يوسف القعيد..يكتب عن مسلسل درامى عن حياة نجيب محفوظ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يوسف القعيد..يكتب عن مسلسل درامى عن حياة نجيب محفوظ

    مسلسل درامى عن حياة نجيب محفوظ

    الأثنين 1 من شوال 1446 هــ 31 مارس 2025م

    يوسف القعيد

    الآن وبعد أن انتهينا من مشاهدة ما تم إعداده لنا من أعمال درامية، كانت معروضة علينا فى كل تليفزيوناتنا خلال شهر رمضان الفضيل. وهى عادة مصرية بدأت قبل التليفزيون وفى زمن الراديو. حيث كانت ليالى ألف ليلة وليلة تُصاحبنا كل ليلة عندما نسمع صوت الفنانة زوزو نبيل وهى تحكى لنا حكاياتها بادئة من العبارة الشهيرة: بَلَغنى أيها الملك السعيد ذو الرأى الرشيد.


    ها نحن وقد انتهى رمضان بالدراما التليفزيونية والإذاعية التى قُدِّمت فيه. علينا أن نُفكِّر من الآن فى رمضان القادم حتى لا نُفاجأ بالشهر الفضيل ونضطر إلى اللجوء لأعمالٍ جديدة. لكن التفكير من الآن مسألة مهمة. وها أنذا أحاول التطوع بعملٍ لا ناقة لى فيه ولا جمل. لكنه عملٌ فى حال تنفيذه سيكون من الأعمال التى تبقى للأبد. إنها ثلاثية: بين القصرين، قصر الشوق، السكرية لمؤسس الرواية العربية الوحيد نجيب محفوظ «11 ديسمبر 1911 – 30 أغسطس 2006». أى أنه فى العام القادم سيُكمِل 20 عاماً على رحيله عن الدنيا.

    وأنا أعرف أن الثلاثية تحولت إلى ثلاثة أفلام سينمائية أخرجها حسن الإمام. وكان ذلك فى حياة نجيب محفوظ. وقد تم تدبير عملية عرض لبعض المشاهد، حيث شاهدها نجيب محفوظ بمفرده دون حضورنا. وإن كنا جميعاً قد شاهدناها عندما عرضها التليفزيون المصرى فى حياة نجيب محفوظ، وتم عرضها تباعاً فى كثير من تليفزيونات الوطن العربى الشقيق، وربما العالم كله.

    ورغم المشاكل التى كانت قائمة بين المرحوم حسن الإمام وبعض النُقَّاد، إلا أن العمل أثبت كيانه بشكلٍ غير عادى كأفلامٍ سينمائية عُرِضت أولاً فى دور السينما، ثم فى بعض التليفزيونات، وربما مازالت تُعرض حتى الآن.

    وكل من عَرِفوا نجيب محفوظ عن قُرب مثل حالتى يعرفون حبه غير العادى للسينما. فقد كان يذهب إلى سينمات وسط البلد عندما كان موظفاً فى وزارة الأوقاف ليُشاهد الأفلام الجديدة. ويحرص على ذلك حرصاً غير عادي. بل إننى أعترف أنه فى حياته كان من أقرب الناس إليه من غير الأدباء مخرجان هما: توفيق صالح، وصلاح أبو سيف.

    وقد ذهبت معه إلى منزل المرحوم توفيق صالح الكائن بالقُرب من ميدان الجيزة مرة أو مرتين. لأننى لم أكُن من حرافيش نجيب محفوظ. وهى الجماعة التى تشكَّلت قُبيل مُنتصف القرن الماضى، وربما أبعد عن ذلك كثيراً. وعرفنا منهم العديدين. وكانوا يلتقون فى منزل أحدهم لكى يقضوا الليل ساهرين بين الحكايات، وكان نجيب محفوظ كما عرفت وقتها أقلهم حِرصاً على الكلام، ويحاول الاستماع رغم المشاكل التى أصابت أذنيه بعد ذلك وبعد أن تقدم به العُمر.

