تعرفوا ما هي الحساسية التأسيسية (Native ISO)…

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعرفوا ما هي الحساسية التأسيسية (Native ISO)…

    الحساسية التأسيسية (Native ISO)…

    سأتطرق في هذه المقالة البسيطة للحديث عن مبدئ كنت أجهله أنا شخصيا تحت تأثير الفهم الخاطئ لبعض خصائص المستشعر في الكاميرات الرقمية الحديثة. يطلق على هذا المبدأ اسم «الحساسية التأسيسية» (Native ISO)؛ والتعريب هنا من قبلي. سيكون جل الكلام والشرح هنا حول كاميرتي الخاصة، وهي كانون إيوس 7د، ولكن المبدأ عام لجميع الكاميرات الرقمية تقريبا. ولكن قبل الغور في تفاصيل هذا المبدأ وكيفية فحص الكاميرا الرقمية لإيجاد هذه الحساسية التأسيسية (ولماذا نحتاج معرفتها)، لنتطرق أولا إلى تاريخ تطور الحساسية في الكاميرات.

    ما هي الحساسية؟

    الحساسية في الكاميرات الحديثة غالبا ما يكون تعبير لاستيعاب المستشعر للضوء، لا سيما الخافت منه. والحقيقة هي أن هذا التعبير وتخيل الأمر بهذه الطريقة أنما هو أمر مجاز وقد وُرث من عالم التصوير الكلاسيكي بالأشرطة الحساسة أو الأفلام.
    كان التصوير فيما مضى يعتمد على الأفلام والتي تكون معنونة بدورها ببعض الأرقام الخاصة الدالة على مدى حساسية مكوناتها الكيميائية للضوء. فكلما كبر هذا العدد كلما ازدادت هذه الحساسية. كمثال على ذلك: لو أن صورة ما قد التقطت بشريط حساس معنون بمقدار (200) بزمن يعادل الثانية الواحدة، فإن التقاط ذات الصورة بشريط آخر معنون بمقدار (400) مثلا سيتطلب نصف الثانية، مع ثبات قيمة فتحة العدسة في الحالتين. وهذا بالطبع هو مبدأ الوقفات أو الخطوات فيي قياس مستويات الضوء في فن التصوير وكنا قد تحدثنا عنه في مقالات سابقة.
    كما نرى في المثال السابق، فإن ازدياد الحساسية للشريط يؤدي إلى تسريع الزمن المطلوب لالتقاط الصورة، بشكل عام. يحدث هذا مع بعض الزيادة في الضوضاء نتيجة التفاعل الكيميائي في هذه الأشرطة أو الأفلام، مع العلم أنها كانت في كثير من الأحيان شيء مقبول وقد أُوْجدت الأدوات المناسبة للتحكم بهذه الضوضاء قدر المستطاع.
    انتقل هذا المبدأ وطريقة التفكير عند التحول إلى النظام الرقمي واستخدام المستشعرات الإلكترونية محل الأشرطة الحساسة لالتقاط الصورة، فاصبح يطلق تعبير «حساسية المستشعر»، وهو في الحقيقة تعبير مجاز عار من الصحة التقنية لكيفية عمل المستشعرات، حيث أن المستشعرات لا تتحسس الضوء وأيضا لا تتغير في داخل الكاميرا، ولكن العملية كلها مبنية على أساس تكبير الإشارات الإلكترونية (Amplification) كما هو الحال عند تكبير الصوت في التلفاز أو السماعات أو ما شابه ذلك للإشارات الموجودة من حولنا. فالضوء يثير بعض الإشارات الإلكترونية في المستشعر، فيقوم المستشعر بتمرير وتعديل هذه الإشارات بحسب الإعدادات المضبوطة من قبل المستخدم. والحقيقة أن عملية التكبير هي ليست العملية الوحيدة التي يقوم المستشعر بعملها لهذه الإشارات كما سنرى. وجدير بالذكر بأن مصطلح (ISO) والذي يُلفظ غالبا بين المصورين العرب بشاكلة «آيزو»، هو مصطلح تم تقديمه مع الكاميرات الحديثة، حيث قام صناع الكاميرات بالموافقة والمواءمة بين شدة الحساسية في الأشرطة الحساسة الكلاسيكية وبين عمل المستشعر في تكبير الإشارات وتم إلصاق مصطلح «آيزو» بجانب هذه القيم للدلالة على عملية التعيير. فكأنما عند قولنا: آيزو 200، كأننا نقول: تكبير المستشعر المكافئ لشريط ذو حساسية مقدارها 200.

