تعرفوا على المدن في القرون الوسطى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعرفوا على المدن في القرون الوسطى

    المدن في القرون الوسطى


    المدن بفلاندرز المشتملة على بروجز (إلى اليسار) وغنت ولييج ويبرز، ساعدت التجارة على ازدهارها خلال العصور الوسطى. وقد كان التجار الفلمنكيون يجلبون كميات من الصوف عبر بحر الشمال إلى إنجلترا، وكانوا يمارسون تجارة برية واسعة بكل من فرنسا وألمانيا وبعض الأقطار الأخرى. كانت فلاندرز تسمى في بعض الأحيان سوق أوروبا.
    بدأت القرون الوسطى بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية في سنة 476م واستمرت حتى فتح المسلمون القسطنطينية سنة 857هـ، 1453م. وقد كانت الإمبراطورية الرومانية تحكم إقليمًا كبيرًا يضم في أعاليه معظم أوروبا والشرق الأوسط والمساحة الساحلية الشمالية لإفريقيا. وكانت عاصمتها روما. وقد ساعد الرومان في بناء المدن طيلة أيام إمبراطوريتهم، فشيدوا أيضًا شبكة من الطرق التي استخدمت طرقًا تجارية بين المدن. وتدهورت الإمبراطورية خلال القرن الخامس الميلادي، وغزتها القبائل الجرمانية، وقسمتها إلى ممالك كثيرة. وكان رجال القبائل محاربين وصائدين ومزارعين، وكان لهم اهتمام قليل بالتجارة. وبعد سقوط الإمبراطورية الرومانية توقفت التجارة بين المدن الأوروبية تقريبًا. وترك آلاف الناس المدن وذهبوا للعمل بالمزارع. وخلال الفترة الممتدة من القرن الخامس حتى القرن الحادي عشر الميلاديين قل سكان المدن القائمة، وقلما ظهرت مدن جديدة للوجود. وقد اكتسبت التجارة أهمية بعد القرن الحادي عشر الميلادي وبدأت المدن تنمو من جديد.




    الوصف:

    كان لكثير من المدن الأوروبية في القرون الوسطى تخطيط مُتشابه، فالمدينة عادة تغطي مساحة أقل من 2,5كم²، وحولها أسوار لحمايتها من الغزاة ؛ كانت كنيسة المدينة الرئيسية تقف عالية في المنطقة الوسطى. كانت الكنيسة هي أكبر مباني المدينة وأعلاها.



    كثير من المدن الشرقية ازدهرت عندما كانت المدن الأوروبية تكافح من أجل البقاء في العصور الوسطى. غوانغزهاو المسماة أيضًا «كانتون» بالصين -أعلاه- كانت من أكثر المراكز التجارية انتعاشًا في القرون الوسطى. وأصبحت من أوائل المدن الشرقية التي تاجرت مع الغرب.
    وكانت رمزًا على اهتمام العصور الوسطى الأوروبية بالدين. كانت مباني الحكومة والسوق تقع بالقرب من الكنيسة. كان الأغنياء يعيشون بالقرب من المركز والفقراء بعيدًا عن هذه المنطقة. كان بعض الفقراء يعيشون في أكواخ خارج الأسوار. وبعض المدن في القرون الوسطى كالمدن القديمة كانت قذرة وغير صحية. كان المرض ينتشر سريعًا، وذلك لأن الناس لم يكن لديهم مرافق صحية للتخلص من القاذورات والنفايات الأخرى. وكان المرض ـ من حين لآخر ـ يختطف عددًا كبيرًا من سكان المدن.



