حين يشارك الذكاء الصنعي ذكاء البشر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حين يشارك الذكاء الصنعي ذكاء البشر

    حين يشارك الذكاء الصنعي ذكاء البشر
    • ميساء الجردي
    • 16 أيّار 2023


    تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي مواضيع عدة حول الذكاء الصنعي، في حين يحمل الجانب الخاص بالتطبيقات ذات الشأن الكبير المجال الطبي والرعاية الصحية. فما قصة هذا التطور الآلي والنظام الجديد الذي أصبح يحاكي سلوك البشر وذكاءهم في أدق التفاصيل التشخيصية والعلاجية؟ وما هو المبدأ الذي يعمل عليه حتى أصبحت الآلة تشارك في صنع القرار وتفكر مثل الإنسان؟ كيف تحدث العملية؟

    تحدث الأستاذ الدكتور مروان الحلبي مدير مركز أبحاث العلاجات الحيوية في جامعة دمشق ورئيس اتحاد جمعيات التوليد وأمراض النساء العربية عن أن هذا العلم ليس جديداً، فقد بدأ العمل به مع بداية الخمسينات، لتأتي بعدها قفزات مهمة في هذا الجانب، فكان هناك في عام 1997 برنامج خاص بالشطرنج الذي استطاع التغلب على أبطال العالم في هذه اللعبة. كما تفوقت سنة 2016 آلات أخرى على أحد أفضل اللاعبين في لعبة الجو. وبشكل تلقائي انطلاقاً من بيانات ضخمة تقاس بالتيرابايت 1012 بايت أو حتى بالبيتابايت 1015 بايت استخدمت تقنيات التعليم الآلي لتصبح الروبوتات تحل محل الإنسان، وأصبح العلماء من خلال هذه التقنيات يحددون وظيفة بعض الجزيئات الحيوية وخاصة البروتينات والجينات. إلى أن الذكاء الصنعي تطور مع تطورات الشبكية العصبية وأصبحت له خوارزميات خاصة، مع تطور العلوم المعرفية الكبيرة وخاصة علم الدماغ الذي دفع بشكل كبير لتطور هذا الذكاء.
    تشخيص سليم


    يقول الدكتور الحلبي: عندما يمتلك الطبيب المعلومات، يقوم بإدخال الداتا إلى البرنامج المطلوب. فلتكن على سبيل المثال صوراً لرحم ظليلي حيث يتم إدخال مئات الآلاف من الصور على الكمبيوتر بمختلف أشكالها ونقوم بعملية تدريب للآلة على هذه الصور بوضع خوارزميات معينة لقراءتها وتحليلها وفقاً لما يسمى عملية التعلم الآلي، بعدها يكون التعمق بالشبكة العصبية ويصبح لدينا ما يسمى (دوبلير) الذي نعطيه صور تحتوي حالات مرضية معينة، ويتم تدريب البرنامج على اكتشافها ومعالجتها. مع عملية التغذية المستمرة بالمعلومات يتم الوصول إلى القرار الطبي والتشخيص السليم.


    تواصل ذكي

    وعليه فإن مبدأ العمل بالذكاء الصناعي يقوم على تغذية الآلة والتعلم العميق بشكل أساسي، وإدخال البيانات وفقاً لخوارزميات معينة مع تعزيز مستمر للمعلومات وصولاً إلى مخرجات تشخيصية وعلاجية تجعل الآلة تفكر بذكاء يشابه الذكاء البشري وتشارك في وضع القرار السليم.
    المستوى الطبي


    تأخذ التطبيقات الطبية للذكاء الصنعي مستويات تقنية متعددة، يشير الدكتور الحلبي إلى بعض هذه التقنيات الحاسوبية التي تعطي حلولاً منطقية للكثير من المسائل التي تطرح بشكل عام، وهناك أهمية للبرامج التي أصبحت تتعرف على الكلام والنطق وعلى الكتابة. والتي تُمكن أي إنسان من السؤال عن المعلومات التي يريدها. وهناك تقدم كبير في التطبيقات الطبية في معالجة الصور وتحليلها، ما يوفر الوقت والجهد وصولاً إلى التعلم العميق الذي يعتبر جزءاً هاماً من التعلم الآلي. إن الذكاء الصنعي بدأ يأخذ دوره في العناية الطبية بدءاً من المحادثات التشاورية بين الطبيب والمريض وتحليلها والوصول إلى نتائج مريحة للطرفين، وخاصة في الطب النفسي؛ حيث دخل الذكاء الصنعي في تحليل تعبيرات المريض وصوته وحركاته، وساهم في الوصول إلى تحليل منطقي لبعض الأمراض الخطيرة وإلى تشخيص وإنذار مبكر. كما أصبح له حضور كبير في مجال الأشعة، لذلك هناك مخاوف مستقبلية من تغير بعض الاختصاصات وأن تقوم هذه البرامج بقراءة وتشخيص الصور الشعاعية بدلاً من الأطباء. وكان ذلك من خلال إدخال أعداد هائلة من الصور الشعاعية جعلت برامج الذكاء الصنعي تقدم معلومات دقيقة حول الحالات المرضية التي يتم إدخال الصور الخاصة بها بتقارير دقيقة.

