قراءة. المعمار المقدس. في أعمدة وسقف معبد دندرة.- إعداد: إيهاب علي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قراءة. المعمار المقدس. في أعمدة وسقف معبد دندرة.- إعداد: إيهاب علي

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Screenshot_٢٠٢٥٠٥٠١-٢٢١٤٠٩_Facebook.jpg 
مشاهدات:	5 
الحجم:	154.4 كيلوبايت 
الهوية:	261692
    المعمار المقدس.... قراءة في أعمدة وسقف معبد دندرة...

    حين يرفع الزائر بصره داخل معبد دندرة، يجد نفسه أمام مشهد معماري مهيب تختلط فيه ملامح التاريخ بجلال القداسة، وتتجاور فيه معارف الإنسان بالعقيدة والفن. تظهر الأعمدة الضخمة والتيجان المحفورة بدقة مفرطة، لتؤكد أن العمارة هنا لم تكن مجرد عمل إنشائي، بل كانت نصًا حيًا من الحجر يترجم رؤى الإنسان المصري القديم للكون وللحياة.

    في صلب هذا المشهد، تقف أعمدة شاهقة تتوجها تيجان تصور وجه الإلهة حتحور، رمز الموسيقى والحب وسيدة الفرح عند المصريين القدماء. هذه الأعمدة لم تحمل السقف فحسب، بل حملت معها رمزية الاعتقاد والارتباط بالسماء. وجوه حتحور المنقوشة تتجه نحو الجهات الأربع، في إشارة واضحة إلى شمولية الرعاية الإلهية للكون بأكمله، وكأن نظراتها الثابتة تسجل لحظة توازن كوني أراد المصري القديم تخليدها.

    أما السقوف في معبد دندرة، فلم تكن مجرد إغلاق معماري للمكان، بل جاءت بمثابة سجل سماوي دقيق. زخرفت السقوف باللون الأزرق الموشى بالنجوم الذهبية، بما يمثل تصور المصريين للسماء، ورؤيتهم لحركة الأجرام السماوية. لم يكن الهدف جماليًا فقط، بل كان تعبيرًا علميًا ودينيًا متكاملًا عن العلاقة بين الأرض والسماء، وعن فهمهم العميق لدورة الزمن.

    معبد دندرة اتخذ لنفسه مكانة خاصة بين معابد مصر القديمة، فبينما حملت بعض المعابد الكبرى إشارات فلكية متفرقة، مثل الكرنك وإدفو، جاء دندرة ليقدم الفلك نصًا متكاملًا مرئيًا. هنا نجد النجوم والكواكب والأبراج مصورة بشكل مدروس، كما يتجلى بوضوح في لوحة زودياك دندرة الشهيرة، التي تعبر عن إدراك علمي لحركات الأجرام وعلاقتها بالمواسم والطقوس الدينية.

    النقوش كذلك لا تقدم مشاهد إلهية فحسب، بل تحدد الإيقاع الزمني للطقوس والاحتفالات، استنادًا إلى مواقع فلكية دقيقة، مما يعكس الدمج الفريد بين العقيدة والعلم عند المصري القديم، في نسيج واحد تحكمه الدقة ولا يفارقه الحس الفني.

    من يتأمل تفاصيل هذا العمل يدرك أن المعمار هنا لم يكن مجرد بناء حجري، بل كان بناءً معرفيًا وفلسفيًا مقصودًا. كل نقش، كل خط، كل لون، جاء مدروسًا ليعبر عن أفكار تتعلق بنشأة الكون واستمرار الحياة وتنظيم الزمن.

    ومن خلال الأعمدة التي تحمل وجوه حتحور، ومن خلال سقف يرسم السماء بامتدادها الأزلي، يتحقق الربط بين الإنسان والمطلق، بين الواقع المحسوس والفكرة الكبرى عن الوجود.

    لقد جاء معبد دندرة ليبقى شاهدًا على أن الحضارة المصرية القديمة لم تقتصر على تشييد الأبنية، بل كانت تشيد مع كل بناء جسورًا بين الإنسان وعالمه الأكبر، حيث العلم والفن والإيمان يتوحدون في رسالة واحدة..
    #أعدادوتصويرehabali #EhabAli #دندرة #قنا #حتحور
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Screenshot_٢٠٢٥٠٥٠١-٢٢١٤٢١_Facebook.jpg 
مشاهدات:	6 
الحجم:	137.8 كيلوبايت 
الهوية:	261693
يعمل...