المُتَقَهْدِمُ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المُتَقَهْدِمُ..

    المُتَقَهْدِمُ..
    عيسى جابلي 2 نوفمبر 2022
    قص
    لوحة للفنان الإيطالي فرانشيسكو دل كوسا، 1473
    شارك هذا المقال
    حجم الخط



    الثّابت أنّني وُلدتُ بعين واحدة. لمّا بدأت أتعلّم المشي، كنت أخطو أولى خطواتي، ولكنّني لم أكن أرى ما يحدث أمامي، بل كنت أحدّق في مؤخّرتي وكعبيْ قدميّ وهما يتحرّكان خلفي- أمامي!

    قد يبدو لكم ذلك، أيّها السّادة والسّيدات، غريبًا، ولكن اعلموا أنّ ذلك ما حصل بالفعل. أمّا عن كيف؟ ولِمَ؟ ومتى؟ فتلك حكاية لا أعرفها، أو إنّني على الأقلّ لست متأكّدًا منها.

    كانت تلك رواية والدتي الّتي قالت لي يومًا:

    "لقد استدار رأسك دون أن نلحظ ذلك. يبدو أنّ الأمر قد بدأ منذ ولادتك، ولكنّه كان يتحرّك بأقلّ من سرعة الظّلّ الّتي لا تدركها العين، إلى أن صرت كما أنت الآن، تمشي إلى الأمام، غير أنّ رأسك مثبّت إلى الأبد في هيئة من ينظر خلفه".

    وأكّدت لي جدّتي أنّ هذه الظّاهرة قد حصلت في سلالتنا لأوّل مرّة معها. ولكنّ امرأة مسنّة في حيّنا قالت إنّها تعرف الحالة، وإنّ جدّها لأبيها حدّثها عن جدّه أنّه عرف في زمنه من استدار رأسه مثلي وعمّر طويلًا.. فليس الأمر غريبًا ولا حديثًا عندنا إذ بتُّ على يقين من أنّ الأمر يعود إلى قرون خلت.

    ***

    قال لي والدي يومًا:

    - أنا سبب معاناتك.

    كانت على وجهه ملامح حزن، وكانت عيناه بركتيْ ألمٍ.

    - لقد نبّهنا الطّبيب منذ البداية إلى عاهتك. نصحنا بإجهاض الحمل قبل فوات الأوان والتّفكير في حمل جديد أقْومَ، ولكنّ والدتك تشبّثت بك. قالت: "سيولد وسيكبر وسوف أخلّصه من عاهته بإذن الله". بعد أن ظهرت عليك أولى العلامات جبنا الأرض طولًا وعرضًا نعرضك على العرّافين. كانوا ينصحوننا بأدوية رعوانيّة وتمائم وحروز نتبيّن بعدها أنّها لم تغيّر شيئًا. بل إنّ أحد الأخلاط كاد يودي بحياتك. قال الأطبّاء: "أخبرناكم منذ البدء أنّ التّشوّه لا رادّ له، وأنّ كلّ العلامات تدلّ على أن المولود سيستدير رأسه في كلّ الأحوال".

    ***

    في المدرسة، كنتُ أضحوكة التّلاميذ منذ رأوني تحلّقوا بي وراحوا يصرخون ويضحكون. فرّ منّي بعضهم. نهرهم المعلّم. كان حائرا في وصف حركتي وأنا أمشي. هل أنا أتقدّم إلى الأمام بما أنّ جسدي يتنقّل كذلك؟ أم أتقهقر إلى الوراء بما أنّ رأسي ينظر إلى الخلف؟ فكّر طويلًا قبل أن يقول لي: "أنت تَتَقَهْدَمُ!" (1). وقلب طاولتي فوجّهها إلى آخر القاعة، وأجلسني على تلك الهيئة كي أرى السّبّورة وما يحدث في القسم. كان أترابي يرونني كائنًا عجيبًا، وكان بي قلق دائم وحزن مقيم، لأنّني بلا حيلة.

