روسيا ( مسرح في) Russiaيعد المسرح في روسيا فتياً نسبياً

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • روسيا ( مسرح في) Russiaيعد المسرح في روسيا فتياً نسبياً

    روسيا ( مسرح في)

    Russia - Russie

    المسرح في روسيا

    يعد المسرح في روسيا فتياً نسبياً إذا قورن بالحركات المسرحية ذات التقاليد العريقة، كما في اليونان وروما والهند والصين واليابان في العصور القديمة. وعلى صعيد الولادة الثانية للمسرح من رحم الكنيسة الكاثوليكية في بدايات عصر النهضة، كما حدث في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وإنكلترا مثلاً، فإن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، على الرغم من طقوسها الاحتفالية الغنية، لم تساعد على ظهور بوادر مسرح ديني، ليتطور من ثم إلى مسرح دنيوي وينتقل بأشكاله المختلفة عن أصله. ولهذا تأخر ظهور المسرح في روسيا حتى القرن السابع عشر، وذلك بتأثير زيارات فرق مسرحية غربية، كفرقة مسرح الجزويت البولونية Jesuit theatre التي اتسمت عروضها ذات القصص الدينية ببهرجة فاتنة في الألوان والأزياء والحيل المسرحية المدهشة، مما أدى، منذ عام 1672، إلى تقديم عروض باروكية [ر] baroque، مثل «ابن أحشورش» (1672) Artaxerxes، و«بايزيد وتيمورلنك» (1675) Bajazet und Tamerlan ، وذلك بقيادة القس الألماني المهاجر يوهان غوتفريد غريغوري J.G.Gregorij الذي قدمهما داخل القصر القيصري في موسكو، إلى أن أُنشـئ أول بناء خاص بالعروض المسرحية المتنوعة في الساحة الحمراء عام 1703، وحيث قدمت أول المسرحيات الروسية للكاتب فيوفان بروكوبوفيتش (1681ـ1736) Feofan Prokopovich، وعروض فرقتي الكوميديا ديلارته Commedia dell’arte الإيطالية، وكارولينا نويبر K.Neuber الألمانية. وفي عام 1740 تأسس «مسرح المدرسة العسكرية» ونشط حتى العام 1757 الذي يعد المنعطف الأكثر أهمية في تاريخ المسرح الروسي، أي حين تأسس «المسرح المحترف الكبير» (البولشوي) Bolshoi و«الصغير» (المالي) Mali للمسرح والباليه والموسيقى في كل من بطرسبورغ وموسكو، وبتمويل مباشر من البلاط. إلا أن الرقابة المتشددة أدت إلى منع أو تأجيل أو تعديل كثير من المسرحيات ذات الطابع الانتقادي، كأعمال ميخائيل ليرمونتوف (1814ـ1841) M.Lermontov، وألكسندر غريبويدوف (1795ـ1829) A.Griboiedov وغيرهما، ولذلك جرت محاولات كثيرة لإصلاح الأوضاع المسرحية، كان أهمها محاولة المسرحي نيكولاي غوغول [ر] والممثل الشهير م.س. شتشبكين M.S.Stshepkin التي توّجت بالنجاح عند عرض مسرحية «المفتش» The Inspector لغوغول عام 1836 بحضور القيصر، إضافة إلى محاولة ألكسندر أوستروفسكي (1823ـ1886) A.Ostrovski، في أعماله، لخلق كوميديا ناقدة جادة، بعيداً عن الكوميديا الهابطة السائدة، والمتأثرة بمسرح الفودفيل Vaudevilles الفرنسي، والتي تركز على التهريج اللفظي والحركي، في التأليف والتمثيل. وفي عام 1885 صار أوستروفسكي مديراً لمسرح «مالي» في موسكو، وكان النظام القيصري قد سمح منذ عام 1883 بافتتاح المسارح الخاصة.
    في ثمانينيات وتسعينيات القرن التاسع عشر، قامت فرقة مايننغن Die Meiningen الألمانية بعدة زيارات إلى بطرسبورغ وموسكو قدمت في أثنائها عدداً من عروضها ذات الأسلوب الواقعي التاريخي، في الإخراج والتمثيل وسائر مكونات العرض المسرحي، كان لها كبير الأثر في المخرج الشاب ك. ستانيسلافسكي [ر] الذي أسس مع نيميروفيتش دانتشنكو N.Dantshenko عام 1898 «مسرح الفن» Mchat في موسكو الذي وصل إلى ذروة نجاحه في الأسلوب الواقعي بأعمال أنطون تشيخوف[ر] ومكسيم غوركي [ر]، وأدخل إلى المسرح الروسي منذئذٍ مفاهيم الفرقة المسرحية المنسجمة فكرياً وفنياً، والتدريبات المتأنية الطويلة، ومجموعة مسرحيات الموسم Répertoire، ومسرح المخرج.
