"شذرات من الذاكرة السينمائية" يؤرخ للسينما المغربية وأهم تحولاتها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "شذرات من الذاكرة السينمائية" يؤرخ للسينما المغربية وأهم تحولاتها


    "شذرات من الذاكرة السينمائية" يؤرخ للسينما المغربية وأهم تحولاتها


    سعد الشرايبي: حماية الذاكرة ضرورية للأجيال القادمة.
    الجمعة 2023/11/24

    السينما شديدة التأثير على الذاكرة الجمعية

    في حوار مع صحيفة “العرب” يوضح المخرج سعد الشرايبي أبعاد تجربته الجديدة في الكتابة، والتي تهتم هذه المرة بالتأريخ للسينما المغربية وأهم تحولاتها الكبرى، ومن بينها أعماله السينمائية التي يعتبرها مرحلة مهمة للحفاظ على الذاكرة والهوية ونقلهما إلى الأجيال القادمة.

    الرباط - في محاولة لاستعادة مراحل مهمة من تاريخ السينما المغربية، وأهم التحولات الكبرى التي طرأت على السينما في العقود الماضية ورسمت شكلها الحاضر وحضورها على المستويين العربي والدولي، يأتي كتاب “شذرات من الذاكرة السينمائية” لسعد الشرايبي، والذي يخوض به المخرج المغربي تجربة سينمائية جديدة، يعوض فيها القلم الكاميرا هذه المرة.

    في حديثه عن الدافع الذي حدا به إلى تأليفه كتابا يعبر عن السينما المغربية، والتي من ضمنها تجربته في الإخراج، قال سعد الشرايبي لـ”العرب” إن “حماية الذاكرة عنصر ضروري، بل وحيوي، للأجيال الحالية والمستقبلية. ولكننا للأسف نلاحظ أن هذه الذاكرة في المغرب وفي بلداننا العربية عمومًا لا يتم الحفاظ عليها إلا قليلا، خاصة في القطاعين الثقافي والسينمائي”.

    ويضيف أنه تحقيقا لهذه الغاية يحاول كتاب “شذرات من الذاكرة السينمائية” استعادة “بعض المراحل المهمة التي عرفها تاريخ السينما المغربية. وتتعلق هذه المراحل بالنصوص التشريعية المنظمة لهذا القطاع، وتطور المركز السينمائي المغربي، والمهرجانات المغربية للسينما، وتاريخ الفيدرالية الوطنية لنوادي السينما، والأيام الدراسية حول السينما المغربية، وتطور نقد السينما في المغرب، بالإضافة إلى بعض النصوص النظرية حول حرية التعبير وفترة سنوات الرصاص (1960 – 1990) وغير ذلك مما يتعلق بهذا القطاع في المغرب”.

    السينما دعوة إلى تفكير الناس في حياتهم بمختلف مجالاتها وعلاقاتهم مع الآخرين ومع العالم الذي يعيشون فيه

    ويعتقد الشرايبي أن الصورة بشكل عام والسينما بشكل خاص يمكن أن يكون لهما تأثير على الذاكرة الجمعية، ليس لتوجيهها، بل لتشجيعها على التفكير في هذا الجانب أو ذاك من جوانب الحياة. ويمكن للسينما من خلال القصص المروية، التي تستمد محتواها من المجتمع وتجربته اليومية، أن تمثل نماذج اجتماعية متخيلة تشجع على إعادة إنتاجها لدى المشاهدين.

    ويشاركنا المخرج المغربي ببعض اللحظات والأفلام التي ترتبط خاصة بذاكرته السينمائية قائلا “هي كثيرة. على سبيل المثال، أتذكر يومًا عندما كنت أعمل مع زميلي على سيناريو فيلم ‘عطش’، كنا نقرر ما هو المصير الذي سنحتفظ به في النهاية لبطل الفيلم. كنا في مكان مليء بالناس وصاخب للغاية. لكنني قلت لا يجب أن نقتله، فقال يجب أن نقتله. لقد كررنا هذه الجمل عدة مرات. وفجأة ساد الصمت التام في الغرفة. التفتنا ووجدنا الجميع ينظرون إلينا، معتقدين أننا نتحدث عن شخص حقيقي. ضحكنا وشرحنا للجميع أن هذه شخصية خيالية لفيلم. فضحك الجميع بدورهم”.