    ناداني المعلّم يومًا قائلًا:

    - لستَ هذا الّذي يقف أمامي الآن.. ابحث عنكَ لمّا تكبر.

    لم أفهم جملته تلك. ظلّت تتردّد في ذهني بعد أن غادرتُ المدرسة نهائيًّا، إلى أن أخبرني بائع الكتب القديمة في حيّنا أنّني كنتُ يومًا شاعرًا عظيمًا!

    ثمّ انغمس في أوراق صفراء يقلّبها ويقرؤها باهتمام كمن يبحث عن أمر خطر. ألححت عليه أن يوضّح لي ذلك فسحب من الرّفوف كتابًا أوراقه مهترئة مكتوبًا بخط اليد، كانت أكثر حروفه وكلماته باهتة تكاد تختفي. قال:

    - اشتريته يومًا من أحد مهرّبي الآثار. أنظر.. إنّه لا يحمل توقيع أحد. ما زالت نصوصه مقروءة رغم البِلَى.

    ثمّ أخذ يقرأ عليّ أشعارًا، فتهت في صحراء أكاد أراها رأي العين. كانت بساطًا أصفر ممتدًّا تلتحم كثبانه بالسّماء في المدى البعيد الّذي لا يُدرَك. كنتُ على فرس غرّاء تطوي بي الكثبان الّتي ماج بها المكان. داهمني عطش. لاح لي ثغر حسناء رأيتها يومًا عند نبع ترتوي وتسقي إبلها. رفعت سيفي في الفضاء أستحثّ الفرس الّتي تغربل حوافرها الرّمال الحرّى. عيناي على ثغرٍ يبتعد كلّما اقتربت منه. تتباطأ حركات الفرس. تتوقّف عند مجرى ماء يشقّ الرّمال، وينساب بين الكثبان خيطًا معدنيًّا لامعًا انبجس فجأة في البيداء الممتدّة كابتسامة. أكرع فيه. أشعر بقطرات الماء تسري في جسدي حبّةً حبّةً. أرفع رأسي، فإذا أمامي نخلة لم أر أطول منها ترميني بالرّطب. وبينما أنا منهمك في الأكل منه أسمع صوتًا يقول:

    - كُنْ مدينةً.. كن مدينة..

    أرفع رأسي، فإذا النّخلة ساكنة لا أحد فوقها ولا أثر لبشر. وفيما كان الفرس يأكل عشبًا على حافّة النّبع، تسلّقتها، غير أنّها أخذت تتمايل، ويزداد ارتجاجها، وأنا أحاول أن أتماسك لأبلغ رأسها بحثًا عن مصدر الصّوت. ولكنّها ارتجّت رجّة عنيفة إذ مددتُ يدي إلى قمّتها، فوجدتُني ملقى على ظهري فوق كثيب، وإذا الصّوت يقول بنبرة أقوى:

    - ارمني بحفنة ماء.

    غرفت حفنة ماء، وسرت نحو جذعها أغالب ألم ظهري. ثمّ رميته بحفنة الماء. فإذا أنا مدينة ممتدّة أطرافها في كلّ صوب، وإذا أنا مزدحم بخلق غفير. عجّت أسواقي بالنّاس، وانتشرت في أنحائي نوادي الغناء، حتّى صرتُ أغانيَ وأناشيدَ على ألسنة القيان، وصرتُ لوحات رسم، وعَلَتْ في أطرافي القصور والحدائق الغنّاء، وكتبني أحد الكتّاب ليلة:

    "مدينة السّحر والفنّ والجمال، مدينتي الّتي امتدّت في كلّ الأصقاع كزيتونة حتّى لم تعد الشّمس تغرب عن شبر منها حتّى تضيء أشبارًا.. يا مدينة العيون والجداول والحدائق والنّخل الباسق والأدب الرّائج والعمران المسطور والعدل المنثور.. أيّتها الخود الحسناء أحببتك"(2).

