومعماريون آخرون. وتوحدت المجموعة ضد أنماط إحياء الطرز القديمة. وصمم أولبريش مبنى حركة الانفصال 1898م، وهو صالة عرض في فيينا. واتخذ طراز عصر النهضة والطراز الكلاسيكي الجديد للفيلا المقببة وأعاد تصميمها بأسلوب حداثي. ويظهر تأثير فاجنر في بروز سطح سقف المبنى وخلو جدرانه من الزخارف. كما صمم هوفمان قصر ستوكلت (1905-1911م) في بروكسل ببلجيكا. وهذا القصر، بجدرانه البيضاء المنبسطة الخالية من الزخارف، وحدوده الهندسية الشبيهة بالمكعَّب، أحد أكثر الأعمال المعمارية تقدمًا في أوائل القرن العشرين الميلادي.

    كما كان أدولف لوس أحد النمساويين الذين عارضوا بشدة الزخارف في العمارة، حيث كان يعتقد أن الخاصية الزخرفية للمبنى تنبع بشكل طبيعي من المواد الإنشائية وهيئة المبنى. وقد صمم لوس مبنى شتاينر هاوس (1910م) في فيينا ومباني أخرى بأشكال شبيهة بالمكعب بدون زخارف.

    وفي ألمانيا، صمم بيتر بيرنز بعضًا من المصانع لتعكس أفكار عمارة الحداثة. وكان أشهر تصميماته مصنع A.E.G للتوربينات (1909م) من الخرسانة والزجاج والحديد، في برلين. وأثر بيرنز على نظريات ميز فان در روه ووالتر جروبيوس ولوكوربوزييه عندما عملوا في مكتبه أوائل القرن العشرين الميلادي.



    مبنى ريلانس في شيكاغو كان واحدًا من أوائل ناطحات السحاب الحديثة. قام بتصميمه مؤسسة دانيال بيرنهام وشركاه، واكتمل بناؤه عام 1894م. ويُظهر الرسم الهيكل الإنشائي الحديدي للمبنى.
    عمارة الحداثة المبكرة في أمريكا:

    ربما كان هنري هوبسون ريتشاردسون أول وأهم مهندس معماري في الولايات المتحدة الأمريكية أدخل عناصر حداثية في تصميماته. فقد كان ريتشاردسون معماريًا أمريكيًا رائدًا في أواخرالستينيات من القرن التاسع عشر الميلادي حتى وفاته عام 1886م. عمل بنماذج مختلفة لعمارة العصور الوسطى، خاصة عمارة الرومانسك. وبالرغم من ذلك فقد استخدم أحيانًا سمات التصميم الحداثي في الأشكال الهندسية الميسرة وخلو أواخر أعماله من الزخارف الخارجية. وصمم ريتشاردسون عددًا من المباني بعناصر طرازي الرومانسك والعناصر الحداثية معًا منها جْلِسْنر هاوس (1885 - 1887م) ومخازن مارشال فيلد وشركاه للبيع بالجملة (1885 - 1887م) في شيكاغو.



    أصبحت شيكاغو مركزًا لعمارة الحداثة في الولايات المتحدة الأمريكية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلاديين. وأعطى حريق شيكاغو المدمر عام 1871م الفرصة للمعماريين لاختبار الأفكار الجديدة عند إعادة بناء المدينة. وصمم وليم لي بارون جيني أول هيكل معدني لناطحة سحاب في العالم هو مبنى هوم إنشورنس ذو الطوابق العشرة (1884-1885م) في مركز شيكاغو التجاري. فالهيكل الفولاذي يحمل المبنى، أما الجدران فلا تساعد في دعم الإنشاء ولكنها تُستخدم كستائر. وقد أصبح الهيكل الفولاذي والجدار الستائري أساس التصميم الحديث.


    مبنى كارسون بيري سكوت وشركاه مخازن تجارية متعددة الأغراض بشيكاغو. وهو رائعة مدرسة شيكاغو المعمارية. وتمثل مدرسة شيكاغو مجموعة رائدة من المعماريين الأمريكيين الحداثيين، ومقرها في شيكاغو. قام بتصميم المخزن التجاري لويس سوليفان، واكتمل عام 1906م. وتبرز ملامحه النوافذ الشريطية الأفقية التي تفصلها حجارة فاتحة الألوان. وقد زخرف سوليفان الطابقين الأولين من الحديد الزهر الأسود.
    درب جيني عددًا من المعماريين في مكتبه في شيكاغو، منهم لويس سوليفان ودانيل بيرنهام. وقد أصبح سوليفان رائدًا لطراز معماري عرف بمدرسة شيكاغو، التي ضمت معماريين آخرين مثل بيرنهام ودانكمار أدلر وجون ولبورن روت. واكتسب هؤلاء الشهرة من هياكلهم الفولاذية لمباني المخازن التجارية والمكاتب. وصمم سوليفان مبنى كارسون بيري سكوت وشركاه (1899- 1906م)، وهو متجر متعدد الأقسام في شيكاغو اشتهر بنوافذه ذات الخطوط الأفقية والاستخدام الماهر للطوب الفاتح الألوان. كما صمم سوليفان مباني مكاتب ناطحات سحاب مثل مبنى وينرايت (1890- 1891م) في سان لويس بولاية ميسوري، ومبنى جارنتي (1894-1895م) في بَفَلو بنيويورك.