    في العقد الأول من القرن العشرين، ظهر في المسرح تيار «الرمزية» symbolism بريادة ليونيد أندرييف (1871ـ1919) L.Andrejev، ونشط «مسرح فيرا كوميسارشفسكايا» Komissarshevskaia، في بطرسبورغ، بإدارة المخرج ف. مايرخولد [ر] تحت تأثير تياري «المستقبلية» futurism و«البنائية» constructivism. وبعد ثورة أكتوبر بسنوات قليلة، ظهرت حركة «مسرح أكتوبر» October-Theatre بريادة نيكولاي يفرينوف (1879ـ1953) N.Ievreinov، ومايرخولد اللذين ربطا بين المسرح والتحريض السياسي والاجتماعات الجماهيرية والتمثيل. وظهرت في الوقت نفسه، أشكال مختلفة للأسلبة stylization الفنية مع استخدام عناصر من ألعاب السيرك البهلوانية، ومن الكوميديا ديلارته، والتخلي عن شكل العلبة الإيطالية (الشكل الهندسي التقليدي للمسرح) في العلاقة بين المنصة والصالة مع تصميم ديكورات بنائية، بريادة ألكسندر تايروف (1885ـ1950) A.Tairov، ويفغيني فاختانغوف (1883ـ1922) I.Vachtangov، وماياكوفسكي، ونيكولاي أخلوبكوف (1900ـ1967) N.Ochlobkov. وفي عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، هيمنت على التأليف المسرحي المعالجات الهجائية الساخرة للواقع السوفييتي، خاصة في مؤلفات وإعدادات مايرخولد، وبولغاكوف، وكاتاييف. كما تحول تناول موضوعات الثورة والحرب الأهلية إلى نوع من التمجيد البطولي في أعمال إسحاق بابل (1894ـ1941) I.Babel، وتريتيكوف وفيشنفسكي، وفيسفولد إيفانوف (1895ـ1963) V.Ivanov، وبرز اسم يفغيني شفارتس (1896ـ1958) I.Shwarz عالمياً في اقتباساته المسرحية من الحكايات الشعبية بمقولات سياسية جريئة. وفي الوقت نفسه عمل مسؤولو الثقافة على فرض الواقعية الاشتراكية socialist realism ومنع كل ما يتعارض معها في الأدب والفن. كما حوّلوا منهج ستانيسلافسكي إلى عقيدة جامدة ملزمة لجميع المخرجين والممثلين، وتمت تنحية عدد ممن اعتبروهم معارضين خطرين مثل مايرخولد، وتريتيكوف. ولكن بعد عام 1956 أعيد الاعتبار بحذر لمايرخولد وماياكوفسكي، وصار أخلوبكوف مديراً لـ «مسرح ماياكوفسكي» في موسكو، حيث أعيد اكتشاف مسرحياته الهجائية بإخراج فالنتين بلوتشك (1909ـ) V.Plutshek، ومنذ الستينيات من القرن العشرين عاش المسرح السوفييتي مرحلة انتعاش وتجديد شاملة، فتأسست مسارح حديثة وبرزت معها أسماء جديدة مهمة ذات توجهات نقدية جذرية، فتأسس في موسكو «مسرح سوفِرمينيك» Sovremennik بإدارة أوليغ يفريموف O.Iefremov، و«مسرح تاغانكا» Taganka بإدارة يوري ليوبيموف I.Liubimov، و«مسرح الجيش السوفييتي» بإدارة ألكسي بوبوف A.Popov، و«مسرح مالايا برونايا» Malaia Bronnaia بإدارة أناتولي إفروس A.Efros الأكثر شهرة عالمياً، إلى جانب ليوبيموف، وتوفستونوغوف الذي أدار «مسرح غوركي» في ليننغراد. وبعد وفاة ستالين انفتح الأدب المسرحي تدريجياً تجاه قضايا ومشكلات الفرد والمجتمع، ولاسيما في أعمال أربوزوف Arbuzov، وروسوف Rosov، وشارتوف Shartov، وفامبيلوف Vampilov، وآينماتوف، وغلمان Gelman.
    تم التأكيد على المسرح الناطق باللغة الروسية في المرحلة السوفييتية في جميع أرجاء الاتحاد السوفييتي، وعلى توحيد النظام المسرحي إدارياً ومالياً وفنياً. كما أنشئ كثير من الأبنية المسرحية وفق النموذج الأوربي، في الأجزاء الآسيوية من الاتحاد. وتم تبني التقاليد المسرحية وتطويرها في جمهوريات البلطيق الثلاث منذ عام 1940، وفي الجمهوريات القوقازية، ولاسيما جورجيا، مزجت تقاليد التمثيل المحلية مع العناصر الروسية والأوربية الغربية لتطوير أساليب جديدة في فنون العرض، وذلك لتلبية حاجة الجماهير المتنامية باستمرار. ولذلك دعمت حركة مسرح الأطفال ومسرح العرائس مادياً ومعنوياً، وزودت مسارحها بكل ما تحتاجه من طاقة بشرية وتقنية. وحتى تاريخ انهيار الاتحاد السوفييتي، كان هناك 470 مسرحاً محترفاً، و50 مسرحاً للأوبرا والباليه، و36 مسرحاً للأطفال والشبيبة، و73 مسرحاً للعرائس، إلى جانب حركة مسرح الهواة الناشطة التي كانت ترفد المسارح المحترفة بكثير من أصحاب المواهب، عدا خريجي المعاهد الأكاديمية.
    ولكن مع انهيار الاتحاد السوفييتي تقوض النظام المسرحي بأكمله نتيجة فقدان الدولة الراعية والحامية، وتشتت أعضاء الفرق، وصار غالبيتهم عاطلين عن العمل. وفي العقد الأخير من القرن العشرين، مع تبني الحكومة الروسية نظام اقتصاد السوق على الصعد كافة، أخذت تظهر تجمعات مسرحية جديدة محاولة الخروج من مرحلة الضياع، عقب الانهيار، باحثةً عن آفاق أدبية وفنية جديدة، ومنفتحةً على جميع التيارات المسرحية في العالم، ولكن دون أن تفقد جذورها الفنية القوية.
    نبيل الحفار
يعمل...
X