    وجعلت الأسوار حول المدائن الوسطى حجم المكان المناسب للسكن محدودًا ؛ فقد كانت الأرض غالية الثمن، لذلك شرع الناس في تعلية المباني لخمسة أو ستة أدوار. صار الازدحام مشكلة خلال الفترة المتأخرة في العصور الوسطى، مما جعل بعض المدن تجد حلاً لذلك بهدم الأسوار وإعادة بنائها في الجهة الخارجية. وقد زاد حجم فلورنسا بإيطاليا ثلاثة أضعاف بهذه الصورة. وسمحت بعض المدن ببقاء الأسوار لكنهم أسسوا مدنًا جديدة بالقرب منها.

    يعتقد العلماء أن مدن القرون الوسطى في الشرق كان لها نفس النمط العام كالمدن الأوروبية. بيد أنّ التجارة الشرقية لم تتدهور، واستمرت كثير من المدن الشرقية في التوسع والازدهار طيلة العصور الوسطى.

    المعارض التجارية كانت تقام كل سنة في معظم المدن الأوروبية بالعصور الوسطى، وكان التجار يسافرون من معرض إلى معرض، يشترون ويبيعون السلع، ويتبادلون الأفكار عن المنتجات الجديدة وأساليب الإنتاج. وفي الرسم (إلى اليسار) يتبادل التجار الآراء حول الأسعار، بينما ظهر رجل على ظهر حصان يستعد لتسلية الحاضرين بالحيل البهلوانية. وقد أصبحت المعارض التجارية جزءًا من النشاط التجاري الذي انتشر في جميع أنحاء أوروبا بعد القرن الحادي عشر. وأدى اتساع السوق إلى ثراء المدن ونموها. وفقدت معظم المدن الأوروبية أهميتها وتوقف نموها بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، وكادت التجارة تتوقف في آخر القرن الخامس الميلادي.
    السكان:

    كان كثير من مجتمعات القرون الوسطى عبارة عن مستوطنات صغيرة ـ يقطنها فقط 300 أو 400 شخص. حتى لوبك بألمانيا، وكانت مدينة مهمة بأوروبا الشمالية ـ لم يكن عدد سكانها يتجاوز 10,000 في القرن الثالث عشر الميلادي. وفي نفس تلك الفترة، كان عدد سكان لندن حوالي 40,000 نسمة فقط. والبندقية 100,000 نسمة وباريس حوالي 150,000 نسمة وكانت هذه من كبريات المدن في أوروبا. وربما كانت كثير من المدن الشرقية أكثر سكانًا من المدن الأوروبية.



    جذبت المدن الأوروبية أناسًا من ثقافات مختلفة لكن ظل الناس يميلون إلى الاستقرار في أحياء فيها أناس من جماعتهم. وبعض الأحياء كانت تشبه مدنًا منفصلة لها سوقها الخاص وكنائسها ومصادر مياهها ومرافقها الأخرى. وغالبًا ما استقر الناس في الأحياء الخاصة. أدى نظام الأحياء المنفصلة إلى تقليص الخصومات بين الناس الذين ينتمون إلى مجموعات مختلفة، لكنه في الوقت نفسه جعل تبادل الآراء محدودًا.

    عاش رجال الطبقة العليا في العصور الوسطى في منازل كبيرة، بها حجرات منفصلة للحمام والطهي وتناول الطعام والنوم والنشاطات الدينية والاجتماعية. بدأت فكرة تخصيص حجرات لنشاطات مختلفة تظهر بالتدريج أيضًا بين الطبقات المتوسطة والدنيا، لكن معظم هؤلاء الناس ظلوا يسكنون في شقق ومنازل تتكون من حجرة أو حجرتين، كانت تستخدم في كل الأغراض. وتطورت بعض المؤسسات العامة، الأمر الذي جعل عامة الناس يستفيدون من استخدام الأماكن لأغراض متخصصة. اشتملت هذه المؤسسات على المخابز والحمامات العامة والمستشفيات، ولكن مع هذا قل الذين كانوا ينعمون بالراحة والحياة الخاصة.