    وأصبح بيرنهام معروفًا بأنه مخطط مدن أكثرمنه معماريًا. وبالرغم من ذلك فقد صمم عدة مبان تجارية مهمة. كما اشتهر مبناه لمحطة تغيير القطارات في شيكاغو (1903-1904م) خاصة بنوافذه الكثيرة.

    للاطلاع على صور عن عمارة الحداثة المبكرة في أمريكا، ★ تَصَفح: بيرنهام، دانيل هدسون ؛ ريتشاردسون، هنري هوبسون ؛ سوليفان، لويس هنري.



    طراز البراري ابتكره فرانك لويد رايت، وأحدث ثورة في العمارة الأمريكية السكنية. وتميزت البيوت التي صممها بهذا الطراز بتركيز خطوطها الأفقية مع استعمال مواد للبناء تتجانس مع التنسيق الطبيعي للأرض المحيطة. وقد صمم رايت منزل البراري أعلاه عام 1902م في أوك بارك بإلينوي.
    فرانك لويد رايت:

    هو أبرز شخصيات عمارة الحداثة الأمريكية. عمل رايت في شيكاغو لمؤسسة أدلر وسوليفان من 1887م وحتى 1893م، حيث بدأ أعماله الخاصة. واكتسب رايت اهتمامًا عالميًا بسلسلة من المنازل صممها خلال الفترة من حوالي 1900م وحتى 1910م على طراز البراري. وكان للمنازل أشكال أفقية منخفضة لأن رايت اعتقد أن مثل هذه التصميمات تتجانس مع براري الغرب الأوسط المنبسطة. وكان يقول: إن المبنى يجب أن ينبت من موقعه. وقد اختار رايت مواد البناء بألوان الأرض وكان يؤكد على استخدام المواد بمظهرها وشكلها الطبيعيين.



    أحدث رايت ثورة في ترتيب الفراغات الداخلية في منازل البراري. فقد كانت الجدران تقسم الفراغ الداخلي في مساكن أواخر القرن التاسع عشر الميلادي الأمريكية التقليدية إلى حجرات أشبه ما تكون بالصناديق. ولكن رايت قلّل من عدد الجدران في منازله بحيث أصبحت الغرفة الواحدة تتداخل مع الأخرى. وهذه المرونة في استخدام الفراغ الداخلي، وكذلك الخطوط الأفقية للمساكن، أثرت تأثيرًا كبيرًا على المعماريين الأوروبيين. وأشهر مسكن براري لرايت هو منزل روبي (1909 - 1910م) في شيكاغو. وصمم رايت أيضًا مشاريع كبيرة مثل مبنى لاركن (1904 - 1906م) في بَفَلو بنيويورك ويونتي تمبل (1906 - 1908م) في أوك بارك في إلينوي. وكان لاستخدامه الجريء والبارع للخرسانة في تلك المباني الفضل في انتشار هذه المادة في عمارة الحداثة. وأهم مشاريع رايت الأخيرة ربما كانت مبانيه التي صممها لشركة جونسون واكس في راسين بولاية وسْكنسن. ولمبنى الإدارة الرئيسي (1937 - 1939م) واجهات ناعمة من الطوب والزجاج، وفي داخل المبنى نجد منطقة المكاتب الرئيسية في شكل صالة فسيحة بدون نوافذ محاطة بالشرفات. وينساب الضوء الخافت للصالة من خلال فتحات شريطية أنبوبية من الزجاج من على حافات السقف الداخلي. وترتفع أعمدة الخرسانه من الأرض، وتحمل أقراصًا خرسانية عند مستوى السقف.



    الباوهاوس مدرسة ألمانية للفنون أحدثت تأثيرًا كبيرًا في عمارة الحداثة. وقد صمم والتر جروبيوس مجمع داساو عام 1925م ويشتمل على مبنى الورش إلى اليمين.
    والتر جروبيوس:

    أثّر في عمارة الحداثة بوصفه معماريًا ومعلمًا. ففي عام 1919م، أنشأ الباوهاوس، وهي مدرسة للتصميم في فيمار بألمانيا. وقد كرست المدرسة جهودها لربط الفنون والعمارة بالتقنيات الصناعية الحديثة. وفي عام 1925م، انتقلت الباوهاوس إلى داساو. وقد صُنِّف تصميم جروبيوس لمباني مجمع داساو والمنشآت الهندسية من الخرسانه والزجاج ضمن أرقى التصميمات في عصرها.