    ***

    وفي زمنٍ أفقت من غفوة فإذا أنا النّخلة (3)، يأتيني النّاس من كلّ فجّ وصوب تتحلّق بي عيونهم المشعّة بالأمل رغم وجوههم القاحلة من طول السّفر. يطوفون بي أنصاف عراة مردّدين همهماتٍ وترانيمَ حتّى أراهم يرتفعون عن الأرض أرواحًا شفّافة خفيفة كأطياف الأحلام، فأرميهم برُطَبي، وأتمايل لهم فرحا، وأيديهم مبسوطة أمامي، وأعينهم ترنو إليّ حبلى بالرّجاء..

    وذات يوم ذَبلتُ في قلوبهم حتّى صرت ريشة في يد كاتب أعمى يحرّكها يمينًا وشمالًا يغمسها في الحبر، ويمدّها إلى معاونه ثمّ يملي عليه:

    "زعموا أنّه كان في بعض الأزمان رجل لم يكن شيئًا. كان تائهًا بين النّاس مطرودًا من مجالسهم منبوذًا في نواديهم. فمال إلى طرف المدينة فأقام فيه، ووقع على إحدى الإماء فأنجبت له الولد والبنت.

    ثمّ إنّ المنبوذين أخذوا يخرجون إلى طرف المدينة بعيدًا عن الأنظار فيتّخذون منها السّكن والولد، حتّى باتوا خلقًا كثيرًا، فأقاموا النّوادي والمجالس، واتّخذوا المنبوذ زعيمًا، فكوّن منهم جيشًا احتلّ المدينة، وعادت إليه أمورها، واستقرّ حكمها في يده، فأعمل فيها السّيوف، وعمّ الفساد، وكثرت الغوغاء، وراح النّاس شِيَعًا وطوائف يقتل بعضهم بعضًا.. حتّى أفاقوا يومًا على جيش عرمرم يطوّقهم جميعًا من كلّ جانب، ويرميهم بالمنجنيق. أحرق معابدهم وخرّب بيوتهم، وسبى نساءهم، وقتّل رجالهم وأطفالهم، حتّى باتت المدينة هباء منثورًا. وما زالوا في حرب طاحنة لا يدرون من كان على حقّ، وما زال الجيش العرمرم يأكل منهم في كلّ يوم نصيبًا" (4).

    ***

    حلّ بمدينتنا أحد النّسّاك يومًا. كنتُ في ذلك الزّمن أتخبّط في حيرتي الّتي زادها بائع الكتب القديمة غموضًا. كان النّاسك يسوّي لحيته البيضاء الكثيفة. وكنت أرى في عينيه تسهيدًا. لا شكّ في أنّه يفكّر في المخلوق العجيب الجالس أمامه، ولا شكّ في أنّه يقول: "لم أر كائنًا أعجب من هذا".

    سار بي ذات ليلة خارج المدينة. كنت واجمًا. جلسنا عند حافّة الجبل نتأمّل الأحياء الغارقة في الصّمت. قال لي: "لقد قطعتَ رأس الجعد بن درهم (5)، وسلختَ عماد الدين نسيمي (6) حيًّا، وقطّعتَ أطراف ابن المقفّع (7) حيًّا، وجلدت بشّار بن برد (8) حتّى الموت، وواصلت طريقك تنظر إلى الخلف تعبد عمامتك، فكيف تحتار اليوم من هيئتك العجيبة؟".

    صمتَ برهة، ثمّ تابع:

    - لم يبق لك سوى أن تنقرض..

    ثمّ تركني عند سفح الجبل، وغاب. فظللت أفكّر في هيئتي القبيحة، وعلّتي الّتي أعيتني. تذكّرت لمّا مرّ بنا باص سياحي، نزل منه رجال ونساء بعيون ملوّنة يغتسلون بماء العين، ظلّوا يرمقونني بنظراتهم. كنت أرى فيها ألوانًا من الحيرة والعجب. كانوا يلتقطون لي الصّور. وفي يوم دفع لي بيّاع الكتب القديمة جريدة وعيناه تشير إليّ أن أنظر الصّفحة الأولى. نظرتُ فإذا صورتي تتصدّر الجريدة. لم أفهم شيئًا من المكتوب، فخنقته فرحًا طالبًا منه أن يشرح لي ما كتب فوقها بخطّ غليظ. فقرأ: "رجل بعين واحدة يمشي ملتفتًا إلى الوراء.. يا لها من سلالة عجيبة!". سألته عن اسمه فأخبرني أنّه "باسكال مونييه". امتلأت حنقًا. أهكذا ينظرون إليّ؟ لا عجب في هيئتي بعد اللحظة. نظرت إلى بائع الكتب قائلًا والحقد يطحنني:

    - أنتم الملاعين أصحاب الهيئات العجيبة لا أنا. أنا طبيعي جدًا، ولا شيء يثير استغرابكم في هيئتي بعد اليوم أيها الأوغاد.

    ثمّ أحكمت قبضتي على رقبته المترهّلة فبرزت عيناه، واحتقن وجهه، وبرزت عروقه، وخرج لسانه. تحرّك بقوّة كشاة مذبوحة، غير أنّني ثبّتّه بركبتي الّتي دفعتها في صدره. لم أتركه إلاّ وقد همد، وهدأت حركته، وسكت عنه النّفس.

    عدت إلى البيت أفكّر في الرّجل الّذي التقط لي الصّورة ونشرها في جريدته.

    ***

    بعد أيّام أذاعت إحدى الشّاشات أنّ "باسكال" وجد مقطوع الرّأس في إحدى التّلال القريبة، وعينه اليمنى مفقوءة. وظهرت على الشّاشات جثث مشابهة بوجوه أعرفها جيدًا، هي جثث كثير من أترابي القدامى. ظهرت أيضًا جثة والدي ووالدتي وجثة العمدة وأفراد أسرته وجثّة أحد معلّميّ سابقًا ومدير المدرسة وبعض الفلاّحين والفلاّحات وأحد الإسكافيّين. كانت جميعها بعين واحدة تنظر إلى السّماء فيما الجثث متّجهة نحو الأرض.. الحق أقول: لقد كنت منتشيًا انتشاء كبيرًا. كان على النّاس أن يفهموا بوضوح أنّني الطّبيعي وهم العجيبون الغرباء لا أنا.

    كنت قد عدت أبحث عن كلّ أترابي القدامى الّذين ضحكوا منّي سابقًا. رحت أتنقّل ليلًا بين بيوتهم أحمل سكّيني، فأقطع رؤوسهم. لم تكن غايتي قتلهم انتقامًا ولكنّني كنت أقوّم اتّجاه رؤوسهم مثلي. لا أعرف كم رأسًا قوّمتُ، ولكن كان النّاس يستفيقون في كلّ يوم على أصوات عويل وبكاء، وكانت شاشات التلفزيون تنقل في كلّ يوم عشرات الرّؤوس المقطوعة المتّجهة إلى السّماء بعيون واحدة. وكان البلد كلّه يتحدّث بريبة عن قاتل غريب ينتقم من النّاس انتقامًا عجيبًا. والدي أيضًا أبدى تذمّره من هذا القاتل اللعين. وقالت والدتي إن أمره عجيب. من الغد كانت جثتاهما في نشرات الأخبار، وكانت الشّرطة تبحث عن القاتل العجيب.

    أما "باسكال" اللعين فكنت قد شربت من دمه، وفقأت عينه. وألقيت جثّته على بطنه، فيما وجّهتُ رأسه نحو السّماء. ذقت طعم الدّماء لأوّل مرّة. طعم الملح كان أخّاذًا. وهؤلاء لم يفهموا أنّني الطّبيعيّ فيما رؤوسهم القبيحة عجيبة.