    عاش الأطفال والآباء والأجداد والأقارب خلال القرون الوسطى في البيت نفسه، وشملت بعض العائلات الخدم والعمال الذين يرتبطون بنشاط العائلة الاقتصادي. مثلاً، كان بعض الشباب من الطبقات العليا يعملون خدمًا للنبلاء ويعيشون في بيوت النبلاء. كما أن كثيرًا من الشباب الذين كانوا يتعلمون حرفة كانوا يعيشون في بيوت العمال المهرة الذين يعلمونهم. وكذلك في الأزمان القديمة كان التعليم الرسمي قاصرًا لحد كبير على أبناء الطبقة العليا. أما في أوروبا فقد أدّت الكنيسة في القرون الوسطى دورًا مهمًا في التعليم، وكانت تدير كثيرًا من المدارس، وكان القساوسة يدرِّسون في تلك المدارس، وكذلك في مدارس كثيرة كانت تديرها الحكومة.

    أدى الدين دورًا حيويًا في الحياة في القرون الوسطى، شملت الأديان الكبرى ؛ النصرانية في أوروبا، والإسلام في الشرق الأوسط، والبوذية والهندوسية في شرق آسيا. كان للكنيسة تأثير كبير في أوروبا، فقد كان القائمون عليها يمتلكون أكثر الأراضي، ويفرضون الضرائب على الناس، وكانت الكنيسة تقوم بنشاط مهم كالتعميد والزواج وخدمات الدفن. وكذلك كانت الكنيسة تمنع الناس من ممارسة الخدمات الدينية، وذلك عن طريق قدرتها على الحرمان الكنسي، وكان الرجل المعرض لهذا الطرد والحرمان يمثل عارًا شعبيًا، بالإضافة إلى ذلك فإن الناس الذين لم ينتموا إلى الكنيسة كانوا عرضةً لمعاملة قاسية.


    الاقتصاد:

    كانت معظم الأرض في أوروبا خلال العصور الوسطى تقسم إلى عقارات ريفية تسمى الإقطاعيات أو الإقطاعات. وكان السادة والقساوسة يملكون معظم الأراضي، ويفلحها لهم المزارعون. وبدأ هذا النظام الاقتصادي المسمى بنظام الإقطاع في التدهور خلال القرن الحادي عشر الميلادي، ونزح كثير من المزارعين إلى المدن لكسب العيش. وأصبح بعضهم تجارًا أو حرفيين، ومكث الآخرون يفلحون الأراضي التي تقع خارج المدن، ويساعدون في تموين سكان المدن بالطعام.



    أدى نمو التجارة دورًا بارزًا في تقدم المدن الاقتصادي في القرون الوسطى. وقد أخذت التجارة في التدهور بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية ؛ لكن البندقية، المدينة الإيطالية، كانت تتجر مع القسطنطينية (الآن إسطنبول) بتركيا، طوال العصور الوسطى. وبقيت البندقية ثرية رغم انحطاط المدن الأوروبية الأخرى. وبعد أن أخذت المدن الأخرى في النمو، اتجرت البندقية معها أيضًا، فنمت مدن وازدهرت، واتجرت كل مع الأخرى، وجلب التوسع التجاري مزيدًا من النمو والثراء للمدن الأوروبية.

    شملت المدن التي كان لها الفضل في الإحياء الاقتصادي كلاً من أنتورب في بلجيكا، وبروجز في فلاندرز (بلد قديم منقسم حاليًا بين بلجيكا وفرنسا)، ونانتس وأورلينز وباريس ورون في فرنسا، وكولون وهامبورج ولوبيك في ألمانيا وجنوه وبيزا بالإضافة إلى البندقية في إيطاليا. وشملت مراكز التجارة الشرقية المدن الصينية مثل غوانغزهاو (وتسمى أيضًا كانتون) وهانغ تشو وبكين وسوزهو.

