عبء السكن أكبر هاجس يؤرق الأمهات الناجيات من الكارثة الطبيعية 

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عبء السكن أكبر هاجس يؤرق الأمهات الناجيات من الكارثة الطبيعية 

    معاناة مضاعفة للنساء المنكوبات بعد زلزال تركيا


    اضطرار للعيش في أماكن مكتظة مع إمكانية وصول محدودة إلى الحمامات والمراحيض.

    الأربعاء 2023/03/08
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    الزلزال يعني فقدان الملجأ

    فاقم الزلزال الذي ضرب تركيا في السادس من فبراير الماضي من معاناة النساء اللواتي أصبحن بلا مأوى فاضطررن إلى العيش في أماكن مكتظة، مع إمكانية وصول محدودة إلى الحمامات والمراحيض. ويحتاج هؤلاء النسوة إلى ملابس داخلية نسائية ومنتجات نظافة شخصية وفوط الدورة الشهرية، واختبارات الحمل، وهو ما سيجدنه في عيادة صغيرة للنساء، وهي عبارة عن حاوية أقيمت في حديقة في أنطاكية بجنوب تركيا ستسهل عليهن مهمة البحث عن تلك المستلزمات.

    أنطاكية (تركيا) - تجد المريضات على رف الدكتورة ميلتم غونبيجي كل شيء مما لا يجرؤن على طلبه في الخارج، في عيادة صغيرة للنساء، وهي عبارة عن حاوية أقيمت في حديقة في أنطاكية بجنوب تركيا. ملابس داخلية نسائية، منتجات نظافة شخصية، فوط الدورة الشهرية، علاجات من الالتهابات الموضعية، اختبارات الحمل.. رعاية لا تتطلب زيارة المستشفى والقليل من الاهتمام.

    الحزن والتوتر وانعدام مستلزمات النظافة الشخصية والاكتظاظ في الخيم والمنازل المؤقتة، كلها عوامل تساهم في إثقال كاهل الحياة اليومية للمرأة في المناطق المتضررة من زلزال السادس من فبراير، الذي أوقع أكثر من 46 ألف قتيل في جنوب وجنوب شرق البلاد، إضافة إلى ستة آلاف في سوريا.

    أنشأت نقابة الأطباء الأتراك “العيادة” التي تستقبل فيها الدكتورة غونبيجي النساء، وهي حاوية برتقالية اللون عليها لافتة من الورق المقوى في متنزه بين قسمين من المدينة المدمرة: أنطاكية القديمة التي تحولت إلى ركام من جهة، وصفوف من المباني الحديثة على الجهة الأخرى ما زالت صامدة لكن مهددة، بالقرب من نهر العاصي.

    هي طبيبة شرعية تبلغ من العمر 33 عاما تستقبل النساء اللواتي خسرن كل شيء: المنزل والذكريات والممتلكات الشخصية ويجدن أنفسهن مضطرات إلى العيش في أماكن مكتظة، مع إمكانية وصول محدودة إلى الحمامات والمراحيض. أحد الرفوف لدى الطبيبة مغطى أكثر من الرفوف الأخرى كونه رف الواقي الذكري. تقول الدكتورة ميلتم غونبيجي مشيرة إلى العلب السوداء المختومة "يتردد الرجال في استخدامها".

    وتضيف “لهذا السبب تأتي النساء إلينا لكي يطلبن سرا وسائل منع الحمل”. لكن على الرغم من تضامن صيادلة البلاد، فإن "أكثر ما ينقصنا هو حبوب منع الحمل” وهو نقص مزمن في تركيا. وتوضح "خلال ثلاثة أيام، رأيت ثلاث نساء حوامل في حالة صدمة. حين سألتهن ما إذا كن يشعرن بحركة الجنين، أدركن أنهن لم يفكرن بالأمر. لقد واجهن الموت والدمار، ونسين الجنين". وتتابع “بعد شهر، بالكاد يتذكرن حالتهن".

    ◙ وقع الصدمة الذي يعقب الزلزال يعزز إحساسا قويا لدى النساء بانعدام الأمان يشعرن معه بالمسؤولية عن وضع العائلة ككل

    تقول سيلفر بويوكيلس (28 عاما) وهي متطوعة من جمعية “مور دايانيسما” النسوية وللمثليين والمتحولين جنسيا، إن الوضع صعب على الجميع لكن النساء يواجهن صعوبات كبرى منذ البداية ويتحملن عبء الحياة اليومية الكامل على كاهلهن. وتضيف هذه الشابة وهي أيضا ناجية من الزلزال بعد ساعات من الجهود لإخراجها من تحت الأنقاض، أنهن ينتظرن بصبر من الصباح عمليات توزيع الطعام ويقمن بالطهي ورعاية الأطفال والمسنين مع غسل الأطباق والملابس.

    وأضافت أن وضع الصدمة الذي أعقب الزلزال يعزز شعورا قويا بانعدام الأمان، مشيرة إلى أن “النساء يشعرن بالمسؤولية عن وضع العائلة ويتخوفن من زلزال جديد مع حصول كل هزة (أكثر من 13 ألف هزة خلال شهر)، والجو العام والحياة في الخيم وانعدام الخصوصية يفقدهن الشعور بالأمان". لكن في هذه المرحلة لم تشر الناشطات والأطباء الذين تحدثوا لوكالة فرانس برس إلى ارتفاع حالات العنف المنزلي، رغم سجل تركيا السيء في هذا المجال.

