بدر الدِّين أبو محمد الحسن بن حبيب Ibn Habib، الدمشقيُّ من المؤرخين، وأديب مترسِّلٌ.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بدر الدِّين أبو محمد الحسن بن حبيب Ibn Habib، الدمشقيُّ من المؤرخين، وأديب مترسِّلٌ.

    حبيب (بدر دين)

    Ibn Habib (Badr ed Din-) - Ibn Habib (Badr ed Dine-)

    ابن حبيب (بدر الدِّين -)
    (710-779هـ/1310-1377م)

    بدر الدِّين أبو محمد الحسن بن عمر بن الحسن بن عمر بن حبيب، الدمشقيُّ الأصلِ، الحلبيُّ المَوْلِدِ والنشأة. من أعيان المؤرخين في عصره، وأديب مترسِّلٌ.
    نشأ ابن حبيب في بيت علم وفَضْل، وعُني والده الإمام الحافظ عمر بن الحسن (663-726هـ) بتعليمه ورعايته وصحبته إلى مجالس العلم في حلب التي كانت عصرئذٍ مركزاً ثقافياً حضارياً يزخر بالعلماء الذين أسهموا في ثقاف ابن حبيب واستوائه مؤرخاً عالماً. وقد ذكر ابن حبيب عن نفسه أنه أُحْضِرَ على الشيخ علاء الدين أبي سعيد بيبرس بن عبد الله العديمي الحلبي وهو في الثالثة من عمره، وسمع عليه جزء البانياسي وغيره. وتجلّت عليه أمارات النجابة والذكاء، ورُزق قوة الحافظة، وعُرف بالجِدّ في طلب العلم والانقطاع إليه. فمضى على سنَنِهِ يقرأ على أعلام عصره من أمثال: ابن الزَّمَلْكاني (ت727هـ)، وعز الدين أبي الحـسن إبراهيم بن صالح ابن العجمي (ت731هـ) وابن خطيب جبرين (ت738هـ)، ومحمد بن أبي بكـر المعـروف بـابن النقيب (ت745هـ)، وصفي الـدين الحِلّي (ت750هـ)، وابن نباتة المصري (ت768هـ)، وغيرهم خَلْق.
    كان فاضلاً كيّساً صحيح النَّقْل حَصَّل علماً كثيراً حتى إذا استوفى غايته من مجالسة العلماء في حلب طمحت به همّتُه للسفر، فزار دمشق والحجاز والقاهرة والقدس وطرابلس، وشغل غير ما منصب، فقد تولّى الكتابة للحكم العزيز، وكتابة الإنشاء والتوقيع الحكمي وغيرها من الأوقاف والوظائف الدينية، وذلك في كلّ من دمشق، وطرابلس، وحلب. ولمّا نُقِلَ الأمير سيف الدين منجك الناصري إلى نيابة حلب سنة 759هـ كان ابن حبيب مِمّن حضر في خِدْمته إلى حلب مباشراً شهادة ديوانه. ولمّا نُقِلَ الأمير إلى دمشق نقل ابن حبيب معه أيضاً، ثم تخلَّى عن الوظائف العامة ولزم داره في حلب حتى وافاه الأجل.
    كان لابن حبيب علاقةٌ طيبةٌ مع بعض مؤرِّخي عصـره الأعلام، منهم: أبو العبّاس أحمد بن عبد الوهاب النويري (ت733هـ) صـاحب «نهاية الأَرَب في فنون الأَدَب»، وابن فضـل الله العمـري (ت749هـ)، وابن الوردي (ت749هـ)، وخليل بن أيبك الصفدي (ت764هـ)، وتاج الدين عبد الوهاب السبكي (ت771هـ). وقد نقل عنهم كثيراً.
    حَدَّثَ عن ابن حبيب عبد الله بن أحمد المعروف بابن عشائر (ت802هـ)، وأبو السـعادات محمد بن محمد المعروف بابن ظهيرة (ت861هـ)، وسبط ابن العجمي (ت841هـ)، ومحبّ الدّين ابـن الشـحنة (ت815هـ) صاحـب «روض المناظر في علم الأوائل والأواخر»، وعـلاء الدين ابن خطيب الناصرية (ت843هـ)، وغيرهم.