    خطأ في المبدإ

    طالما نقرأ (أو نتعلم) الحقيقة القائلة بأنه يجب على المصور استخدام الحساسية الأقل قدر المستطاع لتجنب الضوضاء الرقمية في الصورة قدر الإمكان. هذا الأمر صحيح، ولكن أقل حساسية في الكاميرا قد لا تكون هي الأقل تشويشا في الحقيقة. كنت في السابق، عندما أقرا أو أسمع عن مصطلح «الحساسية التأسيسية» (أي Native ISO) يتبادر إلى ذهني فكرة بأن هذه الحساسية يُعنى بها الحساسية الأقل في الكاميرا، وهذه الفكرة خاطئة تماما. فالحساسيتان مختلفتان تماما. مع الشرح اللاحق سوف يتضح سبب وصفي لها بـ «تأسيسية».
    لاستيضاح الأمر أكثر، علينا أن نحلل طريقة عمل المستشعر قليلا. والحقيقة هي أن الحساسية كما نسميها نحن، هي عبارة عن 3 أنواع:
    أ- تأسيسية: وهي الحساسية الصرفة للضوء كما يراه المستشعر دون أي عمليات تعديل أخرى.
    ب- محاكية: وهي التي تحاكي طريقة رؤية المستشعر للضوء عن طريق بعض الخوارزميات المعتمدة أساسا على قيمة الحساسية التأسيسية؛ أي بطريقة البرمجيات.
    ج- تكبيرية: وهي التي تتكون نتيجة تكبير الإشارات الناتجة عن الضوء في المستشعر، وتعتمد كذلك على الحساسية التأسيسية لتعيين مقدار التكبير المطلوب للوصول إلى النتيجة المرجوة أو إلى شدة الحساسية المطلوبة.

    وهكذا نرى بأن الحساسية التأسيسية (أو الأصلية) هي الأساس في عمل الكاميرا وطريقة حساب أو محاكاة استشعار الضوء. قد يكون من المنطقي التفكير في كون أقل قيمة للحساسية في الكاميرا هي القيمة التي تبنى عليها جميع الحساسيات الأخرى بالتكبير، ولكن الأمر هنا يختلف ومعقد بعض الشيء، والحقيقة هي أن الحساسية التأسيسية، والتي تكون دون أي عمليات تكبير أو محاكاة، هي ليست الأقل قيمة في الكاميرا لأسباب تقنية. ولعل الأمر يرجع لأسباب تصنيعية وعلمية بحتة خاصة بعالم المستشعرات.

    معرفة الحساسية التأسيسية

    قبل الخوض في عملية الاختبار هذه والتعرف على قيمة الحساسية التأسيسية للكاميرا موضع السؤال، يمكن لعزيزي القارئ البحث في الشبكة عن هذه المعلومات تحت مسمى (Native ISO)؛ وللأسف فإن هذه المعلومات غير متوفرة باللغة العربية كما يبدو. سيكون هذا البحث وافيا لمعرفة قيمة هذه الحساسية للكاميرا موضع السؤال ولكن قد يختار صاحب الكاميرا التحقق من الأمر، وفي أحيان أخرى قد تكون المعلومات في الشبكة متضاربة وغير واضحة، وهكذا سيضطر المستخدم إلى البحث بنفسه.
    إن عملية الاختبار بسيطة جدا، ولكن جل العمل سيكون في تحرير وتعديل الصور الملتقطة، ولهذا سنحتاج إلى التقاط الصور بصيغة السالب الرقمي (أو الراو RAW)، وكذلك العمل بمحرر السالب الرقمي التابع لبرنامج الفوتوشوب (أو أي برنامج آخر إذا فضّل المستخدم ذلك). سنقسم العمل إلى قسمين: عمل الكاميرا، وعمل الفوتوشوب أو المحرر.

