ثقوب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ثقوب

    ثقوب
    ندى قطان 18 سبتمبر 2022
    قص
    (عصام المأمون)
    شارك هذا المقال
    حجم الخط



    لماذا لا أفكر بـ "هو"، وهو شيء هام بالنسبة لي؟! أستطيع فقط أن أحدق بثقب باب بيتي الجديد الذي يشبه فمًا.. "هو" يشبه موجة متوسطة؛ مبتدأٌ لكل العواطف التي تدخل في اللحظات النادرة من النافذة الواحدة لبيتي.. آنذاك أفكر جديًا بالخروج إلى السطح، حيث مستودعات المياه الحمراء البلاستيكية بأحجامها المختلفة، وأقراص التقاط البث التلفزيوني، والحديد الصدئ، وأكوام البلاستيك والكرتون التي يخلّفها أحد الجيران باستمرار حتى تصبح غابة رمادية لا يمكن قهرها...
    غرفتي في الطابق الأخير الموسوم بالاتزان (لأنه لم يهتز مطلقًا بسبب قذيفة، ولم تثقب سطحه الخارجي أية رصاصة) هي ثقب أكبر.. أملأه بثقوب أدنى وأصغر. التلفاز صندوق فارغ؛ الغسالة والبراد ثقبان ميتان لا يصدران صوتًا؛ الكراسي ثقوب يمكنك الجلوس عليها؛ والطاولات ثقوب مسطحة! أحذيتي ثقوب متطاولة كقدمي؛ أرصها في ثقوب خزانة خشبية قرب الباب كأنها أزواج من الحمام الأبيض والأسود والذي سينقلني في الغد إلى مكان عملي.
    أخفي عن الآخرين أمر انتقالي في الأعمال (هذه هي الوظيفة السابعة هذا العام بعد انتقالي من القامشلي إلى الشام). لست متأكدة من دوام مكاني في العمل ها هنا أيضًا. متجر الثياب الذي أعمل فيه الآن مليء بالبضائع الملونة كأنه نرد بوجوه.. أرتدي ابتسامتي طوال عشر ساعات أقضيها مع الزبائن. الزبونات يقبضن على ابتسامتهن ويؤجلنها إلى حين المساومة على السعر.. أما أنا فعلي أن أتجنب التحديق في الدمى الصغيرة المختلفة الموثقة بسلاسل إلى مفاتيح تحمل دمغات مختلفة وتلمع.......
    إثر نزوح أخي إلى إدلب، كان عليّ أن أجد بيتًا لي في الشام. بيتي الأول تجرّد من محتوياته ليلًا. نُزعت أرضيات الغرف والحمام، وحتى مقابض الأبواب والصنابير ـ ما عدا الباب الرئيسي وقفله الأصفر الذي ظل وحده معلقًا بلا معنى؛ ولم أستطع يومًا تفسير بقائه..
    قال لي صاحب المتجر البارحة إنه يرى "ثقبًا أصفر" في فمي حين أبتسم للزبونات اللاتي كن يتثاقلن في مشيتهن لدى دخولهن المتجر.. لا يمكن أن يكون ذلك مدحًا، أو مجاملة.. لا يمكن أن يكون ذلك جيدًا بأية حال!
يعمل...
X