تويت
بستان الجانكية في حلب مطلع القرن العشرين
يقع بستان الجانكية شمال شرق حلب في منطقة منخفضة تحيط بها التلال( شيخ فارس شيخ خضر الصفا والكسارة ) من كل جانب ،وتشكل تلك التلال خزانات مياه تزود البستان بالماء طيلة الصيف .
تكثر في الجانكية زراعة الارضي الشوكي والذرة والخضراوات ،كما كان يربى فيه دود القز لصناعة الحرير ،لذلك تجد فيه خمائل من التوت الشامي .
كما ان الغزالات كن يغزلن الحرير في طابات كبيرة بعد غليها بالماء على جبل قريب يدعى جبل الغزالات .
وأما الأشجار غير المثمرة فإن الكينا الحلبية تشكل غابة كثيفة حول قناق ( قصر) جنكين باشا المهجور قرب مؤسسة المياه .
ويروي الدكتور فؤاد ابراهيم باشا رحمه الله :
- " كان في سوريا ثلاثة انواع من الباشاوات ،الاول هم الاتراك ،وكان منهم الوالي ويعين من الاستانه ،والثاني هم الباشاوات الكورد ومنهم جانكين باشا وباكير باشا ،والثالث هم باشاوات الجوابرة ومنهم الجابري في حلب وجبري في فلسطين وجبارين في حوران .
وكان الجوابرة هم الاكثر عددا وعمقا في الاتجاه العربي لذلك شكلوا النافعية على يد نافع بيك الجابري لإدارة حلب بعيدا عن الوالي ،ودار صراع خفي بين النافعية والوالي ،وساعد في ذلك الافكار القومية المستوردة من اوروبا بعد حملة ابراهيم باشا على بلاد الشام .
خرج العثمانيون من بلاد الشام عام 1918 وخرج معهم جنكين باشا ،وترك البستان في عهدة المتصرف .ثم تم استملاكه في زمن الوحدة مع التأميم "
الصراع بين النافعية والوالي انتهى لصالح النافعية بعد خروج العثمانيين ،وقد ذكرنا تفاصيل ذلك الصراع اكثر من مرة في عدة منشورات .
وترى النافعية أن السوريين امة مستقله وقديمة واقدم من حكامها العثمانيين ،ولم يكن الجوابرة يتكلمون التركية في بيوتهم ،وسعى سعدالله الجابري لتأسيس الدولة السورية الكبرى ،لكن سايكس بيكو قامت( بقصقصة) سورية الى اجزاء .
كانت النافعية تعتمد على مهندسين المان في ادارة حلب فأدخلوا التلغراف و البريد السريع (الدويتش بوست) الى مبنى النجدة الحالي آخر سوق التلل ،وسرت في النافعية فكرة استقلال سوريا وتوحدها كما توحدت المانيا على يد بسمارك ،وكان اكثر المتحمسين لهذه الأفكار محامي النافعية عبد الرحمن الكواكبي .
لكن البقية تعرفونها ،اذ لم ينطبق حساب السوق على حساب الصندوق وسارت الامور على عكس مايرغب السوريون .
لو تكلم بستان الجانكية لكان حدثنا اكثر عن تاريخ المدينة وتعاقب الملاك عليه منذ عهد السومريين .
يمكنك ان تجد بعض المباني صامدة في الجانكية حتى يومنا هذا ،ومنها مبنى نادي حلب الصيفي ،وقناق جنكين باشا المهجور .
ويروى ان الجن تسكن في القناق ،لكنها اشاعه اطلقها مربوا الابقار لمنع اللصوص من الدخول الى البستان ليلا .
عدنان جمعة الاحمد