    أ- العمل في الكاميرا
    لا يتطلب هذا الاختبار الكثير. يمكن التقاط الصور من دون عدسة (مع وضع الغطاء على الكاميرا) أو مع عدسة ما ويكون غطاؤها موضوعا على المقدمة مع عدم تفعيل خاصية ضبط التركيز الآلي (AF) – بكلمات أخرى، سنلتقط صورة سوداء في جميع الأحوال. من الضروري العمل في مكان بارد (داخل المنزل) قدر الإمكان حيث أن زيادة الحرارة تعني زيادة الضوضاء الناتجة عن الحرارة وقد يشوش هذا الأمر في المعاينة لاحقا. يُفضل كذلك أن تكون الذاكرة خالية من الصور السابقة ولكن هذا الأمر ليس ضرورة تقنية وإنما لتفادي الالتباس أو ما شابه ذلك عند معاينة الصور لاحقا. ولا ننسى كذلك أهمية أن يكون المستشعر نظيفا وكنا قد تحدثنا سابقا عن عملية التنظيف هذه. والآن، نأتي على ذكر الخطوات مع التذكير بأهمية التقاط الصور بصيغة السالب الرقمي (RAW):
    1. نقوم أولا بتثبيت الكاميرا على الوضعية اليدوية (M).
    2. نقوم بضبط الوقت أو سرعة الغالق على ثانية واحدة.
    3. لا تهم فتحة العدسة هنا ولذا فيمكن ضبطها بأي قيمة كانت (هذا لو كانت موضوعة على الكاميرا فعلا).
    4. نقوم بضبط الحساسية إلى أقل قيمة ممكنة (وهي بقيمة 100 في أغلب كاميرات الكانون).
    5. نبدأ بالتصوير الآن والتقاط صورة بمدة مقدارها ثانية واحدة (وستكون سوداء طبعا).
    6. نقوم برفع الحساسية بمقدار ثلث خطوة، وهو ما يعني مقدار حركة واحدة على عجلة الضبط، حيث سترتفع الحساسية من 100 إلى 125. هناك بعض الكاميرات التي يكون الضبط فيها بمقدار نصف خطوة ولكن لا داعي للولوج في هذه التفاصيل والمهم هنا هو كيفية العمل.
    7. نقوم بالتقاط صورة أخرى.

    نداوم بعدها على تكرار الخطوات (6) و (7) ويكفي أن نصل إلى مقدار 400 من الحساسية أو ما بعدها بقليل، ولا داعي لالتقاط الصور لكل قيم الحساسية التي توفرها الكاميرا (ولكنها قد تكون نافعة لدراسة أخرى). نلاحظ هنا باننا لا نضبط المستوى الأبيض (WB) حيث أنه غير مهم عند التقاط هذه الصور. عند هذا الحد يكون قد انتهى عملنا في الكاميرا، وعلينا الآن رفع الصور على الحاسوب.
    ب- العمل في الحاسوب
    في هذه المرحلة سنقوم بفتح الملفات دفعة واحدة في برنامج الفوتوشوب (والذي بدوره سيفتحها تلقائيا في برنامج محرر السالب الرقمي ACR التابع له). وسنقوم ببعض التعديلات في هذه الصور السوداء حتى نستبين درجة التشويش، ولن يهمنا هنا أي شيء آخر (فالصورة سوداء أساسا!). بعد القيام بفتح الملفات جميعها دفعة واحدة وظهور نافذة العمل لمحرر السالب الرقمي نقوم بهذه الخطوات:
    اختيار جميع الصور أو ملفات السال الرقمي عند الفتح دفعة واحدة، ويكون هذا إما بالنقر على ملف ما ثم كبس تحكم+A لاختيار الجميع، أو بالكبس على تحكم والنقر على كل ملف، ويمكن كذلك النقر على أول ملف وكبس زر العالي ثم النقر على آخر ملف فيتم اختيار جميع الملفات في المنتصف.
    أنقر للتكبير

    1. علينا أولا اختيار الصور الظاهرة على اليسار جميعها عن طريق النقر على «اختيار الكل» (Select All)، وبهذه الطريقة ستُعمم التغييرات المستقبلية في الصورة الواحدة على الكل.
    2. نقوم برفع التعريض (Exposure) إلى أقصى حد.
    3. نقوم بخفض مستوى الأسود (Blacks) إلى الصفر.
    4. نقوم برفع السطوع (Brightness) إلى أقصى حد.
    5. نقوم برفع التباين (Contrast) إلى أقصى حد.
    الخطوات المذكورة أعلاه موضحة على نافذة محرر السالب الرقمي. يشير المؤشر الأخضر إلى قراءة الحساسية للصورة قيد الاختيار وهي الأولى هنا حيث أن الحساسية لها هي 100. نلاحظ كذلك وجود دائرة صغيرة في الزاوية اليمنى السفلية داخل كل إطار للصور على اليسار وهذه العلامة تدل بأن الملف قد تم تعديله. كما نلاحظ، فإن جميع الصور مظللة مما يعني اختيارها وجميع التعديلات المذكورة قد شملتها.
    أنقر للتكبير

