محمد نظيف: قلة التمويل تقلص الاهتمام بالمونتاج وما بعده في السينما المغربية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محمد نظيف: قلة التمويل تقلص الاهتمام بالمونتاج وما بعده في السينما المغربية

    محمد نظيف: قلة التمويل تقلص الاهتمام بالمونتاج وما بعده في السينما المغربية


    "وارث الأسرار" مشروع قادم مقتبس من رواية "انعتاق الرغبة".

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    مخرج يعيد النساء إلى الواجهة

    يهتم المخرج محمد نظيف بقضايا المجتمع المغربي، وخاصة تلك التي لا يهتم بها المجتمع بكثرة، مثل الأمراض النفسية وهواجس النساء ومعاناتهن، وهو ما حاول تقديمه في آخر أفلامه، معلنا أنه يواصل العمل على مشاريع مهمة تقتبس من الأدب المغربي.

    نشرنا في مقال سابق قراءة في فيلم “نساء الجناح ج” للمخرج المغربي محمد نظيف، وهو عمل يضيء على الكفاح للتحرر من الأمراض النفسية. وفي محاولة لفهم الفيلم والاطلاع أكثر على تجربة المخرج ورؤيته للفن السابع في المغرب كان لنا لقاء مع نظيف.

    يحدثنا المخرج المغربي محمد نظيف عن فكرة فيلم “نساء الجناح ج” وعن سبب تناوله لهذا الموضوع فيقول “بصراحة جاءت فكرة الفيلم من زوجتي أسماء الحضرمي، التي شاركتني كتابة السيناريو وكانت ممثلة في الفيلم حيث لعبت أحد الأدوار الرئيسية (أمال)”.

    يُعتبر الفيلم ثاني أفلام المخرج نظيف في عالم الروائي الطويل، بعد نجاحه البارز في فيلم “الأندلس مونامور” عام 2012. ويحكي قصة نساء مصابات بأمراض نفسية، يجتمعن في المستشفى ذاته فيقررن تغيير حياتهن وتحدي ظروفهن الصعبة.

    أنا مهتم بتمثيل الممثلات وبتمثيليتهن كذلك على الشاشة، ليس فقط في هذا الفيلم بل في السينما المغربية بشكل عام

    وعن هذا الموضوع يرى نظيف في حواره مع “العرب” أن “الاكتئاب الحاد أو الانهيار العصبي هما آفة تؤثر في العديد من الأسر في المغرب. هناك سوء فهم لهذا المرض عند الأغلبية، وأحيانًا يتم رفضه لأن البعض يساويه بالحمق. لذلك قررنا أن نصنع فيلما ينطلق من المرض، لكن دون التركيز عليه. ما يهمنا هو تجسيد صور لنساء مغربيات من مختلف الأعمار والخلفيات الاجتماعية، وسرد قصصهن، وتجربة صداقتهن في مكان خاص جدًا الذي هو مركز للأمراض النفسية. هذه الصداقة التي ستساعدهن على إيجاد القوة اللازمة للتغلب على جراحهن وتبث في نفوسهن أمل استعادة طعم الحياة. أعتقد كذلك أن الإصرار على هذا الاختيار تولد من خلال ملاحظة المجتمع المغربي الذي يصر على المضي قدما دون نسائه ويعطي الانطباع بأنه يزحف أو يسير بقدم واحدة”.

    ويضيف عن الرسالة المرجوة من خلال الفيلم “في الحقيقة هناك العديد من الرسائل التي يحملها الفيلم من خلال قصص هؤلاء النساء. لكنني أترك ذلك حسب تلقي كل مشاهد. أحيانا أفاجأ بقراءات لبعض المشاهدين للفيلم لم تخطر على بالي. بإيجاز، يتعلق الأمر بعدة قضايا تهم المرأة في المغرب بالأساس، منها التوعية بمرض الاكتئاب وكذلك الصداقة والحب والأسرة والخيانة عندما تأتي من نساء أخريات وخاصة من القريبات، مثل الأمهات”.

    ويرى المخرج المغربي أن تصوير أي فيلم طويل مليء بالتحديات، و”تتمثل مهمتي ومهمة المتعاونين معي في كيفية التعامل مع هذه التحديات. ولهذا فاختيار الفريق الفني والتقني مهم للغاية. لقد كنت دائما حريصا على تجنب الأشخاص غير المرغوب فيهم بسبب سلوكهم الذي يمكن أن يسبب مشاكل في التصوير. لهذا السبب أحب العمل مع محترفين أعرفهم جيدا وعملت معهم من قبل. لقد سبق أن اشتغل معي بالفعل جزء كبير من الطاقم التقني لفيلم ‘نساء الجناح ج’ كمخرج أو منتج. وبالنسبة إلي فإن المخرج هو الذي يخلق أجواء العمل أثناء التصوير، دون أن ننسى بالطبع التحضير الجيد الذي يساهم في نجاح التصوير. أما بالنسبة إلى اختيار الممثلين فقد اخترت بعض الممثلات أثناء عملية الكتابة وتم اختيار أخريات بعد القيام بتجارب للأداء”.

    ويقول عن كواليس تصوير فيلمه “لم نتمكن من التصوير في مستشفى حقيقي للأمراض النفسية لسبب بسيط، وهو أنه مكان مشغول من قبل المرضى. لذلك اخترنا عدة مواقع لإنشاء جناح للطب النفسي: قمنا بالتصوير في مستشفيين في الدار البيضاء قدر الإمكان حتى لا نعطل السير الطبيعي للأنشطة الصحية في المستشفى، وكذلك في أماكن لا علاقة لها بالمستشفيات، مثل المدرسة العليا للفنون الجميلة وداخلية ثانوية محمد الخامس. على أية حال كان أحد أكبر التحديات اختيار المواقع وإعطاء انطباع أننا في المكان نفسه، ويرجع الفضل في ذلك بالطبع إلى سحر المونتاج”.