    تربّت داخلي رغبة جامحة في القتل تكبر يومًا بعد يومًا. حلمت أكثر من مرّة بأنّني أسبح في الدّماء الحارّة الدّافئة، وصرت أكثر نهمًا لقطع الرّؤوس، فكّرت في طريقة أنجع لحصد الرّؤوس، أقصد: لتقويم الرّؤوس.. ولم يكن أمامي سوى البحث عن رشّاش دقيق. كان أسهل ما يمكن الحصول عليه في هذا العالم سلاح دقيق ورصاص. لذلك وجدتني بعد أيّام من سطح إلى سطح أصطاد العيون برشّاش حصلت عليه في ليلة واحدة دون أن أغادر حيّنا مرّره إليّ رجل شرطة مقابل صمته عمّا اقترفت من تقتيل. ومن الغد كان أوّل من اصطدتُ لأنّني لاحظت وهو يسلّمني الرّشّاش أنّه يرمقني بنظرة من يستغرب هيئتي. استهوتني لعبة قنص العيون. فصرت أصعد إلى الجبل كلّ فجر بعد ليلة من القنص أحصي عدد العيون الّتي فقأتُ.. عشر.. عشرون.. ثلاثون.. والشّرطة تبحث عن قاتل عجيب لا أحد يعرفه. واحذروا أن تسألوا كيف كنت أقنص والحال أن رأسي إلى الخلف ويداي إلى الأمام، واحذروا أن تقولوا: "هذا غريب!".. فلا غرباء إلاّكم.

    فجّرت محطّة تلفزيونيّة بأسرها بعد أن أذاعت خبر "رجل غريب الهيئة يقتات على الرّؤوس والعيون". لم ينج أحد تقريبًا. ابنتي أيضًا فرمتها ذات مرّة وأمّها. سمعتهما تتحدّثان عن حلّ "لهيئتي الغريبة".

    ما زلت أَتَقَهْدَمُ، بلغة هذه القصّة، وحاسوبي يسّطر لي العبارة مجدّدًا ليخبرني أنّه لا يعرفها، فألعنه وأضيف الفعل الجديد إلى قاموسه، وأمضي.. سررت أنّ نفرًا من حيّنا صاروا يهابونني، وأخذوا يتبعونني من مكان إلى مكان يسألونني عن سرّ هيئتي بعد أن أيقنوا أنّني الصّواب وما سواي خطأ.. فقرّروا في ظرف وجيز أن ينضمّوا إليّ، فأداروا رؤوسهم إلى الخلف وتحوّلوا إلى متقهدمين مثلي، وكانت لهم رشّاشاتهم الّتي صاروا يصطادون بها الرّافضين حقيقةَ أنّنا نحن الأصل القويم وأنّ باقي النّاس مطالبون بالتّقهدم مثلنا. كانت أخبار حصد الرّؤوس تزيدنا في كلّ يوم يقينا بأنّنا كنّا على حقّ..

    ***

    لا أعرف كم من الزّمن مرّ على كلّ ذلك، ولكنّ أحد الأطفال وقف أمس أمامي، وأنا محنّط في مكان يبدو أنّه متحف فخم. كنتُ بجانب مجموعة من المُتقهدمين. كان صحبة والده، وكانا يقرآن اللوحة التعريفية للزاوية الّتي أقف فيها: "متحف الكائنات الغريبة.. انقرضت سلالة المتقهدمين منذ ثلاثة قرون خلت، ولكنّها خلّفت ملايين الضّحايا من البشر. تمّ الحصول على هذه الكائنات من مواقع أثريّة عديدة عبر العالم"..

    *****

    (1) وأنا أرقن العبارة الآن على الحاسوب سطّرها بالأحمر لأنّه لا يعرفها، والحال أنّها ظاهرة معهودة عندنا، ولا ينقصنا سوى أن ننحت لها المصطلح المناسب من الفعلين "يتقهقر" و"يتقدّم". اكتفيتُ فقط بأن ضغطت بالفأرة على الكلمة المسطّرة بالزرّ الأيمن، واخترت "أضفها إلى المعجم" كي لا يسطّرها مجدّدًا، وإن فعل فسأكسره لأسباب يطول شرحها، ولكنكم قد تجدون لها تفسيرًا في باقي الحكاية. (الرّاوي)

    (2) بحثت في كلّ المكتبات عن هذا الكتاب، ولكنّني لم أعثر عليه، وسألت كلّ الكتّاب والكاتبات من أصدقائي عنه، ونشرت هذا المقطع على مواقع الإنترنت سائلًا عمّن يعرفه، ولكن لا أحد عرف عنوانه ولا محتواه. (الكاتب)