    ساعدت الطفرات التقنية أيضًا في تقدم المدن في القرون الوسطى، وقد كانت المنتجات الجديدة تشمل البراميل والحاويات والذخيرة والساعات الآلية والورق والمطابع والصابون. وقد أدى استعمال الماء وقوة الهواء في صنع المنتجات إلى ازدياد الإنتاج وأدى ذلك بدوره إلى ارتفاع مستوى المعيشة، وانتعاش المدن. كما أن اختراع المطبعة ساعد الناس في الحصول على المعلومات عن الأعمال والحكومة بسرعة أكثر من ذي قبل. وقد وسعت الجرائد والكتب المطبوعة تبادل الآراء بين الناس.

    استفاد الحرفيون والتجار كثيرًا من التقدم الاقتصادي. وساعد الاتساع التجاري والاختراعات الجديدة الحرفيين على صنع سلع أكثر، وجعل التجار يبيعون أكثر. وقد جذب الثراء الجديد أناسًا أكثر للمدن، مما وفر أسواقًا إضافية للحرفيين والتجار. وقد شكل الحرفيون والتجار طبقة جديدة هي الطبقة الوسطى. وكونوا منظمات العمال التي تسمى بالنقابات، لكي يأمنوا دوام الثراء. فكانت هناك نقابات للتجار وللحرفيين، ونقابات للخبازين، والحدادين والخياطين، والنساجين، والعمال الآخرين. وزاد أعضاء النقابة مكاسبهم بتضامن بعضهم مع بعض. وتحركهم في جماعات جعلهم يشترون كميات كبيرة من المواد والسلع بأسعار زهيدة، وسمحت النقابات لأعضائها فقط بصناعة وبيع المنتجات. وجعلوا عضوية هذه النقابات محدودة لكي ينعم كل عضو منهم بالثراء. ★ تَصَفح: النقابات.


    نظام الحكم:

    نشأ في أوروبا في العصور الوسطى نظام للحكم سُمي الإقطاع. وكان النظام الإقطاعي قد قسم الممالك إلى أقسام تسمى الإقطاعيات، وحكم كل واحد منها سيّد أو قسّيس، وقد أوهن نظام الإقطاع قوة الملوك ؛ لأن الملك كان يحكم الأرض التي يملكها فقط وليست المملكة كلها. وكان يحكم المدن السيد أو القسيس الذي يملك الأرض التي يضع عليها يده. ★ تَصَفح: الإقطاع. وعندما اكتسبت المدن أهمية خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين، بدأ كثير من الناس يتضجرون من تدخل السادة والقسيسين في الشؤون المحلية. فناضل المواطنون من أجل حقهم الذاتي بقيادة نقابات التجار والحرفيين ونجحت كثير من المدن في كفاحها، ونال الناس في ميلانو وبقية المدن الإيطالية الحق في انتخاب مستشارين مسؤولين يديرون حكومة المدينة، ثم انتشرت ممارسة انتخاب المستشارين في أنحاء أوروبا الأخرى. وحققت مدن فلاندرز وشمالي فرنسا درجة عالية من الاستقلال. كان الناس يسنون القوانين وينتخبون المسؤولين حسب إرادتهم. كما أن أعضاء النقابات كانوا يديرون كثيرًا من المدن. وكان بعض الملوك يساندون المواطنين في كفاحهم لنيل حقوقهم. وخلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين، حاز كثير من الملوك سلطة على أقاليم كبيرة، وأقاموا حكومات مركزية قوية قلصت من سلطة المدن. أما في البلاد الإسلامية، فقد ظلت الحكومة مركزية طوال فترة العصور الوسطى. كان الملك أو الإمبراطور يتولى تعيين المسؤولين المحليين، بيد أنه كان يتخذ ما يلزم من الإجراءات نحو ترشيح الأفراد المقتدرين. كان على المرشح لوظيفة في الصين أن يجتاز امتحانًا في الخدمة المدنية. ويخضع المسؤولون لرقابة مفتشي الحكومة بعد أن يعينوا.
يعمل...
X