    جاء جروبيوس إلى الولايات المتحدة عام 1937م. وفي السنة التالية، أصبح رئيسًا لقسم العمارة بجامعة هارفارد. وانتشرت نظريات جروبيوس المعمارية في الولايات المتحدة لأنه عمل مهندسًا معماريًا ومعلمًا. وفي عام 1946م، أسس جروبيوس وبعض تلاميذه الأوائل شركة المعماريين المتحدين. وقد صمّمت المجموعة مشاريع كثيرة في الولايات المتحدة وفي بلاد أخرى، بدءًا من مركز الدراسات العليا (1949ـ 1950م) بجامعة هارفارد.




    الطراز الدولي:

    ساد الطراز الدولي للعمارة حتى حوالي 1950مو وجاء الاسم من عنوان لكتاب يسمى الطراز الدولي (1932م)، كتبه أمريكيان هما المعماري فيليب جونسون ومؤرخ العمارة هنري راسل هيتشكوك. وفي الكتاب، استعرض الكاتبان العمارة في السنوات العشر السابقة، وذكرا أن هناك طرازًا دوليًا واضحًا تطور في عدة بلدان.



    وفي الحقيقة، فإن الطراز الدولي يتضمن عدة أفكار لمعماريين رواد حداثيين مثل هوفمان ولوس ورايت وجروبيوس. وللمباني النموذجية لهذا الطراز أشكال هندسية وجدران بيضاء وحديقة سطح علوية مستوية. ومعظمها مشيَّد من الخرسانة المسلحة، وهذه الخرسانة مطمور بها أسياخ من الحديد لإعطائها قوة إضافية. ومباني الطراز الدولي النموذجية لها نوافذ كبيرة تضفي على المرء إحساسًا بالرضا والبهجة. وأسطحها الخارجية بها زخارف قليلة، وقد تكون خالية من الزخارف.




    لوكوربوزييه:

    قد يكون لوكوربوزييه أبرز معماري عمل بالطراز الدولي. ومعظم أعماله الأولى كانت مساكن تشبه الصناديق البيضاء، وقد بنيت هذه المساكن من الخرسانة المسلحة بيضاء اللون ومرفوعة من سطح الأرض بأعمدة تسمى بيلوتي. ومن أهم مساكن لوكوربوزييه الأولى على هذا الطراز فيلا سافوي (1929 ـ 1931م) في بواسي بفرنسا.



    وأظهرت أعمال لوكوربوزييه الأخيرة اختلافًا عن مساكنه الشبيهة بالمكعب. وأحد أشهر مشاريعه الأخيرة هو يونيته دابيتاسيون (1947 ـ 1952م)، وهو مبنى الشقق ذو الـ 337 وحدة في مارسيليا بفرنسا. ومثل أعماله الأولى، شيد لوكوربوزييه مبناه من الخرسانة المسلحة المرفوعة على أعمدة البيلوتي، ونسج واجهته بالشرفات لحماية الشقق من الشمس المحرقة. وقد كونت الشرفات نسقًا من المستطيلات الداكنة والمضيئة في ضوء الشمس، وطلى لوكوربوزييه الجدران الجانبية بألوان زاهية لإعطاء تباين حيوي مع الخرسانة البيضاء.




    لودفيج ميز فان در روه:

    هو سّيد عمارة الزجاج والفولاذ. فقد صمم ناطحات سحاب بهيكل من الفولاذ وجدران من المعدن الرقيق والزجاج بعد الحرب العالمية الثانية (1939-1945م).



    وأصبح ميز مديرًا للباوهاوس عام 1930م. وخدم في هذا الموقع حتى أغلقت المدرسة عام 1933م. وفي عام 1937م، هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وفي العام التالي، أصبح رئيسًا لقسم العمارة في معهد آرْمَرْ(حاليًا معهد إلينوي التقني) في شيكاغو. وفي عام 1939م، بدأ ميز في تصميم مباني مجمع معهد آرمر الجديدة. وأكدت تصميماته الشكل المستطيل والإنشاء شبه المكعب من الطوب وأعمدة الفولاذ الظاهرية والنوافذ الكبيرة.

    وصمم ميز عدة ناطحات سحاب لمباني الشقق والمكاتب في الولايات المتحدة. وكان مبناه مجمع شقق ليك شور درايف (1949 - 1951م) في شيكاغو يمثل مستطيلين ضخمين من الزجاج. وربما كان أكثر مشاريعه مدعاة للمدح والثناء مبنى سيجرام (1956 - 1958م)، وهو مبنى مكاتب ناطحة السحاب في نيويورك، وقد صممه ميز مع فيليب جونسون. وللمبنى جدران من البرونز والزجاج المظلل بالبرونز.