    (3) هل كانت نخلة حقّا؟ لست متأكّدًا. ما أعرفه أنّها صارت مزارًا أبديًا إلى أيّامنا يأتيها المريدون من كلّ أصقاع الأرض إلى أيّامنا. (الرّاوي)

    (4) لم نجد لهذا الكتاب أصلًا رغم محاولاتنا المتكرّرة، ولكنّه قد يكون من الكتب الّتي أُغرقها هولاكو في نهر دجلة. (الكاتب)

    (5) ذكر ابن كثير أن الجعد بن درهم هو أوّل من قال بخلق القرآن، وقال في البداية والنّهاية: "إن خالد بن عبد الله القسرى قتل الجعد يوم عيد الأضحى بالكوفة، وذلك أن خالدًا خطب الناس فقال في خطبته تلك: أيها النّاس! ضحّوا يقبل الله ضحاياكم، فإني مُضَحٍّ بالجعد بن درهم، إنه زعم أنّ الله لم يتّخذ إبراهيم خليلًا، ولم يكلّم موسى تكليمًا، تعالى الله عمّا يقول الجعد علوًا كبيرًا. ثم نزل فذبحه في أصل المنبر".

    (6) ولد عماد الدين نسيمي عام 1370 تقريبًا، وهو شاعر صوفي أذربيجاني اعتنق المذهب "الحروفي" على يد فضل الله نعيمي الاسترآبادي في مدينة باكو -عاصمة أذربيجان الحالية- وأصبح واحدًا من دعاتها. تسببت آراء الاسترآبادي في إغضاب ميران شاه بن تيمورلنك سلطان الدولة التيمورية في فارس، والذي أمر بحبسه في زنزانة ثم قطع رأسه وحرق جثته أمام النّاس. ولم يكن مصير التّلميذ أقلّ غرابة من مصير أستاذه إذ جاء في كتاب "حيونة الإنسان" للكاتب السوري ممدوح عدوان: "كانت براعة الجلاّد عالية تمامًا بحيث إن نسيمي لم يمت أثناء تنفيذ عملية السلخ، ولذلك أُطلق "حيًا" وهو يحمل جلده على كتفه، وظل يسير وينزف". اقتيد نسيمي في عام 1417، إلى مسلخه الذي احتشد حوله الآلاف من محبّيه الذين تقاطروا من كل مكان. بدأ نسيمي يردّد بعضًا من أشعاره، وعندما بدأ سلخ جلده، قال له القاضي باستهزاء: "إذا كنت الحقَّ كما تدّعي فلماذا بدأ وجهك بالشحوب؟" فرد عليه نسيمي قائلًا: "الشمس تشحب دائمًا عند المغيب؛ لتشرق من جديد". (الكاتب)

    (7) جاء في سير أعلام النّبلاء للذّهبي: "غضب المنصور منه، لأنه كتب في توثق عبد الله بن علي من المنصور يقول: ومتى غدر بعمه، فنساؤه طوالق، وعبيده أحرار، ودوابه حبس، والناس في حل من بيعته". فكتب إلى عامله سفيان المهلبي يأمره بقتل ابن المقفع. وكان ابن المقفع مع سعة فضله، وفرط ذكائه فيه طيش. فكان يقول عن سفيان المهلبي: "ابن المغتلمة". فأمر له بتنّور، فسجر، ثمّ قطع أربعته، ورماها في التنور وهو ينظر. وعاش ستًا وثلاثين سنة. وأهلك في سنة خمس وأربعين ومائة وقيل بعد الأربعين. (الكاتب)

    (8) شاعر قال عنه أبو تمّام "هو أشعر النّاس". وجاء في سير أعلام النّبلاء للذّهبي: "اتهم بالزندقة، فضربه المهدي سبعين سوطًا ليقر، فمات منها" عن تسعين عامًا من العمر. (الكاتب)


يعمل...
X