    بعد هذه الخطوات الأساسية سوف تتكون لدينا صور يغلب عليها اللون الأحمر ولربما مع بعض التشبع. يكفينا أحيانا النظر إلى الصور المصغرة في الجهة اليسرى من النافذة حتى يتبين لنا مستوى الضوضاء في كل منها بشكل عام. إن لم يتيسر ذلك فيمكننا عمل قطع (Crop) لمنطقة ما من منتصف الصورة (مع اختيار الكل كذلك لتعميم القطع)، ثم ضبط التقريب إلى 100% لمعاينة كل صورة على حدة. يمكن بعد ذلك النقر على كل صورة ومعاينتها وفحص درجة التشويش أو الضوضاء. قد يحتاج الأمر كذلك إلى بعض التروي وحدة النظر لملاحظة الفروقات في درجات الضوضاء. أقل هذه الصور ضوضاء تكون هي الصورة ذات الحساسية التأسيسية والتي يفضل استخدامها في الأحوال الاعتيادية للتصوير.
    مقارنة بين مستوى الضوضاء في أول 3 صور بتكبير 100% (أنقر للتكبير).
    نلاحظ هنا بأن حساسية 125 أشد تشويشا من الأخريات؛ فالبقع البيضاء كثيرة والخطوط العمودية أشد وضوحا. عند معاينة حساسية 160 ومقارنتها بحساسية 100 نلاحظ المفاجأة: الخطوط العمودية أقل وضوحا فيها منها في حساسية 100 مع قلة تردد البقع البيضاء إلى حد ما. جدير بالذكر بأنه تم تغيير فضاء الألوان هنا إلى sRGB وبهذا يقل تشبع الألوان وتتضح الفروقات أكثر.
    هذه الصورة كبيرة الحجم وقد تحتاج إلى بعض الوقت للتحميل عند النقر عليها.

    الخاتمة

    ينتهي عند هذا الحد العمل وقد لا يحتاج المستخدم إلى كل هذا العمل ببحث بسيط يقوم به في الشبكة للحصول على هذه المعلومات. وغالب الظن هو أن الشركات العالمية المصنعة لهذه الكاميرات تقوم باستخدام حساسية تأسيسية موحدة لجميع أنواع الكاميرات المصنعة من قِبلها، ولكن الفحص للتأكد لا يضر. بالنسبة لكاميرات كانون عامة، فإن المتعارف عليه هو أن حساسية مقدار 160 هي الحساسية التأسيسية لمعظم كاميرات الكانون إن لم يكن جميعها.
    ما الفائدة من معرفة هذه القيمة؟ الفائدة بسيطة جدا وواضحة: الحصول على نقاوة أفضل مع استثمار سرعة الغالق، حيث ستكون سرعة الغالق أسرع مما هي عليه عند أدنى حساسية ممكنة في الكاميرا (بمقدار ثلثي خطوة في حالة كاميرات الكانون). هذه الزيادة في الحساسية، وإن كانت بسيطة، مع ثبات مستوى الضوضاء أو حتى تقليله عما قبله من المستويات في حالات الحساسيات الأقل، سيكون له الأثر الواضح في تيسير عملية التصوير نسبيا لا سيما عند العمل مع الومّاضات (وعند العمل في مجال التصوير السريع خصوصا). نظريا، كذلك، يمكن الافتراض بأن الخطوات الكاملة ابتداءً من الحساسية التأسيسية ستكون الضوضاء المصاحبة لها أقل من الحساسية السابقة لها والتالية لها. مثال من كاميرات الكانون بحساسية تأسيسية 160: 320 (خطوة أولى)، 640 (خطوة ثانية)، 1280 (خطوة ثالثة)… وهكذا – عند هذه الحساسيات نتوقع أن الضوضاء فيها ستكون أقل من السابقة لها مباشرة بثلث خطوة ومن التالية لها مباشرة بثلث خطوة. جدير بالذكر بأن هناك من يقوم بعملية الاختبار هذه عن طريق تسجيل الفيديو في الكاميرا بدلا من الصور، يمكن مشاهدة هذا المقطع هنا لمقارنة الحساسيات المختلفة لكاميرا كانون إيوس 7د. يتضح من هذا المقطع، مرة أخرى، بأن حساسية 160 أقل ضوضاء من حساسية 100 و 125. في هذه المقالة كان العمل محدودا إلى مستوى 400 من الحساسية ولكنّي أشجع القارئ العزيز على فحص باقي السلسلة بطريقة التصوير أو بطريقة الفيديو إذا أمكن حتى يكوّن صورة واضحة عن إمكانات كاميرته الخاصة. أرجو أن تكون هذه المقالة البسيطة قد حازت رضى القارئ العزيز، هذا وحتى نلتقي في مقالة أخرى إن شاء الله تعالى…
يعمل...
X