    ومازلت أذكر أننى شاهدت تصوير بعض مشاهد السُكريَّة بعد استئذان المخرج والأبطال، وكان أكثرهم ترحيباً الفنان نور الشريف الذى جسَّد دور نجيب محفوظ فى العمل كله. طبعاً لم يُقدِّم طفولته ولا صِباه. لكنه قدَّم نُضجه الإنسانى والفنى والأدبى بطريقة جميلة وبديعة.

    ومازلت أذكر اليوم الذى جاءنا نور الشريف ليلتقى بنجيب محفوظ. كنا نلتقى يوم الثلاثاء من كل أسبوع فى مركب فرح بوت التى كان يمتلكها فى ذلك الوقت رجل الأعمال الدكتور إبراهيم كامل. وقد تحدَّث معه زميلنا المهندس عماد العبودى الذى كان يعمل مع إبراهيم كامل. فكنا نذهب إلى هناك فى موعدٍ ثابت كل أسبوع.

    ذهبت مع صديق العُمر وتوأم الروح جمال الغيطاني. وكان يحضر معنا الروائى نعيم صبرى الذى أصدر رواية جديدة من دار الشروق مؤخراً، هى رواية: إبحارٌ بلا نهاية. أرسلها ليَّ الصديق المهندس إبراهيم المعلم صاحب دار الشروق ضمن مجموعة من أعمالٍ صدرت عنده مؤخراً.

    ونعيم صبرى روائى وشاعر مصرى بدأ شاعراً وأصدر ديوانين من الشعر واتجه لكتابة المسرح، وأصدر 16 رواية منها: شبرا، المُهرِّج، وتظل تحلُم إيزيس، دوَّامات الحنين، صافينى مرة. وهو روائى جميل أُحِبُ إبداعاته كثيراً، وأُحييه على هذا الإصرار على الكتابة والاستمرار فيها رغم تقدُم العمر وكافة المعوقات التى يُمكن أن تجعل الإنسان لا يواصل الكتابة.

    أعود إلى صُلب موضوعى، وأتمنى أن يقوم به تليفزيون الدولة المصرية الرسمى الكائن فى ماسبيرو، والذى عُيِّنَت له قيادات مؤخراً تُحاول النهوض به واستعادة دوره الريادى مصرياً وعربياً وربما على مستوى العالم كله. فقد كان صوتاً لمصر فى الدنيا كلها.

    والثُلاثية التى اعتبرها كثيرون فى حياة نجيب محفوظ وعلى مسمعٍ منه قمة ما وصل إليه إبداعه الروائي. بل إن بطلها كمال عبدالجواد كان المرحوم جمال الغيطانى يوقِّع بعض كتاباته بمُسماه، وكان نجيب محفوظ سعيدا بذلك بلا حدود. وقد ذهبنا مع نجيب محفوظ إلى حى سيدنا الحسين، وجلسنا على مقهى الفيشاوى، وتجوَّلنا هُناك كثيراً جداً. وكان الرجل يستعيد شبابه وحيويته عندما نصل إلى المكان. وأكد لنا جميعاً أن روح المكان مسألة مهمة فى حياة الإنسان، لا يستطيع أن يتجاهلها، ولا يقدر أن ينساها.

    إن تحويل ثلاثية بين القصرين، قصر الشوق، السكرية إلى ثلاثة أعمال كُبرى درامية تليفزيونية قد يجعل تليفزيونات الأشقاء العرب يتسابقون لعرضها. ليس لأن نجيب محفوظ هو صاحب نوبل الوحيد بيننا نحن العرب، ولكن لأن رواياته تجمع كل مقومات العمل الفنى الجميل. خاصة أنه فى بداياته الأولى، وقبل أن تعرفه الجماهير العريضة الضخمة عَمِلَ فى كتابة السيناريو فى أكثر من عمل فني.

    وكان قريباً ومُحباً للسينما. لدرجة أنه يوم حصوله على جائزة نوبل سنة 1988 كان من أقرب أصدقائه اثنان من مخرجى السينما
يعمل...