    كما يوضح في هذا الكتاب تطور السينما على مر الزمن وتأثيرها على تجارب المشاهدين بقوله “مرت السينما بعدة مراحل منذ نشأتها. تم تصورها في البداية كوسيلة للترفيه الممتع ثم تطورت في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي كأداة لسرد قصص متخيلة، ثم كوسيلة لتقديم الشهادة من خلال الأفلام الوثائقية. وقد اكتسبت البعد الثقافي لها في أوروبا في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. ثم جاء التطور التكنولوجي الذي حولها إلى وسيلة قوية للتعبير والتواصل، قادرة على التأثير على خيال المشاهد. وثار الجدل حول ما إذا كانت قد أصبحت وسيلة لتثقيف ذوق هذا المتفرج، أو على العكس من ذلك وسيلة لخلق تقليد فيه، دون أي مساهمة إيجابية”.

    وينوه سعد بأن هناك أفلاما ومخرجين تركوا أثرًا خاصًا على عالم السينما وعلى ذاكرته السينمائية، وعن ذلك يقول “تأثرت بسينما دول أوروبا الشرقية، مع روادها آيزنشتاين وبودوفكين وزفرتوف، والسينما الألمانية، من خلال ويم فيندرز وفاسبيندر وهيرزوغ، وسينما الموجة الفرنسية الجديدة، مع تروفو وجودار وبريسون، وكذلك سينما أميركا اللاتينية، مع سولاناس وسنجينس، وبالطبع سينما الدول العربية، من خلال أفلام يوسف شاهين وصلاح أبوسيف وبرهان علوية والتونسيين نوري بوزيد ومفيدة التلاتلي والمغاربة أحمد البوعناني ومصطفى الدرقاوي وغيرهما. القائمة طويلة. ثم الجيل الجديد من المخرجين العرب الذي يظهر في العالم العربي”.

    ويعتقد المخرج أن السينما تلعب دورًا في تشكيل ثقافة الأمم وتاريخها لأنها أداة تواصل رائعة، قادرة على إعادة تتبع التاريخ وبالتالي خلق الوعي الثقافي بين المشاهدين. فكل فيلم هو عمل فريد من نوعه، حتى لو كانت مكوناته الفنية والتقنية متشابهة بشكل عام.


    الكتابة عن السينما تغيير لوجهة نظر القارئ


    ويوضح ذلك بالقول “ليست مواضيع الأفلام هي التي تثير فضولي، بل الطريقة التي يتم بها التفكير فيها وصناعتها. لأنه في عملية الإدراك يتم تحديد وجهة النظر. لكن هذا أمر حاسم لتقييم مستوى الفيلم. ولهذا أولي في أفلامي طريقةَ التعبير عن وجهة نظري أهميةً كبيرة من خلال التفكير لفترة طويلة في كافة المكونات الفنية للعمل”.

    ويبرز الشرايبي العناصر السينمائية التي تجذب انتباهه بشكل خاص وتلهمه في كتابة ذكرياته السينمائية، مشيرا إلى أن “أي شيء معبر. أي شيء له معنى؛ كل ما يثير الإحساس وأخيرًا كل ما سيبقى في ذاكرة المشاهد. لقد قلت في الكثير من الأحيان إن المتفرج الذي يثير اهتمامي هو الذي سيبدأ الفيلم مرة أخرى في رأسه بعد انتهاء العرض. لأنه متفرج فاعل، على عكس من يستهلك الفيلم دون تفكير، وبالتالي يصبح متفرجا سلبيا”.

    ويضيف في حواره مع “العرب” أن “السينما تملك القوة لتغيير وجهة نظر الناس وتأثيرهم على مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية، ولعل السينما لا تمتلك هذه القوة فقط، بل دورها هو دعوة الناس إلى التفكير في حياتهم الاجتماعية، وعلاقاتهم مع الآخرين ومع العالم الذي يعيشون فيه، ومن ثمة التفكير في حياتهم المهنية والسياسية”.

    أما عن رؤيته لمستقبل السينما وكتابتها من منظور ذاكرته السينمائية، فيرى أنه “من الصعب أن نقول كيف سيكون مستقبل السينما، خاصة مع ظهور وسائل تكنولوجية جديدة أصبحت منتشرة على نطاق واسع، والتي أصبحت ديمقراطية وجعلت وسائل التعبير من خلال الصور في متناول الجميع في العالم. لكنني أعتقد أن سحر غرفة السينما والعرض المشترك على شاشة كبيرة سيحتفظ بوظيفته في المستقبل. وأعتقد أيضا أن التعبير من خلال الصور سيستمر في الوجود، على أن تظل قنوات التوزيع في متناول الجميع، وأن تستمر جودة الأفلام في جذب المشاهدين”.
يعمل...
X