    العمارة اليوم:

    ظل الطراز الدولي أكثر الطرز انتشارًا لمعظم المشاريع المعمارية في كل أرجاء العالم حتى حوالي 1950م. ومنذ ذلك الحين، ظهرت ردود فعل معاكسة ضده من المعماريين الشباب. واعتقد هؤلاء المعماريون أن الطراز يفتقر للتنوع في التصميم لأنه يركز على الأشكال الهندسية المبسطة، كما أنه يفتقر إلى الزخارف.



    تصدر حملة الهجوم على الطراز الدولي أولاً مجموعة من المهندسين المعماريين تعرف بالقُساة. وقد أسس القساة تصميماتهم على أعمال لوكوربوزييه الأخيرة. وأنشأوا مباني ضخمة وبسيطة بمسطحات خارجية من الخرسانة الخشنة. ومن رواد هذه الحركة الشريكان كنزو تانجو في اليابان وجيمس ستيرلنج وجيمس جوان بإنجلترا وبول رودلف بالولايات المتحدة. وكما فعل القساة، فقد أنشأ المهندس المعماري الأمريكي لويس كان مبانيه باستخدام الخرسانة. وشملت تصميمات كان الرئيسية معهد سالك للدراسات البيولوجية (1963-1965م) في لاجولا بكاليفورنيا ومركز الفنون البريطاني (1972-1977م) في جامعة ييل.

    ولعل أشهر الحركات المعمارية المثيرة للجدل اليوم حركة ما بعد الحداثة، التي بدأت خلال الستينيات من القرن العشرين الميلادي في الولايات المتحدة الأمريكية. وليس لما بعد الحداثيين أي طراز أو نظريات مشتركة ولكنهم متحدون في رفضهم للطراز الدولي. ومِن رواد حركة ما بعد الحداثة الأمريكيين المنظِّر والمصمِّم روبرت فنتوري. ومن المعماريين الأمريكيين الآخرين الذين يمكن ضمهم إلى ما بعد الحداثيين بيتر أيزنمان ومايكل جريفز وتشارلس مور، وروبرت ستيرن، وستانلي تايجرمان.

    ومعظم ما بعد الحداثيين بعثوا طرزًا تاريخية أهملها المعماريون الحداثيون الأوائل. فعلى سبيل المثال، استخدم فنتوري طرزًا تقليدية أُخذت في الغالب من عمارة عصر النهضة الإيطالي ومن نموذج حركات الإحياء الأخرى. وقد أصبح فانتوري واحدًا من أوائل معماريي حركة ما بعد الحداثة، حيث أضاف الزخارف لمسطحات المباني الخارجية. وقد أدخل عدد من مابعد الحداثيين الأقواس والأعمدة والقباب والقواصر في تصميماتهم. والقوصرة قطاع مثلث بين التكنة الأفقية والسطح المائل في مقدمة المعبد الكلاسيكي الإغريقي أو المبنى الروماني.

    وصاحب هذا الاهتمام بالطرز التاريخية الاهتمام بالحفاظ على المباني القديمة وتعديلها لاستعمالات جديدة. وأُنشئت عدة وكالات حكومية للحفاظ على المباني ذات القيمة المعمارية. ولهذه الوكالات في الولايات المتحدة الأمريكية السلطة لمنح صفة المَعْلَم لتلك المباني. والمباني ذات صفة المَعْلَم قد لا تُهدم أو تغير.

    ومعظم أعمال مابعد الحداثيين كانت مباني صغيرة مثل المنازل والمخازن التجارية. وفي عام 1978م، كشف فيليب جونسون، المؤلف المشارك في كتاب الطراز الدولي، التصميم الذي ابتكره مع جون بيرجي لأول ناطحة سحاب على طراز ما بعد الحداثة، هو مبنى مقر رئاسة الهاتف والبرق في مدينة نيويورك. وقاعدة هذا المبنى المثير للجدل تماثل مصلى بازي من عصر النهضة الأوروبية. وقد صمم جونسون وبيرجي قمته كقوصرة بفتحة دائرية أعلى التصميم لتسمح لسحب البخار بالنفاذ من نظام التدفئة للمبنى. وربما كان المدخل الجديد لمتحف اللوفر أروع ما شيد في ثمانينيات القرن العشرين. وقد صمم المبنى المعماري الأمريكي أي. إم باي، وافتتح عام 1989م. ولمشاهدة هذا المبنى الشفاف الهرمي الشكل ★ تَصَفح: اللوفر.
يعمل...
X