    وينوه محمد نظيف بأداء الممثلين قائلاً “أغلب الممثلات في الفيلم خريجات المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي ولديهن تجربة أمام الكاميرا. هذه كلها نقاط تسهل التعامل معهن. وكما تعلمون، كنت ممثلاً قبل أن أصبح مخرجا، وبداياتي كانت في الإخراج المسرحي. التشخيص بالنسبة إلي له أهمية كبرى؛ إذ نقوم بقراءات ونقاشات وتدريبات كثيرة على الطاولة أثناء التحضير، كل هذا يساعد الممثلين على بناء شخصياتهم ويساهم كذلك في خلق نوع من التواطؤ بينهم. وعندما يبدأ التصوير يسير كل شيء على ما يرام”.

    ويوضح المخرج بعض التحديات الأخرى التي واجهته خلال التحضير للفيلم بقوله “هناك تحدّ خاص وهو كيفية توفير الوقت الكافي لكل مشهد. فميزانية الفيلم منخفضة، وتم تصويره على عجل خلال أربعة أسابيع. ولكن، كما قلت، أخذنا الوقت اللازم للتحضير بالشكل الصحيح. تدربنا مع الممثلات والممثلين قبل التصوير، وأعدنا كتابة السيناريو ليتناسب مع عدد المشاهد خلال 24 يوما من التصوير، واخترنا مواقع قريبة، وصورنا بكاميرتين. وكنت محاطًا بفريق فني وتقني رائع، استثمر كل جهده في هذه المغامرة. لقد كان تصويرًا صعبًا، لكنه تم في أجواء جيدة”.

    أما فيما يتعلق باختياره العمل مع ممثلات في هذا الفيلم، فيشرح في حواره “أنا مهتم بتمثيل الممثلات وبتمثيليتهن كذلك على الشاشة، ليس فقط في هذا الفيلم، بل في السينما المغربية بشكل عام. فيلمي الطويل الأول ‘الأندلس مونامور!’ كان رجاليًا تقريبًا في توزيعه. في ‘نساء الجناح ج’ أردت العودة إلى موضوع أفلامي القصيرة، أي المرأة، مع إعطاء المزيد من الوقت والحيز للممثلات. ولا أخفي أن العمل معهن أسهل وأكثر متعة”.

    "أقوم حاليا بتمويل والتحضير لفيلمي الطويل الثالث 'وارث الأسرار'.. إنه مشروع مختلف تماما عن أفلامي السابقة"

    ويقول عن التوضيب “المونتاج كتابة مهمة في صناعة الفيلم. لا نبدي في المغرب اهتمامًا كبيرًا بالمونتاج ومرحلة ما بعد الإنتاج بشكل عام لقلة الإمكانيات أحيانًا. الأمر لا يتعلق فقط بالجانب التقني. كيف تحكي قصة بالصور؟ كيف تعثر على الحلول السليمة لسرد القصة نفسها؟ هذه هي المرة الثانية التي أشتغل فيها مع الفرنسية ماري بيير رينو. كان التحدي بالنسبة إلينا هو إيجاد التوازن بين الشخصيات الرئيسية، وبالتالي قصصهم الأربع”.

    ويستدرك “ساعدتنا الموسيقى أيضًا في العثور على الإيقاع المناسب للمونتاج. يونس ميكري فنان ذو إحساس رهيف للغاية. لقد قام بتأليف الموسيقى لجميع أفلامي، وهي ثلاثة أفلام قصيرة وفيلمان روائيان. يجب أن تدعم الموسيقى السرد على نحو سري. الأمر نفسه ينطبق على الصوت وأهميته والذي قمنا بالاشتغال عليه في إيطاليا. المهم، سمح لي المونتاج والصوت والموسيقى بتطوير الشخصيات وتمييزها وتهيئة أجواء الفيلم”.

    ويشاركنا المخرج محمد نظيف المشهد الذي أثر فيه معبرا “بالنسبة إلي المشهد الأكثر تأثيرا هو المشهد الأخير في الشاطئ. إنها ليست مجرد لحظة فرح وتخفيف للضغط النفسي، بل هو اتحاد مصير النساء، ونوع من التطهير بماء البحر الذي يرمز إلى انطلاقة جديدة في الحياة”.

    ويختم محمد نظيف الحوار قائلا “أقوم حاليا بتمويل والتحضير لفيلمي الطويل الثالث ‘وارث الأسرار’. إنه مشروع مختلف تماما عن أفلامي السابقة. فهو أول تجربة اقتباس أدبي لي في السينما. شاركني في كتابة السيناريو المخرج الفرنسي أوليفييه كوسماك، وهو مقتبس عن رواية ‘انعتاق الرغبة’ للكاتبة المغربية فاتحة مرشد. والفيلم هو إنتاج مشترك مغربي – كندي، ومن المقرر أن يتم تصويره خلال ربيع 2024 في المغرب وصيف 2024 في كندا، في مونتريال بالتحديد”.

    ويقول للشباب “عالم السينما ليس كله أضواء وسجادة حمراء. إنها مهنة صعبة تتطلب الكثير من الشغف والفضول. لكن نصيحتي التي أركز عليها هي التكوين، لأنه يبقى أضمن طريقة لإبراز مواهب الشخص. يجب أيضًا مشاهدة الأفلام وقراءة السيناريوهات وبناء شبكة من المعارف في الميدان، لأن اللقاءات الممتازة وشيء من الحظ كذلك يؤديان دورًا مهمًا في مسيرة الشخص المهنية”.

    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    عبدالرحيم الشافعي
    كاتب مغربي
يعمل...
X