    ويحذر فيدان أتاسليم، الأمين العام لمنصة “سنوقف قتل النساء” التي تدعو إلى إنشاء آليات وقائية في المناطق المتضررة، من أنها مسألة وقت. في العام 2022، قتلت 327 امرأة على الأقل و39 طفلا وأصيب 793 بجروح، بحسب مجلة “نساء” التي تجمع الأرقام. وفي متنزه الصداقة، ليس بعيدا عن عيادة النساء، أنشأ حزب العمال مكتبا دائما بعد يومين على الزلزال، ووضع ملصقات باللغتين التركية والعربية للعديد من اللاجئين السوريين، كتب عليها "هنا، منطقة آمنة للنساء والمثليين والمتحولين جنسيا".

    تم نصب نحو ثلاثين خيمة تحت إشراف متطوعين يضمنون سلامتهن أيضا عند ذهابهن إلى الحمامات أو المراحيض. وقالت الناشطة أصليهان كيليس، البالغة من العمر 23 عاما، إن ما بين 150 و200 امرأة لجأن إلى هناك. حزب العمال الذي يحتفل عادة بيوم الثامن من مارس عبر تنظيم مسيرة احتجاجية ضد السلطة الإسلامية المحافظة، قرر هذه المرة تقديم هدايا للنساء في الخيم.


    ◙ عدم مراعاة الجهات التي تقدم المساعدات لاحتياجات النساء


    وتواجه النساء خلال الكوارث مشاكل مختلفة عن تلك التي تواجه الرجال. وتشكو الناجيات من الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا، من عدم مراعاة الجهات التي تقدم المساعدات لاحتياجات النساء بعد الكارثة مباشرة، إذ أجبرن على السكن في ملاجئ مكتظة، مما جعلهن يشعرن بالقلق على سلامتهن وسلامة أطفالهن.

    ويعد الافتقار إلى دورات المياه المنفصلة للنساء والمنتجات الصحية ومرافق الغسيل والمرافق الخاصة بصحة الأم، من بين أولى المشاكل التي تواجهها الناجيات في تركيا وسوريا وهن يحاولن تجاوز الكارثة. ويقدر صندوق الأمم المتحدة للسكان، وهو إحدى منظمات المعونة التي تعطي الأولوية لمساعدة النساء، أن هناك أكثر من 214 ألف امرأة حامل من بين 15 مليون شخص متضرر في تركيا، ومن المتوقع أن تلد نحو 24 ألف حامل في غضون شهر.

    وتقول زينب أتيلجان أوزجينك، محللة الاتصالات التي تعمل مع فريق الصندوق في جنوب تركيا، “لقد تعرضن بالفعل لصدمات شديدة، لا نريد أن يشعرن بالقلق حيال احتياجاتهن الأساسية واحتياجات أطفالهن، بينما يواجهن مشاكل رئيسية أخرى مثل السكن والسلامة الشخصية". وأضافت "نقدم للحوامل وللأمهات الجدد صناديق المستلزمات التي تصون لهن كرامتهن وأمومتهن".

    ◙ الحزن والتوتر والقلق والاكتظاظ في الخيم والمنازل المؤقتة، كلها عوامل تساهم في إثقال كاهل المرأة

    وتحتوي صناديق المستلزمات المقدمة لهن على صابون وفرشاة ومعجون الأسنان، وملابس داخلية وفوط صحية وبطانية أطفال وحفاضات وفوط ما بعد الولادة. وفي سوريا تحتاج النساء والفتيات على سبيل المثال إلى فوط نسائية وإلى دورات مياه نظيفة، مثلما تقول هدى خيطي، مديرة المركز النسائي في إدلب. إذ لا تتوفر مرافق صحية نظيفة، حيث تعيش كثيرات الآن في خيام أو سيارات.

    وأدت الحرب والوضع الاقتصادي الصعب في سوريا، إلى اعتماد 90 في المئة من 4 ملايين شخص يعيشون في شمال غرب سوريا، على المساعدات الإنسانية الدولية، وقد أتى الزلزال ليفاقم الوضع أكثر.

    وحتى قبل الزلزال كانت 7.3 مليون امرأة في سوريا بحاجة إلى المساعدة في مجال الصحة الجنسية والإنجاب. ومن المهم جدا أيضا تأمين المساعدة ضد العنف الجنسي. “ومع ازدياد الوضع صعوبة، يزداد العنف المنزلي أيضا ضد النساء والفتيات”، وفق رضوى خالد إبراهيم، الباحثة السياسية في جامعة ماربورغ الألمانية، والتي تعمل لدى منظمة ميديكو الإغاثية كمستشارة للمساعدات الطارئة.

    وتخشى خالد إبراهيم أن يزداد زواج القاصرات أيضا، عندما لا تذهب كل الفتيات إلى المدرسة أو تزداد الأعباء الاقتصادية. “وزواج القاصرات صعب بشكل خاص الآن”، حيث ليست هناك إمكانية لتوعية الفتيات بشأن الصحة الجنسية والإنجاب. “وعلاوة على ذلك، لا يتم تسجيل وتوثيق الزيجات في المخيمات على الحدود السورية – التركية. وبالتالي لا يمكن فعل شيء ضد ذلك من الناحية القانونية”.

    وتقول “الزلزال يعني للكثيرين إعادة الصدمة، وفقدان ملجأ ومكان كان هو الآخر هشا أيضا”، ومن هنا فإن الدعم النفسي والاجتماعي مهم جدا. وغالبا ما يتم إقصاء المرأة خلال الأزمات أو بعدها وتصبح أقل حضورا في الحياة العامة خارج المنزل. وحتى الآن كافحت النساء من أجل أماكن ومساحات خاصة بهن "يجب حمايتها وتوسيعها، ولا يجب التعامل معها كأضرار جانبية للكارثة".




يعمل...
X