☆☆ مراجعة رواية "دار خولة" للكاتبة الكويتية "بثينة العيسى". بقلم: حسين قاطرجي.
تقدّم رواية "دار خولة" إزدواجية الأم والوطن كعامل هوية بالدرجة الأولى (تواجهنا هذه الثنائية بكثرة في أعمال غسان كنفاني)
وذلك من خلال الأم "خولة" وأبنائها (ناصر ويوسف وحمد) المغترّين بالثقافة الأمريكية والذين يعيشون حياتهم وفق ماتمليه عليهم هذه الثقافة المستوردة.
تشعر الأم "خولة" وهي الإعلامية المحنّكة بأن هذه الثقافة الدخيلة إلى المجتمع الكويتي قد تؤدي إلى تآكل الهوية الأصلية وتفسّخها. فالأبناء يتأثرون بالقيم الغربية التي غالباً ما تتناقض مع العادات والتقاليد المحليّة، مما يخلق فجوةً بينهم وبين الجيل الأكبر. لقد فقد الأبناء بالفعل ارتباطهم بجذورهم وتقاليدهم الأصيلة، وهذا ما بات يؤدي (على نطاقٍ أوسع) إلى تصادم بين الأجيال حول قضايا الهوية والانتماء.
يزيد الطين بلّة أنّ "خولة" هاجمت هذه الثقافة في لقاءاتٍ تلفزيونيةٍ وأنكرتها ودعت مجتمعها إلى صون ماتبقى من ملامح الحضارة والثقافة العربية، لكنها في دعوتها هذه (وهي جريرتها الوحيدة) استخدمت لغةً هجوميةً، وعباراتٍ لاذعةٍ تُدين المجتمع برمّته وتتهمه بالسّخافة واللامبالاة، فانتقم منها المجتمع وصارت "تريند" تلوكها ألسنة الناس بالضحك والاستهزاء، وهذا ما زاد القطيعة بين "خولة" وأبنائها؛ بل صاروا يخجلون من أمومتها لهم!!.
تحبّ "خولة" بيتها، أسرتها، والأجواء الحميمية التي تنبت في الدّيار التي يجتمع فيها الأحبّة دوماً، ولذلك تحضّر لأبنائها صنوف الأطعمة التي يحبّونها، وتتحضّر لمجيئهم الموعود والذي قد لايحصل أبداً.. لم تكن "خولة" إلا سمكةً لا تتأقلم إلا في بيئتها، وخروجها يعني انطفاء نور الحياة من عينيها. وسنجد هذه المقارنة جليّةً في خاتمة الرواية وقد ربطت الكاتبة "بثينة العيسى" مصير "خولة" بمصير السمكة التي نراها أيضاً على غلاف الرواية الجميل..
تبدع "بثينة العيسى" في كل أعمالها (إذا استثنينا عملها الكارثي: قيس وليلى والذئب) وتقدّم جديداً، ليس بالضرورة على مستوى الثيمة؛ بل من خلال معالجتها للموضوع ورسم الشخصيات. في هذه النوفيلا القصيرة "دار خولة" لن يتفاعل القارئ إلا مع بطلة العمل "خولة"، وسيحبّها رغم أنّه سيدينها في بعض المواضع لتصلّبها تجاه بعض الأمور التي تتقبّل التنازل والقبول، وهي إشارة منطقية من الكاتبة بأنّ الجيل الأكبر يعاني أيضاً من جلافةٍ غير محمودةٍ تساهم في توسّع الشرخ بين الجيلين.
• دار خولة
• بثينة العيسى
• دار تكوين، مرايا
• الطبعة الأولى 2024
• 112 صفحة.
تقدّم رواية "دار خولة" إزدواجية الأم والوطن كعامل هوية بالدرجة الأولى (تواجهنا هذه الثنائية بكثرة في أعمال غسان كنفاني)
وذلك من خلال الأم "خولة" وأبنائها (ناصر ويوسف وحمد) المغترّين بالثقافة الأمريكية والذين يعيشون حياتهم وفق ماتمليه عليهم هذه الثقافة المستوردة.
تشعر الأم "خولة" وهي الإعلامية المحنّكة بأن هذه الثقافة الدخيلة إلى المجتمع الكويتي قد تؤدي إلى تآكل الهوية الأصلية وتفسّخها. فالأبناء يتأثرون بالقيم الغربية التي غالباً ما تتناقض مع العادات والتقاليد المحليّة، مما يخلق فجوةً بينهم وبين الجيل الأكبر. لقد فقد الأبناء بالفعل ارتباطهم بجذورهم وتقاليدهم الأصيلة، وهذا ما بات يؤدي (على نطاقٍ أوسع) إلى تصادم بين الأجيال حول قضايا الهوية والانتماء.
يزيد الطين بلّة أنّ "خولة" هاجمت هذه الثقافة في لقاءاتٍ تلفزيونيةٍ وأنكرتها ودعت مجتمعها إلى صون ماتبقى من ملامح الحضارة والثقافة العربية، لكنها في دعوتها هذه (وهي جريرتها الوحيدة) استخدمت لغةً هجوميةً، وعباراتٍ لاذعةٍ تُدين المجتمع برمّته وتتهمه بالسّخافة واللامبالاة، فانتقم منها المجتمع وصارت "تريند" تلوكها ألسنة الناس بالضحك والاستهزاء، وهذا ما زاد القطيعة بين "خولة" وأبنائها؛ بل صاروا يخجلون من أمومتها لهم!!.
تحبّ "خولة" بيتها، أسرتها، والأجواء الحميمية التي تنبت في الدّيار التي يجتمع فيها الأحبّة دوماً، ولذلك تحضّر لأبنائها صنوف الأطعمة التي يحبّونها، وتتحضّر لمجيئهم الموعود والذي قد لايحصل أبداً.. لم تكن "خولة" إلا سمكةً لا تتأقلم إلا في بيئتها، وخروجها يعني انطفاء نور الحياة من عينيها. وسنجد هذه المقارنة جليّةً في خاتمة الرواية وقد ربطت الكاتبة "بثينة العيسى" مصير "خولة" بمصير السمكة التي نراها أيضاً على غلاف الرواية الجميل..
تبدع "بثينة العيسى" في كل أعمالها (إذا استثنينا عملها الكارثي: قيس وليلى والذئب) وتقدّم جديداً، ليس بالضرورة على مستوى الثيمة؛ بل من خلال معالجتها للموضوع ورسم الشخصيات. في هذه النوفيلا القصيرة "دار خولة" لن يتفاعل القارئ إلا مع بطلة العمل "خولة"، وسيحبّها رغم أنّه سيدينها في بعض المواضع لتصلّبها تجاه بعض الأمور التي تتقبّل التنازل والقبول، وهي إشارة منطقية من الكاتبة بأنّ الجيل الأكبر يعاني أيضاً من جلافةٍ غير محمودةٍ تساهم في توسّع الشرخ بين الجيلين.
• دار خولة
• بثينة العيسى
• دار تكوين، مرايا
• الطبعة الأولى 2024
• 112 صفحة.