    ترك ابن حبيب كُتُباً كثيرة، ذكر بعضها مترجموه، وزاد محقِّقُ كتابه «تذكرة النَّبيه» كتباً أخرى، وبلغ مجملها زهاء عشرين سِفْراً، عرف بعضُها، وطوى الدّهرُ بعضَها الآخر فيما طوى من ذخائر. منها: «أخبار الدول وتذكار الأُوَل»، و«النجم الثاقب في أشرف المناقب»، وهو في مناقب الرسول محمد وفضائله، حاكى فيه القاضي عياضاً (ت544هـ) في كتابه «الشفا بتعريف حقوق المصطفى»، و«تحيّة المسلم من شعر ابن المعلم»، وهو منتخب ابن حبيب من ديوان الشيخ نجم الدين محمد بن علي المعروف بابن المعلم، و«التوشيح في شرح الحاوي» للإمام القزويني الشافعي، و«درّة الأسلاك في دولة الأتراك»، ويشتمل على تاريخ دولة الأتراك من سنة 648هـ إلى سنة 777هـ، وفيه ذَيْلٌ عليه إلى سنة 802هـ، وَضَعَه نَجْلُه طاهر، وديوان شعره الموسوم بـ «الشذور»، و«الكوكب الوقّاد من كتاب الاعتقاد» للإمام الحافظ أحمد بن الحسن البيهقي.
    على أن شهرة ابن حبيب قامت على كتاب «تذكرة النَّبيه في أيّام المنصور وبنيه» عالج فيه أحداث الحقبة الممتدّة من سنة 678هـ إلى سنة 770هـ وتراجمها. وهي حقبةٌ حافلةٌ بالأحداث الجِسَام، عُني المؤلِّف بتسجيل وقائعها واستقصاء أخبارها حتى غدا كتابه مصدراً مهمّاً من مصادر تاريخ المماليك في عهد المنصور وبنيه. وأبدى المؤلِّف عنايةً فائقةً بذكْر تراجم مشاهير الحقبة التي يؤرِّخ لها وامتازت تراجمه بالإحاطة والتنوّع. وعنه نقل ابن حَجَر في «الدرر الكامنة»، وابن َتغري بِردِي في «المنهل الصافي». واعتدّ بعضُهم كتابَ ابن حجر «إنباء الغمر بأنباء العمر» ذيلاً لـ «تذكرة النبيه».
    عرض ابن حبيب مادّته في هذا الكتاب بطريقة «الحوليّات» التي كانت سائدة في عصره، فيذكر السنة، ثم يشرح أهمّ أحداثها وما تغيّر في مناصب الدولة الكبرى كالإمارة والوزارة والقضاء، ثم يختم كل سنة بذكر تراجم لأعيان مَنْ ماتوا فيها. وابتعد في هذا الكتاب عن السَّجْع الذي استبدَّ بمؤلفاته الأخرى. وثمّة تشابه كبير بين المادة العلمية المبسوطة في هذا الكتاب وكتابه «درّة الأسلاك» مِمّا جعل بعض الباحثين يظنّ أن «تذكرة النبيه» هو الأصل المسوّد الذي أقام عليه «دُرّة الأسلاك».
    ومن كتبه الذائعة الصِّيت أيضاً «نسيم الصَّبا»، وهو كتاب حافل بأدب كثير ونفائس غالية. أَدَارَه صاحبُه على ثلاثين فصلاً في موضوعات مختلفة يمكن إدراجها في باب الوصف كالشمس والقمر والليل والنهار والسحاب والمطر والليل والنهار والرياض، وملأ فُصُولَه بالشواهد الشعرية له ولغيره من أرباب الشعر وصيارفة البيان. فجاءَ كتاب لغة وأدب وشعر ونقد.
    وأسلوبه فيه مرصّع بالبديع على ما هو دَأْبُ أهل عصره. وقد حظي هذا السفر اللطيف بشهرة في عصر مؤلِّفه وبعدَه، وقَرَّظَه نفر من الأدباء منهم شمس الدين بن جابر (ت780هـ)، قال: «فُصُولٌ هي للحُسْنِ أُصُولٌ، وشَمولٌ لها على كلِّ القلوبِ شُمولٌ».
    محمد عبد الله قاسم
يعمل...
X