    يقول الدكتور مروان الحلبي إن هذا التقدم ساعد في الكشف المبكر عن سرطان الثدي وسرطان البروستات وفي تشخيص بعض الطفرات من خلال قراءة gns كما أصبح للذكاء الصنعي دور هام في بعض الأمراض مثل السكري بحيث أصبح يعطي الجرعة المناسبة للمريض بمجرد إدخال نتائج التحليل الخاصة به. وأصبح وجوده في برامج الجولات مفيداً في تقديم الكشف المبكر عن أمراض القلب من خلال حسابات المشي. الأمر الذي قلل من الأخطاء البشرية بشكل كبير.
    في الطب الرصين


    يقال إن الذكاء الصنعي دخل كل دروب الطب بعد أن بدأ بالأشعة وطب العيون لينتقل بعدها إلى أمراض القلب والأمراض العصبية والأورام، فأصبح شريكاً في دعم القرار السريري من خلال الداتا الكبيرة الموجود لديه. ووفقاً للدكتور مروان الحلبي أصبح لهذا الذكاء تعمق في المعايير التشخيصية وتشخيص الثدي. وكل ما يتعلق في مجال عمل الروبوتات الذي أخذ مساحات كبيرة في المجال الطبي. حتى أصبح هناك ما يسمى جراحة روبوتية. وهناك ربوتات خاصة بالمجال التنظيري وأشهرها ربوت دافنشي. وهناك روبوتات تختص بتقديم الرعاية للمرضى بشكل مباشر، وأخرى تعمل على مراقبة المريض، ومنها ما هو مسؤول عن منع انتقال العدوى، وصولاً إلى ما يسمى الطب الدقيق أو الطب الرصين الذي جاء بعد مرحلة الطب الشخصاني؛ حيث أصبح من الممكن تحديد الجرعات المناسبة لكل مريض وفقاً للتربة الجينية الخاصة بكل شخص والداتا الوراثية. إن ما يفيد هذا المريض قد لا ينفع مع مريض آخر حتى لو كان نفس التشخيص، فهناك أشخاص لديهم مقاومة لبعض الأدوية، على سبيل المثال جرعة المميع قد تأخذ مفعولها لدى شخص ما بحيث تسبب له تميعاً شديداً، بينما لدى شخص آخر لا تحدث أي أثر بحسب البنية الجينية. لذلك أصبح الروبوت يختار الجرعة الملائمة للشخص بحسب البنية الجينية الخاصة به. وهذا ما يسمى الطب الرصين من خلال وضع دواء وعلاج يلائم كل شخص بحسب البنية الوراثية الخاصة به.
    في مجال الإخصاب


    التطبيقات الخاصة بالذكاء الصنعي في مجال الإخصاب تبدأ من لحظة تقييم المريضة واختيار البرنامج الملائم لها من خلال ما يسمى الطب الرصين، ثم اختيار نوع العلاج وفقاً للبنية الجينية لها؛ حيث يأخذ الذكاء الصنعي الداتا الخاصة بالمريضة مثل العمر والفحوصات الهرمونية، وبعدها يقدم المقترحات العلاجية والإنذار حول الأنسب لهذه المريضة، ويمكن أن يشارك في تقييم الصور والتشخيص لبعض الحالات. وهنا يبين مدير مركز أبحاث العلاجات الحيوية في جامعة دمشق أن الصور الشعاعية والذكاء الصنعي أصبحا يدخلان في تقييم السائل المنوي، وهناك برامج خاصة لتجزئة الرأس والجسم والذيل وتحدد في حال وجود تشوهات من خلال تقديم نسب دقيقة ومعلومات كاملة حول النطفة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى البويضة، إذ يمكن وضع تقييم أساسي عن إنذار البويضات واختيار السلمية منها، التي يمكن استخدامها للحقن المجهري. وهناك برامج خاصة توجه إلى مكان الحقن المناسب، وأخرى تساعد في عملية الحقن المجهري وهي موجودة في سورية حالياً.

    ويلفت الحلبي إلى وجود كاميرات خاصة ضمن الحواضن تعطي مراقبة دقيقة للأجنة في عملية اختزال الزمن وتعطي معلومات حول نمط الانقسام والانشطار للخلايا عند الجنين، وبالتالي يحقق الذكاء الصنعي تقدماً كبيراً في مجال الاختيار الأمثل للأجنة، وهذا ما يسمى إمكانية التعشيش الأعلى. كما يحقق تقدماً في الاختبارات التي تجرى على الأجنة لمعرفة الطفرات الوراثية أو بعض الأمراض أو اكتشاف الخلل في انقسام الصبيغيات. وعليه فهو شريك في اختيار الأجنة السليمة ودراسة موضوع التعشيش بالنسبة إلى بطانة الرحم ومدى جاهزيتها لاستقبال الأجنة أم لا.

    في ظل هذا التقدم أصبح الخطأ البشري أقل من النادر، ولكن بوجود الذكاء الصنعي أصبح لدينا شاهد إضافي يراقب الجودة في كل مرحلة من مراحل الحمل ومراقبة مباشرة والمشاركة في ضبط الجودة وفي معالجة العقم، بدءاً من التشخيص وإجراءات التعشيش واختيار الأجنة المناسبة وصولاً إلى نتائج حمل أكثر من جيدة في مراكز الإخصاب.
يعمل...
X